من حيث يُزرع اﻷمل، وتغرس البذرة، كان قلم الكاتب الصاعد قد أخذ من ما أخذ من الحبر في صياغة هذه القصة القصيرة اﻷسطر، الطويلة المدى،كأنها الشمس تكون في مكانٍ واحدٍ وتمتدّ على البسيطة لا حاجب لها، ففي هذه القصة أحلامٌ وأحلام في جعبة أبطالها الذين لم يذكر الكاتب أسماءهم
مكتفيًا
بالإشارة للعدد، وكأنه ثمّة حالةٍ من الإبهامٍ المقصود يطمح إليه الكاتب الصاعد،
وعبر جمل القصة القصيرة العذبة هذه لفتت انتباهي هذه الجملة
"
إستقل إثنانِ من الأولاد بمنزلٍ جديدٍ منمق " وكأنّ القضاء قد أجرى قلمه على
دفاتر القدر !
ليصبر اﻷبُ
صبر الصابرين، وتبارك اﻷم لهما هذا السكن الجديد ، وبين اﻷمل والطموح ثمّة علاقةٍ
قوية ، كما أنّ بين التحليق بالفضاء الذهني التصوري، والمشي على اﻷرض مساحةٌ
شاسعةٌ جدا، لكن لا يمتنع ذلك فتذكرة التحليق
تبقى
مجانية، ورسم لوحات الأمل تبقى مجانيةً أيضًا لا تحتاج إلّا لبضع دقائق
تجول
فيها العالم وأنت في مكانك!
هكذا كان حلم البطل الرئيسي للقصة، وعلى صوت وقع
أقدام الحقيقة يستفيق هاهي تقرع الباب استئذانًا للدخول فيستفيق وبيده غرسة أملٍ
يأمل بأن يزرعها، وإن لم يحصدها، معتبرًا بالحديث النّبويّ الشريف
( إن
قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا
)
لقد
أبدع الكاتب الصّاعد بالفعل في إيصال الفكرة للمتلقّي، وخاصةً أولئك الشباب الذين
في مقتبل الحياة، والذي رسم كلُّ واحدٍ منهم لوحةً كالتي رسمها بطلُ القصة الرئيسي
آملًا تحقيقها في يومٍ ما.
تمنياتي
للقاص الصاعد حاتم عبد الحكيم بمزيدٍ من التقدم في كتابة القصة القصيرة ، وبحجم ما
حققه كإعلاميّ ٍ متميز .
القصة :
في يوم ساطع بحقيقة الشمس على رواق بيت متواضع
البنيان مكون من طابقين يسكنه أسرة متوسطة الحال تعدادها : أصابع يد مع واحد من
اليد الأخرى ، استقل اثنان من الأولاد بمنزل جديد منمق تاركين الأب والأم والأخ
والأخت ، علمًا بأن الأب أخذ نصيب كبير من اسمه ليظهر بالحكمة في أموره والأم لها
الهناء والتهاني وتسميتها تدل على ما تستحق دنيا وآخره ، فهذان في الدنيا هما
الرحماء ويُؤْثِرُون على أنفسهم تفضيلاً للأبناء .. وهيا نصل من البيت القديم إلى
المنزل الجديد ؛ تعد معي بيتًا والثاني والثالث والرابع ثم تصل إليه من بابه الخلفي
الملون بالبني وإذا أردت الرئيسي تستمر بالعد الخامس وتتجه جهة اليمين فالسادس
والسابع وتستطيع وقتها رن جرس الباب الملون بمثل سابقه وهو من طابقين أيضًا ولكن
الطابق الواحد بمساحة شقتين .
ذهب أحد
أفراد الأسرة واسمه يحمل الفصل والضرورة وذهابه كان تحليقًا في الآفاق وليس بالسير
على الأقدام للمنزل الجديد ، تراه جالسًا بالاتكاء على أريكة بغرفة مفتوح بابها
المطل على الشارع العائلى سكانه الموجود بقرية أول دخولك لها ترى بيسارك المسجد
وعند وقوفك على عتبة بابه ترى الكنيسة ، و تقع القرية بين بحر وتفريعة من النهر
" ترعة " فهي أنشودة مرسومة بالماء والخضرة والوجه الحسن .
وفي
استمرار صاحبنا بالبحث فيما أبدع الله بالسماء والأرض سمع كلمات بأغنية : "
لو بكرة نهاية العالم هنزل أفول عربيتي واخدها أعدي عليكي ننزل نتفسح " وفي
باقي الأغنية يستكمل خططه معها " للسوبر ماركت " ومرورًا بشراء السجائر
،وأفضل ما بالأمر أنه يمتنع عن أخذ الباقي إلا أن يأخذ بالباقي لبان . مشكورًا قدم
الحلول لعدم الإحراج حينما لا توجد فكة بالبيع والشراء ؛ نستخدم البدائل . ولا
يعبأ هو وهي بالنهاية المهم عمل صوت وبلالين ثم تابع أوقاته _ ليس صاحبنا ولكن المغني
_ وغير وسيلة المواصلات " بموتوسيكل سباق " وتحول "السوبر
ماركت" إلى سينما ، ويظل بالحقيقة الحال كما هو عليه ؛ بشراء السجائر ، كما
أكد على الأخذ بالباقي لبان وتطبيق أهدافه" كلاكيت " ثاني مرة .
انتهت
الأغنية ، وصاحبنا تراه بسط جسده على الأريكة وأراد مخاطبة العالم ونشر بالشبكة
العنكبوتية : ( وبنهاية العالم أذكركم أحبائي بأننا لا نتكاسل ولا نقلد الآخرين
ولكن معذرة نترك الصوت والبلالين ، ونقوم بغرس النبتة : " إِنْ قَامَتْ عَلَى
أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا " حديث
نبوي عظيم. وعندما نغرسها لا ننتظر الباقي فالهدف تحقيق جميل بصمتك الإنسانية
طالما لديك أنفاس متبقية ) .
ثم
اعتكف صاحبنا عن العالم من وقتها وأخذ بالبحث عمن هو وتدبر آيات خالقه وفيما يحقق
المصير الألطف لروحه الباقية .
فالحقيقة
تحتاجنا بقوة طالما نحن بحاجة إليها ، بالرغم أنها قد تتأخر عنا أو يُصيبها النقص
، لكن وصولها بحد ذاته متعة لواقعنا وإن كانت مؤلمة فهي ؛ مُعْلِّمَة – مخبرة – ،
ومُعَلِّمَة – ملهمة – .
*كاتبة
القراءة
أستاذة
أكاديمية.
باحثة
عروضية
إعلامية
وشاعرة
رئيس
القسم الثقافى
بموقع
وجريدة
"الزمان
المصرى"
0 comments:
إرسال تعليق