• اخر الاخبار

    الاثنين، 22 نوفمبر 2021

    قراءة فى القصيدة النثرية "صرخة المساجد والكنائس" لـ* الإنشاصية جميلة الجميلات * ..الأستاذة الدكتورة الناقدة الأديبة الباحثة بنت البحرين العروبية الأصيلة / أحلام الحسن من ديوانها " مرافئ قلبى . " ..يكتبها ابن مصر المحروسة : محمد أبو اليزيد صالح

     

     

        


     أحلام الحسن : أسفار الحب فى زمن العوار وعالمية مشهد .

    أحلام / أهو صراخ فى البرية ؟؟!!

        خاطرة ذاتية - ربما - على مغايرة حول قصيدة " صرخة

     المساجد والكنائس . "

     بقلم : إبن المحروسة

      محمد أبو اليزيد صالح

    " إلى الذين يطعنون على قصيدة النثر نقول : قصائد النثر

     شأنها شأن الأشكال الأدبية الأخرى تحمل قيما جمالية

     عظيمة ولها رسائلها الأخلاقية التى تبلغها ، وربما أعطت

     المبدع حركة أرحب فى التعبير قياسا بقصيدة الشعر

     العمودى وحتى قصيدة الشعر الحر ."

    " لماذا لا نبتدع أشكالا أدبية و مدارس نقدية جديدة

     خاصتنا ، ولا نركن إلى الغرب كل هذا الركون المخيف الذى

     ينم عن عقليات إعتمادية . إن نهر الإبداع فياض ."

                                                       ابن المحروسة 

                                  (     1.   )

                           أمن قول لقائل... ؟؟

    إن مصطلح " الأدب النسوى " من المصطلحات التى يجب إعادة النظر فيها والمكوث طويلا حيال تساؤلات يفجرها المصطلح ؛ لماذا هو على هذه الصيغة اللغوية ؟ ما المقصود به ؟ هل من طبيعة تخصه وحده؟ما هى خلفيات إطلاقه التاريخية و النفسية ؟ ...إلخ .

    إننا لسنا من أنصار تصنيف الأدب من حيث كونه نسويا وذكوريا لطبيعة خاصة لكل منهما أو لكيفية يصطبغ بهما أحدهما دون الآخر ، ونرى فى ذلك تفرقة أقرب ما تكون إلى التفرقة العنصرية التى نمجها مجا شديدا . ونزعم أن من صاغوا هذا المصطلح على هيئته تلك ،و بهذه الكيفية التى يريدون صبغه بها كان يحكمهم إرث كبير من دعاوى نفسية ليست على صحة مطلقا ، ومعتقدات تاريخية لا سواء فيها ، و مخاتلات دينية ما نادى بها الدين الحنيف يوما ، وقد آن الأوان للتخلى عنها .

    ماهى مدعاة من يصننف أدب ونتاج الخنساء وملك حفنى ومى زيادة ونعمات أحمد فؤاد وسهير القلماوى وغادة السمان وأحلام مستغانمى و تغريد بو مرعى وأميمة جادو وصاحبة هذه المقالة أحلام الحسن ومن غفلنا عن ذكرهن من الفضليات المنبثات فى أرجاء الوطن العربى والعالم الإسلامى بل فى العالم بأسره على أن أدبهن وما أنتجن فى مجالى أخرى يخصهن وحدهن من دون الرجال لسمات وكيفيات معينة  ؟؟!! وأيضا ما مدعاته وهو يقول مثل ذلك على أدب الرجال وما انتجوه ؟؟!!

    نعم ما حجته وهن يتناولن ما يتناوله معشر الرجال ممن أدركتهم حرفة الأدب مثلا ؟!. إنهن اشتركن ويشتركن مع الرجال فيما يتناولونه من عناوين وموضوعات وبذات الأساليب أيضا . إنهن فجرن ويفجرن قضايا وطنية واجتماعية وفلسفية ...إلخ مثلما الرجال من الأدباء وربما فقنهم . نعم ، هل هناك ثمة فرق فى التناول لقضية التحرر الوطنى من المستعمر بين شاعر وشاعرة ؟؟!! وهل هناك ثمة أختلاف بين  ناثر وناثرة فى وصف زهرة ؟؟!! ولو يتطرقا إلى موضوع روحى صوفى ؛ أترى وجها لتباين ؟؟!! لا نظن ذلك من وجهة نظرنا الشخصية وإن كنا نلمح قولا يختال فى الأفق لقائل على يقين : هناك فرق ياهذا !!! فرق كبير !!! ويسوق لنا مثالا  يعتقد به أنه يدحضنا . مثال يصوغه فى تساؤل يكتنفه الاستنكار : ترى من الأقدر على وصف مشاعر الأمومة ؛ الشاعر أم الشاعرة ؟؟!! ونرد بيقين أيضا : إن من الشعراء والأدباء من يصف تلك المشاعر وأمثالها مما نظن أنها حكر على النساء من دون الرجال بطريقة تضاهى إن لم تبز وصف النساء . الأمر فقط يتوقف على الحساسية النفسية والفكر العميق والتأمل النفاذ و حسن التقمص . ثم إن الرجل والمرأة لديهما الكثير الكثير من المشاعر المشتركة التى يجيد أحدهما التعبير عنها مثل صنوه وربما يزيد دون النظر إلى كونه رجلا أو إمرأة . إذن فلنقنع بالمسمى فقط كإسم دون النظر لأى اعتبار آخر  ، لأنه لا مجال لأى اعتبار آخر  كما نرى .

    نعم حان الحين لاجتثاث أمثال تلك الاصطلاحات المفرقة من فكرنا لأن ما ينسحب على الأدب من دعاوى باطلة كذاك المصطلح ؛ مصطلح الأدب النسوى ، ينسحب أيضا على حياتنا

    فترانا ننظر بمقياس ما غير دقيق لمنجزات المرأة وهذا يحرم المجتمع من طاقات كثيرة لها نحن فى مسيس الحاجة إليها الآن ، وإبداعات لها أيضا على صعد أخرى على غاية من الأهمية كل ذلك بسبب تلك التفرقة التى ليس لها من أساس .

    هناك اختلافات بيولوجية بين الرجل والمرأة ، نعم ونقرك على هذا ، ولكن هذه الاختلافات خلقها الله للاضطلاع بمهمة معينة فقط هى الإنجاب لعمارة الأرض التى أمرنا بها . وهذه الاختلافات ليس لها من تأثير على المرأة البتة من حيث القدرات الذهنية العقلية أو  الجسمانية و القرآن العظيم يؤكد ذلك وكذا الواقع يؤيده . فالمرأة هى المعلمة والطبيبة والمهندسة والقاضية والوزيرة والأستاذة الجامعية وهى المنضوية فى صفوف مقاومة المستعمر فى ميادين القتال كتفا بكتف مع الرجل كما كان الحال فى ثورة الجزائر وغيرها . . وهى أيضا الأديبة الناقدة المحققة المترجمة فى دنيا الأدب . إن الملفت أن غالبيةأهل الأدب من النساء لعلى شخصيات ثرية مركبة فى الأدب وغيره من مجالى فكرية أخرى . 

    لقد كانت المرأة على عهد الرسول الأعظم على شراكة مع الرجل فى ميادين نشر الدين مطببة ومداوية ومواسية ومدافعة ومتفقهة وراوية حديث وشاعرة . إننا من بيئة فلاحية وكم من نساء عاصرنا ونعاصر قمن و يقمن بكافة شؤؤن الحقل مع الرجال علاوة على الوفاء وحدهن بأعمال المنزل قاطبة . فى صبر وجلد ؛ بل إن  منهن من يقمن بالتكفل بكل ذلك فى حالة سفر الزوج أو مرضه أو وفاته و يكون منتوجهن عملا وتربية مضرب الأمثال .

                                  (   2.   )

                           نظرة فى القصيدة

    وها هو قلب الشاعرة المضنى ينقب عن مرافئ . يضنيه شوق الوجد إلى مستراح ، لكنه يتلظى فى سعيه المكدود ... وما من مستراح . ويعاود منتحبا على ما هو كائن ، آملا فى جديد ؛ فلعل وعسى .

    هكذا هو حال الشعراء الخلص وأرباب الفكر الحق وأقلام أهل الفضل المنذورة لكل خير .  ، وقد كتب عليهم العيش على الحافة والعناء المكرور . ولكن أتراهم يحيدون أو ينكصون عما هم عليه برغم حقد الأخرين عليهم والموجدة وكراهية المعرقلين الكارهين والشنآن ؟؟!!

    والله ما عهدنا عليهم ذلك من قديم . فنى من فنى ، ويفنى من يفنى ممن حاولوا ويحاولون تكبيلهم غير مأسوف عليهم ، وإلى مزابل التاريخ كان ويكون مصيرهم ، وأما أصحابنا ؛ أولئك الأخيار فقد كتب عليهم البقاء على مدارات الأعصر . فالسلام عليهم فى الخالدين .

                                      (    3.   )    

                             أتقريرية ومباشرة فقط ؟

    إننا نحسب أن شاعرتنا / أحلام الحسن من هؤلاء الذين أدركتهم حرفة الأدب ( على قول أحد أشياخ الشعر طاهر أبو فاشا ) ليردوا بها الخبائث و لذلك فهم على نقاء .هكذا أرادوا ويريدون لحسن قى الطوية وسوية فى الطباع و إيناع فى الطيبة . ونحن بهذا لا نسبغ عليها ملائكية ربما حدت بالبعض إلى اتهامنا بكيل المدح لمن نريد  كما نريد . لكن الذى نعنى أنها من أولئك النفر الذين ظلوا على نورانية أو حتى بعض نورانية تدفعهم دفعا إلى تغيير الواقع المدلهم إلى واقع مغاير فى الفكر والرؤى للزود عن الدين الحنيف وإرواء شجرة الهوية ليس عن تعصب و لكن لانتماء مشروع  و يكدحون فى سبيل ذلك كل الكدح ويتكبدون من جرائه كل صنوف العناء .

    وعنوان القصيدة " صرخات المساجد والكنائس " فيه مباشرة

    وتقريرية - بحسبنا - تميلان إلى مؤازرة الشاعرة ؛ فهما لها لاعليها ، فما كل مباشرة وما كل تقريرية .

    إن عنوان القصيدة بصرخات مساجده وكنائسه لهو العنوان الحاث وهو أيضا الحاشد لا المفرق بذكره المساجد والكنائس ثم إنه المسائل المتسائل الذى يضمن ولوج المتلقى للقصيدة لتبين أمر صرخات المساجد والكنائس تلك .

    إن مباشرته وتقريريته تتآلفان مع موضوع القصيدة . إنهما ( المباشرة والتقريرية ) من الحلال عندنا هنا ؛ وهنا تحديدا لجملة من الأسباب لعل أوضحها أن الموضوع الذى تتناوله الشاعرة لايحتمل كثير تأويل ولا تعمية أو تورية إذ أنه يتناول أمرا فى غاية الأهمية وهو ما يحيق بالناس من جراء الأفكار الدينية الخاطئة التى تجنى على الدين الحنيف . وهى فى عجلة من أمرها لتصحيح ذلك وبث رسالتها ، والمتعجل دائما ما يشعر أن التأخير ليس فى صالحه فلا وقت عنده ينفقه فى تفلسف أو أحاجى أو طلاسم تغم على القارئ أو تجهده فى فك شفراتها . و هى أيضا ليست بإزاء قصيدة صوفية بحتة أو سياسية قحة تحتمل الإلغازات والإسقاطات . وفرق كبير - عندنا - مثلا بين شعر البارودى و الجواهرى فى مقاومتهما للمستعمر  ونزار فى مقاومته للاستبداد وبين شعر أبى العلاء وإيليا أبى ماضى وجبران المتفلسف . الضرب الأول من الشعر هو المقاوم الزاعق الذى بحاجة لأتباع كثر ولو يكونوا على غير عميق ثقافة لذا فالأصوب لقارضه ومتلقيه ( نقصد بالمتلقى هنا القارئ لا الناقد )أن يكون الشعر على كثيرمن المباشرة و التقريرية ، وأما الضرب الثانى من الشعر الذى لأبى العلاء و صاحبيه فإنه يلفظ المباشرة والتقريرية لفظا ربما مريعا إذ أنه على تفلسف وحتى يتطلب قارئا من نوع خاص على خلفية ثقافية . ومما يجدر ذكره أن أى شاعر حقيقى يتقلب مابين المباشرة والتقريرية وعدم المباشرة واللاتقريرية طبقا للموضوع الذى يتناوله وطور العمر الذى يحياه ؛ فالأمر ليس على ثبات . والحق يقال أن الشاعرة برغم المباشرة والتقريرية فى هذه القصيدة و اللتين تناسبان القارئ العادى ، لم تغفل عمقا فى الطرح أيضا فى حنايا القصيدة يناسب المتلقى المتبحر ، وهذه إجادة منها تقرظ عليها كل التقريظ . ويبقى تساؤل حاث يفجره العنوان لدى القارئ : لم صرخة المساجد والكنائس ؟؟!!

    " صرخةُ المساجد والكنائس "

    عجبتُ منكِ يا صرخةَ المساجد

    تهيمُ في بواكيكِ العقائد

    تعانق الأجسادَ الشّهيده

    وتبكي على الدّنيا العقيده

    وتنتحبُ العظامُ الهياكل

    وتصرخُ النّساءُ الطّرائد

    بعيدةٌ عن أهلها بعيده

    وتشتكي جميعُ النّواحي

    ببغدادَ والموصلَ وبابل

    بواكيَ العفّةِ الطّريده

    وتضحكُ هنالكَ العواذل

    وتُمزّقُ هنالك الطّرائد

    فيا عراق الإباءِ والعقيده

    كيف هنالكَ جميلةٌ طريده

    فكيفَ يقتلُ البومُ البلابل

    ويَسرقُ الحرائرَ الرّغيده

    وتُجعلُ القبورُ لها وسائد

    تنتحب الشاعرة فى القصيدة كلها ، وفى هذا الجزء من القصيدة بصورة أوضح و فى عروبية بالغة على أحوالنا البائسة وهى تصورلنا صرخات المساجد على العقيدة التى إنحرف نفر من أتباعها عن تعاليمها السامية ليحيق بالعراق

    الرغيد ما يحيق به الآن .

    إن نمط الأدب فى هذا الجزء من القصيدة ، بل فى القصيدة كلها من نمط الأدب البسيط المركب !!! المناسب لكل الأذواق ؛ ففيها المباشرة والتقريرية وهما تناسبان القارئ العادى ، وفيها أيضا المرامى العميقة التى تناسب المتلقى المنقب كما أسلفنا للتو !!!وهذا يحسب للشاعرة كماأقررنا قبلا أيضا . نمط من الأدب الشارح لذاته الذى يلبى بغية المتلقى العادى الذى يريد الظفر  بشيئ معتبر من القصيدة يعينه على ذلك مباشرة وتقريرية الشاعرة . ولعلها ( أى الشاعرة ) تميل إلى هذه المباشرة وتلك التقريرية - على الأقل بعقلها الباطن - لتبلغ رسالتها أو شطرا غير يسير من رسالتها لما تطرحه من موضوع هام وعاجل ، وهذا من حقها وحق ذلك القارئ العادى . وأما المتلقى المتبحر المدقق ففى القصيدة مطلبه أيضا ، وهذا سر  إطلاقنا على نمط الأدب السائد فى القصيدة أنه من نمط الأدب البسيط المركب الملبى لمطالب الجميع . ولكى نوضح أن القصيدة تلبى مطلب المتلقى المتبحر بعد ما ذكرنا حظ القارئ العادى منها ، فإننا نقول أن الشاعرة تلحق بالقصيدة من المرامى العميقة التى تثير تساؤل هؤلاء الخاصة من المتلقين ومن ثم تضمن احتشادهم فى صفها أيضا شأنهم شأن القراء العاديين. فالبنسبة للمطلع المتبحر ( قارئ أو ناقد ) فبصورة مرجحة سيتطرق ذهنه إلى هذا التساؤل : لم ذكرت الشاعرة العراق ونكبته أولا ؟؟!! وهذا التساؤل بدوره سيثير إمعان التفكيرللإجابة : ألكونه البوابة الشرقية للوطن العربى الكبير ؟ألأنه المتقدم فى مؤامرة طمسه وسحقه من قبل أعداء العروبة ؟ !ولم ذكر بغداد والموصل و بابل تحديدا ؟! هل لأنهم موائل لحضارات سادت ثم بادت ولكن مايزال لها الأثر الكبير على العالم أجمع ؟؟!! ثم إنه ( أى المتلقى المتبحر ) لتستهويه فكرة "التيه " التى تتناولها الشاعرة باقتدار .

    وفكرة " التيه " أى التوهان أو الزوغان فكرة عامة حاكمة فى أمور كثيرة : فى السياسة ( التوهان السياسى ) ، وفى الأمور

    الإجتماعية ( التوهان الإجتماعى ) وكذا فى الاقتصاد ( التوهان الاقتصادى ) وفى إطار العقائد ( التوهان العقائدى ) ...إلخ . ولكى لا تظن بنا الظنون ، وتتكثر

    أقاويل المتقولين ، و يذهب البعض كل مذهب فى رمينا بما ليس فينا فى أمر ( التوهان العقائدى ) ذاك ، فإننا نوضح ونقول إن المقصود بهذا الأمر هو تنكب البعض طرقا غير سوية فى فهم المداليل الحقة الإنسانية لتعاليم الإسلام العظيمة والانزلاق إلى غير جادة الصواب فى استكناه

     وتفهم روح نصوصه العظيمة بسماحتها وكونيتها البهيجة . هذا هو مقصودنا ونحن نجزم بأن هذا الفهم الخاطئ والتأويل الباطل لتلك التعاليم جر ويجر على الدين وعلينا من قديم وللآن الويلات والثبور ويكفى نعت هذا الدين العظيم الإنسانى السامى السمح بالإرهاب فى بقاع الأرض جميعا على غير صحة بسبب شرذمة من أهل (التوهان العقائدى ) هؤلاء الذين تستغلهم نفوس خبيثة لتشويه هذا الدين . إن أمر هؤلاء لا تفسير له عندنا إلا إنه خلل فى المدركات الفكرية الصحيحة يصادف خللا نفسيا وعقليا ، وهى رسالة تربوية فكرية تهيمن على الشاعرة بحكم عملهافتحاول أن تبثها فينا بثا لعل وعسى أن نتنبه و نستفيق ونحذر . إذن للقصيدة مغزاها التربوى التعليمى لأنها عندنا من فصيل الأدب "المزحزح " - بحسب مسمانا- كشأن كل أدب جاد يعى رسالته جيدا . ومثل هذا الأدب يعمل على خلخلة القديم المتخلف لإحلال العصرى التقدمى .

    إن الشاعرة لعلى إدراك بمسألة ( التوهان العقائدى ) هذه وإلا لما أبدعت هذه القصيدة، وهى أيضا تدرك جيدا الرسالة التنويرية للأدب ومن ثم فهى تستخدمها بعقلها الواعى أو بعقلها اللاواعى لرد الأمور إلى نصابها من خلال التنديد بأفعال هؤلاء المتوحشين .

    _____

    مسيحيةٌ .. أيزيدية ٌ .. مُسلمة

    فكُلّها أعراضُ أصايل

    أيا صرخةً ببعض ِالمساجد

    مدويّةً بالباطلِ تُعاند

    تُكَبّرُ للشّيطانِ والمارد

    تكبيرةَ القتلِ والمفاسد

    و كُلُّ شرّ ٍ فيها مقاصد

    مُختلّةُ العقلِ والعقيده

    وبالشّيطانِ تجتمعُ المحافل

    وتُقتّلُ بأرض العراق البواسل

    وتُنتهكُ حُرماتُ الأماجد

    وتُقتلُ الطّفلةُ الوليده

    وتَذبحُ الأطفالَ الحقائد

    فتبًّا لهكذا سواعد

    ولتحترق صناعةُ الأرامل

    ولتحترق صناعةُ الثّواكل

    كم وكم تشتكي تلك الحرائر

    فلذاتَ أكبادها الرّشيده

    ____

    ماعادت ضواحي ولا خمائل

    عشعشت غربانُ الموت فيها

    وفرشت الخفافيش

    أجنحة الدمار الشامل

    بسوريا العتيده

    بليبيا ولبنان والسودان

    وباليمن "السعيده"

    كلّها مجازر .. كلّها مناحر

    ولماذا قَتلُ الرّجالِ وحرق المنازل

    بالعراق المجيده

    ودماء أبطال العشائر صارت عصائر

    سَنّية .. شيعية .. كردية .. مسيحية

    فكَلّها أرواحٌ بشرية

    وتصرخُ المآذنُ والكنائس

    فكُلها شواهدُ ودلائل

    هنالكَ الأهوالُ الشّديده

    فأينَ العُروبة المجيده

    وأين هي النّخوةُ والقصائد

    هل ضاعت الأقلامُ وباتتْ شريدة

    خيانة ٌ .. جديدة ٌ جديده

    وفوق الوسائدِ تُكتبُ المكائد

    ______

    مكيدةٌ وتتلوها مكيده

    وتصرخُ الكنائسُ تلو الكنائس

    بمصرنا الحبيبه

    وتستغيثُ هنالك المشاهد

    من جارةٍ قريبه

    وتصرخُ الأنوثةُ العتيده

    لما الرّاهباتُ في المعاقل

    وما ذنب الأقباطِ في المذابح

    ولمَ عليهم فرضُ القيود والسّلاسل

    فلم يأمرُ الدّينُ هكذا عقيده

    ولم يأمرُ بها النّبي العاقل (ص)

    لما أُحرقوا القرآنَ والإنجيلا

    ولماذا حرّفوا التأويلَ

    فيا أيّها الرّاقدون استيقظوا

    كفانا نومًا مثل نوم الهبائل

    لسانُنا ودينُنا واحد !

    وقلوبنا قد شُتتْ خواذل

    قلنا إن القصيدة من نمط الأدب المفسر لذاته بمباشرتها و تقريريتها وسهولة مآخذ معانيها ، هذا للقارئ العادى ، وأما القارئ المدقق فسيستوقفه قول الشاعرة مثلا :

    مسيحية .. أيزيدية ... مسلمة

    وقولها :

    سنية .. شيعية .. كردية .. مسيحية

    الشاعرة هنا تريد العالمية لفكرتها لتبرئة الدين الحنيف بذكرها ذلك !!!! ولكن لماذا العالمية ؟ لأن تبرئة الدين الحنيف لابد وأن تتم على رؤؤس الأشهاد ؛ أمام العالم كله كما أن التجنى عليه بالباطل يلوكه العالم كله . وهى تسلك سلوكا غاية فى الذكاءلإنجاز ذلك ؛ إذ أنها تبدأ بالمحلى لتصل للعالمى كما يقر بذلك الواقع و قواعد الذيوع كماحققها نجيب محفوظ وكتاب وشعراء أميركا اللاتينية وعلى رأسهم الروائى جارثيا ماركيز والشاعرللوسا فارجاس . إنها تفعل ذلك لتؤكدعلى سلامة مكون الجمهور المحلى إلا تلك الشرذمة الضالة المريضة منه التى تعبث بتعاليم الدين السمحة . فالمسيحية والأيزيدية والمسلمة والسنية والشيعية والكردية ( كلها فى الإطار المحلى ) كلها أرواح لها حرمتها وقداستها بسبب تعاليم الدين الحنيف بصرف النظر عن أى شيئ آخر . ثم إن المتلقى المدقق المطلع على مجريات السياسة يلفت نظره قولها :

    وفرشت الخفافيش

    أجنحة الدمار الشامل

    ليحس بطزاجة ماتطرحه الشاعرة لأن قولها هذا لعلى صلة بمصطلح "أسلحة الدمار الشامل " البغيض الذى صيغ فى الغرب لعقود طويلة خلت للتنكيل بالأمم وما يزال فاعلا للآن وإن تتغير وسائله ،ثم إن ذات التعبير يشى للقارئ المتبحر بمؤامرة ما على هذا الدين الحنيف للأسف يستغل فيها تلك الشرذمة الساذجة المريضة مسطحة الفكر .

    على أن الشاعرة يكتنفها الأمل فى غد أفضل وتعول على الجوامع المشتركة بين العرب وعلى رأسها العروبة وتستحثنا

    للنهوض من وهدتنا هذه وتهيب بأهل القلم والنخوة أن يضطلعوا بمسؤؤليتهم لجبر ما انكسر . فهى القائلة :

    فأين هى العروبة المجيدة

    وأين هى النخوة والقصائد

    هذا وقد أوفت الشاعرة بشروط قصيدة النثر من وحدة عضوية وصياغة حمالة الرؤى والأوجه والعمق برغم المباشرة والتقريرية اللتين أوضحنا فائدتهما ...إلخ .

    ونحسب أن ما طرحته الشاعرة ليس صراخا فى البرية ذهب أدراج الرياح ، فقد بدأ العالم وحتى من يتآمر ضدنا باستغلال تلك الشرذمة الضالة ، بدأ الجميع يدرك خطورتهم عليه بعدما نكل بهم فى بلدانهم ذاتها وبعدما بدأ الجميع يدرك أن الإسلام الحنيف ليس على العنف ، بل إنه دين سلام .

    هذا وبالقصيدة لطائف أخرى وبلاغيات كثيرة تستحق نظرات أخرى ضافية ، ولكن ما حصلناه أشبع ظمأنا من الفكر و الجمال وإن كنا لنستكثر دوما فما لنا من شبع من فكر وجمال فى الأخير. تحياتنا للعروبية القديرة / أحلام الحسن ،  ومن ألق إلى ألق .

                                                 ابن المحروسة

                                      محمد أبو اليزيد صالح

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: قراءة فى القصيدة النثرية "صرخة المساجد والكنائس" لـ* الإنشاصية جميلة الجميلات * ..الأستاذة الدكتورة الناقدة الأديبة الباحثة بنت البحرين العروبية الأصيلة / أحلام الحسن من ديوانها " مرافئ قلبى . " ..يكتبها ابن مصر المحروسة : محمد أبو اليزيد صالح Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top