احزان للبيع ..حافظ الشاعر يكتب عن : جنكيز خان أخو شاروخان.. اللى هزمهم أحمد مظهر ورشدى أباظة.. وطلع علاء ولى الدين فى المظاهرات ضدهم ..وجودا أكبر جه كمل المشوار..!!

 

لا تستعجب من عنوان المقال ..فعنوانه جملة قالها لى  بالنص كما هى مكتوبة سائق ميكروباص وهو معه دبلوم صنايع واتهمنى فى نهاية حوارنا بأننى لا أفهم ولا أعرف فى التاريخ ؛وأمثالى اللى عاملين مثقفين مودين البلد فى داهية ..حرام عليكم اتفرجوا كويس عشان لما تيجوا تتكلموا تتكلموا صح .

هذا الموضوع فى منتهى الخطورة لأنه يرسى دعائم أن الفن يؤثر تأثيراً مباشراً فى  المشاهد ؛فالمرسل إن كان أديبا أو شاعرا أو قاصا أو ممثلا عليه دور كبير فى إيصال معلومة صحيحة للمتلقى ؛وما قاله السائق لى واتهاماته تدل –بما لا يدع مجالا للشك- على ظروف المرحلة التى نعيشها.

وأقص عليكم ما حدث من حوار بينى وبين هذا السائق..ساقنى حظى ركوب ميكروباص إلى إحدى قرى مركز المنصورة من ناحية نقيطة..فأنا ليست لدى سيارة فعلى مدار ما يقرب من ربع قرن فى تلك المهنة لم أحظ بشرف شراء سيارة ولو حتى 127 ؛وكنت منذ بضع سنوات نويت شرائها ولكن ولدى يوسف كرهنى فيها ؛فالسيارة صغيرة وحجمى كبير فكرهنى فيها..

 

ما علينا..المهم استوقفت تاكسى فاشترط على 50 جنيها ودار حوارا مملاً بيننا وتركنى وذهب لحاله ..ما احنا عايشين فى فوضى لا يوجد رقيب على شىء..فساقنى حظى الجميل فى هذا اليوم اللطيف الركوب مع أخونا سائق الميكروباص ؛وجلست فى الكرسى الأمامى بمفردى ؛وادار مذياع ميكروباصه على أغنية "مفيش صاحب بيتصاحب"-طبعا فاكرينها-  ويدندن معها وانا أحملق النظر فيه ويتمايل مع موسيقاها ؛فعاجلته بكلمة ..ايه يا عم الأغنية دى ..ماتت ..مفيش معاك حاجة لشفيقه..ابتسم وقالى معايا يا برنس ..ده أنت صاحب مزاج زينا..قلتله آه ..أنا وأنا أدك كده كنت بروح الأفراح وكمان كنت وأصحابى بنبقى تحت المسرح !!

فغمز باحدى عينيه لى ..لالالالا..أنت صاحب مزاج .. وتمايل ..ده قبل النضارة اللى أنت لابسها بأه ..رحت ضاحك وقايله ..دى آخرة الشقاوة..فرد قائلا باشا عليه النعمة باشا ..وقام برفع صوت التسجيل على أغنية لشفيقه اسمها"كان زمان".

 

المهم تليفونه ضرب برسالة فقال لى والنبى يا برنس شوفلى الرسالة دى اقرأها ..أخذت تليفونه ولبست نظارتى الطبية ووجدت الرسالة مرسلة من شركة "فودافون" وهى .. مسابقة فودافون تقول الرسالة (جنكيز خان قام بغزو الدول العربية ومصر.. فكم مكث فيها؟ الإجابات –اختيار من متعدد –زى مولانا وزير التعليم واللى عمله فى الثانوية ..فودافون بتقلد مشروعه الفاشل –المهم الإجابات : ( 18 سنة - 12 سنة  -  8 سنوات) فقرأتها عليه .

فعاجلنى قائلا :مش "جنكيز خان" ده أخو" شاروخان" بتوع "الهند" اللى بيحاربهم "جودا أكبر" .

طبعاً نظرت فى وجهه لعلى أراه يمزح ولكنى وجدت ملامحه وكأن رجلا يتحدث بمعلومة صحيحة ..قلت لنفسى جاريه فى الكلام جايز نطلع بمقال ولا تحقيق..

فقلت له : آه..بس مين "جودا أكبر"

 فرد قائلا:أنت متعرفش "جودا أكبر" ..قلت :لا مش واخد بالى..يا رااااااااجل

قال :واخرج حركة تلقائية محرجة...... وعملى متعلم ..بإمتعاض

وأردف "جودا أكبر" ده مسلسل بيجى على قناة"ألوان" بس مَعَلِم "جنكيز خان" بتاعك ده الأدب .

فقلت له : "جنكيز" مات من زمان.

فرد: يا عم انت مبتفهمش مش ولاده موجودين .

قلتلته..آه وأمرى لله.

فقام بأخذ جانب على الطريق بالسيارة ووقف شارحاً لى معلوماته من وجهة نظره من خلا المسلسل الذى يشاهده على قناة "الوان" .

وقال: شوف بأه يا أستاذ ما هو جنكيز خان لما جه مصر مين اللى قابله قلتله "قطز" لأن الدولة الأيوبية هى اللى كانت ماسكه مصر وكانت شجرة الدر..فقاطعنى قائلا: يا عم انت مبتفهمش تاريخ قطز مين يا عم ..اسمع منى واتعلم أصل ده تاريخ واحنا عايشين عليه لحد دلوقتى واللى زيكم بوظوه ..طبعا جملة النصيحة لى.

طبعاً ..الدهشة تملآ وجهى وبركان من الضحك بداخلى يريد الإنفجار ولكنى قلت كمل للآخر معاه ..المهم راح قايلى ..أنتوا يا متعلمين بتشوهوا كل حاجة هو كان ماله حسنى مبارك كنا عايشين فعاجلته قائلا:خلينا فى جنكيز خان كنت بتقولى قطز مين

فرد:  آه ..ما هو لما جنكيز ده جه مين اللى قابله ورقعه علقة تمام ..ميييييين..ميييييييييين وامتعض بوجهه مومئأ بحركة استهزائية للعبد لله ..مييييييييييين يا عم ..يووووووه ...أحمد مظهر ورشدى اباظة!!

وضعت يدى على وجهى لأكتم أنفاسى فالضحكة تريد الإنفجار ..واستكمل ما هو لما اعتماد تحية كاريوكا ضربوها بالشباشب مين اللى مسك.." أحمد مظهر ورشدى أباظة بس عماد حمدى كان مات وادوا لجنكيز ده علقة تمام ؛وأحمد مظهر طلع من هنا على فين .

 

قلتله مش عارف..قال: يا عم اصحى معايا ..على فلسطين وقابل مين هناك حمدى غيث وفرجينيا جميلة الجميلات كانت عايزه تخلص عليه وآرثر ساعدها ..بس أوعى... صلاح ذو الفقار كان جدع وساعد احمد مظهر وانتصرنا على الصليبين.

قلتله ..آه..تصدق كلامك مظبوط .

واستكمل روايته متشجعا : خد بقى التقيلة ..قلتله قول يا عم ..لما جنكيز ده جه مصر راح داخل على علاء ولى الدين وكان فيه ريشتين بالأمارة على رأسه وراح فارد الورقة وقاله :لما أحب أكلم مصر أكلم مين ..قوم علاء ولى الدين قاله أنا ..وراح  خرج بالمظاهرات ضدهم.

 

طبعاً..أنا نمت على الكرسين من كثرة الضحك ..لم أستحمل ..فعاجلنى بوجه متجهم  قائلا: انت بتضحك على ..!!

هو انت مفكر عشان انا سواق مفهمش فى التاريخ ..يا عم انا معايا دبلون صنايع يعنى مؤهلات..ابقوا افهموا التاريخ صح ..وربنا ما حد هيقولك على الحقيقة دى ويفهمك زيى.

وأدار الميكروباص وصار..وكلما نظرت إليه ضحكت وفى نهاية الخط قال لى هنصحك نصيحة يا أستاذ : اتفرج على "جودا أكبر" وعلى "أحمد مظهر ورشدى أباظة وعلاء ولى الدين" وانت تعرف إنى بكدبش!!

فقلت له :لا طبعاً أنت صادق فى كل كلمة قولتها وأنا استفدت منك كتير وعرفت مين هو جنكيز خان..وعرفت مين اللى بيبوظ فى تاريخنا..أوعدك هحاول أقرأ تاريخنا صح!!

 

فى النهاية بقى أن أقول:هذه الأجيال تثقيفها فى رقبة من؟!!

أين السينما الصحيحة والروايات التاريخية الصحيحة؛واكتشفت أن الإيرانيون أفضل منا فى سرد قصص الأنبياء تختلف أو تتفق معهم ولكنهم يسردونها دراميا بطريقة صحيحة..وأهمس فى أذن القائمين على شئون هذا البلد (الفن)(الفن)(الفن)..ليس فن البلطجة ولكنه الفن الهادف..كم مليون على شاكلة هذا السائق وعندما يتزوجون سيقصون خرافاتهم تلك على أبنائهم ونجد أجيالا معاقة فكرياً..اللهم سلم!!

 

 

 

أغسطس 19, 2021