عندما
صدرت السيرة الذاتية للدكتور يوسف القرضاوي بعنوان "ابن القرية والكتاب"
سنة 2002 أحدثت دويا هائلا بين أعضاء جماعة اﻹخوان ؛ إذ اتهم القرضاوي سيد قطب
بأنه السبب في تسرب الفكر التكفيري إلى جماعة اﻹخوان ومنها إلى كل الجماعات
التكفيرية التي خرجت من رحم الجماعة اﻷم .
شكلت
مذكرات القرضاوي صدمة هائلة للتيار القطبي داخل الجماعة وانبرى القطبيون يدافعون
عن سيد قطب بضراوة قائلين إن أسلوب سيد قطب اﻷدبي هو السبب في حالة اﻹلتباس وسوء
الفهم الذي ينشأ لدى البعض عند قراءة مؤلفاته !
والحقيقة
التي لا مراء فيها هي أن سيد قطب أحيا فكر الخوارج وصاغه بأسلوب أدبي وبلاغي رفيع
سحر به عقول شباب اﻹخوان فزادهم ضلالا على ضلالهم وعنفا على عنفهم.
وتأملوا
معى ما سيأتى وهو منقول من كتب (فى ظلال القرآن–دار الشروق –الطبعة الأولى 1972م)،
(العدالة الاجتماعية – دار الشروق –الطبعة الثالثة عشرة 1993م)، (معالم فى الطريق–دار
الشروق –الطبعة السادسة 1979م).
ينفى
سيد قطب وجود إسلام أو مسلمين، فيقول: "إن المسلمين الآن لا يجاهدون، وذلك
لأن المسلمين اليوم لا يوجدون، إن قضية وجود الإسلام ووجود المسلمين هي التي تحتاج
اليوم إلى علاج" (الظلال– المجلد الثالث –صفحة 1634).
ويقول
نافياً الإسلام عن كل المجتمعات، وناصحاً الحركات اﻹسلامية بالتعامل على أساس كفر
كل المجتمعات: "وحركات البعث الإسلامي اليوم فى مفترق طرق ونقطة البدء
الصحيحة فى الطريق الصحيح هي أن تتبين الشرط الأساسى لوجود الإسلام أو عدم وجوده،
وأن تستيقن أن وجود الإسلام اليوم قد توقف... وأن تعلم أنها تستهدف إعادة إنشاء
الإسلام من جديد، أو بتعبير أدق رده مرة أخرى إلى حالة الوجود بعد أن توقف هذا
الوجود فترة... والطريق الآخر أن تظن هذه الحركات –لحظة واحدة- أن الإسلام قائم،
وأن هؤلاء الذين يدَّعون الإسلام ويتسمون بأسماءالمسلمين هم فعلا مسلمون" (العدالة
الاجتماعية – صفحة 216)
فكلنا فى نظر سيد قطب كفار ومرتدون حتى ولو
نطقنا بالشهادتين: "لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية
بلا إله إلا اللّه. فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد، وإلى جور الأديان ونكصت
عن لا إله إلا اللّه، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن: «لا إله إلا اللّه» دون
أن يدرك مدلولها... إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية، وارتدت عن لا إله إلا اللّه.
فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية. ولم تعد توحد اللّه، وتخلص له الولاء.. البشرية
بجملتها، بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات: «لا
إله إلا اللّه» بلا مدلول ولا واقع.. وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذابا يوم القيامة،
لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد -من بعد ما تبين لهم الهدى- ومن بعد أن كانوا في
دين اللّه" (الظلال– المجلد الثانى –صفحة 1057).
وحتى لو
قلنا إننا مسلمون، فإننا –كلنا- كفار طالما لم نأخذ بفكر سيد قطب فى توحيد الحاكمية: "يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك
المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة... لا لأنها تعتقد بإلوهية أحد غير الله
ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله أيضاً، ولكنها تدخل في هذا الإطار
لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده في نظام حياتها، فهي -وإن لم تعتقد بإلوهية أحد
إلا الله- تعطي أخص خصوصية الإلوهية لغير الله فتدين بحاكمية غير الله، فتتلقى من
هذه الحاكمية نظامها وشرائعها وقيمها وموازينها وعاداتها وتقاليدها... موقف الإسلام
من هذه المجتمعات الجاهلية كلها يتحدد في عبارة واحدة: أن يرفض الاعتراف بإسلامية
هذه المجتمعات كلها" (معالم فى الطريق –صفحات 91، 92، 93).
وعقيدة
التكفير هى التى جعلت سيد قطب يسمى مساجدنا –التى تُقام فيها الصلاة ويُرفع فيها
الأذان- بالمعابد الجاهلية ويُطالب من هم على نفس فكره باعتزالها: "اعتزال
معابد الجاهلية واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد. تحس فيها بالانعزال عن المجتمع
الجاهلي، وتزاول فيها عبادتها لربها على نهج صحيح وتزاول بالعبادة ذاتها نوعا من
التنظيم في جو العبادة الطهور" (الظلال –الجزء الثالث – صفحة 1816).
*نقلا
عن : وائل شفيق
0 comments:
إرسال تعليق