يأتي
تعزيز دور العلم والإعلام، وجاءت عاملًا مساعدًا للتعاون والسلام. لان دور كلٍّ من
الإعلام والعلوم في التأثير على مسار المفاوضات الجارية بشأن مياه نهر النيل، أو
النيل الأزرق بوجه خاص. ويصدرون وصفه بكونه نهرًا دوليًّا، عابرًا لحدود إثيوبيا
والسودان ومصر، وأن النزاع الناشب بشأنه يوشك أن يستعر؛ ذلكم لأن النيل تتعارض
بشأنه المطالبات المتنافسة، أو تتضارب المشروعات المتزامنة لاستغلال مياهه من
قِبَل الدول المشاطئة،
ويأتي دور الاعلام إلى التواصل مع دبلوماسي
المياه في كلٍّ من الحكومات الوطنية، والمؤسسات الدولية، والمنظمات غير الحكومية،
للمساهمة في ردم الفجوة بين الأطراف الفاعلة في قضية المياه العابرة للحدود،
وإحلال ثقافة تعاوُن بين دول حوض النيل. وخلق
تواصل عابر للحدود بين دول حوض النيل، وتكوين روابط بين الإعلام والعلوم. عندما
نردد عبارة الدبلوماسية،
وتدخل فيها
تلك المعنية بمياه حوض النيل، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن مجموعة من الصور
المرتبطة بالسرية التي يغلفها الكتمان، ودومًا ما تأخذ مسار مفاوضات مغلقة، شأن
الاجتماعات بين الدبلوماسيين، غير مفتوحة للتدقيق العام. من ثم، فهي لا تخضع
للتدقيق في وسائل الإعلام، أو من قِبَل القطاعات المهنية المتخصصة (خبراء المياه)،
مع انعدام الحوارات بين الصحفيين وواضعي السياسات والباحثين.
لذا كان
سؤالنا الرئيسي هو: كيف يمكن للصحفيين والباحثين العمل معًا لفتح دبلوماسية
المياه؟
في معظم
الأحيان، عندما يتعلق الأمر بالصراعات المائية إجمالًا، ليس فقط في حوض النيل،
تُعد وسائل الإعلام جزءًا من المشكلة، فمعظم القصص يجري اتهامها بأنها سلبية أو
مثيرة ومبالغ فيها أو غير دقيقة، على سبيل المثال تحريف المعلومات الفنية أو
العلمية، ما يثير الجدل ويستحث العواطف والآراء، ويخلق تصورات بدلًا من الحقائق.
وغالبًا
ما يرتبط هذا بفكرة مفادها أن العلم يقدم حقائق، أما وسائل الإعلام فتميل إلى نشر
المفاهيم أو المشاعر والآراء.
ويتجاهل
هذا الافتراض حقيقة أنه ما من علمٍ واحد ثابت، وإنما يوجد نقاش علمي. وأن العلم لا
يصف الحقائق فحسب، بل يمكن أن يسهم في صنع الواقع على نحوٍ فعال. وطموحنا هو إنتاج
قصص مشتركة حول النيل، تتجاوز الآراء ووجهات نظر ’المصلحة الوطنية‘ السائدة.
– يجري
تقديم إثيوبيا والسودان ومصر بوصفها جهات فاعلة أحادية ذات مصلحة وطنية واحدة فيما
يتعلق بتوجهاتها المتعلقة بالنيل. وتندر الإشارة إلى النقاشات الداخلية (المحلية)،
حول كيفية توزيع مياه النيل واستخدامها داخل الحدود الوطنية.
– غالبًا
ما يجري تضييق قضايا النيل إلى قضية ثنائية بين إثيوبيا ومصر، بالكاد يُذكر
السودان، وغالبًا ما يكون ممثلًا ثانويًّا، دون وجود اهتمامات واضحة، ومن المثير
للاهتمام أن هذه الحسابات الثنائية تميل إلى التأكيد على ما بعد الصراع ، في حين
أن ظهور السودان أو أيٍّ من دول حوض النيل الأخرى في الصورة، يفتح مجالًا أكبر
لنقاش حلول تعاونية، لاحظنا أيضًا أن مبادرة حوض النيل بالكاد مذكورة في وسائل
الإعلام الوطنية والدولية.
– تُستخدم
البيانات والمعلومات العلمية في الغالب بطريقة تنزع إلى التجميل أو الطنطنة
البلاغية، لإعطاء انطباع بأن القصة مدعمة بأدلة، دون تقديم تفسير مناسب وسياق
للبيانات الواردة؛ فعلى سبيل المثال معظم المعلومات المتوافرة حول سد النهضة
الإثيوبي تدور حول تكلفته ومدى التقدم في أعمال البناء، وتعتمد على النسخ واللصق
من مواقع الإنترنت، كما تستمر وسائل الإعلام في ترديد الأرقام نفسها على مدار
الأعوام، وهو ما يرجع أيضًا إلى صعوبة وصول الصحفيين إلى المعلومات حول السد، إذ
يجري التكتم على الأرقام، كما أن المراجع والروابط للدراسات والبحوث العلمية حول
قضايا النيل قليلة جدًّا.
والمشكلة
الأكثر وضوحًا بطبيعة الحال هي حرية التعبير؛ فعند تحليل النقاشات الإعلامية
المتعلقة بالنيل والتعليق عليها، يجب ألا ننسى -كما قيل في البداية- أن هذه
النقاشات تدور في كثير من الأحيان في فضاء سياسي مغلق، مع قيود كبيرة على حرية
التعبير.
ترتبط
الاختلافات الرئيسية بجانبين:
الأول: الفوارق
بين أنظمة الإعلام الوطنية المختلفة؛ ففي مصر على سبيل المثال، يجرى إنتاج كمية
أكبر بكثير من الأخبار حول النيل كل أسبوع، مقارنةً بما يحدث في السودان أو
إثيوبيا، حيث يوجد عدد أقل من وسائل الإعلام.
الثاني:
السياقات السياسية التي تؤثر على الطريقة التي يجري بها سرد قصص النيل: أدركنا على
الفور أنه لا يمكن فهم النقاشات الإعلامية حول النيل دون وضعها ضمن السياق السياسي
الأوسع الذي حدثت فيه، على سبيل المثال تحولت احتجاجات عام 2016 التي أطلقتها
قبائل الأورومو -إحدى أكبر القوميات في إثيوبيا- إلى قضية متعلقة بالنيل، عندما
ألقى أحد المسؤولين في الحكومة الإثيوبية باللوم على مصر في تأجيج الاحتجاجات
ودعمها لتقويض استقرار إثيوبيا، وبالتالي عرقلة بناء السد.
تتطلب المبادرة السودانية، مهما كانت سليمة من
الناحية النظرية، قبولًا من مصر وإثيوبيا على السواء كي تتبلور فعليًا وتحقّق
النجاح. لحسن الحظ، ثمة حظوظٌ وافرة بأن تبادر مصر وإثيوبيا اللتان تربطهما علاقات
تجارية قوية مع السودان، إلى التعامل بإيجابية مع مبادرة من هذا القبيل. فالقاهرة
حريصة على إبداء حسن نيّتها تجاه الحكومة الجديدة في الخرطوم تجنّبًا للتقليل من
الروابط التاريخية التي تجمعها بالسودان. وقد أشارت مصر سابقًا إلى أنها ستُرحّب
بانخراط سوداني أكبر في قضية سدّ النهضة، لذا لن يواجه السودان صعوبة كبيرة في
إحراز تقدّم مع مصر.
لكن
الوضع أكثر تعقيدًا مع إثيوبيا، خصوصًا بسبب الاشتباكات التي حدثت بين القوات
العسكرية السودانية والإثيوبية أعلى منطقة الفشقة. لكن الحكومة الإثيوبية لا
يمكنها أن ترفض مبادرة سودانية من هذا النوع ولا سيما أنها في الوقت الراهن على
خلاف مع العديد من جيرانها، وكذلك مع إقليم تيغراي الإثيوبي الذي شنّت مؤخرًا حملة
عسكرية عليه مستهدفةً مجموعة تطالب بالحكم الذاتي. ووفقًا للتطورات على الأرض،
يبدو أن إثيوبيا بدأت تدفع ثمن توسّعها المفرط.
قد يريد
السودان التمسّك بوثيقة إعلان المبادئ التي وُقِّعت في الخرطوم من أجل التوصل إلى
تسوية نهائية للخلاف، لكن الأولوية اليوم هي لتجنّب وقوع مواجهة عسكرية مفتوحة بين
مصر وإثيوبيا، وإقناع الدولتَين باستئناف المفاوضات على نحوٍ جدّي. إذا اكتفى
السودان، أقلّه في البداية، بمحاولة تحقيق تقارب بين مصر وإثيوبيا، فستكون هذه
مهمة قابلة للتنفيذ
ويُرجّح
أن تتكلّل بالنجاح. وهذا التقارب، إذا تحقّقَ، قد يُسهّل التوصل إلى تسوية
للخلافات الحدودية بين السودان وكلٍّ من مصر وإثيوبيا، ويسهم في تعزيز مكانة
السودان كدولة ديمقراطية جديدة في القرن الإفريقي وخارجه. وقد تُمهّد المبادرة
السودانية في نهاية المطاف الطريق أمام التوصل إلى حلٍّ دائم للخلاف القائم منذ
أمد طويل بين مصر وإثيوبيا حول نهر النيل.
قد تبدو
المشكلة مستعصية، نظرًا إلى التعنت الإثيوبي ونفاذ الصبر المصري، لكن الأوان لم
يفُت للعمل على حلها. مع ذلك، تتطلّب تسوية الخلاف، أو على الأقل منع تحوّله إلى
مواجهة عسكرية خارجة عن السيطرة، تدخّلًا حازمًا ومتواصلًا من طرف ثالث. للوهلة
الأولى، قد لا يبدو السودان في موقع يخوّله الاضطلاع بهذه المهمة.
فهو
يشهد مرحلة انتقالية صعبة إلى الديمقراطية بعد عقودٍ من الحكم السلطوي، في حين أن
موجة العنف التي اشتعلت في دارفور، هذا الإقليم الواقع في غرب السودان عند الحدود
مع تشاد، قد تؤشّر إلى تجدُّد النزاع الاثني المديد هناك. هذا فضلًا عن أن
العلاقات السودانية-الإثيوبية شهدت توترًا في الآونة الأخيرة، بسبب خوض السودان
مواجهة عنيفة مع إثيوبيا في إطار نزاعهما على منطقة الفشقة الحدودية.
في غضون ذلك، يشتبه البعض في المجتمع المدني
السوداني - الذي أُعيد إحياؤه في العام 2019 بعد إطاحة الرئيس عمر البشير الذي كان
ضابطًا في الجيش - أن مصر برئاسة عبد الفتاح السيسي الذي كان قائدًا عامًّا للقوات
المسلحة، تُفضِّل ربما وصول شخصية عسكرية إلى سدّة الرئاسة في الخرطوم.
ولكن
هذه العوامل، حتى عند النظر إليها مجتمعةً، لا تفوق تلك التي تؤهّل السودان للتوسط
بين مصر وإثيوبيا. فالسودان أكثر مرونة بكثير من القاهرة في قضية سدّ النهضة،
ويشعر بالقلق، مثل مصر، بشأن كمية المياه التي سوف تستمر بالتدفق إلى أراضيه عندما
يبدأ تشغيل سدّ النهضة، ومدى تأثير ذلك على سدّ الروصيرص السوداني.
ومن هذا
المنطلق، حذر السودان مؤخرًا إثيوبيا من المضي قدمًا بتنفيذ المرحلة الثانية من
ملء الخزّان من دون التوصل إلى اتفاق بهذا الخصوص. لكن، في المقابل، سيستفيد
السودان من التيار الكهربائي الذي سيولّده السدّ بتكلفة أقل، ومن تسهيل للري،
وكذلك من احتمال الحدّ من الفيضانات إذا سارت الأمور على ما يرام. لهذا السبب،
امتنع السودان، على الرغم من خلافاته مع مصر وإثيوبيا، عن الانحياز إلى أيٍّ منهما.
وهذا الحياد النسبي سمة إيجابية يمكن أن تساعد الخرطوم على كسب ثقة الطرفَين. فضلًا
عن ذلك، ثمة ثلاثة عوامل أو محفّزات إضافية تخوّل السودان إطلاق مبادرة وساطة لحلّ
هذا الخلاف.
قد يكون
السودان طرفًا ثالثًا في خلافٍ يدور بصورة أساسية بين مصر وإثيوبيا، لكنه لن يبقى
في منأى عن التداعيات في حال نشوب نزاع بين الدولتَين المجاورتين له. بل غالب الظن
أن المواطنين السودانيين سوف يتحمّلون العبء الأكبر لهذا النزاع. فالسودان سيجد
نفسه، بحكم موقعه الجغرافي، عالقًا في وسط أي مواجهة عسكرية قد تحدث بين مصر
وإثيوبيا اللتين لا تتشاركان حدودًا بينهما،
لذا، من
المرجّح أن تتحوّل السودان إلى منطقة حدودية وساحة قتال. وسوف يتعرض المجال الجوي
السوداني وحتى الأراضي السودانية إلى انتهاكات دورية، وقد تتسبّب غارة جوّية
تشنّها مصر على خزّانات سدّ النهضة بإغراق الأراضي السودانية. لا شكّ إذًا أن
مصلحة الأمن القومي السوداني تقتضي بالدرجة الأولى الحيلولة دون حدوث ذلك.
أما
العامل الثاني فيتعلّق أيضًا بخطر الفيضانات، إنما ليس من النوع الناجم عن هجوم
جوّي، إذ يخشى السودان أن يؤدّي الافتقار إلى قواعد تنظيمية تحكم عمليات السدّ،
إلى وقوع أخطاء تقنية من شأنها أن تتسبب بحدوث فيضانات في ظروف معيّنة. ولن يبقى
ذلك شأنًا إثيوبيًا داخليًا. فنظرًا إلى موقع السدّ، ستشكّل الفيضانات كارثةً
لسكّان ولاية النيل الأزرق في جنوب شرق السودان، عند تخوم إقليم بني شنقول جومز،
وربما لسكّان ولايات أخرى أبعد منها. واقع الحال أن السودان لا يزال يعاني تداعيات
فيضان النيل الأزرق المدمّر في أيلول/سبتمبر 2020، الذي قضى على نحو ثلث الأراضي
الزراعية في البلاد وطالت تأثيراته حوالى ثلاثة ملايين شخص، وأسفر عن مقتل أكثر من
100 شخص.
نظريًا،
يُفترَض بالسدّ أن يحدّ من وقوع الفيضانات، ولكن إثيوبيا لا تزال ترفض إجراء تقييم
للأثر البيئي والاجتماعي، لذا يجهل السودان التداعيات المحتملة لأشكال الخلل التي
قد تقع حين يبدأ تشغيل السدّ. ولكي يتمكّن المسؤولون السودانيون من اتخاذ
الإجراءات المناسبة، يجب أن يكون لديهم المزيد من المعلومات، لهذا السبب عليهم
إقناع الإثيوبيين بتليين موقفهم.
يتمثل
العامل الثالث في أن نجاح السودان في الوساطة سيُعلي مكانته الإقليمية والدولية،
ولا سيما أن السودان يبذل جهودًا حثيثة لإحداث قطيعة مع ماضيه كدولة منبوذة. والقيام
بخطوات حذرة نحو الديمقراطية هو جزءٌ من هذه الاستراتيجية. ولكن بمقدور الخرطوم أن
تبذل جهودًا أكبر بكثير لتبشّر ببروز سودان جديد على الساحتَين الإقليمية
والدولية، أبرزها الحد من خطر نشوب نزاع بين قوتَين إقليميتين، وإقناعهما بالتوصل
إلى تسوية عن طريق التفاوض. فهذا الإنجاز سيمنح اندفاعة هائلة للحكومة السودانية
الوليدة التي ستحقق بهذه الطريقة انتصارًا حيث أخفقت الولايات المتحدة والاتحاد
الإفريقي، وسيُعزّز النفوذ السوداني في القرن الإفريقي.
قد
يحسّن هذا العامل الأخير أيضًا من علاقات السودان مع كلٍّ من مصر وإثيوبيا، إذ إن
التوسّط للتوصل إلى مصالحة بين الدولتَين الأهم في محيطه القريب ينمّ منطقيًا عن حسن
نيّة السودان. وقد يحمل ذلك بوادر إيجابية للمساعي المتعثِّرة منذ وقت طويل من أجل
تسوية الخلافات الحدودية بين السودان وكلٍّ من مصر وإثيوبيا، ويزيد فرص التوصل إلى
حل يتلاءم مع المصالح السودانية.
أما
خلاف الخرطوم مع أديس أبابا بشأن منطقة الفشقة فهو أكثر خطورة، ولا سيما على ضوء
موجة العنف التي شهدتها مؤخرًا هذه المنطقة الحدودية الخصبة. تعترف إثيوبيا بأن
الفشقة تقع ضمن نطاق الأراضي السودانية، ولكنها تطالب بالاعتراف بحقوق سكانها
الذين ينتمي معظمهم إلى مجموعة الأمهرة العرقية التي تتداخل هويتها الوطنية مع الهوية
الوطنية الإثيوبية.
وعلى الرغم من خطورة هذا الخلاف، قد يكون من
السهل التوصل إلى حلٍّ له، وذلك نظرًا إلى اختلافه عن الحالة التقليدية لبلدَين
يتنازعان السيادة على الأرض نفسها. لن تتخلى إثيوبيا عن جماعة الأمهرة في
الفشقة،
ولا
سيما بعد قيام القوات العسكرية السودانية بطردهم مؤخرًا من المنطقة. لكن الحكومة
الإثيوبية قد توافق على الحد من تدخّلها في شؤونهم في حال قام السودان بالتوسط
للتوصل إلى تسوية بين مصر وإثيوبيا تضمن بصورة نهائية القبول بسدّ النهضة وفقًا
لشروط متّفَق عليها بين الطرفَين. أن مصر ترفض أي إجراءات أحادية تتخذها إثيوبيا
ولن تقبل بالتوصل لتفاهمات أو صيغ توفر غطاءً سياسياً وفنياً للمساعي الإثيوبية
لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب.
إذا
واصلت واشنطن وساطتها ومنحت القضية الاهتمام المناسب، فبإمكانها المساعدة في تجنب
الأعمال العدائية في بقعة حيوية من أفريقيا مع الحفاظ على التدفق السلس للتجارة
الدولية. ومع ذلك، إذا أساءت التعامل مع هذا الأمر أو تركت الأطراف لتحل مشكلتها
بمفردها من جديد، فثمة أطراف ثالثة بديلة تنتظر في الظل لتحقيق أجندة تتعارض مع
الأجندة الأميركية. وفي تشرين الأول (أكتوبر)، تحدث رئيس الوزراء آبي والرئيس
السيسي في سوتشي على هامش “القمة الافتتاحية روسيا – أفريقيا” التي سلطت الضوء على
الدور المتنامي الذي ترغب موسكو في لعبه في أفريقيا. ولن يؤدي أي نزاع مسلح كبير
في القارة إلّا إلى تسهيل هذا الهدف.
ولا
يمكن استبعاد احتمال قيام مثل هذه الأعمال العدائية إذا تعثرت الوساطة الأميركية. وقد
يكون القيام بعمل عسكري خياراً صعباً بالنسبة للقاهرة، والذي سيتكون له عواقب
وخيمة على البلد بأسره، لكن الحكومة لا يمكنها ببساطة التغلب على أزمة مياه واسعة
النطاق. فمصر هي لا شيء من دون النيل -والنقص الحاد الذي ينطوي عليه أي ملء سريع
لخزان “النهضة” سيؤدي إلى اضطراب اجتماعي واقتصادي شديد لملايين المواطنين
المصريين وللأعمال التجارية.
من
المؤكد أن أي مسؤول مصري حالي لم يَذكر إمكانية استخدام القوة، كما أكد السيسي
مراراً وتكراراً على أنه يدعم حق إثيوبيا في التنمية من دون إلحاق ضرر جسيم
بإمدادات المياه إلى مصر. ومع ذلك، تشير نبرة وسائل الإعلام المصرية -التي تعكس
عادة مواقف الحكومة بشأن القضايا الأخرى- إلى تزايد المطالبات بالتحرك. يجب على
أثيوبيا والأطراف الثالثة الوسيطة أن يضعوا في اعتبارهم أن القادة المصريين السابقين
وقادة الجيش أعلنوا طوعا استعدادهم للحرب من أجل حماية حصة بلادهم من المياه. وبينما
تأمل الحكومة الحالية في تجنب الحرب -وربما تفتقر إلى القدرة العسكرية على خوض
الحرب، فإن الأهمية الماسة لقضايا المياه يمكن أن تدفع الناس إلى الشوارع على
الرغم من ضيق قنوات الاحتجاج المتاحة لهم.
*كاتب المقال
دكتور
القانون العام
عضو
المجلس الأعلى لحقوق الانسان
مدير
مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية
مستشار
وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي
للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا
مستشار
الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر
والصوفية
مستشار
تحكيم دولي محكم دولي معتمد خبير في جرائم امن المعلومات
نائب
رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي
لحقوق الانسان والتنمية
نائب
رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا
عضو
استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة
عضو
منظمة التجارة الأوروبية
عضو
لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان
محاضر
دولي في حقوق الانسان
0 comments:
إرسال تعليق