• اخر الاخبار

    السبت، 18 يونيو 2022

    قراءة سيميائية عتباتية في رواية ( نهر الرمان تجربة موت) لـ شوقي كريم حسن ..بقلم: أ.د مصطفى لطيف عارف ..ناقد وقاص عراقي

     


    يعد العنوان الركيزة الأساسية لمعرفة النص والدلالة عليه , ومثلما نسمي الأشخاص فان العنوان يعني الاسم للكتاب ,فالعنوان للكتاب كالاسم للشيء , به يعرف وبفضله يتداول , يشار به إليه ويدل به  عليه ,وبما يحمله من قصدية فاعلة لكشف الباطن بفعل أرادة ملزمة للبداية وإحراج المعنى ,لذا فان العنوان يكون صلة قائمة بين مقاصد المرسل وتجلياتها الدلالية في العمل ,إن علاقة العمل بالعنوان علاقة فاعلية تتكئ على منطق الضبط , تلك العلاقة أنما نكتشفها من الترابط بين المرسل بمراسلته ( العمل + العنوان ) فهو فاعل هذا , وفاعل ذاك ,ونحن نعد العنوان خطابا سيميائيا فكريا , يحمل مقاصد شتى , لان الاتجاه المرسوم للفاعلية المستحضرة يعتمد على قصدية المرسل , فالعنوان خطاب يعرف من خلال العمل الذي يتوجه به إلى المتلقي ,ذلك ممكن من خلال سياق الفعل الإبداعي , وقد تضيع على المتلقي آليات التعامل مع العمل إذا ما توهم فضاءات أخرى من العلامات لا يمكن أن تكون فاعلة,بل أن هناك ترابطا وتزامنا جدليين بين العنوان والنص في علاقة المحايثة , والعنوان مفتاح الشفرة والخطاب , وعنوان الرواية (نهر الرمان / تجربة موت ) يشتمل على علامات سيميائية متعددة تفضي إلى دلالات خارجية تكشف عنها بنيتها السطحية التي تحيل على البنيات العميقة التي تتمثل بالعالم الدلالي الذي يحيل عليه المبدع( شوقي كريم ), ويكشف النص عن فضائيين دلاليين مهمين أولهما يحيل على الفضاء الزماني , (نهر الرمان ) , والآخر يحيل على الفضاء المكاني ,(تجربة موت )  , وبين الفضاء الأول , والثاني يعلو  اسم الروائي شوقي كريم , ليربط بين العالمين ربطا مبهما , ومن هنا يبدأ الفضول يتسلل إلى المتلقي  الذي تركه  قد فعل فعله في المتلقي , إذ أحاله على كل جنس فضاء زماني متسع الآفاق , يحيل على أيام الدمار  والموت والانفجاريات والقتل الجماعي والاغتيالات  إن رواية ( نهر الرمان / تجربة موت) عنوان يقع ضمن ما يعرف بالسهل الممتنع إذا ما قراناه قراءة سطحية عابرة تكتفي بالنظر إليه نظرة جانبية , على أن النظرة المحايثة العميقة ربما تكشف لنا عما دفنه فيه مبدعه شوقي كريم من أشارات, وعلامات دالة 0 إما اللوحة - بنوعيها لوحة الغلاف , واللوحة الداخلية- هي الإيقونة الأبرز في أولى العتبات , فهي علامة دالة تستقبل ضمن انساق تتفاعل فيها اللغة , واللون , والحركة  والقصد العام لهذه العلامة , أي اللوحة ,وتمثل هذه العتبة الإيقونة الأولى, والأكثر وضوحا في شريط العلامات السيميائية التي يتشكل من مجموعها , أي مجموع إيقونات هذا الشريط , معرض النص , فاللوحة تمثيل للمكتوب ونقل له إلى صورة / لوحة , وهذه الصورة / اللوحة هي اجتهاد مستمر لاختزال مقول النص الذي تتبناه هذه اللوحة سواء أكانت لوحة غلاف لعمل كامل , أم لوحة داخلية لنص محدد , فاللوحة الداخلية تمثل فعلا مساعد يستمد مقاصده من الفعل الرئيس - لوحة الغلاف - ويجتهد من اجل فتح مديات أوسع أمام المحفل النصي ,وفي ضوء هذا الوصف نجد أننا أمام تقسيم بائن لهذه العتبة , يتوزع على نوعين ثابتين وقارَين للوحة في العمل الروائي هما : لوحة الغلاف , واللوحة الداخلية , وهذا التقسيم يبين أن لهذه العتبة سلطة استقصائية  للمعنى الأدبي منطلقة وراءه بدء من الغلاف , الذي تتمركز فيه لوحة الغلاف , مرورا بحيثيات المتن الأدبي الذي تقدمه – داخليا – اللوحة الداخلية , وصولا إلى المعنى الدال والمراد منها – أي من اللوحة- تمثيله ونقله مبصورا إلى المتلقي , وعتبة لوحة الغلاف هي الشكل الخارجي الأكبر لهذه العتبة / اللوحة , إذ تبين – داخل متنها – أشكالا صغرى لتكون بذلك شبكة سيميائية تستطيع الإحاطة - تمثيلا- بالمنجز الذي تغلفه ,ففي رواية (نهر الرمان / تجربة موت  ) للروائي شوقي كريم والتي كانت لوحة غلافها من رسمها , تتشكل من ثلاثة ألوان متسلطة وحاكمة على المرئي من هذه اللوحة وهي, الأحمر,والأسود والأبيض : لقد تمكن اللون الأحمر من تغطية ثلث مساحة اللوحة تقريبا , والمعروف أن هذا اللون رمز للقتل والدمار , أي انه دليل الحروب , وفي هذا تجهيز وذخيرة لتنفيذ التنبيه الذي انذر به العنوان , وهنا تكمن حساسية التوصيف اللوني ,فالأحمر أدى دوره كدليل للدمار من جهة , ومن جهة ثانية أعلن ضمنيا بالتجاور مع الألوان الأخرى أن رمزيته ستكون للغضب ا, أن أحوج الأمر لذلك وهنا أعطى شوقي دلالة واضحة على الدمار والدماء التي سالت ,واللون الأحمر  قد توزع على مكانين من اللوحة في الأسفل  مع اللوحة المرسومة من قبل الفنان رائد خليل , وفي الأعلى لكي يشارك في النقل / الأخذ إلى حدود عنوان الرواية  , ففي المكان الأعلى الذي يعلو الشريط الأسود في أرضية اللوحة نرى الأصفر حاضرا بكامل قواه اللونية ليتواصل بذلك مع دلالة الخواء والتوقف عن الحياة التي قدمها هذا الشريط الأسود وبذلك يكون الأصفر علامة للبؤس ,إما الأسود فقد ظهر بدالة واحدة في اللوحة على شكل مربع وفي ذلك دلالة بارزة على التعاضد الدلالي الذي قدمته اللوحة و الممثل لعنوان اللوحة , ليشير بتماهيه هذا أن له معنى أخر وهذا ما نلحظه في وصوله للمكان الأعلى الذي جاء على شكل كلمة كبيرة في أعلى الرواية  , وقد خط اسم الروائي شوقي كريم   باللون الأحمر ليؤكد أن هذا الاسم ينتمي إلى الشريط الأسود في أرضية اللوحة , لذا كتب الاسم بالأعلى في حدود اللوحة ضمن الشكل الأحمر ليكون تعبيرا تشكيليا لما أراده العنوان , أي انه اخذ هذا الاسم إلى حدود انهار الدماء التي سالت في العراق الجريح0 والتحديد الأوسع لعتبة الإهداء أنها تقدير من الكاتب للأخر وهذا التقدير ينطوي على اعتبارات كثيرة منها ما هو واقعي / عاطفي ( للام / للأب/ للولد ) وهذا الإهداء يفيدنا في تكهن ما عليه النص من تمجيد واعتزاز , أو رثاء للأب أو إلام أو الولد أو رثاء لأحدهم وما إلى ذلك , ومنها ما هو توصيفي / فني يستهدف القارئ بشكل أكثر تعقيدا ويقدم له أدوات تساعده في مشغله القرائي في استكشاف النص واستبيان إبعاده , والإهداء المخصوص الذي يعين مهدى إليه ويختص به دون أن ينفتح من خلاله على الآخر , وهذا الإهداء موجود بصنعة ودراية في رواية           ( نهر الرمان / تجربة موت ) للروائي شوقي كريم فنراه يقول :إلى الأستاذ الدكتور مصطفى لطيف عارف  أنها حكاية زمن مع المحبة  , والتصدير أن يصدر الروائي شوقي كريم مقولة لغيره في روايته , والتصدير الغيري  يكون بمثابة عملية توليف , ذلك لأنه قائم  على استيراد مقولة غيرية لــ(اراغوان ) , يصدر بها نتاج ذاتي , أي انه حملة دعائية للمصدر , ولابد لهذه الحملة , لكي تحقق انتشارها ووصولها من أن تراعي سلامة انتقاء المقولة التصديرية للنص المراد , والمراعاة تتم في فحص الرابط بين مقولة التصدير ,والمتن الذي تتقدمه , لتبيان فاعلية هذا التصدير وقيمته الجمالية في رسم المسار البياني للكتابة التي يتبناها هذا التصدير , وشوقي كريم يكثف من استخدام هذا التصدير في روايته ( نهر الرمان / تجربة موت ) جاء التصدير الغيري في بداية الرواية لكي يتمكن بموقعه هذا من التعريف بالنص الروائي في الرواية كلها من جهة , ومن ضبط حركة هذا الأداء ورسمها في ضوء محتوى هذا التصدير من جهة أخرى فنراه يقول : قالت لي الأرض بلهجتها لهجة الأرض بشفيها شفي الأرض إلى شفي العاشقين ماذا إلا تعرفني يا رجل ؟ أنا ذات الأرض التي لعبت فيها طفلا ذات الأرض الثقيلة التي خبأتك إثناء الحروب وتنظرك سميكة بين ذراعيها لتحضن رمادك الأخير الأرض ليست نادرة أو ثمينة !!

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: قراءة سيميائية عتباتية في رواية ( نهر الرمان تجربة موت) لـ شوقي كريم حسن ..بقلم: أ.د مصطفى لطيف عارف ..ناقد وقاص عراقي Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top