*رأيته يترنح ذات نهار ثمانيني وهو يتأبط هموم المسرح وغرابة احلامه،لكنه يحدق بريبة في ذاك المشهد الشعري المزدحم بالأسماء والقصائد والصراع
الخفي بين جيل
الهيمنة السياسية،
وجيل يريد قلب
الحقائق واخذ الشعرية الى اتجاهات غير اتجاهاتها المألوفة والراسخة،لم يعد ميزان الشعر
الخمسيني والستيني يتحمل خطابات اعتبرت السياب ماضياً،ونظرت الى الايدلوجية بكراهية
وعدم احترام،
داخل هذه اللوحة
القاتمة،كان للشعر السبعيني مكوثاً مؤثراً يحبو لاتو،وثمة الكثير من الخوارج التي تريد
الابتعاد
عن قوافل الجمع،أمنت
بأن الشعرلعبة
جمال،مهمته الاساس
تنمية الشعور وابعاده عن كل مسميات الفوضى،الكرة
السبعينية كانت
صلدة ومتحدية،حمل
لواء تحدياتها
مجموعة اثارت لغطاً لكنها صمدت لتستلم ريادة التجديد
السبعيني الذي
ابهر الراغبين بالاشتغالات الشعرية،اكن اتون الحرب
بدأ باطلاق حممه،الرغبة
بان تكون شعراً
انتهت عند صناديق
العتاد،والدوي،
وصرخات الموت المتتاليه،هنا
نبق جيل حاول البعض تسميته بجيل الحرب،لكنه لم يستسغ المسمى،
فاطلق على نفسه
جيل الثمانينيات، تغيرت ذائقة التلقي،واشتد الصراع بين
العمود وقصيدة
النثر،كان الشباب حطباً،لكنه حطب عنيد،اصر على ان يعاود نشأته ايكون شجرة وارفة الظلال،
تناثرت الرغبات،وراح
من راح بعيداً،لكن
عبد الحميد الصائح،الاتي
من الناصرية،
اصر على الامساك
بهيبة قصيدة النثر،
دون مماحكات غير
مجدية،يشتغل بصمت،ويتأمل المشهد الشعري بدراية
نمت لدية فكرة
الدربة والمران،وسط الحرب قدم الصائح لائحة قبوله
(المكوث هناك) ليتقدم الصف برفقة
شعراء اخر،مالذي
يميز شعر عبد الحميد الصائح، ضمن منجزه الشعري
الذي قدم سبع دواوين،عرفت
به ورسخته كشاعر عراقي يتوافر على مقومات مهمة،الفهم لغايات الشعر،
دمج ماهو يومي
معاش مع البنائيات اللغوية المحكمة،والثالث،ابعاد المؤثر،
برغم ان جيل الثمانينيات
اكثر الاجيال
الشعرية تاثراً
باودونيس ،يوسف الخال وخليل حاوي ، وفيما بعد اصبح سليم بركات المرجع الشعري الاهم،
هذا غير
الشعر الاتي من
الاخر،وفي مقدمتهم جون بيرس، ويتمان، كافافي،، ظلت الحرب هاجساً،لتحيط بها مرحلة الحصار
وكوارثة،اعلنت حرب القصيدة
السرية،والديوان
المستنسخ،والافكار التي تتأرجح بين الصمت والهجره،فختار الصائح منفاه، عله يجد الخلاص،.
—-٢—
مالذي تغير في
نصوص الصائح بعد منفاه وعذابات غربته؟!!
اتفحص مختاراته الشعرية(دع كل شيء) الصادرة عن مطبوعات
الاتحاد العام للادباء والكتاب،مختارات من سبع مجاميع هي خلاصة تجربة الصائح الشعرية،
كانت له تجربة اولى من المختارات الشعرية،اصدرها في مصر عام ٢٠١٢، ومختارات بغداد،ادق
اختياراً والتزاماً بالتطور الذي لحق بالشاعر منذ
بداياته الاولى،،لانه
اعتاد الحزن، يقدم الشاعر مفتاحاً لمختاراته،يتحدث عن الشهداء، مدوناً ماحدث في ساحة
التحرير عبر مشهد درامي تتحرك داخله الاشياء والامكنة، والاحلام،الشاعر بهذا المدخل اراد اعلان انحيازه،
وانتماء شعره الى محنة الوطن ولوعة المواطن،
من محنة ساحة التحرير
والسؤال الحائر، يعلن في اسبايكر ان ثمة خطأ ما، خطأ يريد النص من خلاله إعادة الوجود
مرة اخرى،مع توضيحات صورية جامحة تأخذ بالنص
الى افواج من الاسئلة التي وقفت حائرة عند ماحدث ،ًوحتى يظل الشعر متوهجاً ينزاح الشاعر
باتجاه الحب،موضحاً ان الحب ميزان بكفة واحده،ولهذا يتوجب
على صاحبة الشأن
ان لاتنتظر عند سن الجبل،، اليوم بالنسبة للشاعر الصائح يتوافر على اشكاليات فلسفية
مدعومة بالتفاسير الشعرية،القادرة على الصمود امام هذه السيول المعلنة عن شعريتها لا
شعاريتها،، والتوكيد على انها يمكن ان تصبح ارثاًشعرياً يرتبط وموروث الشعر العراقي والعربي،امام دهشةالتفحصات
القراءية ،توقفت عند سؤال رحت ابحث عنه بين ثنايا،نصوص عبد الحميد الصائح،يقول..هل
يصلح المنتج
الحياتي اليومي،بأن
يكون قصيدة نثر فاعله،اذا ما اكدنا ان الايام فعل خليط
من الاشياء والمكونات
غير المتجانسة.
وشديدة الحساسية
والنفور فيما بينها؟
كيف يمكن للشاعر
فرزنة الاضطراب
والاخذ بما يتفق
ورؤياه ومساعيه الجمالية،يقول الانكستر هيوز..الشعر مبحث جمالي لايجب ان يبقى على سطوح المكونات،عليه
ان يغوص مثل الباحث عن الؤلؤ في اعماق البحار ليقدم ماهو مغاير ومدهش وفاعل. والفاعل هنا هو ما تقدمه منثورات عبدالحميد الصائح
الشعرية ،في واحدة من نصوصه التي كتبت عام١٩٩١
وتحمل مدخلاً مهماواسع التكوين،
ولايمكن الاحاطة
به(البلاد) اختصر الشاعر محنة الاتساع بنثرية درامية
تقترب من القص كثيراً وهذه واحدة من ابرز ملامح الشعر
الثمانيني وما تلاه
(ذات ليلة
عادت البلاد مخمورة
فأغلقت الباب
وخرجت الى غرفتي
أعمى في الحلم
انفخ في بلبل البيت
الوحيد
حتى انفجر) يعمد
الصائح لانه محترف جمالي،الى افعال التدوير والانحراف باتجاه الخواتم الموبيسانية المغايرة،
لهذا تقترب من
المسرودات القصصية القصيرة جداً، وتتفقوق عليها من خلال دمج لحظتين مكانيتين او زمانيتين
داخل اطار مشهدي واحد،في منثوراته
الشعرية الطوال،يلحظ
المتلقي وفرة
الصور الشعرية
التصاعدية والمتحركة
داخل اطر مفتوحة
على بعضها مع مساعي درامية تتوافر على ثيم صغيرة
تنشأ الثيمة الاساس،وهذا
الفعل يرتكن
الى ان الصائح
امتهن المسرح ودرسه
وعرف القيمة الدرامية
داخل كل الافعال الكتابية التي يراد لها البقاء،تمرد
الصائح ولم ار
فيه ذاك الفتى المغرم بكل ما هو ات من الاخر،عاد بكل قواه
المعرفية،وتجاربه
الحادة في غربته الطويلة التي ظل معها يتمسك بعراقيته
فعاد الى الواجهة
الجمالية التي تحرص على ان تبقي كل ماهو عراقي من احزان
وحروب وانكسارات
وامل داخل النص
النثري بهويته
الوطنية الفاعلة،
0 comments:
إرسال تعليق