اعداد: ساهرة رشيد
قال
الأديب جاسم محمد صالح الباحث المعرفي في
أدب وثقافة الأطفال خلال ندوة التي ألقاها لقد
شكلت
الاساطير العراقية بدايات لنمو الوعي المعرفي في وادي الرافدين , حيث كانت مدن
الحضارة في اور ونفر واوروك الحاضنات الاولى لهذا التالق المعرفي الذي امتاز به
سكان وادي الرافدين , فبجهودهم الجبارة تمكنوا من ترسيخ وبناء الجدار المعرفي
لبدايات الحضارة البشرية , فبعد ان تمكنوا من ابتكار البرونز والنحاس ابتكروا
العجلة ورصدوا الكواكب والافلاك وسنوا القوانين وابتكروا الكتابة وتدوينها على
الرقم الطينية وكتابتها بالاسفين وهو قلم مدبب الراس توجهوا الى معالجة الجمال
الفكري وتدوين واقع الملوك والمتنفذين في المدن ولا سيما سدنة المعابد وتوثيق
الطقوس والتلاوات الدينية واناشيد المعبد .
معرجا
على الكتب التى
تعارفت على تسميته بجلجامش او كلكامش وكان حاكما
لمدينة اوروك وامتاز بالسلطة والجبروت والغطرسة وكان في كثير من افعاله يتحدى سلطة
الهة المدينة حيث كان انذاك لكل مدينة الهة متخصصة يبعدونها ولا يعبدون غيرها
وكانت لكل ظاهرة اله وللامطار اله والتي كانت تردد الرزق والحب والكره والبغضاء
وللموت اله وللحياة اله , في المعابد اثناء المناسبات الدينية والطبيعية والمناسبات
السياسية التي تبدا من ولادة الملك او انتصاره على اعدائه من ملوك المدن الاخرى او تنصيب الكاهن الاعظم او
الاكبر وكان على الاعم الاغلب من النساء وكان لكاهنة المدينة سلطة سلطة روحية
كبيرة في كثير من الاحيان تفوق سلطة الملك , واصفا هؤلاء المتنفذون الذين احتاجوا لان تدون اعمالهم وسيرهم في فكرة اولى
وهي فكرة البحث عن الخلود , هذه الفكرة اي فكرة الخلود اول من طرحها على الساحة
الفكرية والثقافية هو ملك اوروك جلجامش
...الخ
ومن
الظاهرفقر الالهة ان يتحدوا جلجامش الذي تجاوزهم فارسلوا اليه ابن الغابة انكيدو
الذي بقوته كان يصارع اقوى الحيوات وينتصر عليها , تعجب جلجامش من انكيدوا حين وقف بوجهه وصارعه
بقوة وبقيا يتصارعان فترة طويلة جدا حتى عجز الطرفان عن غلبة الطرف الاخر, اعجب
جحلجامش بقوة انكيدو واعجب انكيدو بقوة جلجامش واصبحا صديقين حميمين وفجاة نزل خبر
صادم وصاعق على جلجامش حينم علم بوفاة انكيدو
عليها
ارسلوه ليتحدى جلجامش وعنجهيته والذي كان يؤمن ويعتقد ان لا احد في المدينة يستطيع
ان يقف بوجه او يتحدى قوته , كيف يموت انكيدو القوي الشجاع البطل الفارس الذي لا
يقهر والمصارع المتوحش الممارس, لم يحتمل جلجامش صدمة الموت وامسى يصرخ وينوح في
شوارع اوروك:
-
لا اريد ان اموت مثل لنكيدو لا اريد ان اموت
اريد ان ابقى حيا ملكا على اوروك للابد كان ضعيفا ومنهارا هنا ههمست في
اذنيه راقصة الحانة سيدوري :
- يا جلجامش جدك اوتونايشتم هو من يعرف مكان نبتة
الخلود اذا اكلت منها فانك سوف تحيا ولن تموت...اذهب اليه في جبال الارز في لبنان
ليدلك عليها.
كانت
تريد ان تتخلص منه ومن طغيانه في نصيحتها له وتضرب عصفورين في حجر واحد.
شد
جلجامش الرحال مسرعا نحو جده اوتونابشتم والتقاه وتوسل اليه كثيرا ليدله الى نبتة
الخلود , فاستجاب الجد لتوسلاته وقال له :
-انها
في غابة الارز وفي حراسة الوحش اللعين
خمبابا .
ذهب جلجامش الى الغابة وصارع خمبابا المخيف
وحصل على نبتة الخلود بعد صراعات حادة
ولكنه قبل ان ياكلها ويخلد , قرر ان يستحم في نبع الماء الصافي واثناء استحمامه
تسللت الحية الى النبتة واكلتها لهذا تذكر الروايات انها خالدة لا تموت وتبدل
جلدها حينا بعد حين , اما جلجامش فقد صدم ورجع الى اوروك خائبا فالتقته راقصة
الحانة من جديد سيدوري في عانات ( عنة ) حاليا ولما راته واجما ومنفعلا وغضبا
سالته عن سبب ذلك فاخبرها مضطرا وشرح لها كل ما جرى , فضحكت سيدوري وقالت له :
- يا جلجامش الالهة حينما خلقت البشر استاثرت
لنفسها بالخلود واعطت الفناء للبشر, لا بشر خالد ابدااااااااا.
انتبه جلجامش الى رسالة سيدوري الراقصة وتوجه
مسرعا الى اوروك وهناك بدا بني ويعمر ويسن القوانين ويعمل العمران في كل مكان وبنى
الاسوار العالية وحصنها .
هنا احتاج جلجامش الى من يدون كل اعماله هذه
فامر بتدوين سيرته واعماله العمرانية والثقافية , فكان هناك اول عمل ادبي في
التاريخ سمي فيما بعد بملحمة جلجامش او قصة جلجامش او اسطورة جلجامش ونسي الناس
اسم كاتبها وهو على الاعم الاغلب كاتب عراقي قديم له من الامكانيات التي لا تعد
ولا تحصى حالها حال الاهرامات فيما بعد التي بناها مئات الالوف من العمال المصريين
والنوبيين والاسوانيين على مدى عشرين عاما متواصلا ومات منهم عشرات الالوف في ظروف
البناء القاسية لكن الناس يقولون بناها خوفو وخفرع.
هذه السياحة الدرامية في الفعل والحدث ولدت
لدى الانسان العراقي القديم اول فكرة في مسار التجليات المعرفية وهي الخلود بدايات
تجليات الفكر المعرفي في وادي الرافدين .
0 comments:
إرسال تعليق