عندما نتحدث عن تجديد الخطاب
الدينى..فنحن نريد الإصلاح وتنقية كتب التراث من الروايات المغلوطة ..وحتى لا تنتج
لنا ارهابيين بإسم الدين..وحتى يرانا العالم بعين أننا دعاة سلم..وأن ديننا دين
الأمن والسلام.
منذ أيام كنت فى حوار مع كاتب
كبير فأورد لى بعض القصص فى كتب اعتبرها مرجعية لنا جميعا كمسلمين..ولكننا صدمت
عندما قرأتها..فلا عقل يصدقها ولا تاريخ ينصفها.
وهذه المنطقة.. منطقة الدين لا
أحب الإقتراب منها كثيرا ..لأننى مقتنع تماما أن بعض الحكام على مر التاريخ
يستخدمون رجال الدين لمآربهم الدنيوية..وبعضهم يستجيب وبعضهم يقبض على الجمر.
المهم..أننى بحثت عن تلك الرواية
وهى "قصة زنا القرد والقردة ورجمهما في "البخاري"
وجاءت كالتالى:هذا حديث أورد
البخاري عن الصحابي عن عمرو بن ميمون قال: "رَأَيْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ ، قَدْ زَنَتْ، فَرَجَمُوهَا،
فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ".
والمشكلة أن هذه الحادثة ذكرها
ابن حجر في كتابه "فتح الباري" في
شرح صحيح البخاري عن الصحابي حيث روى أن عمرو بن ميمون ذكر أنه كان في اليمن يرعى
الغنم فرأى قردين زوجين تركته القردة لتذهب مع قرد آخر "فوقع عليها" ثم
عادت للقرد الأول فعرف من رائحتها أنها واقعت قردًا غيره، فصاح واجتمعت القرود
وجاءوا بالقرد الآخر والقردة وحفروا لهما حفرة رجموهما فيها حسب رواية الصحابي..فيقول
ابن حجر: ساق الإسماعيلي هذه القصة من وجه آخر مطولة ، من طريق عيسى بن حطان ، عن
عمرو بن ميمون قال:
كنت في اليمن في غنم لأهلي وأنا
على شرف ، فجاء قرد من قردة فتوسد يدها ، فجاء قرد أصغر منه فغمزها ، فسلت يدها من
تحت رأس القرد الأول سلا رفيقا وتبعته ، فوقع عليها وأنا أنظر ، ثم رجعت فجعلت
تدخل يدها تحت خد الأول برفق ، فاستيقظ فزعا ، فشمها فصاح ، فاجتمعت القرود ، فجعل
يصيح ويومئ إليها بيده ، فذهب القرود يمنة ويسرة ، فجاءوا بذلك القرد أعرفه ،
فحفروا لهما حفرة فرجموهما ، فلقد رأيت الرجم في غير بني آدم.
كلام لا يصدقه عقل ..فالله سبحانه
وتعالى كرم الإنسان لذلك عندما نهانا عن الزنا يقول فى بداية سورة النور{سورة
أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ
تَذَكَّرُونَ . الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا
مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّـهِ إِن
كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا
طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ . الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ
مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ
ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور:1-3]. الآيات (1-3) من سورة النور .
فسورة النور ابتدأها الله بقوله
سورة أنزلناها وفرضنها، فالله سبحانه وتعالى فرض علينا ..نحن البشر..أن نطبق
الأحكام والشرائع الواردة في هذه السورة؛ لأنها ستتناول عدة موضوعات في غاية
الخطورة، وأول قضية تناولتها السورة قضية (الزنا) فتحدث الله عن عقوبة الزاني
والزانية، وأنه يجب علينا أن نطبق هذا الحد، بل ويكون في العلانية ليشهده مجموعة
كبيرة من المؤمنين، ليعرف الناس حكم الله في الزنا فيكون أردع لهم. لما حذرنا الله وشدد العقوبة في هذه
الجريمة؟ لأنها كبيرة من الكبائر التي
تشتهي النفس المريضة فعلها، ولها خطر عظيم على الفرد والمجتمع والأسر، لأنها
الجريمة التي لا تقف عند حد فاعلها، بل تلحق أهله وعائلته، وقد كان العرب قديمًا
وحتى قبل البعثة يعتبرون الزنا أمرًا مشينًا ومهينًا، فحينما كان رسول الله يعلمهم
ويعاهدهم على الحفاظ على الفروج قالت إحداهن: "أو تزنى الحرة"، يعني أنه
أمر مستنكر.
فالقرآن الكريم صالح لكل زمان
ومكان، وليس خاصًا بفترة زمنية بعينها، وما أحوج الأمة الآن إلى هذه الآيات، والله
ما أحوجنا إلى أن نعرف خطورة الزنا وحقارة فاعله، وعقوبة ذلك في الدنيا والآخرة،
خاصة مع انتشاره وسهولة الوصول إليه بين الطلبة والشباب والمتزوجين، بل أعاذنا
الله وإياكم بين المحارم، الأمر خطير ويحتاج إلى وقفة وعودة إلى الله.والآيات
تكريم من الله للبنى آدميين
أعود إلى عمرو بن ميمون..فمن هو..
يصف الذهبي عمرو بن ميمون في سير
أعلام النبلاء بـ "الإمام الحجة" وذكر أنه أدرك الجاهلية ، وأسلم في
أيام الرسول صلى الله عليه وسلم ثم قدم الشام مع معاذ بن جبل ، ثم سكن الكوفة .
والسؤال:لماذا أورد الإمام
البخارى هذه الرواية..فكما نعلم أن صحيح البخاري ليس من كلام الإمام البخاري كما
يتوهم بعض الناس بل هو جمع لما صح له عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن ينتقده جملة
فإنما ينتقد كلام النبي صلى الله عليه وسلم فالبخاري ناقل ثقة قد أجمع كل العارفين
به على ثقته ولم يطعن في صدقه وحفظه أي أحد..ولكن مثل تلك الرواية نريد تفسيرا لها.
فالعالم أصبح قرية صغيرة ..ومن
الممكن أن يجلس أحد أبنائنا على جهاز الحاسوب وبضغطة زر يقرأ قصة ..زنا القرد
والقردة ورجمهما..وهنا من الممكن أن يستخدم عقله ..فيتوه وندخله فى حسبة برما.ولا
ندرى ماذا سيحدث له فيما بعد !!
فى النهاية بقى أن أقول..هناك
أشياء مسكوت عنها وعلينا أن نواجهها من الآن.فالدين أمانة فى اعناقنا..لا نريد
جيلا ملحدا ولا نريد جيلا متطرفا..ولكننا نريد جيلا مسلما اسلاما وسطيا يعلوه
العدل والمحبة.
0 comments:
إرسال تعليق