العربيةُ لغةُ الجمال والظّلال، وهي لغة الإبداعِ والخيالِ، والظّلال والصّور، والأخيلة والإيقاعات والنّغم، حباها الله تعالى بكلّ هذه الإمكانيات البديعة والجميلة، وهي لغةٌ راقية، وهي لغة الشّعر الجميل الرّاقي.
والشّعرُ هو شطر العربية الأكبر والأجمل؛ ففيه الكثير من الإبداعات والخيالات،
وفيه يُفرغ الشّاعر مشاعرَه وأحاسيسه وأفكاره أيضًا في صورةٍ شعريّةٍ جميلةٍ بل بديعة
، يتلقّفها المتلقّي ، ويهيم بها طربًا لجمالها ونغمها وما فيها من إبداعٍ وجمال.
وهذا الشّعر قدْر ما فيه من الجمال قدر ما فيه من الصعوبات التي تكتنفُ عملية
الإبداع والكتابة الشعرية؛ فإذا كان المتلقّي يستقبل القصيدةَ الشّعريّة ، ويستشعر
جمالها ورونقها وما بها من جمالٍ وخيالٍ وشعور، فإن الشاعرَ المبدع يكون أثناء إبداعه
الشّعريّ في قصيدةٍ من القصائد الشّعريّة التي يُحاول نسجها وإبداعها – يكون محاصرًا
بكثيرٍ من الأمور الأساسيّة والضّروريّة للكتابة والإبداع، ممّا لا يمكن أن يشعرَ به
القارئُ أو المتلقّي .
ومن أهم هذه الأمور التي تحاصر الشّعراء والمبدعين ما يلي:
- أولا: الوزنُ الشعريُّ المعتمد للقصيدة الشّعريّة.
- ثانيا:القافيةُ الشّعريّة بحركاتها وحروفها.
- ثالثا:القواعدُ اللغويّة الدقيقة للّغة العربيّة .
- رابعا:أحاسيسُ الشّاعر وروحه الشّعريّة المبدعة .
- خامسا: الصّورُ والخيالات التي يريد الشّاعر إضفاءها على شعره.
- سادسا: القواعدُ الصّرفيّة واللغويّة الخاصّة ببنية الكلمة العربية من تثنيةٍ
وأوزانِ جموع القلة والكثرة وغيرها...
- سابعا: الموضوعُ المحدّد والخاص بالقصيدة الشّعريّة.
كلّ هذا وغيره كثيرٌ يُحاصر الشّاعر أثناء عملية الإبداع والكتابة الشّعريّة.
ومن هنا كان هناك العديد من الكتب التي أُلِّفت قديمًا وحديثًا في الأوزان الشّعريّة
والعروضيّة من لدن الخليل بن أحمد الفراهيدي رائد هذا الفنِّ وفارسه العربي بلا منازع
إلى العصر الحاضر؛ لتيسير هذه العملية الإبداعيّة التي تُولد الأشعار العربيّة والقصائد
الشّعريّة من خلالها.
ومن هنا جاء هذا الكتاب (السّبيلُ إلى بحور الخليل) لمؤلفته الدكتورة أحلام
الحسن (مملكة البحرين) ، وهي كاتبةٌ وشاعرةٌ مبدعةٌ راقية، شاركت معنا في مصرنا الحبيبة
في كثيرٍ من المؤتمرات العلميّة حول اللغة والشّعر والتّراث، كما شاركت في العديد من
المهرجانات الشّعريّة المصاحبة للمؤتمرات العلمية وغيرها .
جاء هذا الكتاب المذكور آنفا ؛ ليحاول أن يصنعَ سبيلًا إلى عروض الشّعر العربي،
وليكون سبيلًا جيدًا يُمكن أن يستعينَ به أؤلئك المهتمون بالشأن الشّعري، ويستفيدون
به وهم يحاولون فهم الأوزان من ناحية ، وكتابة أشعارهم من ناحيةٍ أخرى.
وهو كتابٌ جميلٌ وجيدٌ في هذا المجال العروضيّ والشّعري ، ويُرجَى أن يُقدّمَ
الفائدة المرجوَّة منه في هذا المجال الشّعريّ الدّقيق، وأن ينتفعَ به الطلابُ والمهتمون
بالعروضِ والشّعرِ العربيّ الأصيل والرّصين .
ولقد تميّز هذا الكتاب بميزتين جعلت منه أكثر حداثةً حيث تمّ إضافة تفعيلات
بحرٍ جديدٍ من ابتكار المؤلفة أسمته" بحر الحلم" تمّ تصديقه وتوثيقه بالجهات الرسمية، كما تمّ إضافة
بحر المنسرح المحدث بتفعيلاتٍ جديدةٍ سهلةٍ تختلف عن المنسرح القديم بالتحرر من الوقوف
على ساكنٍ في تفعيلته الثانية، كما تمّ إضافة بحر المقتضب المحدث لاشتراك بحر المنسرح
وبحر المقتضب في تفعيلة مفعولاتُ ولقد تمّ تصديق وتوثيق هذا الابتكار للمؤلفة ولها
حقّ الملكة الفكرية في هذه الاستحداثات العروضية ، كما أن الكتاب يحتوي على عدة محاضراتٍ
في تأهيل الشاعر المبتدئ لمعرفة الأساليب البلاغية والأدبية في كتابة الشعر العمودي
.
**كاتب رئيس قسم اللغة العربية
أستاذ النحو والصرف والعروض
كلية الآداب جامعة قناة السويس
جمهورية مصر االعربية المقدمة
0 comments:
إرسال تعليق