ما زال الجدل مستمرا في مصر حول حديث الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عن عزمه وقف إصدار بطاقات الدعم التمويني للمتزوجين الجدد، وقصر عدد المستفيدين من البطاقات القائمة على فردين اثنين فقط، في بلد يعتمد فيه عشرات الملايين على الدعم الحكومي مع وجود نسب فقر مرتفعة.
وقال الرئيس المصري، الأربعاء 22 من ديسمبر/ كانون الأول: "لا يمكن هدي
(منح) بطاقة تموين تاني لحد بيتجوز، لأنك لو بتتجوز ومستني إن الدولة تديك بطاقة تموين،
أنت مش قادر تتجوز، مش قادر تصرف يعني.. إزاي يعني، لا دا كلام مش مضبوط".
وأضاف الرئيس المصري: "ودي (هذه) برضه ثقافة تشكلت في وجدان الناس، دي
مش موجودة غير في بلدنا إحنا بس، إن أشتري الحاجة بأقل من ثمنها، وأخذ الخدمة بأقل
من ثمنها، وكمان لما أخلف حد يأكل لي عيالي".
وبرر الرئيس المصري عدم تقدم مصر خلال السنوات الماضية بسبب مثل هذا الدعم الذي
تقدمه الدولة للمواطن.
وبطاقة التموين هي بطاقة يحصل من خلالها المواطن المصري على بعض السلع الرئيسية
مثل الأرز والزيت والسكر بأسعار مخفضة.
وتعليقا على حديث السيسي، قال وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، على المصيلحي،
إن الرئيس المصري أراد التنبيه إلى الزيادة السكانية لأن الإمكانيات محدودة.
وأوضح المصيلحي أن حديث الرئيس المصري يخص البطاقات التموينية الجديدة وليست
القديمة.
وشدد الوزير على أن "الرسالة الواضحة المهمة لبناء مصر القوية، أن يتحمل
كل شخص نتيجة قراره، انت تتزوج فهذا قرارك"، لكن عندما تنجب لا تنتظر من الدولة
أن تنفق على أولادك.
"موازنة غير قادرة على تقديم الدعم"
وأعاد حديث الرئيس المصري إلى الواجهة موضوع الدعم الذي تقدمه الدولة المصرية
للمواطن بأشكاله المختلفة.
ويبلغ عدد بطاقات التموين في مصر نحو 23 مليون بطاقة، يستفيد منها قرابة 64
مليون مصري من مجموع عدد سكان مصر البالغ نحو 103 مليون نسمة.
وتبلغ فاتورة دعم السلع الغذائية في مصر 87.2 مليار جنيه مصري (ما يعادل نحو
5.5 مليار دولار) طبقا لموازنة العام المالي الحالي 2022/2021، منها 50 مليار جنيه
لدعم الخبز و37 مليار جنيه لدعم السلع التموينية.
وترتفع فاتورة الدعم الغذائي في الموازنة الحالية بنحو 3 مليارات جنيه مصري
عن فاتورة الدعم في موازنة عام 2021/2020.
وتشير الإحصاءات الرسمية المصرية إلى أن نحو 72 مليون مصري يستفيدون من دعم
الخبز.
ويحق للمواطن المصري الحصول على 5 أرغفة خبز يوميا، بسعر 5 قروش للرغيف الواحد
في حين أن تكلفته الفعلية تصل نحو 65 قرشا.
وطبقا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري، فإن نحو 90 في المئة من أطفال
مصر يستفيدون من الدعم الغذائي.
والحديث عن خفض الدعم ليس بالحديث الجديد، إذا ألمح الرئيس المصري، في أغسطس/آب
2021، إلى إمكانية رفع الدولة جزءا من الدعم المقدم لأسعار الخبز.
وقال الرئيس المصري، في حينها، "ليس معقولا أن تبيع الحكومة 20 رغيف خبز
بثمن سيجارة واحدة".
وتحدث وزارة التموين المصرية عن أن الخيارات أمام وزارة التموين مفتوحة بشأن
سعر رغيف الخبز، ولكن في الوقت المناسب.
ورفعت الحكومة المصرية أسعار الكهرباء المنزلية في يوليو/تموز 2011، وهي الزيادة
الثامنة على التوالي منذ بدأت الحكومة سياسة رفع أسعار الكهرباء المنزلية في العام
المالي 2014 - 2015.
وتهدف الحكومة المصرية إلى رفع الدعم عن الكهرباء بشكل كامل مع موازنة
2025/ 2026.
وتعرضت ميزانية الأسرة المصرية خلال السنوات الماضية للكثير من الأعباء، منها
الزيادات المتتالية في أسعار الوقود، مما أدى إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار المواصلات
وكذلك السلع بشكل عام.
وتعتبر الحكومة المصرية أن فاتورة الدعم تمثل عبئا كبيرا على الموازنة العامة
للدولة التي تعاني بالفعل من عجز كبير منذ سنوات في ظل نمو سكاني.
ويرى مسؤولون حكوميون أن هناك أعدادا غير قليلة تحصل على الدعم وهي غير مستحقة
له.
ووافق البرلمان المصري، في يونيو/ حزيران 2021، على موازنة عامة بقيمة 2.46
تريليون جنيه مصري (ما يعادل 157 مليار دولار).
"رفع الدعم إضرار مباشر بالمواطن"
وأصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في 17 أكتوبر/ تشرين
الأول 2021، بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على الفقر، إحصاء جاء فيه أن معدلات الفقر
في مصر بلغت نسبة 29.7 في المئة خلال عام 2019 - 2020.أي أن نحو ثلث الشعب المصري يعاني
من الفقر الاقتصادي.
وفي حديثه مع بي بي سي عربي، يقول جودة عبد الخالق، وزير التضامن الاجتماعي
السابق وعضو المكتب السياسي لحزب التجمع المعارض، إنه كان يتعين على الدولة المصرية
البحث عن مصادر أخرى لتعويض وإصلاح الخلل في عجز الموازنة دون الضغط على الفقراء ومحدودي
الدخل.
ويضيف عبد الخالق: "هذا خيار سياسي قد يكون أساسه محاولة إرضاء صندوق النقد
الدولي ومنظمات التمويل الأخرى، لكن في رأيي هذا يتعارض بشدة مع الدستور لأنه يجافي
مبدأ العدالة الاجتماعية المنصوص عليه في الدستور".
ويرى الوزير السابق أن: "الدعم ضرورة طالما أن هناك فقرا. لابد من حل مشكلة
الفقر أولا وبعدها يمكن الاستغناء عن الدعم، لكن الإصرار على خفض مخصصات الدعم بهذا
الحجم غير المسبوق سيترتب عليه زيادة معدل الفقر ومعدل سوء التغذية ما سيترك أثره على
طبيعة التركيبة السكانية".
وفي السياق ذاته، يرى منتقدون آخرون، أن القائمين على إدارة الدولة المصرية
لديهم مشكلة في تحديد الأولويات، ويضيف هؤلاء أن الدولة أنفقت الكثير من الأموال على
مشروعات لن يستفيد منها المواطن بشكل مباشر، ولا تتناسب مع ما تردده الحكومة من عدم
قدرتها المالية.
ويُذكِر المنتقدون بالمبالغ التي أنفقتها الحكومة المصرية على بناء وتجديد القصور
التي لن يسكن فيها المواطن العادي، وكذلك المبالغ المالية التي أنفقتها الدولة المصرية
خلال احتفالية إعادة إحياء "طريق الكباش" في الأقصر.
وتأثرت موازنة الدولة المصرية بشكل كبير بانخفاض أعداد السياح منذ بدء جائحة
كورونا.
المصدر: وكالات
0 comments:
إرسال تعليق