استراتيجية اعادة الاعمار هي مجموعة من الإجراءات التي تسعى لمساعدة الدول الخارجة من النزاعات على اعادة الحياة وتلبية احتياجات السكان المتضررين، وتجنب زيادة وتيرة النزاعات والعودة إلى العنف مستقبلا بعد انتهائها، ومعالجة الأسباب التي قد تؤدي الى عودة العنف والعمل على تدعيم السلام.
وتعتمد استراتيجية اعادة الاعمار على أربعة ركائز أساسية هي: الأمن, العدالة
والمصالحة, الرفاه الاجتماعي والاقتصادي , والحوكمة والمشاركة. وكل من هذه الركائز
تحتاج الى جهود متواصلة وعلى جميع المستويات الحكومية والشعبية للعمل على ترسيخها كمعايير
في انظمة العمل في بلد لا يعاني ندرة في القدرات الكافية لتفعيل هذه الركائز في حال
توفرت الارادة العليا والجماعية لذلك.
أن إعادة إعمار المناطق المدمرة والمناطق المهملة في العراق صاحب الثروات الهائلة,
يتطلب كخطوة اولى العمل على تحسين الجانب الاقتصادي كإعادة تأهيل قطاعات الإنتاج من
زراعة وصناعة وخدمات، وإعادة بناء البنى التحتية من شبكات الطرق والجسور والأنفاق وشبكات
المياه والكهرباء وغيرها والتي لحقها دمار واسع خلال العمليات العسكرية والنزاعات المسلحة
خلال العقود الماضية فضلا عن عقود من الاهمال، الى جانب العناية بالإنسان, المتضرر
الأكبر من هذه النزاعات والحروب الكارثية، وترسيخ الأمن الداخلي والاستقرار الاجتماعي
عبر ضمان عدم تكرار احداث العنف، عبر اعادة اعمار المؤسسات التعليمية من مدارس ومعاهد
وجامعات وسواها. والتركيز على تجهيز المستشفيات والمراكز الصحية وإعادة تأهيلها من
جديد.
ان استراتيجية إعادة الاعمار ليست بالمهمة السهلة، فهي قد تواجه عدة تحديات
التي قد تعطلها أو تعرقلها وتحد من فعاليتها، كآليات تمويل استراتيجية إعادة الاعمار,
اذ إن إعادة الاعمار ليست خطة عمل وتصور فقط ، بل هي سياسات وبرامج ومشروعات، وهي بحاجة
إلى أموال طائلة واستثمارات داخلية وخارجية. كما ان ربط التمويل بالقرارات السياسية
قد ينطوي على ربط التمويل بالتجاذبات والعلاقات السياسية. وهذا ينطبق على سياسات الحكومات
المانحة والحكومة الوطنية. هذا فضلا عن معضلة تحديد الجهات المنفذة , المتمثّل في كيفية
توجيه الموارد إلى مقاولي إعادة الإعمار. التي قد تمتدّ من مؤسّسات القطاع العام إلى
منظومة مقاولي الاعمال غير الحكومية وما تشكله هذه المعضلة من شبهات فساد وضياع لأموال
اعادة الاعمار. الى جانب المشكلة الاكبر وهي ضمان عدم تجدد النزاعات والاعمال العسكرية,
ويكمن هذا التحدّي في ضمان ألا يؤدّي التمويل إلى إدامة الصراعات. لذا فأن استراتيجية
اعادة الأعمار يجب أن تكون استراتيجية وقائية، شاملة، تندرج ضمن خطط التطوير العامة
وتهدف إلى تحقيق إعادة اعمار مستدام وتتعامل بمرونة تامة لتتناسب مع كل الظروف والحالات
الطارئة.
*كاتب المقال
كاتب وباحث واكاديمي
مختص في الدراسات الدولية والمستقبلية
جامعة بغداد
0 comments:
إرسال تعليق