الاستدامة تخصص حديث يوصل بين العلوم الاجتماعية والهندسة المعمارية والهندسة المدنية والعلوم البيئية ودمجها بالتكنولوجيا. انها تعني مصادر الطاقة المتجددة، وتقليل انبعاثات الكربون، وحماية البيئة وتوازنها على كوكبنا. وتطوير واكتشاف تقنيات جديدة ومبتكرة لمواجهة هذه الظواهر البيئية مستقبلا. خاصة في دولنا دول العالم الثالث التي تعاني من عدم استجابة المباني فيها لمتطلبات الحفاظ على البيئة ومشاكل نقص المياه والغطاء النباتي الاخضر والاحتباس الحراري.
ان الاستدامة تساعد المبنى المستدام, بالأخذ
بالعناصر البيئية في كل مراحل البناء. وتعمل على تحسين حياة البشر في سكناهم
وتساعد على تحسين الانتاج والتقليل من استهلاك والموارد. وتحقق التوازن بين المحيط
الحيوي وشاغلي المبنى.
وتتمثل اهمية موضوعة الاستدامة في العمارة
في قدرتها على تغير الواقع, حيث يستخدم قطاع الاسكان (40%) من اجمالي موارد كوكب
الارض وينتج اكثر من ثلث الغازات المتسببة في الاحتباس الحراري على مستوى العالم ,
لذلك اصبحت العمارة المستدامة ضرورة قصوى للحفاظ على موارد كوكبنا مع تقليل
الاضرار البيئية قدر الامكان. اذ من الممكن تغيير حياة الكثير من البشر في حال
اعتمدت معايير الاستدامة في التخطيط العمراني للمدن الحديثة وفي اعادة اعمار المدن
المدمرة, فهناك مليار انسان حول العالم يعيش في مناطق عشوائية (غير مخططة) وهناك
ايضا الملايين يعيشون في مباني ليست صديقة للبيئة بالإضافة لتحدي التحضر السريع
والنمو الاقتصادي للمجتمعات المحلية, فالاتجاه نحو الاستدامة امر حتمي والابتكار
في مجال العمارة والعمران ضرورة ملحة وليست رفاهية.
ومع أنه من غير الواضح بعد كيف سيكون عليه
مستقبل الاستدامة، فالعالم اليوم يشهد تطورا غير مسبوق في التكنولوجيا، يرافقه
الزيادة الكبيرة في الاحتياجات للطاقة، مما يفرض مزيدا من الضغوط ويجهد موارد
كوكبنا. وما زلنا بحاجة إلى معرفة المزيد من طرق الحفاظ على البيئة، بسبب الكوارث
التي يتسبب بها البشر وتأثيرات ذلك على نظام البيئي. ومن الضروري أن نعمل على
تطوير تقنيات جديدة نظيفة للتكيف مع احتياجاتنا من الطاقة, والاستدامة قد تكون هي
الحل الامثل للحفاظ على الارض والجنس البشري.
ان الاستدامة ستساعد المبنى المستدام,
بالأخذ بالعناصر البيئية في كل مراحل البناء، ابتداء بالتصميم ومرورا بالتنفيذ
وانتهاء بالتشغيل والصيانة. الى جانب الاعتبارات التي تراعى في المبنى المستدام,
كتصميم الفراغات واستراتيجية رفع كفاءة الطاقة والحد من هدر المياه، والوصول
للاستخدام الامثل للموارد, مع الحفاظ على جودة البيئة في داخل وخارج المبنى.
والاستدامة تهدف الى تحسين حياة قاطن
المسكن وتزيد من انتاجية العاملين وتقليل استهلاك الطاقة والمواد والموارد
بالإضافة إلى تقليل تأثيرات الإنشاء على البيئة وتعظيم الانسجام مع الطبيعة. هذه
المباني ممكن ان توفر ما نسبته (30%) من الطاقة و(35%) من انبعاث الكربون و(50%)
من نسبة استهلاك المياه.
ويمكن للمباني الخضراء المستدامة ان تحقق
التوازن بين المحيط الحيوي وساكني المبنى. حيث يتم تصميم وتنفيذ المبنى ضمن المناخ
المحلي الذي يقام فيه المبنى. ويكون استهلاك الموارد خاصة الطاقة والمياه في هذه
المباني أقل بكثير من مثيلاتها من المباني التقليدية. فهي تشمل في العادة جودة
هواء أفضل، اضاءة طبيعية وفيرة، توافر اطلالات، ومكافحة الضوضاء والتي تفيد شاغلي
المبنى، مما يجعل هذه المباني مكان أفضل للعمل أو المعيشة. وتكاليف البناء منخفضة
وتكاليف التشغيل منخفضة والراحة متوفرة والبيئة الداخلية الأفضل صحيا، بالإضافة
لتكاليف صيانة أقل وعمر افتراضي أطول، كل هذا يعد من خصائص المبنى الأخضر
المستدام.
*كاتبة
المقال
ماجستير
هندسة عمارة
الجامعة
التقنية الوسطى
0 comments:
إرسال تعليق