إعادة نفس الأغنية دون انقطاع ، يقلل
من قيمتها مهما امتازت بروعة اللحن وخفّة الإيقاع ، وبالتالي يُعرّض ما تتضمّنه من رسائل بعد مدة قصيرة إلى
ضياع ، في السياسة الدولية ليس هناك نجاح كامل وفشل متواصل كمفهوم المَنع المُخالف
للامتناع ، أو القناعة تتأخر أو تُسبق الإقناع ، أو أي وجه مسموح له طول الوقت
بالتَسَتّرِ خلف قناع ، بل أصوات لا تتوقف في المحافل عن الكلام الموزون خلال فترة
معينة ملزمة الآخرين بالاستماع ، بالدهاء
السياسي المُحدِّد للخطوة التالية بعد التي قطعها مَنْ قطعها بشكل مغاير لموضوع ذاته المتحرّك بين السطح
والقاع ، بدلائل موصوفة يتمعن فيها الجائع للحق فيشبع ، وحقائق مُوَظّفة في حينها
بما يرافق من اختيار المكان الأشمل والأوسع ، فالدول إمكانات على الأرض وليس
تقارير إخبارية في أسواق ما تُبَاع . القريب عن المملكة المغربية الشريفة بعيد عن
المملكة الإسبانية المُوَقّرة ، ليس هذا مغلّف بالانحياز لطرف و للآخر كتمان خداع
، إذ العقلاء حين استعراضهم لكنه القضية بما يجب من معرفة حاضر للمساهمة في
انجازها التاريخ الإنساني المواكب لبدايات يكون الأصل فيها واقع ، وأيضا الجغرافية
القاضية وحدها بقرب "سبتة" و"مليلية" لسيادة المملكة المغربية
لتلك المدينتين الواقعتين شمالها وشمال قارة افريقيا ، لا علاقة لهما بالمملكة
الاسبانية ولا بجنوب أوربا ، لذا تبقى أبعد ما تكون وواجب عليها أحبت أم أبت أن
تدرك أن دوام الحال من المُحال ، خاصة وأن السياسة الدولية تظلّ صامتة مادام
الهدوء بين المتخاصمين قائم ، فإذا تعالت الأصوات من هذا الطرف أو آخر هناك حلول
آخرها الكي بالنار ، والمملكة الإسبانية لن تقدرَ على جرّ الاتحاد الأوربي ليواكب
مواقفها أو يحارب بجانبها ، لأنه اتحاد لا يطبّق شعار "انصر أخاكَ ظالماً أو
مظلوماً"، يقارن الخسائر المترتبة عن موقف يتخذه مجانبا الصواب ، قد تجد
المملكة الاسبانية من يؤيد سياسييها المتحكّمين خلال هذه الفترة في مصيرها ، لكنه
تأييد يبقى غير مطلق ، إذ السياسة الدولية لتواكب البعض من نظرياتها تتصرّف بليونة
حفاظاً على ميزان المصالح ، وفي هذا الشأن بالذات نجد أن المملكة الاسبانية عاشت
مستقبلها في الماضي ، أما المملكة المغربية تعيش مستقبلها في الحاضر ، هناك بينهما
فجوة زمنية لن تستطيع الحكومة الايبيرية مهما حاولت اللحاق ولو بنصف الطريق المجسد
بينها والحكومة المغربية ، بما ضيّعته من فرص بدءا ممّا تعرّض له الملك محمد
السادس وهو يزاول رياضه التزحلق المائي بالقرب من "سبتة" لتتعرض له
دورية أمنية اسبانية توقفه وهي تعلم مقامه ، ولولا حكمة الملك لنشبت ساعتها حرب ،
مهما كانت نتائجها ستكون لصالح المملكة المغربية قطعاً .
الاحتلال الاسباني مزق المغرب تمزيقا
يستحق عليه المتابعة لتعويض ما ترتب عن تلك الأعمال المتنافية مع القوانين الدولية
السارية على الدول جميعها ، وبدل أن تنسحب من مجموع التراب المغربي بدأت تسلم
منطقة بعد منطقة بكيفية لن يقبل بها سوى الراغب في الانتهاء ودفن الماضي المشين
المؤلم في مقبرة النسيان ، وبدل أن تتفهم مثل الموقف النبيل الذي أراد به الملك
الراحل محمد الخامس أن يكون مبدياً النية الحسنة تجاه جارته الشمالية ، أرادت
التمادي دون حق لحرمان الملك الراحل الحسن الثاني من تحرير الأقاليم الصحراوية ،
لولا ما أبداه من صرامة كادت أن تتعرض من جرائها اسبانيا لما لن تحمد عقباه ، حتى
إذا تحمَّل المسؤولية الملك محمد السادس أرادت أن تطبق عليه (نفس اسبانيا) سياسة
الاحتضان للإبقاء على الأحوال كما هي ، غير عابئة أن يتقدم المغرب أو يتأخر المهم
عندها أن تتمتًَّع في الأقصى بخيرات المغاربة البرية والبحرية ، لكنها اصطدمت
برغبة ملكية فسرتها على مراحل إرادة عملية جعلت من الحلم حقيقة ، فكانت المشاريع
الكبرى عنوان عهد يعيد اسبانيا إلى مجالها الحقيقي دون الاستطاعة على تجاوزه .
0 comments:
إرسال تعليق