التاريخ يقص لنا قصصاً كثيرة عن الأخوة الأعداء، من بدأ الخليقة عندما تغلغل الحقد والغيرة إلى
نفس قابيل على أخيه هابيل ، فسولت له نفسه فقتله، وكيف هام على وجهه نادما خائفا
من سخط الله عليه ، وكذلك غيرة اخوة يوسف أبناء سيدنا يعقوب( عليه السلام )وكيف
كادوا لأخيهم يوسف( عليه السلام ) ورموه في غياهب البئر، واتهموا الذئاب بأكله ، وكيف ندموا وطلبوا
الغفران والعفوا عنهم ، حينما رأوا ما وصل إليه حال أخيهم من مكانة رفيعة وملك
عظيم من فضل الله عليه ، وتتكرر هذه الأحداث في كل عصر وأوان مع اختلاف الأسماء
والمسميات، نعم العداء التأريخي بين الأخوة
الأشقاء والذين يتنكرون لروابط الدم والنسب ويحملون الحقد على أخيهم خصوصا أن كان
من أم أخرى، يصبون عليه جل حقدهم وحسدهم ،
اسلط الضوء على هذه الحالة السلبية ، مع تحفظي على أن هنالك نماذج للأخوة ترفع
الرأس وتثلج القلب في التلاحم بالرغم من اختلاف الأمهات
بل هنالك نماذج للأخوة تضرب فيها الأمثال، بالمودة والرحمة ونكران الذات، سنسلط الضوء عليها في مقال آخر ، نعود لموضوعنا
وهنا نتساءل من هو السبب في هذا العداء ...؟ هل هو معاملة الأب وتفضيله أحد أبناءه
على البقية ...؟ ام كون هذا الأخ قد انعم عليه الله من فضله بان تميز عن بقية إخوته
بأخلاقه ومحبة الناس له لصفاته الحميدة ...؟ ام لنجاح هذا الأخ في الحياة ومكانته
الاجتماعية التي بناها لنفسه فحقدوا عليه ...؟
أم هو النفس البشرية الأمارة بالسوء والتي لا تحب أن ترى أحدا أفضل منها ..؟
أسباب عديدة ربما فاتني أن اذكرها
بالتفصيل لضيق الوقت لذا فحسب قناعتي ان النفس البشرية والحقد والغيرة هي السبب
خصوصا إذا كان الأخ الشقيق يحاول وبكل الطرق والأساليب كسب ودهم ؛ولكن للأسف
الشديد ، هنالك أناس مهما عملت لهم خيرا فأنهم جاحدين، ناكرين للمعروف ، بل وان لديهم أساليب ملتوية
من أجل تسقيط الآخر وتشويه سمعته بين الناس مستغلين صلة الرحم وطيبة الأخ، وحرصه
على عدم قطع صلة الرحم معهم ،يبقى إخوته يزدادوا غلا وحقدا عليه ، ويتفننوا في
إثارة المشاكل وتنغيص حياته فكما يقول المثل (فتنة الإخوان عرس الشيطان ) فالاختلاف
والشقاق بين الإخوة يكون بمثابة تقديم فرصة على طبق من ذهب للمتربصين والأعداء
للدخول بين الإخوة وزيادة الشق والخلاف بينهما
قال قائل:
فإما أن تكون أخي بحق*** فأعرف
منك غثي من سميني***وإلا فاطرحني واتخذني*** عدوا أتقيك وتتقيني
فكيف يتقي الإنسان شر أخيه الذي اعتاد التنمر والحقد والغيرة على أخيه منذ
طفولته، خصوصا حينما وجد أن الله قد منْ
على أخيه من فضله وميزه لصفاء ونقاء سريرته، فأزداد غلا وحقدا بل تفنن في ممارسة
أساليب ملتويه للنيل من اخيهم ، فالأخ يعرف من اين تؤكل الكتف كما يقول العرب
وكذلك يعرف كل صغيرة وكبيرة ونقاط الضعف لدى اخيه لذا ترى أن إصابته تأتي في مقتل
وسهامه لا تخطي الهدف، فيحاول تحويل حياته
إلى كتلة مشاكل ويحرمه راحة البال فإذا مد يده إليه من أجل الصلح والمساعدة تجده
يحاول إحراقها وينكر كل عمل خير يقدمه له أخيه والبعض الآخر يهدد اخيه بنقاط ضعفه
لكونه يعلم عجزه عن مواجهته، والبعض الآخر
من الوقاحة ما يكون طامع بكل ما يملك أخيه (والذي كسبه بجهده وتعبه ) بالرغم من
عدم تقصيره معهم ووقوفه معهم بالشدائد والمحن العصيبة إلا أنهم ناكرين
للجميل، فيطمعوا في سلب كل مالدى أخيهم، حتى أنهم يحاولوا الحاق الأذى بمصدر رزق الأخ .
هكذا نفوس مريضة لا ينفع معها التجاهل كونها ستزداد عدوانية وتنمر لشعورها
بان الآخر ضعيف وغير قادر على الرد ، وأن رد سيظهروا أمام الناس بثوب المساكين ،
لقلب المائدة عليه، وتشويه صورته امام الناس ، الحل الوحيد بنظري هو معاملتهم
بالمثل وإشهاد الناس الخيرين على افعالهم الرذيلة بحق الاخ ، وعدم اشعارهم بالخوف
من أن يستخدموا مايعرفوه من أسرار ضده بل يقف بوجههم ويواجههم ويوقفهم عند حدهم
ويخيرهم بين ان يكونوا إخوة صالحين أو لا داعي لهكذا إخوة من الأساس وليدعوا لهم
بالصلاح والهداية، فكل مرض له علاج إلا مرض الحقد والكراهية مهما حاولت علاجه
بالحب ازداد صاحبه غلا وحقد إلا ما ارحم ربي ..
وليعلم كل إنسان ان الله يعلم سرائر الأمور وماتخفي النفوس ، وحسبك قول الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم
(فسيكفيكهم الله وهو السميع
العليم ) صدق الله العظيم
0 comments:
إرسال تعليق