عندما يجتمع "التواضع مع الغنى"؛فأبشر أنك من الصديقيين ،وعندما
ينضم إليهم "الفضل" ؛فحتماً انك من "الأولياء" ؛ وكل تلك
الصفات تجدها فى الحاج مختار عبد العال "المتواضع والغنى وذو الفضل"..عاصرت
جزءاً من حياته عندما كان مصنعه بجوار الجمعية الزراعية عند الجامع الكبير قبيل أن
ينتقل إلى مدينة المنصورة ،والجزء الآخر من حياته سمعته من أجدادنا وآبائنا،وهذا
الجزء كان كله تعب ومشقة ولم ينس فروض الله لا فى هذا ولا تلك ،ولذلك أسبغ الله
عليه بنعمه الظاهرة والباطنة وامتلك قلوب اهالى قريتنا والقرى المجاورة ،بل ومصر
كلها .
ويكفيه فخراً أنه كل شهر يدفع مبالغ "للغارمات" فى معظم سجون
المحروسة ،وهن اللاتى قمن بتشوير بناتهن بالأجل ولم يستطعن الالتزام بسداد الأقساط
الشهرية نظراً للظروف المعيشية الصعبة فكان نصيبهن السجن ؛ناهيك عن قيامه طوال شهر
رمضان بتوزيع مبالغ مادية على أسر فى سلامون "مسلمون ومسيحيون"عن طريق
أحد أقاربه بالقرية –أعزه الله-ولم ينهر من يقصد بابه سواء احتياجات مادية لزواج
أبنائه أو بناته أو استكمال بناء منزل لتعثره.
وخيره على القرية كبير ؛فبنى مسجدين ومدرسة ثانوى ..فبارك الله فيه وأمد
فى عمره ..وأعطاه على قدر ما زرع الفرح فى قلوب الآلاف من أهالينا.
وفى تلك الأيام من كل عام يقوم بذبح الأضاحى وتوزيعها على جمعيتين بالقرية
لتوزيعها على فقراء ومساكين القرية.
أضف إلى ذلك قيامه بتوزيع "التمر" على كل المساجد طوال شهر
رمضان المعظم ،ومساهماته فى مشاريع النفع العام بالقرية.وفضله الأعظم قيامه
بالتغاضى عن أخذ مبالغ كثيرة له من بعض الناس بالقرية كانوا مدينين له فيها.
ونعود لحقبة صغيرة من الزمن نسترجع فيها "ذكريات" الزمن الجميل..ما
من شاب تعدى الـ40 عاماً فيما فوقها إلا ووقف على ماكينة تريكو بمصنع الحاج مختار
عبد العال القاطن بجوار الجمعية الزراعية عند الجامع الكبير .
كان المصنع خلية نحل من الثامنة صباحاً تجد وفود من كل القرى المجاورة
تدخل القرية للعمل بمصنعه ؛فهناك من يقف على "الماكينة" وآخر على" اللزونة" وثالثهم على الأرض لـ"التكييس"؛ورابعهم
يجلس على المكتب يتابع العمل .
تسمع صوت الماكينات تختلط بأصوات العمال ،وفى الساعة الثانية ظهراً تتوقف
الماكينات ويأخذون راحة "ساعة" لتناول الغذاء ،وبعدها يعاودون العمل
بنفس الهمة والنشاط ..وفى الساعة السابعة يبدأ التشطيب،ويتم تسجيل عمل كل شخص
لحسابه آخر الأسبوع .
وفى المناسبات كالمولد النبوى كل عامل يحصل على 2 كيلو "حلاوة المولد"
،وفى دخلة شهر "رمضان" يعطيهم الحاج مختار "أوفر تايم "لشراء
مستلزمات الشهر الكريم ،ويوم وقفة عيد الفطر المبارك يعطيهم "عيديتهم" ،وفى
تلك الأيام من ذى الحجة يأخذون أضاحيهم ويعودون إلى منازلهم فرحين مستبشرين .
مرت السنون وانتقل الحاج مختار إلى مدينة المنصورة ،وانتقل معه كل عمال
القرية ؛ففى الصباح وتحديداً السابعة ؛ تشاهد أفواجاً من أهالينا على المحطة
الفرنساوى المواجهة لمقابر سلامون وكان ناظرها "عمك زهران" تصعد إليه
بسلم خشب ؛وكان عمنا "عبده " بتاع الجرائد ينتظر "القطار" ليأخذ
جرائده ويجلس بجوار المحطة حتى الظهر ونذهب نشتريها منه ،وبعدها كان يجلس على
الكوبرى.
عندما يصل القطار يكتظ بركابها عند محطة سلامون ويقف لبرهة فى محطة "عزبة
سرسو" ،ومن لا يلحقه ينتظر "العزيزة" وهى قطار برأس من غير "عربة"
.
وعندما يصل القطار إلى مدينة المنصورة يصعدون الكوبرى العالى" الفرنساوى"
الذى كان من معالم مدينة المنصورة ،وتشم رائحة "الطعمية والباذنجان المقلى
والبطاطس"،فمنهم من يشترى وآخرون يأخذون إفطارهم معهم .
وفى الثامنة تماما تجد الجميع داخل المصنع ..الكل يعمل بجد واجتهاد ،وفى
الثانية ظهرا يأخذون ساعة راحة للغذاء والصلاة وقراءة الجرائد .
وفى اليوم الذى يلعب فيه "الأهلى والزمالك" تجد المصانع كلام
متداخل ومعارك كلامية مع وضد وكانها مباراة أصعب من مباراة الأهلى والزمالك.
وبمرور الزمن انتهى القطار الفرنساوى وولوا وجهتهم إلى القطار الميرى وتم
عمل محطة رئيسية لسلامون وكان حجة الأستاذ حسين الشاعر وقتها عندما ذهب إلى سوزان
مبارك أن سلامون بلد صناعى والعمال يوميا يذهبون بالمئات إلى مصنع الحاج مختار عبد
العال ،ووقتها كان هناك مسلسلا للعبقرى "اسامه انور عكاشه" وذكر فيه على
لسان الفنانة "صابرين" رجال الأعمال الوطنيين وكان منهم الحاج مختار عبد
العال والحاج محمد الباسل" ،ووضعت سلامون على الخريطة وقتها.
وعندما زارها حسنى مبارك وفتح البنوك على مصراعيها ؛لعب الشيطان فى رأس
البعض من هؤلاء العمال ،فأراد الاستقلال،واخبر الحاج مختار بذلك ؛وطلبوا منه أن
يعطيهم مبالغ ليبداوا حياتهم ؛فمنهم من اكرمه الله ،وأغلبهم ضحك عليه شيطانه وعرف
بنك التنمية والمعاينة على الورق ،وفى وقت من الأوقات ..افترى بعضهم حتى أنهم
كانوا يأخذون أسبوعياً من "الجزارين" الفخذة كاملة ،كلحمة مأشرة ،وعرفوا
جمصه ورأس البر،وكانت الـ50 جنيها يضعونها فى الجيب العلوى للجلباب البيض حتى تظهر
، وظهرت وقتها كلمة "الحاج فلان والحاج علان" وكانت النتيجة ..الإستدانة
بسبب انهم اصبحوا مستهلكين وليسوا منتجين ،وكانت الشرطة تطاردهم فى كل مكان
فاتخذوا من الغيطان والمقابر بيوتاً ليلاً ،وأصبح "الأب والأم والإبن فى قفص
اتهام واحد" .
وكان يوم الخميس يوم عيد للعمال فالمتزوج يقبض أسبوعياً ويعود لمنزله
محملاً بالزاد والزواد ،والشاب كان يخبر الحاج مختار بأنه يريد ان يتزوج أو يبنى
بيتاً ،فكل فترة كان يعطى له مبلغاً كبيراً من المال .
ولك أن تعلم أن أغلب البيوت –إن لم يكن معظمها- التى بنيت بجوار مسجد
الحاج مختار يالثانوى هى من خيره ولا ينكر ذلك إلا جاحد.
فالحاج مختار ما زال بيننا ولم ينس اصله ولا مسقط رأسه وكما كتبنا عالياً .عندما
يجتمع "التواضع مع الغنى"؛فأبشر أنك من الصديقين ،وعندما ينضم إليهم "الفضل"
؛فحتماً انك من "الأولياء" ؛ وكل تلك الصفات تجدها فى الحاج مختار عبد
العال "المتواضع والغنى وذو الفضل"..فاللهم بارك لنا فيه .
0 comments:
إرسال تعليق