• اخر الاخبار

    الخميس، 22 يوليو 2021

    قصة تكتبها: روضة خالد

     


    أحب ان أكتب لك دائما فـي الصباح، وربما انت اعتدت كلامي وقتها ، إلا أنني انشغلت اليوم وكان يومي بالكاد قد مر ي صديقي، رغم إنني استيقظت بكامل نشاطي واستعديت لمواجهة يومًا جديد ، إلا انني فقدت شغفي مع اخر درجه نزلتها من سُلم بيتنا ، الجو مليئا بالغيوم ، وربما ستمطر ، لا أدري ان آخبرتك من قبل إني أخاف المطر أم لا ، ولكن سأخبرك إنني اخاف هطول تلك القطرات منذ صغري ، وذلك الصوت الذي يسمى بالرعد أشعر وكأنه شخصًا يغضب فيصرخ ، أعتقد أنه فيلم كرتون طفولتي من احواني بذلك المنظر ، ولكن مر ما مر ومازلت اهابه ، ولأنني مضطره لأكمل يومي تخطيت خوفي او ربما اقنعت نفسي اني تخطيت وأكملت طريقي، وتركت لخيالي العنان ليؤلف سيناريو او قصة لم تحدث لأسلي طريقي بها ، اعتقد انني لو أخبرت أحدًا بهذا التصرف لأعتقد إنني مجنونة، بدأت احداثي بفتاة تسمى ليان ، فتاه ف بدايه العقد الثلاثين من عمرها ، تعمل فـ احد الشركات الكُبرى، يومها يبدأ بالعمل وينتهي بانتهاء العمل فتذهب الي بيتها مباشرةً وتقضي بعض الوقت علي مواقع التواصل الإجتماعي ومن ثم تَخلُد الي النوم ، اخترت أن يكون يومها روتيني كيومي، ولكن ذات يوم وهي تجلس وتتصفح حسابها ع موقع الفيس بوك ، اتتها رسالة من حساب يُسمى بـ"الملاك الطائر" ، يخبرها انها كانت الأجمل اليوم ككل يوم، قرأت الرسالة وعادت الي ما كانت تفعل، لم تهتم ليان مقتنعة انها رسالة سخيفة وكاذبة من شخص وهمي،فليان فتاة واقعية وجديه لا تهتم بالتوافهه ،ولكن وفـ نفس الوقت عاد ذلك الملاك برسالة اخري : ارتدى الأزرق دائما ولا تتركي العنان لشعرك كاليوم فشعرك الي الخلف أجمل،عادت لتقرأ الرسالة وأدركت أن هذا الشخص يعرفها فهي كانت ترتدي الأزرق وتركت لشعرها الحرية اليوم ،باتت ليان تفكر إذا كان يجب ان ترد ام لا ، فضولها يقتلها،الي ان قررت ان تغلق الحاسوب وتذهب الي النوم فلا لن ترد .

    وف اليوم الثاني استيقظت ليان متكاسلة فهي لا تطيق الاستيقاظ مبكرا وتعشق النوم ، اخذت ترتدي ملابسها وتذكرت رسالة الأمس بأن تظل ترتدي الأزرق فأختارت ان تلبس اي لون غير الازرق واسدلت شعرها عـ كتفيها ، وبدأت  يومها بالعمل ، وكعادة يومها أنتهي فراحت تبتاع اشياءا من السوق ، نَسيت ان أخبرك ي صديقي ، ليان تعيش بمفردها،امها وابيها يعيشون فـ احدى دول الخليج منذ وقت ليس بقليل،ابتاعت ليان مشترياتها وعادت الي المنزل، استبدلت ملابسها لملابس البيت وجلست ع حاسوبها ، مازال ذلك الأبلة لا يمل ، ومازال يتصدر قائمه "الاذر" ، فقررت فتح الرسائل ليس إلا فضولا .

    كان ذلك الملاك قد ارسل : لا اعلم لماذا اخترتي العِناد ، انا أخبرتك أنك الطف به ليس إلا ، المهم لا تنسى ان تأكلي كعادتك ، وحاولي ان تنامي بسرعه اعتدتي التفكير ف الفتره الماضيه وزاد ارهاق اعينك ايضًا ، أعلم ان اليوم ستردي عليّ ، وأعلم ماذا ستكتبي ولكن أود أن أقرأه .

    اندهشت ليان مما تقرأ بل زاد الأمر إبهامًا مع بعض الخوف ، كيف يعلم انها اعتادت التفكير هذه الفترة ، أم انه يتكلم بكلامٍا اهبل ف محاولة لاستفزازي لأرد ، فلا لن أرد ، وليترك معرفته لنفسة ، واخذت تغلق حاسوبها وتبدأ الاستلقى ع السرير للنوم ، مر ساعتين وهي تفكر لا تعلم ماذا تفعل ، زاد حيرتها ذلك الشخص ، وزاد فضولها ، اخذت تتسال ايراقبني ؟ ، منذ متى يعرفنى ! او ربما شخص وهمي كإسم حسابه يريد مزاولتي فقط !، أريد ان أرد وأريد ان اعرف من هو ! ولكن لا لا انتظري ي ليان انتظري .

    جلست ليان ع تلك الحالة تسأل نفسها وترد ، الي ان استقر بها الحال وقامت وفتحت حسابها الشخصي واخدت تكتب : من انت ؟ ،وارسلتها، وف نفس اللحظة ، اتتها منه رسالة قبل ان تظهر علامه السين لها ، من انت ؟ ، كما اخبرتك أعلم ماذا ستكتبين.

    أخدت ليان تحدق ف الشاشة خوفا ربما اكثر من تعجب ، كيف علم انها سترسل الآن وكيف كتب نفس كلامها .

    كتبت له ليان : أخبرني من انت انا لم أصدق ايًا من هذا الهراء الأمر مزيف وهذا واضح كإسم حسابك

    كتبت الملاك : مزيف ! حسنا انا أعرف ما لا تعرفية عن نفسك ارديك ان تعلمي هذا .

    كتبت ليان: أهبل انت؟ اخبرني، ام مجنون! ، هذا تصرف شخص مجنون تعرفني من ماذا انت اصلا ؟

    ملاك: منذ ان اتت ليان الأرض،صدقيني انا اعلم عنك كل شئ ، حبك لنفسك وكرهك لذاتك ف نفس الوقت ، كرهك لأهلك ، حبك للعمل لانه ملجأ هروبك ، تمتلكيني شامه ف وجهك تكرهيها اكثر من اي شئ، تحبي الهدوء وتكرهي الضوضاء ، لا تتحدثي كثيرا ، وأخيرًا حبك للنوم طويلًا ودميتك لولي .

    اندهشت ليان لا تعلم ماذا تكتب ، كيف عرف كل هذا ! كيف علم ادق التفاصيل التي لم يعرفها احد ! انا لا امتلك حتى الاصدقاء لاحكي لهم شيئا كهذا ولا اكتب عن حياتي الشخصية شئ ، من هذا !

    اخدت ليان تكتب :من انت ! وكيف عرفت هذا ، اخبرني فورا والا سوف أبلغ مباحث الإنترنت فورا

    الملاك ! بماذا تخبريهم ! بشخص يتكلم معكي بكلاما عاديا ! أانت مجنونه ام ان خوفك الآن جعلكي تكتبين كلامًا اهبل !

    ليان.: من انت قُلت ؟؟

    الملاك : وان أخبرتك ستعرفيني ؟

    ليان: لما لا ؟ انت بالطبع احدًا جمعني به سابق معرفة

    الملاك: وربما لا ! ، سأخبرك من انا ولكن بشرط

    ليان : ماذا؟

    الملاك : تتكلمين معى ليومين او ثلات او أسبوع ، اي مده ربما ستعرفين من انا دون ان أخبرك

    ليان: اخبرني بالله عليك ماذا يوجد مكان عقلك ؟ كيف اتحدث مع شخص لا أعرفه اصلا ولا اعلم من هو ولا شكله ،حتى اسمه لا أعلمه ، انت حقا مجنون ، ارفض ذلك الشرط طبعا وان لم تخبرني من انت ، سأضطر لأضعك ف قائمه البلوك

    الملاك : ولما لا ، هذا الشرط سيجعلك تعلمين من انا ، فضولك يفتك بكِ ولن تستطيعي ان تفعلي شيئا كهذا ، اقبلي ولن تندمى .

    اخذت تفكر ليان ، كيف لي ان اقبل ! انا اخاف المعرفة والتعلق اهاب البشر ولا أطيق حديثهم ، ولكن شيئا ما بداخلي يريد الموافقه أريد ان اعلم من هو ، وان كان الامر سيء سأضعه ف تلك القائمه وانتهي الأمر ، واخذت تفكر ف هذا الأمر ساعه ، تسأل نفسها وترد،

    الي ان ارسلت له قائله : سأقبل لسبب ، انا بالفعل فضولي يقتلني ولا اتحمل ذلك الهراء طويلا ، يومين فقط .

    الملاك : موافق ، هيا اذهبي الي النوم الآن ، لتستيقظي لعملك، ولا تنسى ان تأخذي تلك الاوراق التي ع الطاوله بجانبك الآن سأحدثك غدا ، سلام .

    نظرت ليان الي الطاوله وتذكرت انها وضعت تلك الأوراق اليوم وانها يجب ان تسطحبها غدًا ، نظرت الي رسائله واغلقت الحاسوب ولم تفكر ف شئ سواء انها ستعلم من هذا بعد يومين فقط ، واقنعت نفسها ان تهدأ ووتنام .

    ف اليوم الثاني استيقظت ليان وقبل ان تنهض أمسكت هاتفها ورأت رسالة من ذلك الملاك يخبرها بألا تنسي الورق .

    ابتسمت وتركت الهاتف وقامت لترتدي ملابسها وتذهب ، وبالطبع لم تنسى الورق .

    فـ نصف يوم العمل كان يتحدث معاها ، وفـ اخره وف الأغلب طوال اليوم ككل يوم ، ربما تقبلته ليان قليلا ، او لا ادري ان كانت ترغب ف معرفه من هو فقط ام لا

    كان ملاك يخبرها عن حياته ، متحفظا بعض الشيء ف إظهار شخصيته دون أخبارها حتى أسمه .

    كانت ليان تشعر أنه لا بأس شخص افتراضي ستتحدث معه وانتهي الأمر ، لن تتعلق بالطبع كانت تقنع نفسها طوال الوقت بذلك .

    مر يومين وهما يتحدثا كلاً منهما يخبر الآخر عن يومه وحياته كلاما عاديا ، وتناست ليان أمر اليومين تماما ، وكأن امر الشرط والاتفاق لم يتم .

    كانت ليان تكتب : اتعلم انني اكره أهلي منذ صِغري ! حتي انني بسبب كرهي لهم اصبحت اشعر اني اكره البشر ، لم استطع تكوين صداقات طوال سنواتي الدراسية ، لذلك دائما اكون وحيده ، أحببت هذا ، ولكن افتقدت الونس

    الملاك: لما تكرهينهم هؤلاء اهلك ،اعتقد لا احد يصل الي درجه الكره لأهله !

    ليان: لا اكرهم من أعماق قلبي، دائما ما يفكرون ف نفسهم ، طوال اليوم يتركوني وحيده منذ ان كنت اعيش معهم ،حتي انهم اختاروا سفري وحدي عند دخولي الجامعة دون ان يتنازل أحدهم ويسافر معي ، اختاروا تركي ي ملاك ، دائما اصلا يختارون تركي ، ف سفرهم ، عملهم ، طلعاتهم ، كل شئ .

    الملاك : اعتقد انكي انتي الخطأ ، انا لو مكانك لاخترت انا حياتي ، كنت سأخترعها بوجود اصدقاء ، كنت سأحب البشر وسأكره اهلي ، لا علاقه هذا بهذا ، سأكن الشعور لهم ، ولا ذنب للبشر

    ليان : لم استطع ، اخبرني ي ملاك كيف سيمر يومي غدا بما انك تعلم الغيب

    الملاك : اعلم الغيب ! تمزحين انتي !

    ليان: ذلك المبرر الوحيد ، بلاها من هذا السؤال ، كيف عرفتني !

    الملاك : منذ صِغرك أخبرتك ، عرفتك منذ كنتي تحبين ارتداء تلك الفساتين القصيره ذات السماوي والازرق طبعا ، اتدري انتي من علمتيني الكتابة .

    ليان : انت من ابناء اصدقاء اهلي شئ ؟ ، كيف ؟

    ملاك: لا لو كان هذا لاخبرتك منذ البداية ، ارسل لكي ما كنت أكتبه عنكِ كلما رأيتك ؟

    ليان : بالطبع

    ارسل لها ذاك الملاك قائلا : ف حب الأزرق والسماء، وحب من ترتدية ، ف عشق الين والبساطه ، وعشق من تسمى بذلك الإسم ، ارى وانكي تستحقين النجوم لتكتمل تلك اللوحه ، عشقت فقر اللقاء، وجحيم الشوق، وغصة الافتقاد. تعلمت معنى الغربة وأنا الذي لم أبارح بلدتي قط! تذوقت مرارتها رغم أنها لم تنزل حلقي ، ربما احببت ما انا عليه وتعودت الأمر ، اعتدت، وف نفس الوقت سئمت عدم معرفه المعشوق .

    ظلت ليان تقرأ ما  كُتب ، وقلبها يخفق ، ليان لم تقرأ او تسمع مثل ذلك الكلام قط ، شعرت وانها فتاه تحلق ف السماء مع كل كلمه تقرأها ،ايقنت أنه يعرفها فكيف من يكتب تلك الكلمات يكذب ؟ ، فأخذت تدّعي البلاها ،

    وتكتب : أراك شاعر او كاتب ، جميل ي ملاك احببتة ، ولكن اريد النوم الآن فانا متعبة .

    احبت ليان ان تفصل ذلك الحديث وألا تُكمل ، لأنها لم تكن تعلم بكيف ترد ،

    اخبرها الملاك ، بأنها ليست متعبة وأنها لن تنام ، لكنة ودعها واخبرها بأنه سيحدثها غدا .

    اخذت تحسم الأمر بينها وبين نفسها ، تريد ان تعلم من هو ، مر اكثر من أسبوع ، وهي تناست تماما أمر الشرط ، كيف سمحت لنفسها ان تتحدث وتُكثر الحديث معه وتعتاد وجوده وكلامة ! ، غدا ستحدثه بكل جدية إما ان يخبرها من هو ام أنها ستضعه ف تلك القائمه ، ونامت ليان بعد تفكير طويل دام لكثير .

    وف اليوم الثاني ، بدأت ليان تمارس عملها ف محاوله تناسي رسائله وحديثه وكلماتة ، تنظر الي جمله صباح الخير ي زرقاء الذي ارسلها لها فهو اعتاد ان يخبرها بالزرقاء وهي اعتادت الإسم .،وتكمل عملها دون الرد ، لا تريد ان تحدثه الآن ،تريد ان تذهب الي البيت وتنهي الأمر ، حديثهم كل يوم وطوال اليوم بات اعتياد وهي تخاف ذلك .

    انهت ليان اليوم ، ذهبت فورا الي البيت ، ودون حتي ان تبدل ملابسها ، اخذت تفتح حاسوبها ، وتكتب له دون الرد ع كل الرسائل التي ارسلها اليوم، إن لم تخبرني من انت فسأتوقف عن محادثتي لك ، مر اكثر من أسبوع وانا نسيت الأمر ، اريد ان أعرف الآن .

    وانتظرت بضع دقائق ، الي ان رد قائلا : تريدي ان تعرفيني !

    ليان : بالطبع

    نسيت ان أخبرك ي صديقي ، ليان مريضه تعاني من مرض "الوهَام" وأيضا "البارنوايا " ، وحدة ليان جعلتها تخترع افتراضِيًا وتحدثة ، ليملئ فراغها وحياتها بنفسها ، ليان تفعل هذا وهي لا تشعر ، هي وكأنها تعاني الإنفصام ف نفس الوقت تحدث نفسها بشخصيتين ، ليان ما مرت به ف طفولتها جعلها تتوهم دائما ، حتي انها لا تعلم هذا ، ولكن صديقتها ف العمل لاحظت هذا وحاولت ان تذهب بها الي الطبيب النفسي ، ولكن لم تعترف ، واصبحت تشعر وكأنه يريد ان ينتقم منها ويشعرها انها مريضة ليس إلا لإيذائها كاهلها تمامًا ، نَسيت أيضا ان اخبرك ان ليان لديها صديقة قبل ان تعاني بتلك الأمراض ، ولكنها منذ أن اصيبت بهذا ، قطعت علاقتها بها ، وشكلت قصة وهميه لنفسها تعيش فيها ، فهي اعتادت الوهم ، ومن وقتها تشعر إتجاه العالم والبشر حتى صديقتها ، انهم يريدون ايذائها ويكرهونها فقط ليس إلا ،

    ها قد وصلت ، ثرثرت كثيرا اليوم سامحني ، ولكن أردت ان أربط معرفتي بالمرضيين بقصصي التي ابنيها ف خيالي ، هيا سأغلق دفتري الآن واضع قلمي ، المهم سأنتظر حديثك. كالعادة .

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: قصة تكتبها: روضة خالد Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top