من خلال مطالعة ما ينشره كثير من الناس،
وما يعقب ذلك من ردود أفعال الآخرين، لعلك تتفق معي أن هناك مبالغة من جانب البعض تجاه
ما ينشره ثلة من الناس توافرت فيهم المناصب أو الجاه والسلطان، ونحن لا نعارض التفاعل
مع ما ينشره الآخرين؛ فذلك سبيل للتحفيز وربما زيادة روح المحبة، وإنما نرصد ظاهرة
لعل غالبية رواد الفيس بوك لاحظوها، ففي الوقت الذي يزهد فيه في متابعة أرباب الأدب
وأولي العلم تجده يفرط في الثناء عندما يطل برأسه رئيسه في العمل أو مَنْ تمتع بالمال
أو السلطان.
فتجد مثلا لو أن شابا أتاه الله مالا ونفوذا
نشر صورة له وهو على أريكته يتناول القهوة، تلاحظ كثيرا من أصحاب الهوى نعتوه ووصفوه
بالوزير، و البرنس وأنه أنار أرجاء المعمورة، ومثال ثان إن كان هناك شخص مديرا لإدارة
أو وكيلا لوزارة قد نشر لنفسه صورة وهو يستظل بشجرة في الشارع، ستجد معظم منسوبي إدارته
ووزارته وصفوه بوحيد العصر والزمان، وستسمع من الألقاب ما لم ينزل الله بها سلطان،
وعليك أن تبحث عن هؤلاء الأشخاص إذا أحيل ذاك الرجل إلى التقاعد، وانطفأ مصباح جاهه،
وقتها لن تجد هؤلاء يتفاعلون مع منشوراته كما كان أيام سطوة وظيفته، و الشواهد على
ذلك أكثر من أن تعد وتحصى.
إن الأصل في العلاقات الإنسانية قيامها
على المحبة الخالصة، والتي لا يشوبها مصلحة، ولا يعتريها منفعة، وإن كانت هناك منفعة،
فهي منفعةالعلم والتحفيز على استمرارية العطاء، وليس النفاق لمجرد أن هذا أو ذاك صاحب
سلطة أو مال؛ فما كان لله دام واتصل، وما كان لغيره اندثر وانقطع، و لذلك كن صادقا
في مشاعرك تجاه الآخرين، تجد قبولا منقطع النظير.
ولا يفهمن أحد حديثي أنه قدح في إخلاص معظم
الناس، أو أنني شققت عن صدورهم فعلمت المخلص من المرائي، وإنما هي دعوة مني لنزن ردود
أفعالنا تجاه الآخرين بميزان المراقبة الذاتية، فنضبط كلامنا وأفعالنا لهم وقت تمتعهم
بالسلطة، ونزداد احتراما لهم إن زالت سلطتهم، وعلى الصعيد الآخر أهمس في أذن المسؤول
قائلا :لا تغتر بكثرة المادحين حولك، وإن كان لك بصيرة فميز الغث من السمين .
0 comments:
إرسال تعليق