• اخر الاخبار

    الاثنين، 16 يناير 2023

    الدكتور عادل عامر يكتب عن : محاكم الأسرة في مصر ونظامها القانوني

     

     


     

    العدل هو غاية التشريع ومرام الخاضعين لأحكامه ومعيار رق المشرع غايته  في تبنى اتجاهات إجرائية حديثة تحدث طفرة في تنظيم دعاوى الأحوال الشخصية للوصول للعدالة  الناجزة، فعنى بأدوات وآليات تبسيط إجراءات التقاضي لإيصال الحق لذويه دون عناء ما كان إلى ذلك سبيلا، واهتم بأثر النصوص على أرض الواقع إيماناً بأن القانون ليس هدفاً في ذاته وال غايته مجرد إعمال نصوصه، وإنما العبرة بفاعلية تطبيقه لتنبت ثماره عدالً وإنصافاً .  وهكذا كان الصالح التشريعي ضرورة اقتضتها تطورات الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي،  والوعي بالانتقال لحقبة جديدة تتطلب حركة إصلاح تشريعي تتبنى اتجاهات حديثة في النظام الإجرائي لحماية المواطن من ضياع وقته وقواه في البحث عن حقه في ظل تعقيدات إدارية وثغرات تشريعية جعلت رحلة استرداد الحق المعتدى عليه تجابه بمنظومة إجرائية تزيد الأمر تعقيداً وبعداً عن العدالة . وقد أدرك المشرع أن تفادى بطء التقاضي التي  يعني مجرد تعجيل الإجراءات، ففي امتداد زمن الفصل في  الخصومة دون ضرورة ما يعطل مقاصدها ويفقد الدعوى جدواها، وأيضاً إن كان وقتها مبستر أو الفصل فيها متعجلا جاء الحكم منافياً لحقائق العدل ) 

     

     وقد بات واضحاً أنه لم تعد إضافة بعض النصوص للتشريع كافياً لمعالجة مشكلات العدالة الإجرائية  التي أصبحت بأوضاعها الحالية قاصرة عن أداء رسالتها، لذلك أفرد المشرع تنظيماً إجرائياً مستقالً لدعاوى الأحوال الشخصية خرج به عن النسق السابق في مواضع كثيرة، ووضع تنظيماً مستقالً 

     

    لمحاكم لأسرة تختص بنظر دعاوى الأحوال الشخصية بالقانونين رقمي 1 لسنة 2000 و10 لسنة 2004 متبنياً اتجاهات حديثة في صياغة القوانين الإجرائية لمواجهة الحاجة الملًحة العادة تنظيم القواعد الإجرائية المنظمة لأوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية والتي باتت مصدر معاناة  ومشكلات الحد لها، وتتفاقم يوماً بعد يوميه المحكمة التي تختص أصلياً(ابتدائياً واستئنافيا) وفقا لتشكيل قضائي حدده القانون ، بجميع مسائل الولاية على النفس والمال وقد أنشئت هذه المحكمة بموجب القانون رقم 10 لسنة 2004 بإنشاء محكمة الأسرة ،وبمقتضى هذا القانون لم يعد هناك دوائر شرعية التي كانت تنظر هذه المسائل ،قبل تطبيق قانون إنشاء محكمة الأسرة. المسائل التي تختص بها محاكم الأسرة نوعيا 

     

    تختص محاكم الأسرة بجميع مسائل الولاية على النفس والولاية على المال 

     

    مكاتب تسوية المنازعات الأسرية 

     

    مكاتب تسوية المنازعات الأسرية هي مكاتب تابعة لكل محكمة أسرة وقد أنشئت بموجب القانون رقم 10 لسنة 2004،إذ قرر القانون بإنشاء مكاتب لتسوية المنازعات الأسرية بدائر كل محكمة جزئية. وتتشكل من ذوي الخبرة من القانونيين والأخصائيين الاجتماعيين والأخصائيين النفسيين. 

     

    والغاية من إنشاء هذه المكاتب محاولة تسوية المنازعات الأسرية قبل ولوج أروقة المحاكم ، وقد أولاها المشرع المصري أهمية خاصة، فقرر جزاء عدم قبول الدعوى إذا رفعت دون أن يسبقها طلب بالتسوية الودية يقدم للمكتب المختص. الخبراء الاجتماعيون والنفسيون 

     

    ويتركز دور الخبراء الاجتماعيين والنفسيين في محكمة الأسرة في معاونة هذه المحكمة في نظر دعاوى الطلاق والتطليق والتفريق الجسماني والفسخ وبطلان الزواج وحضانة الصغير ومسكن حضانته وحفظه ورؤيته ودعاوى النسب والطاعة. 

     

    وقد قرر القانون رقم 10 لسنة 2004 بإنشاء محاكم الأسرة بأن يعاون محكمة الأسرة في نظر الدعاوى المذكورة خبيران اجتماعي ونفسي ، أحدهما على الأقل من النساء ويكون حضورهما جلسات المحكمة وجوبيا حال نظر الدعوى ، ويظل للمحكمة حق الاستعانة بمن تراه من الخبراء في أي دعاوى أخرى، أما في رحلة الاستئناف يكون للمحكمة أن تستعين بمن تراه من الأخصائيين. 

     

    هذا وقد اشترط – في قواعد وإجراءات اختيار الأخصائيين – ان يكون حاصلا على مؤهل عال من إحدى الجامعات أو المعاهد العليا في مجال القانون أو الشريعة أو علم النفس أو علم الاجتماع. 

     

    إدارة تنفيذ الأحكام الشرعية 

     

    هي إدارة لتنفيذ الأحكام الصادرة من محكمة الأسرة( محاكم الأسرة ودوائرها الاستئنافية) يشرف عليها قاض للتنفيذ يختار من بين قضاة محكمة الأسرة وتتولى مهمة اختياره الجمعية العمومية ، ويعاونه عدد كاف من محضري التنفيذ. 

     

    صندوق نظام تأمين الأسرة 

     

    هو صندوق أنشيء بموجب القانون رقم 11 لسنة 2004 حيث نصت المادة الأولى منه على «ينشأ صندوق يسمى ”صندوق نظام تأمين الأسرة لا يستهدف الربح أساساً، تكون له الشخصية الاعتبارية العامة ، وموازنته الخاصة، ويكون مقره مدينة القاهرة، ويتبع بنك ناصر الاجتماعي. ويتولى إدارة الصندوق مجلس إدارة يصدر بتشكيله وبنظام العمل فيه، وفي الصندوق ، قرار من وزير التأمينات الاجتماعية.» وقد حددت المادة الثالثة من القانون سالف الذكر ما نصه 

     

    «يكون أداء بنك ناصر الاجتماعي للنفقات والأجور وما في حكمها تطبيقا لأحكام المادة 72 (٢) من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية المشار إليه(٣) من حصيلة موارد الصندوق، ويؤول للصندوق المبالغ التي يتم إيداعها أو استيفاؤها وفقا لأحكام المواد 73 (٤)، 74 (٥) ، 75 (٦) من القانون المذكور(أي القانون 1 لسنة 2000) ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية إضافة خدمات تأمينية أخرى للأسرة يمولها الصندوق ويتضمن القرار تحديد فئات الاشتراك فيه» 

     

    ^ راجع المادة الأولى بند 2 من قرار وزير العدل رقم 2724 لسنة 2004 المعدل بالقرار رقم 3092 بشأن قواعد وإجراءات اختيار الأخصائيين القانونيين والنفسيين والاجتماعيين 

     

    ^ مادة 72 على بنك ناصر الاجتماعي أداء النفقات والأجور وما في حكمها مما يحكم به للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين ، وذلك وفقا للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير العدل بعد موافقة وزير التأمينات . 

     

    ^ المقصود : القانون 1 لسنة 2000 

     

    ^ مادة 73 على الوزارات والمصالح الحكومية ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام وجهات القطاع الخاص والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وإدارة التأمين والمعاشات للقوات المسلحة والنقابات المهنية وغيرها من جهات أخرى ، بناء على طلب من بنك ناصر الاجتماعي مرفق به صورة طبق الأصل من الصورة التنفيذية للحكم وما يفيد تمام الإعلان ان تقوم بخصم المبالغ في الحدود التي يجوز الحجز عليها وفقا للمادة (76) من هذا القانون من المرتبات وما في حكمها والمعاشات وإيداعها خزانه البنك فور وصول الطب اليها ودون حاجة الي أجراء اخر . 

     

    ^ مادة 74 اذا كان المحكوم عليه من غير ذوى المرتبات أو الأجور أو المعاشات ومن في حكمها ، وجب عليه ان يودع المبلغ المحكوم به خزانه بنك ناصر الاجتماعي أو احد فروعه أو وحدة الشئون الاجتماعية الذى يقع محل أقامته في دائرة أي منها في الأسبوع الأول من كل شهر متى قام البنك بالتنبيه عليه بالوفاء . 

     

    ^ مادة 75 – لبنك ناصر الاجتماعي استيفاء ما قام بأدائه من نفقات وأجور وما في حكمها وجميع ما تكبده من مصاريف فعلية أنفقتها بسبب امتناع المحكوم عليه عن أدائها . 

     

    فقد صدر مؤخرا القانون رقم 10 لسنة 2004 بإنشاء محاكم الأسرة ، وهو تتويج لاهتمام المشرع المصري بالأسرة في التنظيم القانوني بدءا من الدستور المصري الذي افرد في بابه الثاني بشأن المقومات الأساسية للمجتمع المواد التاسعة والعاشرة والحادية عشر لتنظيم وكفالة حقوق الأسرة بما يضمن نموها وتطورها في سياج من الحماية الدستورية . 

     

            كما أن صدور هذا القانون جاء من منطلق متطلبات اجتماعية وقانونية ، فما أحوج نظامنا القانوني إلي إنشاء وتنمية وتكريس فكرة القضاء المتخصص والنيابة المتخصصة في فرع من فروع القانون ، فمن شأن ذلك إثراء العمل القانوني واكتساب القائمين عليه خبرات متخصصة في فرع بعينه ، مما يؤدي إلي أداء أفضل وأيسر في شأن تحقيق العدالة . 

     

            ويأتي هذا القانون كأحدث القوانين التي صدرت في مصر لتنظيم مسائل الأحوال الشخصية للمصريين بدءا من القانون رقم 25 لسنة 1920 ثم تلاه صدور القانون رقم 25 لسنة 1929 حتي القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 بتعديل بعض أحكام القانونين السابقين المشار اليهما ومستحدثا بعض الأحكام الجديدة والذي قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريته عام 1985، الأمر الذي جعل المشرع يسارع إلي إصدار القانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل أحكام القانونين 25 لسنة 1920 و 25 لسنة 1929، حتي كانت الطفرة بإصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية والذي عرف باسم قانون الخلع، وقد لحقه تعديلا سريعا بالقانون رقم 91 لسنة 2000 يتعلق بإقرار ما يعرف بدعوى الحبس عند الامتناع عن دفع النفقة.       ثم كان قانون محكمة الأسرة الصادر برقم 10 لسنة 2004 ، وكما أوضحت المذكرة الإيضاحية فان فلسفة هذا التشريع تتجه نحو إقرار مبدأ القضاء المتخصص وهذا ايجابي ، فضلا عن محاولة تسوية النزاعات الأسرية قبل الوصول إلي ساحات المحاكم ، وتوفير محكمة للأسرة لا يغلب عليه الجو العام للمحاكم بمعني فصل قضايا الأسرة عن باقي القضايا اخذين في الاعتبار ان مثل هذه القضايا الأسرية يستلزم المشرع فيها حضور الأطفال إلي المحكمة صحبة آبائهم أو أمهاتهم لذا وجب الفصل حرصا علي هؤلاء الأطفال .        إذن فان المشرع بذلك يبدي إهتماما ملحوظا بقضايا الأسرة ، وحرصا علي نجاح هذا التوجه يجب أن نواجه تحديات التطبيق علي أرض الواقع ، فالقانون حين يصدر لا يظل حبرا علي ورق وإنما يأخذ مجاله في التطبيق العملي وهنا وهنا فقط تظهر الإيجابيات والسلبيات بحق ، كما أنه قد تكون نصوص التشريع جيدة ، ولكن مشكلات التطبيق تحول دون التطبيق الجيد له ، الأمر الذي يحكم عليه بالفشل ، وهو لا يستحق هذا المصير ، .        لذلك فإنني أطرح بعض التحديات التي تواجه تطبيق هذا القانون الوليد ، آملين أخذها في الإعتبار علها تساعد في نجاح مساعي ومقاصد التشريع . 

     

    ** مكتب تسوية المنازعات الأسرية 

     

           نصت المادة الخامسة من القانون علي إنشاء مكتب أو أكثر لتسوية المنازعات الأسرية بدائرة إختصاص كل محكمة جزئية ، يتبع وزارة العدل ، يضم عددا كافيا من الأخصائيين القانونيين والاجتماعيين والنفسيين يتم إختيارهم وفق القواعد التي يضعها وزير العدل بعد التشاور مع الوزراء المعنيين . 

     

            مهمة هذه المكاتب أن القانون أوجب علي من يرغب  في إقامة دعوى تتعلق بالأحوال الشخصية أن يقدم طلبا لتسوية النزاع إلي هذا المكتب أولا ( المادة 6 /1 ) . وتحاول هيئة المكتب بعد الاجتماع بطرفي النزاع تسوية الأمر وديا حفاظا علي كيان الأسرة ( م 6/2) . 

     

            وأوجبت المادة الثامنة من القانون أن ينتهي المكتب من تسوية الأمر بين الطرفين خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم الطلب ، فإذا تم الصلح يثبت ذلك في محضر رسمي يوقعه أطراف النزاع وينتهي به النزاع ، وإذا لم يتم الصلح يحرر محضرا بما تم من إجراءات وترسل الأوراق إلي قلم كتاب محكمة الأسرة المختصة خلال سبعة أيام من تاريخ طلب أي من أطراف النزاع . 

     

             ووفق المادة التاسعة تكون الدعوى غير مقبولة إذا رفعت ابتداء أمام المحكمة دون تقديم طلب التسوية إلي مكتب المنازعات الأسرية علي النحو السابق، ولمحكمة الأسرة أن تأمر بإحالة الدعوى إلي مكتب التسوية المختص بدلا من القضاء بعدم قبولها.     والتحدي الذي يواجه تطبيق هذا النص الجيد هو اخذ أمر مكاتب التسوية المنصوص عليها بجدية، بحيث يتم اختيار القائمين عليها وفق معايير موضوعية، وأن يتلقوا دورات تدريبية مكثفة تعينهم علي تأدية المهمة المنوطة بهم وفق أحكام هذا القانون، بحيث لا تصبح إجراءات روتينيا يلجأ إليه أصحاب الشأن هربا من القضاء بعدم قبول الدعوى. 

     

           ولنا تجربة مع القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن التوفيق في المنازعات والذي قرر إنشاء لجان للتوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها ، والمشرع كان يهدف بإصدار هذا القانون إيجاد وسيلة سهلة لحل هذه المنازعات تفاديا للجوء إلي طريق التقاضي وتفاديا لبط الإجراءات ، غير أن الواقع العملي أثبت العكس فقد زادت الإجراءات تعقيدا ، 

     

    حيث أصبح اللجوء إلي هذه اللجان عملا روتينيا إجباريا قبل رفع الدعوى تلاشيا للحكم بعدم قبولها لعدم سابقة اللجوء إلي هذه اللجان ، وتصدر هذه اللجان قرارها بقبول الطلب أو رفضه سيان في الواقع العملي إذ أن القرار الصادر بالقبول أو الرفض لا يغني عن اللجوء إلي طرق التقاضي القانونية ، 

     

    فأصبحت عبئا علي المواطن ولم تحقق الهدف الذي قصده المشرع من وراء إنشاءها . فلنأخذ العبرة، حتي لا تكون مكاتب تسوية المنازعات الأسرية مجرد عمل روتيني فارغة من محتواها، هذا هو التحدي الأول. 

     

    ** تشكيل محكمة الأسرة 

     

            وفق نص المادة الأولي من القانون تنشأ بدائرة اختصاص كل محكمة جزئية محكمة للأسرة ، وتشكل هذه المحكمة وفقا لنص الفقرة الأولي من المادة الثانية من القانون من ثلاثة قضاة احدهم علي الأقل بدرجة رئيس بالمحكمة الابتدائية ، ويعاون هيئة المحكمة خبيران أحدهما أخصائي نفسي والآخر أخصائي اجتماعي .       ونصت الفقرة الثانية من المادة الأولي علي أن تنشأ في دائرة اختصاص كل محكمة من محاكم الاستئناف دائرة استئنافية مختصة لنظر طعون الاستئناف التي ترفع إليها في الأحوال التي يجيزها القانون ، وتؤلف الدائرة الاستئنافية وفق الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون من ثلاثة من المستشارين بمحكمة الاستئناف يكون أحدهم علي الأقل بدرجة رئيس بمحاكم الاستئناف ، وللدائرة أن تستعين بمن تراه من الأخصائيين . 

     

          وهنا نواجه تحديان في التطبيق العملي أولهما يدور حول كيفية إختيار وتوفير العناصر القضائية والخبراء المدربين ذوي المهارات لتشكيل هيئات محكمة الأسرة في ظل نظام قضائي لم يعرف بعد نظام القاضي المتخصص ، وفي ظل النقص الواضح في عدد القضاة الأمر الذي يجعلني أنوه هنا إلي ضرورة إعمال النصوص القانونية التي تفتح الباب لتعيين عناصر في الهيئات القضائية من المحامين المشتغلين ذوي الخبرة ووفق نصوص القانون لتفادي العجز في عدد القضاة في ظل الظروف الراهنة . 

     

           أما التحدي الثاني في هذا النطاق يتعلق بتوفير أبنية مناسبة لمحاكم الأسرة ، فنظرا لضيق الوقت فالحاصل أن وزارة العدل تتعاقد علي استئجار عمارات سكنية ( شقق سكنية ) لإستخدامها كمقرات لمحاكم الأسرة ، وهذا حل مؤقت إلي أن يتم توفير أبنية خاصة ، وقد يكون ذلك غير محقق لقصد وهدف المشرع من توفير أمكنة ومقار تتفق وطبيعة المنازعات الأسرية مع الأخذ في الاعتبار وجود الأطفال وحضورهم إلي هذه الأماكن ، وتلك الحلول المؤقتة – التي نرجو أن تظل مؤقتة _ لإستخدام الأماكن السكنية كمقار لمحاكم الأسرة غير مناسبة البتة لمقاصد التشريع في ظل مفهوم نص المادة العاشرة من القانون والذي ينص علي أن تعقد جلسات محاكم الأسرة في أماكن منفصلة عن أماكن انعقاد جلسات المحاكم الاخري وتزود بما يلزم من الوسائل التي تتناسب وطبيعة المنازعات وأطرافها وما قد تقتضيه حضور الصغار تلك الجلسات للإستماع إلي أقوالهم . 

     

    ** توحيد الاختصاص المحلي محكمة الأسرة 

     

             خيرا فعل المشرع حينما وحد الإختصاص المحلي لمحكمة الأسرة ، بأن نص في المادة الثانية عشر من القانون بأن تكون محكمة الأسرة المختصة محليا بنظر أول دعوى ترفع إليها من أحد الزوجين مختصة محليا – دون غيرها – بنظر جميع الدعاوى التي ترفع بعد ذلك من أيهما . 

     

            وأضافت المادة في عجزها بأن ينشأ بقلم كتاب المحكمة المشار إليها ، لدي رفع أول دعوى ، ملف للأسرة تودع فيه أوراق هذه الدعوى ، وأوراق جميع الدعاوى الأخري التي ترفع بعد ذلك وتكون متعلقة بذات الأسرة .       من المؤكد إنه توجه جيد فكرة توحيد الاختصاص المحلي وإنشاء ملفا للأسرة بقلم كتاب المحكمة يضم كافة الدعاوى المتعلقة بهذه الأسرة ، ولكن التحدي في مواجهة التلاعب الذي قد يحصل من البعض إضرارا بالطرف الآخر ، بان مثلا يقوم الزوج بالمسارعة إلي رفع دعوى بقلم كتاب محكمة بعيدة عن محل إقامة الزوجة ، تعنتا ليس أكثر ، ووفقا لهذا النص بإعتبار أن تلك هي أول دعوى ، فان هذه المحكمة التي رفعت إليها تلك الدعوى تكون مختصة بنظر كافة الدعاوى التالية من الزوج أو الزوجة ، وهذا فيه ظلم كبير ، لذا نري مراعاة ذلك في التطبيق العملي إلي أن يتم تعديل النص التشريعي ، بما يضمن الاختصاص المحلي وفق القانون المعمول به قبل صدور هذا القانون مع الإبقاء علي فكرة توحيد الاختصاص المحلي ، وفكرة إنشاء ملف الأسرة . ** الاهتمام بعقد دورات تدريبية للعناصر المبينة بالقانون والعاملة في محكمة الأسرة ومكاتب التسوية كما سبق وأن بينا فإن فكرة هذا القانون قائمة أساسا علي اعتماد فلسفة التخصص القضائي، ومن ثم فالملاحظ أن المشرع قد وفر لها كافة الإمكانيات البشرية – المتخصصة – كل في مجاله ، في سبيل تحقيق مقاصد التشريع . بدءا من مقار محكمة الأسرة فهي أماكن مستقلة ومناسبة ( المادة العاشرة ) ، مرورا بتشكيل الهيئة القضائية سواء في دوائر المحاكم الجزئية أو الاستئناف فهي هيئات متخصصة ، فضلا عن الخبراء القانونيين والنفسيين والاجتماعيين الملحقين بتشكيل الهيئات القضائية أو العاملين بمكاتب تسوية المنازعات الأسرية ، . 

     

            فقد نص القانون في مادته الرابعة علي إنشاء نيابة متخصصة لشئون الأسرة تتولي المهام المخولة للنيابة العامة أمام محكمة الأسرة ودوائرها الاستئنافية بما في ذلك من إبداء مذكرات بالرأي في الدعاوى المنظورة ووجوب حضور ممثل عنها بالجلسات والإشراف علي أقلام كتاب هذه المحاكم عند قيد الدعاوى والطعون واستيفاء مستنداتها ومذكراتها وفقا لنص المادة 65 من قانون المرافعات المدنية والتجارية . 

     

            ومسايرة لمبدأ استقلالية المحكمة وتخصصها فقد نصت المادة 15 من القانون علي أن تنشأ بكل محكمة أسرة إدارة خاصة لتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها أو من دوائرها الاستئنافية ، تزود بعدد كاف من محضري التنفيذ المؤهلين المدربين ، الذين يصدر بتحديدهم قرار من رئيس المحكمة ، ويتولى الإشراف علي هذه الإدارة قاض للتنفيذ تختاره الجمعية العمومية للمحكمة الابتدائية من بين قضاة محكمة الأسرة في دائرة تلك المحكمة هنا لابد أن نواجه تحديا أكبر في تأهيل هذه العناصر كافة من خلال دورات تدريبية متخصصة ومتعمقة كل في مجاله ، ليكون الجميع قادرا علي أداء المهام المنوطة به علي خير وجه . 

     

           تلك بعض التحديات التي قرأتها وأنا أستطلع نصوص هذا القانون راجيا من الله أن أكون قد وفقت في عرضها لتكون في الاعتبار حتي نستطيع جميعا نحن العاملون في الحقل القانوني أن نسعي إلي تطبيق مقاصد التشريع وروح القانون وصولا إلي استقرار الأسرة المصرية . 

    **كاتب المقال

    دكتور القانون العام والاقتصاد

     

    عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

     

    مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

     

    مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

     

    مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

     

    مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات

     

    نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية

     

    نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا

     

    عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة

     

    عضو منظمة التجارة الأوروبية

     

    عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان

     

    محاضر دولي في حقوق الانسان

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الدكتور عادل عامر يكتب عن : محاكم الأسرة في مصر ونظامها القانوني Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top