كتب : حافظ الشاعر
صدرت حديثاً عن منشورات المتوسط الرواية الأولى للكاتبة العمانية المقيمة في الإماراتليلى عبدالله، حملت عنوان "دفاتر فارهو". وفيها يفرد (فارهو) وقد بلغ الثالثة والأربعين دفاتره السوداء في السجن أمامَ صحفي أمريكي يرغب في تحويل حياته الغريبة إلى فيلم وثائقي. غريبة؟ نعم فالصبي الصومالي الذي فرَّ مع أمّه وأخته من اضطرابات الحرب الأهلية وأزمة المجاعات في وطنه بوصاصو، بمساعدة خالهم الأثيوبي المقيم في إحدى دول الخليج؛ هو نفسه الصبي الذي يقع ضحية عصابة إفريقية تتاجر بالأعضاء البشرية بزعامة خاله. (فارح) هو ما أصبح عليه الصبي الذي سيعيشُ حياة اللجوء في بلدٍ غير بلده، مصيرٌ مشترك مع الكثير من الوافدين العرب وغير العرب في دول الخليج، حيثُ أسئلة الاندماج ومصاعب العمل وتحصيل قوت العيش، في ظلِّ غلائه، وبوسائل غير مشروعة غالباً.
روايةٌ هي الأولى للكاتبة ليلى عبد الله، لكنَّها تكشف عن مهاراتٍ سردية تتجاوز عتبة البدايات بالمضي في صبر أسرار النفس البشرية، وتتبِّعِ مصائر الهاربين من الحرب الأهلية والمجاعة، المطاردين من جحيمِ الرَّصاص والقتل العشوائي، إلى جحيمٍ من نوع آخر يكون فيه الإنسان متَّهماً وضحية في آن.
نحن هنا أمام روايةٍ جريئة عن أطفال الحروب والمنافي، عن تشرُّدهم في أوطان غريبة وعن غربتهم في أوطانهم، تستعرضها الكاتبة من خلال حياة فارهو البطل المرتقب لفيلم وثائقي.
أخيراً جاء الكتاب في 244 صفحة من القطع الوسط.
من الكتاب:
لقد تركنا أوطاننا لأنها خالية من الأمان رغم أنها فائضة بالأسلحة، في صغرنا كنا نعتقد أن السلاح وجد لحمايتنا، ليحمي الإنسان من الأشرار، لكن عندما كبرنا قليلاً، كبرنا بمرور الأوغاد، بمرور المصائب والكوارث والمجاعات لا بمرور الزمن، تكاثر السلاح وصار بأيدينا، بأيدي الكبار منّا، صار يجلب لنا الشرور، يجلب لنا الجوع، ويهدم بيوتنا، ويبيد من نحبهم، هذا السلاح هو من دمّر وطني، ووراء خراب كل الأوطان.
ليلى عبدالله: كاتبة وناقدة من عُمان مقيمة في الإمارات. لها عدة مشاركات في مجال القصة القصيرة على المستوى الخليجي والعربي. من إصداراتها القصصية: "صمت كالعبث"، "قلبها التاسع"، "كائناتي السردية"، كما صدر لها كتاب "رسائل حب مفترضة بين هنري ميللر وأناييس نن"، "أريكة وكتاب وكوب من القهوة" في سيرة الكتب والقراءة، وفي المقالات صدر لها "هواجس غرفة العالم"، ولها دراسة بعنوان: "أدب الطفل في دولة الإمارات".
0 comments:
إرسال تعليق