اعداد : حافظ الشاعر
قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مقابلة مع قناة RT France ووسائل إعلام فرنسية، إن الأمريكيين يحاولون إقامة دويلة غير شرعية شرقي الفرات في سوريا، ويرعون هناك فلول "داعش".
كسينيا فيودوروفا، مدير ورئيس تحرير RT France:
مرحبا بكم معالي الوزير وشكرا لكم على منحكم لنا هذه الفرصة. سأبدأ فورا بالسؤال الأول. تتعرض روسيا دائما، وبالأخص في الآونة الأخيرة، لوابل من الاتهامات من قبل الدول الغربية ووسائل الإعلام: كالتدخل في الانتخابات والهجمات السيبرانية ضد عدد من المنظمات، بدءً من الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات وانتهاءً بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية. ومنذ فترة وجيزة وجهت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وهولندا في آن معا اتهامات مماثلة وقدمت لممثلي وسائل الإعلام معلومات مضى عليها نصف عام. فما هذا؟ أهي حملة مخطط لها بهدف الضغط على روسيا وفرض عقوبات جديدة؟ وكيف تعلقون على الأدلة المقدّمة بهذا الصدد؟
سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي:
يصعب عليّ البتّ بجدية في هذا الموضوع لأن جميع الأدلة تقدّم لنا عبر وسائل الإعلام. ومع الاحترام الكبير لها ولمهنة الصحافة، إلا أننا كأناس جادّين لا يمكننا النظر في مسائل محددة تُتهم خلالها روسيا الاتحادية بجميع الذنوب دون استخدام المعايير القانونية المُصاغة خصيصا لهذا الغرض.
لقد ذكرتم بأنهم ألصقوا بنا تهما مضى عليها ستة أشهر. ومنذ حين أتهمونا أيضا بما مر عليه "أربع سنوات". فمقتل نائب الرئيس السابق لشركة "آيروفلوت" السيد غلوشكوف الذي كان يقيم في لندن بعد تقديم لجوء سياسي له فيها، أثار مجددا قلق الإدارة البريطانية. وظهرت تكهنات جديدة حول أن روسيا متورطة في مقتله، وذلك لأنه كان ينوي قبيل وفاته التحدث عن علاقاته بالاستخبارات، وعن ما تنوي الأخيرة فعله في بريطانيا وغيرها من الدول الغربية.
وبالتالي، فإن ستة أشهر ليست الحد الأقصى. وسنكون مستعدين لاستفزازات أوسع نطاقا. ولكن ردنا بسيط للغاية: إذا كانوا يتحدثون معنا عبر وسائل الإعلام، فسنرد عن طريقها ولكن بشكل دقيق ومحدد.
والدقة تكمن في أننا نطرح أسئلة عملية بحتة. فلماذا لا يتم، مثلا في الأمر الذي تحدثتم عنه، تفعيل آلية معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية؟ فهي تنص مباشرةً على أنه يجب على الدولة العضو في المعاهدة والتي تظهر لديها تساؤلات تجاه دولة عضو أخرى في المعاهدة أن تبدأ بشكل مباشر بالحوار الفعال مع هذه الدولة. فهذا لم يجرِ.
والأكثر من ذلك أنه عندما أرسلنا إلى الهيئات المعنية في إنجلترا طلب لجنة التحقيق التابعة لنا حول ضرورة تفعيل قواعد المساعدة المتبادلة في القضايا الجنائية، أبقوا هذا الطلب لديهم عدة أشهر بدون أي رد، ومنذ أيام قليلة جاءنا الرد الذي كتب فيه رسميا أنه ولأسباب متعلقة بالأمن القومي لا يمكن لبريطانيا أن تقدم لنا المساعدة في هذه القضية الجنائية بالتحديد والمتعلقة بمصير مواطني روسيا الاتحادية.
وحتى إذا أخذنا بعين الاعتبار أن لدى سيرغي سكريبال جنسية مزدوجة، فبالإضافة للجنسية الروسية لديه جنسية بريطانية، فإن يوليا سكريبال مواطنة روسية مئة بالمئة. وكل المعاهدات الدولية تطالب لندن بتنفيذ التزاماتها والسماح لنا بالوصول إلى يوليا.
فهم لا يسمحون بمقابلتها، والأكثر من ذلك ليس هناك رد على سؤال محدد جدا. ليس سؤال مبهم يتضمن عبارات "highly likely" (من المرجح جدا)، أو "ليس لدى أحد آخر دافع أو سبب لذلك"، بل السؤال المحدد: أين سيرغي سكريبال؟ أين يوليا سكريبال؟ لماذا لا يسمحون لأقربائهما بمقابلتهما، ولا يمنحونهم تأشيرات دخول؟ وغيرها الكثير. كل ذلك محدد جدا.
فإذا كان زملاؤنا الغربيون يتعمدون بهذه الهيستيريا إخراجنا عن طورنا، فهم لا يقرأون الكتب التاريخية بشكل صحيح. فإذا كان هذا الأمر سطحيا أو أن هذا السعار السياسي، إن صح القول، سيزول بشكل طبيعي، وعندما سيفرغون كل ما في جعبتهم، عندها نحن في انتظارهم في الميدان القانوني للحوار الجاد والمهني وغير البروبوغاندي.
إيف تريار، نائب مدير إدارة جريدة فيغارو:
معالي الوزير، أنا إيف تريار، نائب مدير إدارة جريدة فيغارو. ولدي سؤال بسيط للغاية: من وجهة نظركم ألا تنحاز فرنسا بشدة إلى الولايات المتحدة في سياستها تُجاه إيران وسوريا وأوكرانيا؟
سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي:
لا أوافق على ذلك، لأننا إذا أخذنا على وجه الخصوص إيران فإن فرنسا وروسيا وبريطانيا وألمانيا والصين وإيران كذلك تبقى جميعها ملتزمة بخطة العمل المشتركة الشاملة حول البرنامج النووي الإيراني. ويجري الآن عمل مكثف جدا بما في ذلك بمشاركة جميع الدول التي ذكرتها آنفا، أي واضعو هذه الاتفاقية عدا الولايات المتحدة التي انسحبت من هذه الصفقة. يجري عمل مكثف من قبل الثلاثية الأوروبية وروسيا والصين وإيران للحفاظ على هذا الاتفاق ولكن بدون الولايات المتحدة. لذا لا بد من وضع آليات تسمح بتنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه وكذلك تأمين الأرباح الاقتصادية لإيران التي ستنفذ التزاماتها في ظروف جديدة.
ويتضمن هذا العمل الكثير من المشاكل التقنية والمالية والإجراءات المصرفية، ومع ذلك يجري تنفيذه. وآمل بأن تلك التهديدات التي تصرح بها واشنطن التي لم تخرج من خطة العمل المشتركة الشاملة فحسب، وإنما تطالب الآخرين بوقف مشاركتهم في هذا الاتفاق الذي يعتبر واحدا من أهم الاتفاقات خلال السنوات الأخيرة. آمل أن تلك التهديدات لن تؤثر على البزنس الأوروبي.
لقد سمعت بأن بعض الشركات الأوروبية، بما في ذلك الفرنسية قد غادرت إيران. وزملاؤنا في برلين وباريس ومع تأكيدهم بالتزام حكومتي ألمانيا وفرنسا بهذه الصفقة يقولون إنه لا يمكنهم إجبار البزنس على البقاء في إيران، في حال كان لدى هذا البزنس مصالح أكثر في الولايات المتحدة الأمريكية. نحن ندرك ذلك، ولكن يمكن للحكومات ويجب عليها القيام بكل شيء من أجل تقديم البدائل للبزنس. وهذا بالتحديد ما يقوم به زملاؤنا من الهيئات المالية والبنوك المركزية وغيرها من الهيئات الأخرى.
وبالتالي لا أرى هنا تطابقا في مواقف فرنسا والولايات المتحدة، كما لا أرى تطابقا في مواقف باريس وواشنطن في حزمة واسعة من المسائل الأخرى، بما في ذلك الموقف تجاه اتفاق باريس للمناخ والذي خرجت منه الولايات المتحدة أيضا، كخروجها كذلك من إحدى المنظمات الموقّرة والتي يقع مقرها في باريس، وهي منظمة اليونيسكو. أعتقد أنه هذا مثال غير جيّد لتطابق مصالح الولايات المتحدة وفرنسا، فهنا نرى تنافر واضح للمصالح.
أما فيما يخص سوريا، فمن المرجح هنا بأنه لديكم الكثير من النقاط المشتركة في المواقف تجاه هذه الأزمة، وليس بين فرنسا والولايات المتحدة فحسب، وإنما بين أوروبا والولايات المتحدة عموما. فتعمل ما تسمى بالمجموعة المصغرة حول سورية والتي شُكّلت بمبادرة من الرئيس ماكرون، ويدخل فيها كل من فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا والأردن والمملكة السعودية ومصر كما أذكر. وتتخذ هذه المجموعة مواقف لا نقاسمها فيها. وهنا أنتم أقرب بكثير إلى مواقف واشنطن.
وأتجرد عن الأشكال التي تُعرض فيها هذه المواقف في هذه المرحلة أو تلك، فأنتم توجهون العمل بالشكل الذي سيّغير النظام السوري بأي ثمن وبأن تنتهي العملية السياسية بتغيير النظام حتما، ما لا ينص عليه القرار رقم اثنان وعشرون وأربعة وخمسون، والذي نريد احترامه والذي يقترح مبدأ واضحا جدا: على السوريين بأنفسهم أن يقرروا مصير بلدهم ومصيرهم. وهذا القرار يقترح، كما تعلمون، صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، انتخابات يمكن لجميع السوريين أن يشاركوا فيها، وغيرها من الأمور.
وبالطبع، لا يمكننا أن نوافق على تصرفات أعضاء هذه المجموعة المصغرة، وقبل كل شيء تصرفات الأعضاء الغربيين في هذه المجموعة المصغرة، تجاه استخدام القوة ضد الدولة السورية وضد المنشآت الحكومية السورية تحت ذريعة استخدام دمشق للأسلحة الكيماوية. وهذه الذرائع لم تُبرهن فورا بالحقائق. وما جرى في الرابع عشرة من أبريل، عندما قصفت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة منشآت مرتبطة، كما أُعلن، بإنتاج الأسلحة الكيماوية في سوريا، وقد جرى ذلك قبل عدة ساعات من الوصول المفترض لمفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لهذه المنشآت.
وكنتم على علم بذلك، كان مسؤولوكم على دراية جيدة بذلك، والجميع علم بهذا. وإذا كان في هذه الحالة، عندما كان المفتشون على وشك الوصول وإجراء تحقيق مستقل، قررت هذه الدول الغربية الثلاث قصف هذه المنطقة بالتحديد، فليس لدي أي تفسير آخر، عدا أنكم كنتم تعلمون بأن الاتهامات ضد دمشق باطلة، وحاولتم من خلال هذا القصف.... لستم أنتم بالطبع، المعذرة على قولي ذلك، هيئاتكم الرسمية حاولت من خلال هذا القصف عرقلة عمل المفتشين.
ومنذ ذلك الحين، وكما ذكرت سابقا، نحاول إجراء حوار ما بشأن سوريا. ونحن لسنا ضد الاتصالات مع هؤلاء الذين لا يشاطروننا تقييماتنا، وهؤلاء الذين لا نقاسمهم تقييماتهم. روسيا تتواجد في سوريا بدعوة من الحكومة الشرعية، أما الدول الغربية فبدون هذه الدعوة. ولكن الرئيس ماكرون قد طرح حينها فكرةَ أن تقوم هذه المجموعة المصغّرة حول سوريا بالتواصل مع مجموعة أستانا: مع روسيا وتركيا وإيران. نحن مستعدون لمثل هذه الاتصالات، ولكن علينا، بالطبع، بدايةً وقبل البدء بشكل جاد
*المصدر نقلا عن :قناة RT France ووسائل إعلام فرنسية
0 comments:
إرسال تعليق