في الحادية عشرة من صباح امس الخميس رحل في المستشفى العسكري في العاصمة السعودية الرياض المشير عبد الرحمن محمد حسن صالح ميرغني سوار الذهب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الذي تولى السلطة في السودان في أعقاب الانتفاضة الشعبية على سلطة الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري في أبريل/ نيسان عام 1985.
الصوفي العسكري
عرف سوار الدهب في أوساط السودانيين والمحيط العربي والإقليمي كأول رئيس يعتلي سدة الحكم، مسنودا بالمؤسسة العسكرية، ثم يتنازل عنها لسلطة مدنية بعد عام واحد فقط، كما وعد في بيانه الذي أذاعه للسودانيين يومها، حيث تسلم السلطة رئيس الوزراء المنتخب عن حزب الأمة القومي الصادق المهدي عقب انتخابات شعبية، سوار الدهب كان يومها على رأس مجلس عسكري مكون من اللواء حمادة عبد العظيم حمادة، والعميد فضل الله برمة ناصر، والعميد عبد العزيز الأمين وآخرين، لكنه أقنعهم بتسليم السلطة للمدنيين، مستغلا في ذلك قيادته لهيئة أركان الجيش السوداني ثم وزيرا لدفاع جعفر نميري.
الخليفة أبوبكر محمد زيادة ميرغني سوار الذهب خليفة منطقة السروراب التي ينتمي اليها الجنرال الراحل، قال إن سوار الدهب ينتمي دينيا إلى طائفة الختمية المعروفة في السودان (المكون الرئيس للحزب الاتحادي الديمقراطي)، على الرغم من أن جده الكبير ميرغني سوار الدهب كان قائدا لراية الأنصار التي حملت راس غردون للإمام المهدي، وأضاف الخليفة أبوبكر، كان سوار الدهب حتى لحظة رحيله هو خليفة والده على (السجادة الختمية) بالأبيض، لكن شغلته العسكرية وأعماله من بعد التقاعد عن ممارسة الخلافة.
هل كان سوار الذهب إخوانيا؟
رغم تأكيدات الخليفة أبوبكر السابقة بانتماء سوار الذهب لطائفة الختمية، لكن البعض يضعه ضمن الكوادر الخفية لجماعة الإخوان المسلمين، ويسوقون في ذلك شواهد مباشرة وغير مباشرة، ومن تلك المباشرة إذاعة العميد وقتها، عمر البشير لبيانه الأول لانقلابه العسكري عام 1989 من داخل مباني منظمة الدعوة الإسلامية.
مصدر مطلع فضل حجب اسمه قال لـأحد المواقع: “صحيح أن البشير أذاع بيانه الأول من هناك، لكن سوار الذهب كان وقتها خارج السودان، وقد استغلت كوادر الجبهة الإسلامية في المنظمة، الاستديو الحديث الذي أهداه الشيخ زايد للمنظمة لإذاعة البيان عبر شركة الرياض للإنتاج الفني”، وأضاف لإبعاد التهمة عن سوار الدهب، في أعقاب ما عرف بـ(المفاصلة) بين البشير والترابي عام 1999، ترك سوار الدهب المنظمة غاضبا إلى داره، احتجاجا على الاعتقالات التي شنتها الأجهزة الأمنية على كوادر في المنظمة بتهمة الانتماء لحزب الترابي ” المؤتمر الشعبي”، غير أن المصدر رفض التعليق على حادثة عدم تسليم حامية الأبيض العسكرية، التي كان على رأسها سوار الذهب في أحداث ما عرف بالحركة التصحيحية، التي قادها الرائد هاشم العطا ضد النميري في يوليو/تموز 1971. وقال “تلك تقديرات عسكرية، لا يمكنني الخوض فيها، وترجيح ما إذا كان الراحل يخدم تيارا سياسيا بعينه، كما لم يعلق المصدر كذلك على رئاسة الراحل للجنة القومية لإعادة ترشيح البشير في الانتخابات الرئاسية عام 2015، وقال باقتضاب للرجل تقديراته الخاصة.
سمات شخصية:
الخليفة ابوبكر وصف سوار الذهب بـ(الرجل المواصل) وقال، كان موجودا في الأفراح والأتراح كلها رغم سنه ومرضه، وكشف عن رفضه لجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، وتسلمها بعد ممانعة، وقام بتوزيع ريعها لأعمال المنظمة الخيرية من حفر لآبار، وعلاج للمرضى في إفريقيا وآسيا. أما حفيده ميرغني سوار الدهب فقال، إن سوار الذهب رجل بسيط، وكان شديد الاعتقاد بأن البركة والشفاء بماء “الأزيار” التي توضع على الطرقات العامة، يشرب منها باستمرار طلبا للشفاء والبركة.
ومن المتوقع أن تحط الطائرة مساء الخميس في المدينة المنورة، ليدفن المشير سوار الذهب بمقابر “البقيع” إلى جوار والده، عن عمر يناهز الـ83 عاما، حيث ولد في مدينة الأبيض عام 1935م