تعيش الأمة العربية الأن أسوأ حالات التمزق والتردى والموت البطىء ، وتتمرغ فى الوحل عاجزة عن مواجهة ما يحيط بها من عوامل الدمار والإنهيار وهى لا تشعر ، وتتكيف مع مشكلاتها تكيف سلبى ، فى الوقت الذى يواصل فيه المخطط الأمريكى الصهيونى خطواته بكل دقة ودراسة من أجل الهيمنة على المنطقة العربية والسيطرة على ثرواتها بدءا من احتلال العراق وتدميره، متسلسلا إلى الإبادة اليومية للفلسطينين على يد العدو الإسرائيلى ، مرورا بتقسيم وانفصال السودان ، إلى الانهيار الكامل لليمن وليبيا وسوريا ، ثم استدراج باقي الدول العربية للمشاركة في محاربة ما يسمونه بالإرهاب ، من أجل بيع صفقات السلاح ، واستنزاف الأموال الخليجية ، وأصبح العرب بين ذابح ومذبوح، وطارد ومطرود ، تسبتاح أراضيهم من الجميع ، ولو نظرت الي خريطة الصراعات العالمية تكفي للحكم بأن هذه البقعة التي صدرت للعالم العلم والمدنية باتت الكابوس المروع والمفجع للإنسانية كلها ، ففيها بذرت ونميت فأثمرت خبائث التطرف الديكتاتوري، والديني، والمذهبي، والعرقي، لتسوق جميعها فيما سمي «بالربيع العربي» الذي كشف السرطانات، والمخططات، وبعض العملاء لتكون المحصلة ملايين القتلى والمصابين واللاجئين .
لم يواجه العرب دول ومجتمعات وحضارة مخاطر أكبر من تلك التي يواجهونها الآن، فالأمة العربية ــ أصبحت في مهب الريح وباتت قاب قوسين أو أدني من الاندثار بفضل سياسات داخلية مارسها العرب ضد بعضهم ، وخارجية نفذت أحيانا كثيرة بأيدي محسوبين علي العرب لتكون المحصلة واحدة،
ففى عام ١٩٩٨ كتب الشاعر ( نزار قبانى ) قصيدة بعنوان ( متى يعلنون وفاة العرب ) وانتظر العرب كثيرا حتى احتلت وتمزقت العراق ، فانقسام السودان ، فضياع ليبيا واليمن ، وانتهاء سوريا ، وإنهيار تلك الدول وضياعها سيكون شاهدا على تلك الأمة التى ماتت اكلينيكيا ، وينتظر خروجها من غرفة الانعاش ، فلم يعد يجدى معها كلام ، وحتى الذين خذلوا هذه الدول ، وتركوها تلقي حتفها من الدمار والخراب وباعوا أهلها ، وتنازلوا عن كل القيم والاعراف العربية ، فلم يسلموا من عصابات الغرب من الأمريكان واليهود ، والذين يجيدون فن الكذب والخداع وبيع الأوهام ( وأكذوبة الديمقراطية وحقوق الانسان ، واستقرار المنطقة وحمايتها ) وهم في الأصل يخططون منذ سنوات لدمار وهلاك تلك الأمة وتقسيمها الي بلدان متناثرة ومتناحرة بداية من فلسطين والذين قدموها هدية للعصابات الصهيونية.الي احتلال العراق عام 2003 بحجة وجود اسلحة دمار شامل في العراق علما بان مراقبي الامم المتحدة والجواسيس ظلوا يسرحوا ويمرحوا في العراق لاكثر من 15 عاما وارجعوا الى ارشيف تلك الفترة لتتبينوا ماذا بيتوا للعراق وماذا فعلوا فيه ، وبعدها تقسيم السودان الي دويلات غير مستقرة ، ودمار ليبيا واليمن ، الي ابادة سوريا .. وياليتها تكون النهاية ..
والان نرى دول الخليج تبتلع "مرارة" ترامب في سبيل استقرارها ، فالتصريحات المتضاربة والكاذبة، ولهفة جمع المال أهم سمات سياسة الرئيس الأمريكي " ترامب " حيال دول الخليج، فتاجر العقارات لم ير في دور بلاده في المنطقة أكثر من جامع للمال في مقابل خدمات سياسية وعسكرية.
ومنذ سنوات بعيدة وحتى اليوم لم تتغير نظرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للخليج. فهو طالما رآها مجموعة من الدول تحوز قدراً هائلاً من الثروة النفطية " فهى دول " أبار بترول وزكائب من الأموال " وأن عليها أن تدفع مقابلا "لخدمات" الولايات المتحدة في حفظ أمن واستقرار هذه المنطقة ، تحت شعار " ادفع لتبقي "
الدولة الوحيدة التي ابتعدت عن هذا الإطار هي سلطنة عمان التي "استطاعت أن تنأى بنفسها عن الصراعات العربية-العربية والعربية-الإيرانية والأمريكية-الإيرانية واستقرار عمان هو أكبر دليل على صحة هذه السياسة الخليجية الخاطئة ، لتقف سلطنة عمان كالعادة وقت اشتداد الفتن، عن الدخول فى تلك المهاترات، التى كانت ترى طوال الوقت أنه ليس هناك ما يبررها، اللهم إلا المراهقة السياسية، وهو ما لم يعجب المراهقين الذين نراهم بين الحين والآخر يطلقون قلماً من هنا أو لساناً من هناك، للتهجم على مثل هذه السياسة الحكيمة، فيطالبونها بالانضمام إلى هذا الحلف آو ذاك، من تلك الأحلاف التى أصبح عنوانها الرئيسى سفك الدماء من جهة، واستنزاف أموال وثروات المواطنين من جهة أخرى.
ولأن هذه السياسة قد تميزت بها عمان منذ ما يقرب من 48 عاماً، وقت أن تولى السلطان قابوس الحكم هناك، فإنه من الصعب استدراج عمان إلى هذا المستنقع مهما كانت المغريات، ، فهذا النهج المستقل سارت عليه حتى الآن سلطنة عمان ، التى راحت تشجب وتستنكر كل الممارسات الصبيانية فى المنطقة ..
لا يختلف إثنان أن الأمة العربية تمر بمرحلة دقيقة وخطيرة غير مسبوقة فى تاريخها الحديث ، فقد أصبح العرب يرقصون فى ظلام صنعوه بأنفسهم ويقفزون على سطح صفيح ساخن.. فلم يعد أحد يعرف ـ هل يتحركون رقصا أم يئنون بالوجع.. وهل يتخبطون فى بعضهم أم غيرهم؟
فماذا أنتم فاعلون أيها العرب ؟
0 comments:
إرسال تعليق