• اخر الاخبار

    الاثنين، 7 أغسطس 2023

    سيبندية شوقي كريم،،محنة المسكوت عنه ..الناقد/ياس الركابي

     

     


    *عنوان مثير للاستغراب والدهشة،لمن روحه ليست كروح شوقي كريم المغمسة بعجينة الجنوب...... لان السيبندية مفردة  دالة على كل ماهو شاذ ومرفوض إجتماعياً من السلوكيات  التي لاتتفق والنفاهيم الاخلاقية التي  تسير المجتمع، ولقد تعمد شوقي كريم في التماهي مع هذه الافعال الغريبة لتبيان سلوكيات وأفعال هؤلاء السيبندية إثر تداعيات المرحلة التي كان  العراق عليها، اثناء وبعد مصرع الزعيم عبدالكريم قاسم إولئك الذين عبثوا فساداً وفق ماكانوا عليه من سلوكيات فرضها رجالات الحكم  بعد مقتل الملك الشاب ،والتي كانت خارجة عن المألوف في التعامل مع مجتمع بائس فقير انهكته صراعات على مدى عشرات من سنين سبقة تلكم الحقبة... وضع شوقي كريم أمام مجساته  العارفة بما يحدث ويحدث جيداًلفقراء العراق والمسحوقين بكل مايحملون من تأريخ هم وأهليهم .... وشوقي كريم ماانفصل عنهم وما تنكر لوجودهم الانساني ،طبقة اجتماعية مسحوقة فقراً والمنتهكة حقوقاً ليحيل القارئ الى مخفياتهم هؤلاء الذين يمثلون تاريخ العراق بأكمله...

    إستلهم شوقي كريم من واقعية الاحداث الإجتماعية التي إصطبغت بلون الدم إثر عديد التشوهات التي كانت سائدة بعد تداعيات المرحلة التي تبعت مقتل الملك فيصل الثاني عام ١٩٥٨ وما تبعتها من فصول دراماتيكية بعد خمس سنوات والمتمثلة بإغتيال الزعيم عبدالكريم قاسم هذا الأسطورة الذي كان له الفضل في خلق وعي جديد لبؤساء العراق ومعدميه الذين دفعوا ثمنا كبيرا بسبب مؤازرتهم له حتى لحظة موته. جاءت احداث(سيبندية)شوقي كريم كأنها تمثله خصوصية وسلوكا ....مع إن الراوي العارف وضعنا امام صور حكائية لأبطالها بما هم عليه من خلفيات اجتماعية وانحدارات طبقية وتخصصات علمية واكاديمية ليضفي على مسرودته تلك العلاقة بين معاناة الواقع وصدق نوايا هذه الفئة الإجتماعية المسحوقة لتبدو لنا وقائع الرواية مشذبة رصينة لتدع المعتكف لقراءتها متمعنا وبوعي منه وحتى نهاية احداث الرواية.

    هذه هي احداث رواية ال(سيبندية) التي كان عموم فضاء زمنها مكللا بكل ماكانت عليه آيديولوحيات وصراعات فكرية عقائدية يمينية يسارية قومية شعوبية عربية كردية وحدوية ناصرية ...واللافت ان القارئ لأحداث السيبندية هذه والبعيد عن أجواء واقعيتها والبعيد عن معايشته لهذا الواقع يرى ذاته وقد انغمست في احداث هذه الرواية ومجرياتها ذلك لأن سردها جاء بلغة اهل الارض ذاتهم حتى ليَشعر بالتلذذ وكانه في حلم من احلام يقظة ذلك لان الأحداث كانت تدور في عهد الزعيم قاسم حيث ال(لازعيم الا كريم) او مااشيع على تسميتها بالحقبة القاسمية وما شابها من عنف وإضطرابات وصراعات بعد اغتيال عبدالكريم قاسم واستفحال ظواهر عنف أولاد الشوارع من مرتزقة المرحلة التي تلت موت الزعيم لتنعدم معها الرؤية لدى عموم الشعب وهو يرى تسلط الفئات الضالة من كلاب حرس قومي ..سيبندي!!لقد نجح شوقي كريم في الإمساك بتلابيب ابطال مسرودته وهو يمسك بهم بقوة ليجسد من خلالهم صور حوار هو يراها تمثلت بكثافتها وسلاستها مع طغيان العامية كلهجة وما تأسس على تلك الخاصية من مفردات سب وشتم وقذف لاذع كان شوقي يتعامل معها من خلالهم لأنه الوحيد العارف بالكيفية التي يتعامل معها إزاء فئتين إجتماعيتين تمثل إحداهما الخير وهم  المسحوقون والأخرى تلك التي يسيرها شر ال...سيبندية ولابد من الإشارة الى ان شوقي كريم إلتفت الى سياق التتابع الحواري وهو يمسك بزمن الروي تماما كما هو ( المخرج والسيناريست)كيما يصل الى حبكة محكمة وبإنسيابية. جاءت احداث (السيبندية)عبر حوارات اكتنفها الزحام والحراك النشط ونحن نرى كما يعتقده هو كذلك بان روايته هذه ستظل مشرعة فصولها وسوف لن تكون حقبة اندحار الحرس القومي خاتمة لها فإن جاز لنا القول بان زمن روايته تناول مالم يستطع سواه الغوص فيه وان هناك ضالة اخرى قد ارتسمت امام ذهن شوقي وهو بصدد النيل منها (ففضاء) ..ال(سيبندية)

    مازلنا ندور في منحنياته....وشوقي كريم .....هو وحده القادر على بناء آليات جديدة لتشكيل زمان ومكان هو ادرى بالكيفية التي سيوظف لهما بواقعية قد.... تسحرنا... هذه المرة. نجح شوقي بتجسيده لتواريخ الفقراء ((كنباش!) والذي هو واحداً منهم كاشفاً كل مااراد سواه ان يبقى خلف حجب ليأخذنا الى معاينة الواقع السياسي الموبوء بالتفاهات والانتهاكات الانسانية ا!! تداخلت صياغات عالم روي شوقي على تنوعها ذلك لان عتبة انطلاقتها كانت في مرحلة خطيرة تلك التي زامنت مرحلة حكم الزعيم عبدالكريم قاسم وما تبعها من تناحرات بين مختلف الفصائل الممثلة للحركة الوطنية العراقية وما دخل على خط الفعاليات السياسية تلك من مؤامرات اللاعب الخارجي العربي وبعض قوى  اقليمية وما رافق ذلك من إختلافات وردات فعل التي دفعت بالبلاد الى واقع اجتماعي وسياسي اصبح في لاحق الايام انموذجاً تحتذي به الحكومات المتعاقبة،تمثل بطلة الرواية (نادية حسان)المركز المتحدي بعد مقتل والدتها الدكتورة الشيوعية واختفاء الاب في ظروف غريبة ظلت خفية على الجميع،اما القاع فكانت تتحدث بلسان السطل وابن الحفافة ومديحة الحفافة وسواهم ممن ركبوا الموجة العاتية واصبحوا قادتها بقوة رشاشات البورسعيد(الغدارة)التي ما كانت تسكت ابداً،لم اك انتظر كثيراً خاتمة الكشف فلقد قرر الراوي أن التواريخ تعيد نفسها فهاهي نادية حسان تحتفظ بصندوق اسرارها وقد اصبحت جدة تروي لاحفادها المرتجفين هلعاً ما حدث وما قد يحدث في قادم الايام،استنطق شوقي كريم في سيبندية تلك الفترة المظلمة من جوانبها الاجتماعية مع مؤثر بسيط للفعالية السياسية التي كانت توجه الاحداث وتقودها. .

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: سيبندية شوقي كريم،،محنة المسكوت عنه ..الناقد/ياس الركابي Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top