• اخر الاخبار

    الأحد، 13 أغسطس 2023

    (مسرودة ممسرحة).. خمول يقظ ..بقلم الأديب/ شوقي كريم حسن

     


    (بعد انتهاء لعبة الشطرنج،يعود الملك والجنود الى الصندوق دون اعتراض ..

    حكمة هندية قالها المهاتما غاندي )!!

     إنتهت لعبة الشطرنج بعد قتال قاس وتنفيذ خطط ماكرة اسالت الكثير من دماء الجنود المغلوبين على  امرهم والمهللين  بفرح على غير عادتهم،بين الملك الشديد الغطرسة  والعظمة، الواثق من تفاني جنده واستبسالهم من اجل تحقيق رغباته التي لاتعرف النهايات ابداً ،ومهرجه  الشبيه بثعلب ادمن الحيلة والمكر ،و الذي لايحبذ الصمت بين يدي سيده  الذي يعشق الاعيبه وسخريته الباعثة على الانتعاش والمسرة،قال المهرج بعد أن انبطح على قفاه مصفقاً بقدميه الرفيعتين مثل عمود خيمة مسود،— مالذي كنت تفعله دون وجودي؟!!

     لبعض الوقت صفن الملك مداعباً شفتيه اللتين احس بجفافهما فجأة،ثمة ماحرك دواخله المليئة باسئلة خاملة يبحث لها عن اجابات توقف ماسميها خطاياه الصغيرة المتوحشة،

    رد بنزق ملكي خال من اللطف— كلهم مهرجون ان تطلب الامر رضاي…!!

    — لكنهم لايتقنون التهريج مثلي،،التهريج وراثة

     مثلما الملك وراثة،،جدي كان مهرجاً لجدك وأبي لابيك وهانذا ملاعب الملك ومهرجه،،منذ صبانا مالعبنا غير لعبة حضورنا ذاتها،،ملك عات ومهرج مجنون؟!!

    — تتوهم هذا باشارة اصبع واحدة ممكن ان اضع من اشاء مكانك واضعك مكانه!!

    — لا احب مغادرة قربي منك،، تستهويني  اللعبة رغم خطورتها!!

    —- لولا لسانك الذرب الذي لايعرف ما يهذر به لكنت على غير ما انت عليه،،ليتك تراجع افعالك لتكون الاقرب اليَّ؟!!

    ضحك المهرج بصوت مجلجل،اثار انتباه الحراس،وخدم القصر، تنبه الملك ضجراً الى الفوضى التي احدثها مهرجه الذي تناول ببطء صولجان الحكم الذي كان مستقراً فرق كرسي العرش،فاشار عليهم بالانسحاب،تبادلا نظرات

    تبادلا نظرات الغضب ،صاح المهرج وهو يلقي الصولجان إليه—- عصا عرشك عصا،،وجودك عصا،، لولاها ماكنت وما كان لهذا الذي تسميه

    عرشاً معنى،،الملك عرش وصولجان،،،لاشيء غير هذا؟!!

    — كف عن قول مالاتعرف،،لارث هو الذي جعلني ملكاً وجعلك مهرجاً،، منذ صباي احلم لو تبادلنا الادوار كنت احسدك،،اكرهك لانك تتمتع بحرية

     لاتعرف الحدود،،حرية مطلقة ،،!!

    — صبي مثلك ما كان بقادر على كسر قيود العظمة واكاذيبها المتوارثة.. الفرق بيننا انك تمنيت ان تكون ولو لبعض وقت مهرجاً ولكني ما تمنيت ان اكون ملكاً، تقيده سلاسل عرشه !!

    — غبي أنت،،خطوك تائه وسط اكاذيب  التهريج وضحكاته الماجنة المتلاشية بعد لحظات!!

    — وعرشك،،ماذا عن عرشك،،ابصره،،ابصره هذر منافق واستحسان باطل لافائدة منه ونداءات احتجاج لا احد ينصت اليها!!

    — مالذي تريد الوصول اليه بالحاحك الغريب؟!

      ،،عرشك فراغ..وايامك جوف خالية من المعنى،، غير قادرة على الثبات!!

    — ارث توجب عليَّ حمايته،،!!

    —- وأنت،،،ماذا عن أنت؟!!

    (المشهد بعيداً عن التكرار،،خال من التزويق  والمحسنات المطلوبة بصناعة مواقف كهذه)

    .. الاضاءة خافتة الى حد الاظلام….

    خطوات رتيبة تأتي من أمكنة متفرقة،،،صوت مغن او مغنية يقتحم الخلوة التي ازدادت وحشة،،المغني او المغنية لافرق—-/دع وهمك

    يلحق ليل خطاك/وسؤال البهجة بعثرهُ في طرقات عجزك / آه لو تعرف سر مواجعنا المنسية عند مدافن الاسلاف/ لاتكشف خطيئة لسانك مادمت تطارد حروب الاوهام/ياليل بسك حزن  روح ابتعد عنه/ الروح ذابت قهر وما بقت بس ونه/  وقح زمانك/ ازمنتنا رماد/ سلكنا طريق الصعوبة/ياليل بسك عاد  الظلم حطمنه/،!!

    مع تبدد العتمة،الذي حدث دون انتباه من أحدٍ ، أزاح الملك بضجر واضح،رقعة الشطرنج المتقنة الصنع ،بكلتا يديه غير آبه بخسارته  التي أعطت فرصة ماكان يصدقها، للمهرج بأن ينقلب على قفاه محركاً ساقيه ، مثل قرد مشاكس، منادياً بأصواتٍ طاعنة بالشماتة والاستهزاء،  جذبت انتباه الملك الذي أصابته  ومضات حزن لايعرف مردها،أغمض عينيه بسرعة وفتحهما على الاتساع محاولاً طرد مالحق به من هموم

    اوجعت اعماقه  التي مارت مثل هدير بحر

    لافظة  نفاياتها الكدرة.

    — الم اقل لك ان التيجان عرضة لخسارات قد تطيح بكل الأحلام والمطامح..التيجان محض هراء مدون فوق قراطيس النذالات،، التي ماقالت الحقيقة يوماً وما اكترثت لفعل نبيل..

    اقرأ ان استطعت..حكايات حروب ومقاتل ترويها الكلمات بتفاخر وقح.

    رد الملك بنبرات صوت وقور تعمده ثقيلاً مؤثراً،

    —خطأ يحتاج الى إعادة حساب.. أشد الاخطاء فتكاً تلك التي تباغت حضورك دون انتباه لتحيل

    روحك الى فشل يتلوه فشل!!

    — ماكان عليك إرتداء مسوح الغفلة..خطوات التيجان محسوبة لاتقترب من رعونة خطوات العوام ومعارف الخطأ،،الناس ألسنة والملوك أفعال،، لألسنة تمجيد والافعال رسوخ!!

     تبادل الجنود نظرات التعب آخذين بيد الملك  المهان بالخسارات غير المحسوبة الى الصندوق المفصص بالعجيب من  الصور  المثيرة لدهشة السؤال،متوسدين بعضهما البعض مثل سجناء الزنازين المليئة بأسئلة الاسى والحرمان،  توسدوا  قهر صمتهم وناموا لزمن لايعرفون مسافات تلاشيه،القى الجنود أسلحتهم  المغسولة بدبق أصابع الملك ومهرجه، حالمين بحفلة توقظ مشاعر الفرح في اعماقهم التي جففتها عصبية المهرج الغريب الاطوار،اتكأ الملك الشطرنجي بعد ان القى تاجه وصولجانه الى زاوية العتمة،امراً جنوده بابعاد العرش الذي ماعاد لوجوده فائدة ترتجى،،الصناديق الضيقة لا تحبذ وجود الزائد من الاشياء الغريبة، تحركت الاقدام الدائرية لتتهيأ لمراسيم الرقص  الطارد لكل انواع الملل والياس،همس الملك لوزيرة الساكن مثل حجر اصم—لعبة خالية من المنافسة مهرج يجامل ملكه خوفاً من بطشه!!فرك الوزير عينيه المتعبتين ،محدقاً وجه الملك الكيس الهادىء الطباع،محاولاً قراءة مايريد الوصول اليه،لم ير منذ صار وزيراً حيادية مثل حياديته،يبتسم بشماتة خالية من اللين،لحظة معرفته مكامن الخطر،  يقهقه متفاخراً حين  يتغلب المهرج الطاوسي على مليكه المتمتم دوماً بطلاسم لايفقها سواه، تعالت الاصوات الخافتة منادية بالاحتفال،قال الملك الشطرنجي.

    — وظيفة قاسية تلك التي توجب علينا ممارستها  ملك شطرنج يسعى دون ارادة منه الى حتفه.!!

    رد الوزير مبتسما—لعبة جميلة ومسليه،،كم من المرات طالنا الموت لكن عنادنا ادمن الاستمرار!

    —- ماذا ان صنعنا  لعبة نسلي  بها!!

    رد الوزير متعجباً—كيف؟

    — مهرج يقود جنده لاقصاء الملك والجلوس على عرش وثير قلق الوجود!!

    رد الوزير بملل— لا اعتقده يرضى،،المهرجون اكثر تأثيراً ؟!!

    — مهرج ملك،،ذاك ما اريد رؤيته حقاً..!!

    — لا اظن ان الا الامر يختلف كثيراً،،الملوك خرجوا من رحم التهريج!!

    بحركة جميلة رفيعة الدقة والقبول أشار الوزير

    الى علو بحركة بهلوانية رشيقة لفتت انتباه الجنود، أنفتح سقف الصندوق كاشفاً عن القاعة  الملكية التي تغيرت كثيراً، في الزاوية القصية اليمنى ، ملك متعثر الخطو طالته سنوات الهرم الشيخوخة حتى بات لايرى من مايحيط به شيئاً،مهرج يتكي الى عصا من الابنوس الاحمر بأربعة رؤوس من تنانين شوهاء، تطلق نيراناً خافتة ،العرش ناله العتق، ونخرت اركانه عثة الوقت الذي غادر معناه،الصولجان مرمي عن قدمي المهرج الملتاث العقل و الذي كلما  صادفه بغتة،رفسه بعنف الضائع ،محاولاً إبعاده عن دربه، صاح الملك بصوت واهن ذليل خال من الاستحسان والسمو الملكي،

    — هي النهاية لافائدة من شيء!!

    — لعبة فراغ قادتنا الى انتظار لحظة فراغ اتية!!

    —مالذي جنيناه،،عرش وصولجان وحروب وتصفيق وأغاني،،ليتني وعيت الوهم منذ بداياتي..غروري أعمى إنسانيتي!!

    — حاولت ايقاظ  غفوتك مرات عدة لكني فشلت،،كلما جئتك بدرب أمرت باغلاقه،،!!

    — تصورت إن الايام لاتنتهي بهذا الشكل الذي أثار مخاوفي!!

    — تلك هي العلة..تلال من المخاوف لانعرف كيف نتخلص منها!!

    / لحظة اكتمال المشهد لم تحن بعد، مادام التكرار مستمراً،،اللوحة الملهمة عذراء مرسومة باتقان على غاية من الادهاش تحمل بين يديها صبياً ماهر التحديق بعينين نرجسيتين تشعان بضوء الاسئلة الحائرة المليئة بالمفاجئات،،

    ..ملك ينظر الى رقعة شطرنج ممسوحة المعالم

    مهشمة الارجاء ،متحسساً وجه الملك الخالي

    من الملامح متنهداً!!

    مهرج لايبصر سوى حواف الضوء  المخلوط بالعتمة ،يحث الوزير المراقب بحذر الى مايمكن أن يكون، على اعلان التمرد والعصيان،،

    .. ملك الشطرنج وحده بكامل صمته واتزانه يمازح جنوده بمحبة قد تبدو مبالغ فيها، لأنه اطمئن الى عدم دخول الغرباء الى عالمهم المليء بالبهجة والخالي من الكراهيات../.!!

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: (مسرودة ممسرحة).. خمول يقظ ..بقلم الأديب/ شوقي كريم حسن Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top