ليس من السهل أن تحكم على نص روائي بالفشل , كما انه ليس بالأمر اليسير أن تقدم نصا روائيا للقراء على أنه على قدر من الجودة .تلك مسؤولية كبرى .
فماهي المعايير التي يحتكم إليها
الناقد للحكم على النصوص الأدبية ؟
ليس
كل عمل روائي أعجب ناقدا ,أو
مجموعة من النقاد يعد عملا جيدا .و ليس بالضرورة أن يرضى الناقد على
نص من النصوص الروائية , ويمنحه
الامتياز ليكون مؤهلا للقراءة من قبل
القاريء . القاريء له رأيه الخاص وذوقه المميز
في اختيار النص الروائي الذي يرغب في قراءته .هناك روايات جيدة لا يتفطن
لها الناقد ,أو قد يقصيها لسبب من الأسباب ,.الناقد عندنا يحكّم عاطفته و مصلحته
على حساب الموضوعية . .
النقد في وطننا
العربي يلزمه سنين ضوئية كي يتطور,
وذلك حين يصبح الناقد يتعامل مع النص لا
مع صاحب النص . يقوم بوظيفته النقدية بكل أمانة و موضوعية
.إن الكتابة الإبداعية مجال يتسع للجميع , و لا يمكن لنا بأن نسلم بوجود نص
إبداعي مكتمل .
إذن , ماهي مؤهلات الرواية الناحجة
؟ هل الموضوع هو أساس نجاح الرواية ,أم اللغة أم الحبكة ؟ أم اسم كاتبها إذا كان
معروفا , و له وزنه في الساحة الإبداعية , هو الأساس في نجاح الرواية ؟ ماهي الرواية الناجحة , هل التي تحقق انتشارا
, ومقروئية ويكتب عنها كثير من النقاد , وتحصد عديدا من الجوائز, و يحصل كابها على التكريمات من مختلف الجهات المعنية
بالثقافة ؟ و أي صنف من الروايات يرضي
الناقد , خاصة إذا كان مخولا من قبل المسؤولين عن المنابر الثقافية للحكم على الأعمال الروائية, و الوقوف على
مواضع القوة و الضعف فيها ؟و هل كل رواية حققت مقروئية , وحركت الفضاء النقدي و
استفزت أقلام النقاد تعد رواية ناجحة ؟متى نقول عن الرواية إنها ناجحة , هل التي
تحقق بعدا معرفيا , أم التي تحقق بعدا
ماديا ؟
لماذالا يتفق النقاد على وضع
معايير للرواية الجيدة ؟ وهل الرواية
الناجحة دائما رواية جيدة , وهل الرواية
الجيدة حتما تحقق النجاح المطلوب ؟ الواقع
يقول ,إن الروائي المعروف ــ الذي له وزنه
في الساحة الأدبية ــ أوفر حظا من الروائي المبتديء . دور النشرــ مثلاــ لا تغامر
بروائي مبتديء في النشرله , حتى لوكان نصه جيدا ,بينما لا تتردد في النشر
لروائي شهير حتى لوكان نصه عاديا أو حتى
ضعيفا .فيكفي في العمل الإبداعي
اسم كاتبه كي يحقق مبيعات أكثر , و هذا الأهم عند أصحاب دور النشر . ومن جهة
أخرى يسارع النقاد إلى تقديم التبريكات و
التهاني القلبية للكاتب الروائي , وتشجيعه على مواصلة الكتابة و' التكاثر
الروائي '
.فلماذا لا ينتظر الناقد حتى
يراجع ذلك النص الروائي ثم يقدم
تبريكاته أو تـ ...؟ المولود إذا كان مشوها أو معوقا يقدم الأهل و الأصحاب لأبيه العزاء لا التهاني . لماذا يخشى الناقد
في بلادنا العربية من الروائي الشهير الذي له
تجربة كتابية كبيرة , فيتجاوز عن أخطائه و فضائحه في الكتابة
الإبداعية , و يجعل منه كاتبا أسطوريا لا يتكرر ؟ بينما لا يجد بدا في ذبح و سلخ و
فضح ضحاياه من الكتاب المبتدئين ؟ إذا كان
النص الروائي ضعيفا فاشلا لماذا يكلف الناقد نفسه تعبا و ارهاقا بتلك العملية , التي يشعرالمتتبع من ورائها بأنه ليس ناقدا , بل محاربا في معركة
قتالية يريد أن يأخذ ثأره من صاحب النص
تحديدا ؟
وإذا كان النص الروائي فعلا ضعيفا و رديئا لماذا
لا يتخلص منه برميه أو حرقه , لماذا كثير
من النقاد مايقرؤونه من النصوص الرديئة
يضعونها في مكتباتهم,و ينسون أقوالهم حين حكموا عليها بالرداءة و القبح ؟
ألا تقع هذه النصوص الرديئة في يد الباحثين فيدرسونها وتنتشر بذلك بين القراء , مثل
المرض الخطير في الجسد الضعيف ؟
هل سألنا أنفسنا من الذي يضنع اسم
الروائي , ليكون شهيرا ؟ هل الروائي هو الذي يصنع
اسمه ؟ الناقد هو الذي يصنع للروائي اسمه في الغالب .الناقد يمنح المكانة العالية لروائي معين في الساحة الأدبية , و يحرم روائيا آخر منها , يقصيه
بجرة قلم لسبب أو لعدة أسباب ..
بعد أن يحقق الروائي ــ المرضي عنه ــ شهرة بفضل ناقد له شأنه الكبير, تنقلب الأدوار و
يصبح الناقد يتعامل مع نصوص صديقه الروائي الشهير بحذر ,يخشى تقويمها إن طالها
الاعوجاج لأنه هو الذي منحه يوما ما جواز
السفر للتحليق في فضاء الكتابة دون محاسبة,ولم يصبح بمستطاعه أن يسحبه منه على
الاطلاق ..
هل يسأل الروائي نفسه إن كان راضيا
عما يكتب ؟ و هل يسأل نفسه إذا كان الناقد
راض عما يكتبه ,أم انه يصفق له مجاملة ليس
إلا ؟ و هل القاريء مسرور بنتاجه الروائي الذي يغرق السوق ؟لماذا لا يتوقف الروائي
عن الكتابة إذا نضب مخزونه الإبداعي , و لم يعد بمقدوره أن يقدم للقاريء النص الذي
يرغب ؟ لماذا يضطربعض الروائيين تكرار أنفسهم
في كل عمل يصدرونه , حتى يكاد يكون
كل نص جديد نسخة عن النص السابق؟
في هذه الحالة
لماذا لا يأخذ هؤلاء الكتاب
إجازة ــ مثلا ــ لبعض السنوات , يعتزلون
فيها الكتابة الإبداعية ؟ هل يخاف الروائي
من الغياب ؟ هل على الروائي أن يظل متواجدا ,حاضرا في الساحة الأدبية حتى لا يطال تاريخه الإبداعي
النسيان ؟و هل الاستمرار في الكتابة و الاصدار
يضمن له البقاء ؟ فكيف إنن يضمن الخلود لنصوصه الأدبية بعد عمر طويل ؟..
0 comments:
إرسال تعليق