• اخر الاخبار

    الأحد، 13 أغسطس 2023

    ابجدية التصاعد الدائرية في رواية سيبنديه لشوقي كريم ..دراسة للناقد/ محمد يونس محمد

     


     

    تعدد مداخل المتن –

     تشكل بنية الرواية الحديثة، أو على وفق منطق أصح الرواية الجديدة، والتي قد أتاحت لها ما بعد الحداثة التواصل مع مفهوم التاريخ بطريقة حرة، حيث تجعل من التاريخ عدة مضامين متصلة في السيرورة، ومنفصلة بالموقف الأساس، ويكون التاريخ في الرواية الجديدة ليس ذلك التسلسل الواقعي والعضوي الزمن، بل هناك فسحة سرد تستمد منه نفسها وتتواصل حتى تبلغ الحد الذي تقف عنده، ومن ثم تأتي بعد ذلك فسحة زمنية مختلفة للسرد، وتلك الصياغة التي أشبه بدائرة تدور فيها التفاصيل الثابتة المسميات والمتبدلة الصيغ، وهذا التبدل هو الوحدة الأساس التي تمنح الرواية المتعة، وذلك النفس الحر في معالجة أبعاد الموضوع الأساس، ولدينا رواية اهتمت بتلك الأسلوبية وأضافت عليها ما يمكن القول بتعرية المواقف، وذلك ما قامت به العنونة الأحادية في رواية – سيبنديه – لشوق كريم والصادرة من راد العراب والعربية، والتي استعارت من التاريخ المعاصر المعنى المفهومي وانعكاس أبعاده في واقع الرواية، حيث تعددت وتنوعت التفاصيل التي تعكس لنا الغاية والقصدية التي بنيت عليها العنونة.

    البنية الفنية في الرواية بدأت من تنويه ومن ثم اتجهت الى التفاصيل السردية في عشرة مداخل، وتفسير مفردة – مدخل – حسب الفلسفة الموضوعية التي نعمل عليها وكما تشير تقنيات الرواية ايضا، بأن تلك المداخل هي اما تسبق المتن، واما تكون امتان تتعاقب وتتوالى في افق الكتابة السردية، وقد هدف المؤلف شوقي كريم أن يكون المدخل وحدة سردية، وذلك قد احالنا الى فكرة جانبية، حيث تغيرت لعبة الزمن في الرواية، وبدلا من ذلك التتابع المتواصل زمنيا، قدمت لنا الرواية تلك الفسحة بعد انتهاء تفاصيل كل مدخل، وبذلك اصبح هناك وجود لفسحة زمنية لتأمل ذلك التاريخ الذي اشتغلت عليها الرواية من وجوه عدة، وبقي هناك ايضا وجود نسب من التبئير التي تظهر ومن ثم تختفي، وتلك احد المهمات في وجود المؤلف داخل النص وليس خارجه، فبعض الجمل والاشارات المباشرة لشخصيات ادبية ونصوص ايضا، والتي كانت تمثل الحس الادبي للمؤلف اكثر مما هي تمثل مشاعر واحاسيس الشخصيات، وذلك التضمين يمثل الوعي تحديدا.

    الرسم السردي للمسكوت عنه –

    مثلت الرواية احد اهم القضايا السياسية في القرن العشرين، والتي بدت بغموض من جهة، ووضوح بنسب مختلفة من جهة اخرى، وذلك التاريخ السياسي الملتبس والحساس، قد اختاره المؤلف بعناية ودراية من جهة الوعي، ومن جهة المعايشة فتمثل المرحلة البكر للمؤلف، وهي مرحلة الدهشة والقلق، وتشكل اخصب مرحلة عمرية في الحياة البشرية، والمؤلف شوقي كريم قد تحول من افق الدهشة والقلق الى افق المعارض والرفض والاحتجاج، وكانت الرواية في التفسير السياسي لا تمثل ذلك الحس الأيديولوجي المعتاد، بل كانت محايدة نسبيا، وجعلت التفاصيل هي بحد ذاتها الفيصل الذي يسمي الامور بوضوح، وفعلا كانت شخصيات القسوة ذاتها النذالة والدونية تتوضح من خلال الشخصيات الدائرية الزمن، وكانت ظاهرة الحرس القومي فعلا دون صرامة نظام او تنظيم واداري، وكانت الفوضى العنيفة وبروز نفس القسوة والظلم الغريزي، ويقابل ذلك الانكسار والهزيمة والخنوع، وقد اختلطت المصائر الانسانية وتداخلت، وجاء ذلك لصالح الرواية، كي لا يكون افق الصراع بالسمة التقليدية.

    لقد اهتمت الرواية برسم افق سردي للظروف التي اعقبت عبد الكريم قاسم، والسقوط والهزيمة التي اذاقت الحزب الشيوعي الامرين، لكن كان هناك فطرة سردية واضحة، حيث تركت بنية الرواية الشخصيات هي بذاتها التي تقودنا الى مصائرها، وهذا يقودنا الى دوستوفسكي في ترك الحرية التامة لشخوصه في ممارسة التفاصيل الحياتية، وايضا تمكنت رواية شوقي كريم شخوصها من تعرية انفسهم بأنفسهم، او تقوم شخصيات اخرى بمساعدتهم على ذلك، فأبن الحفافة كان مازوخيا بنسب كبيرة، وبنسب اخرى على عكس ذلك، وكذلك كانت نادية تلك الضحية المستسلمة لقدرها، لكن في نفسها تبدي رفضا لا رجاء منه، وترك الشخصيات تفصح لنا عن طبيعة الغايات التي تسعى اليها، هو المعيار الامثل للوعي، ومن يتحكم بمصائر شخوصه يفرض سلطته على المتن النصي، ويقدم لنا ارادته وليس ارادة الشخوص، وصراحة اهم يميز واقع راوية شوقي كريم تلك الانسيابية الحرة للشخوص، وماتن ذلك على الرغم من قسوة وصعوبة ظروف ذلك التاريخ العصيب، وعدم وجود صراع سياسي متوازن، بل على العكس من ذلك تعتبر تلك المرحلة التاريخية انحدرت الى مستوى تصفية حساب ليس الا، وتلك ملامح غضب النفوس الأيديولوجية الرعناء، والسعي لتصفية كل معارض لها بقوة السلاح، وذلك ما تمكنت الرواية من سرده بحيادية عالية النسب، وتركت للشخوص التكفل بذلك، وفي مستوى التحليل الموضوعي للخطاب الروائي، يحسب للرواية الخوض في كشف ملامح واشكالات تلك المرحلة الحساسة والعنيفة من تاريخ العراق الحديث.

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: ابجدية التصاعد الدائرية في رواية سيبنديه لشوقي كريم ..دراسة للناقد/ محمد يونس محمد Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top