• اخر الاخبار

    السبت، 26 أغسطس 2023

    (عراقوش) والتوتر الموازي لسير الاحداث للروائى والقاص شوقى كريم حسن .. بقلم : علوان السلمان .

     

     


    " ان السخرية ليست تنكيتاً ساذجاً على مظاهر الأشياء، ولكنها تشبه نوعا خاصاً من التحليل العميق"..لغسان كنفاني.

      وباستحضار (عراقوش) بكل مسروداتها التي نسجت عوالمها النصية انامل منتجها الروائي والقاص شوقي كريم واسهمت دار الصحيفة العربية في نشرها وانتشارها/2022..كونها نتاج ادبي ينمو عبر تحريك الذاكرة الانفعالية ومخزونها الفكري ونوعية التجربة التي يسجل لحظاتها المنتج(السارد)...الذي ابدع في تصوير طبيعة الحياة والعلاقات التي تتحكم بها عبر خيط من التوتر المتوازي مع سير الاحداث.. ابتداء من الايقونة العنوانية بصفتها عتبة نصية لها دلالاتها..المؤطرة لعوالم النص والمساعدة في ايضاح دلالاته (فهما وتاويلا وتفكيكا وتركيبا)

    (بحركة رشيقة اثارت دهشتي واعجابي..القى بندقية عتيقة اتخذها الصدأجسدا هرما ليرتديه..تلقفتها بيدين مرتجفتين ادمنتا الحركات المستفزة..الظلمة القت بعتمتها بعيدا كاشفة عن دهاليز ومماش لم ارها من قبل..وجوه كالحة بلحى كثة مليئة بدهانات سود..وشعور شعثة تلف بين وهادها اتربة احالتها الى الملاح..صاح احدهم منغما صوته الشائخ تعبا(العمر ضاع او مشه او ما ظل بعد صاحب)..رد الجالس عند النصب الحافل بالاخطاء والمدجنين لاكاذيب الليالي(لاتسل عن صاحبك..وعوف الجره او صاحب)... الواقف بين يدي الشاعر الثمل منذ الف عام ونيف(اوخلك وفي النشوتك اوكاسك وفي وصاحب)..ص108

    فالسارد يوظف النصوص الشعرية الشعبية ويحولها الى مكون عضوي من مكونات نصه السردي الذي تميز باتساع فضائه مع تنوع تقنيات السرد من وصف وحوار درامي مع تعدد زوايا الرؤية السردية.. فيوظيف الابوذية بوصفها موروثاً شعبياً و ملمحاً أسلوبياً  يلجأ إليه لإضفاء طابع التزاوج والتداخل اللفظي بين المفردات  الفصيحة والعامية..ومن ثم  نقل اللغة من حالتها السكونية إلى حالة خصبة متنوعة الدلالات..

    (اعددت دفترا مدرسيا تلون غلافه فراشات زرق يحاولن الفرار دون قدرة على التحليق..الليل يصيب كياناتنا المهدورة الاثام بتصلب يمنعنا من الاتيان بما لا تقبله اللحظة..ارسم سهما يتجه صوب مجهول معتم..واخط على عجل سموم مواسمي(الدنيا فقاعة صورها قبل ان تنفجر)..هههه جك بك.. ياقارىء كتابي ابك على شبابي.. بالامس كنت تكسي..اغاتي اتروح الباب الشرجي...لا مو طريقي..هههه اول واحد اراه يعرف طريقه..واليوم في السكراب مدافن تكاثرت وامهات نسين بهاء الالوان..)ص109..

      فالنص يواكب الذاكرة بشعبيتها  وقيمتها الاجتماعية وبعدها الانساني.. باعتماد المنتج على المزاوجة في بنائه جامعا ما بين نهج السرد التاريخي بتوظيف تقنيةالاسترجاع والتذكر وتكنيك اللقطات بتقديم احداث تنتمي الى ماض من الزمان وتأطيرها باطار سردي مفتت لحركة الزمن بحضوره الفني المعاصر..فضلا عن كشف المنتج(السارد) عن دواخل الشخصية وحقيقتها الحياتية لتحقيق ما تصبوا اليه عبر تكوين ابداعي مستل من الواقع القلق بمهارة ابداعية تحمل خطابا يجمع ما بين متعة الخيال والذكريات بعيدا عن التأويل..مع امتلاكه المكونات البنائية النصية... فضلا عن تركيزه على شخصيات تلاحقها اضاءات المنتج عبر حلقات محورية ترسم من خلالها الابعاد الرئيسة لهذه الشخصية..فتؤكد حضورها على مساحة واسعة من جغرافيةالنص الذي تركبت عوالمه على الحدث المروي بلغة يومية متناسقة تحمل بين طياتها روح العصرمتمثلة بالموت والسواد(واليوم في السكراب مدافن تكاثرت وامهات نسين بهاء الالوان..).. وهذا ساعد على تحريك الخزانة الفكرية للمستهلك(المتلقي) متأملا المباغتة التي يستخدمها المنتج لتفعيل النشاط الذهني ومشاركته من اجل وصول المعنى المقصود والاستقرار في النفس .. فضلا عن توظيفه الكوميديا السوداء للتعبير عن سخافة العالم الحديث وعدم حساسيته ومفارقاته وقسوته... اضافة الى توظيف الاغنية الشعبية  التي تعد  صوتاً مضافا إلى صوت الشاعرليمثلان طبقات المعنى (ياليل صدك/ ما اطخلك راس وشكيلك حزن)ص67 ...فالنص يعكس موقفا مبدئيا معريا واقعا اجتماعيا وسياسيا ويجسد اختلاجات النفس المثقلة بأعباء الحياة وطغيان السلطات..

     لقد اتسمت هذه التجربة بالسردية الوصفية المثاقفة بين عناصر السرد(حدث وحبكة وشخوص وزمكانية نفسية وطبيعية وحوار(ذاتي وموضوعي)..مع انقسام (الانا) الساردة الى انوات تنطق نيابة عن(انا المنتج) الصامتة او المعلنة عن نهايتها بلغة مكثفة مشحونة بالانفعال..هذا يعني ان السارد يضغط معادلاته البنيوية(الاجتماعية والنفسية والمكانية والزمانية..) تاركا لها ان تتشابك مع ما سبقها من دلالات سردية مركزة على الهم الاجتماعي كمحرك مؤثر في توظيفه داخل بنية السرد التي تتخذ من المنهج الواقعي التاريخي اسلوبا سرديا باتخاذه الطبقات المنهكة موضوعا وشكلا لها.. ضمن بنية سردية تستحضر اللغة المحكية في وصف طبيعة العلاقات والصراع القائم داخل المجتمع.. اذ تقمص اللهجة الشعبية وتشخيص الواقع من خلال عكس وتصوير المعاناة الاجتماعية والسياسية للانسان عبر الترميز واعتماد فسيفساء اللغة في بناء المسرودات المشهدية التي تحاول ان تشتبك مع الطيف اللغوي (الفصيح والعامي) من اجل خلق مستويات لغوية للاسهام في صنع العالم الجمالي للغة وخلق موقف ساخر من المظاهر الاجتماعية والسياسية...(آآآآآآه..السجن لي مفخرة..والمشنقة يا بو الحسن مرجوحة الابطال..تتلفت خطوط الجدران التي كانت اياما قاسية..فغادرت مجبرة الى فوق قنينة وحروف تتوهج حسرة..ينصت الحارس باحثاعن يقين مصدر الصوت العابث بمحال العيون التي امسكت بالاهات نائحة بصوت يشبه نباح كلب..صاح:ابن القحبة ما لحناجركم لا تكف عن الغناء..ازمنتكم تغني وانتم تقفون عند جحيم موتكم..

     

     

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: (عراقوش) والتوتر الموازي لسير الاحداث للروائى والقاص شوقى كريم حسن .. بقلم : علوان السلمان . Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top