• اخر الاخبار

    السبت، 26 أغسطس 2023

    وجهة نظر..رسالة الى مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي.. بقلم :البروفيسور الدكتور حسين علي هارف.. استاذ الفن بجامعة بغداد. كلية الفنون الجميلة.

     

                       


    تباينت المواقف و الاراء و وجهات النظر في ما يتعلق بالاسماء المكرمة في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي و تحفظ الكثيرون على اسماء محددة لاسيما الفنانة ليلى علوي التي انهت الجدل بذكاء و نُبل و اعلنت اعتذارها عن حضور المهرجان !

    اقول .. رغم ايماني بموضوع ضرورة ان يرتبط اختيار الاسماء المكرمة بطبيعة المهرجان ( التخصصية) بعيدا عن معايير النجومية و لمعان الاسماء !

    اقول لم يُحسن الكثير من المسرحيين العرب و لاسيما اخواني المصريين منهم الطريقة في الاعتراض فوقع منهم في التنمّر و التهكم الساخر بل وفي الاساءة لبعض الاسماء المكرمة او حتى للمهرجان و ادارته .. و هذا لا يليق بمن اتخذ من المسرح مهنة و شغفا و همّاً و رسالة .. فالمسرح رسالة و محبة و سلام و جمال و من يدخل عالمه يجب ان يطهًر نفسه من كل الشرور و الملوّثات .. صغيرها و كبيرها ..

    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي هو واحد من اهم المهرجانات المسرحية العربية الى جانب مهرجانات بغداد و قرطاج و دمشق و الشارقة  و الاردن و البقعة ،  إن لم يكن أهمها على الاطلاق !

    هو مهرجان نوعي و حاول عبر اداراته المتعاقبة ان يحافظ على توازنه و الارتقاء بمستوياته الى مديات عليا .. و قد تولى ادارته على مدى دوراته السابقة خيرة اساتذة المسرح و عمالقته و منهم د فوزي فهمي .. فتحية لهم و لمن ترأس الدورات الاخيرة د جمال ياقوت و المفكر المسرحي د سامح مهران الذي واصل مهمته و استأنف قيادة المهرجان و هو العارف و المطلع على خباياه و الحركة المسرحية العربية .

    شخصيا حضرت اربع دورات من هذا المهرجان كانت الاولى في سبتمبر ٢٠٠١ .. و كانت اخرها ٢٠٢١

    و قد تشرّفت في هذه الدورة بأن اوكلت لي رئاسة احدى الجلسات الفكرية و النقدية .

    و قد كان لحضور هذه الدورات اثر كبير في اثراء مشاهداتي و تنمية ذائقتي الجمالية .. و لذا اعترف ان ما شاهدته من عروض مسرحية متعددة و متنوعة الاشكال و الاتجاهات و الاساليب من اوربا و افريقيا و امريكا و اسيا قد أغنى ثقافتي البصرية ، فضلا عن الندوات التي كنت احضرها و اشارك بها حين كانت تعتلي المنصة اسماء كبيرة من امثال سعد اردش و المنصف السويسي و فؤاد الشطي و المديوني و و و ..

    ورغم تحفظي على طريقة الاعتراض على ادارة المهرجان والتي اخذت طابعا شخصيا بتركيزها على الاشخاص لا المعايير ، الا انني ارى جانبا من الموضوعية في ما اعترضوا عليه .

    ان خصوصية مهرجان القاهرة التي تميزه ( وجوبا) عن مهرجان قرطاج و دمشق و بغداد و مهرجان الهيئة العربية وباقي المهرجانات المهمة هي في انه يحمل توصيفا مهما و متفردا و محددا و هو ( التجريبي ) و هذا التوصيف يحمّل المهرجان و ادارته و لجانه ( ولاسيما لجنة المشاهدة ) مسؤولية الدقة في اختيار عروضه التي يجب ان تحمل بقدر او بآخر نزوعا تجريبيا سواء في الاشكال او المضامين و المعالجات .. لا ان تكون عروضا مسرحية تشبه ما يتعرضه باقي المهرجانات .. و الا ؟! لماذ سُمّي ب ( التجريبي) و لم يقال مهرجان القاهرة الدولي المسرحي !

    و اذكر انه في احدى السنوات تم تغيير اسمه بحذف كلمة التجريبي و لكن سرعان ما تمت العودة الى التسمية الاصلية و التي تليق به..

    اعترف انني شاهدت في الدورات الاربعة عروضا تجريبية بحق … و لكنني بالمقابل شاهدت عروضا استغربت ان تكون ضمن عروض مهرجان يوصف ب ( التجريبي ) !!

    و عودة الى موضوع التكريم و موضوع الفنانة ليلي علوي ..

    ان خصوصية كل مهرجان و تخصصه يجب ان تكون هي المرجع في اختيار لجانها التحكيمية و لجان المشاهدات و اختيار اسماء مكرمّيها ..

    فلا يمكن ان يكون مهرجانا مختصا بمسرح الطفل مثلا ان يكرّم فنانين ليس لهم منجزا في هذا الميدان بل ربما لا علاقة لهم به لا من قريب ولا من بعيد .. فالاولى هم من كان لهم باع طويل فيه كتابة او تمثيلا او اخراجا او بحثا و نقدا . 

    ولا يمكن لمهرجان مونودرامي ان يختار اسماءً و نجوما ( لمجرد انهم نجوما ) ليتم تكريمهم و يتغاضى عن تكريم اصحاب المنجز و التجربة العريضة في المونودراما ك ( عبد الحق الزروالي ) على سبيل المثال لا الحصر طبعا !

    و لذا ارى من غير الموضوعي ان يلجأ مهرجان ما الى الاستعانة باسماء نجوم لا بصمة لهم في تخصص و طبيعة هذا المهرجان ( ولاغراض دعائية لا غير !! ) ..

    و في ما يتعلق بمهرجان القاهرة ال( التجريبي) ارى ضرورة اختيار اسماء لها محاولات و اجتهادات ابداعية ذات منحى تجريبي من مخرجين و تقنيين و ممثلين و مؤلفين ..

    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يجب ان يحافظ على صفته و يتمسك بها و يكون صارما في الانتماء اليها و اتخاذها معيارا حاسما و دقيقا في الاختيارات .. العروض و الاسماء و اللجان و و ..

    الفنانة ليلى علوي و التي احبها كممثلة و حسب علمي قد اخذت نصيبها المستحق من التكريمات و الجوائز في مهرجانات السينما و التلفزيون العربية و منها ما أقيم في مصر العظيمة التي ندين لها بالفضل على كافة المستويات الفنية .. مصر التي هذّبت ذائقتنا و دربت حواسنا و عمّقت وعينا ..مصر استاذتنا في الثقافة و الفن ..

    ليلى علوي اعتذرت لسفرها لتنهي هذا الجدل و التقاطعات بروح فنية رياضية عالية .

    و قبل ان اختم وجهة نظري المتواضعة اود ان اذّكر بتوصية لطالما اكد عليها الكثير من الحريصين على مهرجاناتنا و حركتنا المسرحية و الفنية العربية .. ان إستعينوا باكبر عدد ممكن من النقاد في لجان المشاهدة و لجان التحكيم الى جانب اسماء راكزة على مستويات الاخراج و التمثيل و الكتابة .. وجود النقاد ضمانة كبرى لتحقيق قدر اكبر من الموضوعية و الانصاف و انا استغرب تشكيل لجان تحكيم العديد من المهرجانات دون ان تتضمن ناقدا واحدا في اقل تقدير .. هذه مثلبة كبرى !!

    اقول قولي هذا و اردد قول الشافعي ( رأيي صواب يحتمل الخطأ و رأي غيري خطأ يحتمل الصواب ) ..

    تحية لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي و هو يبلغ أشدّه في دورته الثلاثين .. و تحية للقائمين عليه و لجانه التي اتمنى لها كل التوفيق و تحية للاسماء المكرمة و للفنانة الجميلة ليلى علوي التي اثبتت نبلها و ذكاءها و جمال روحها..

    **كاتب المقال

    .. استاذ الفن بجامعة بغداد

    كلية الفنون الجميلة.

     كاتب ومخرج وناقد مسرحي

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: وجهة نظر..رسالة الى مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي.. بقلم :البروفيسور الدكتور حسين علي هارف.. استاذ الفن بجامعة بغداد. كلية الفنون الجميلة. Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top