عنوان
مثير … انخيدونيا شخصية لها رمزية تاريخية
و لكن الرواية لا تدعي اي تشابه في السلوك
و الدور .. انخيدونيا.. التاريخية .. ان وجدت .. لم تبعث رسائل تحمل وعوداً عن "حياة فاضلة" او "جنة من
الحب و الغرام" .. لكن يبدو ان ما يريده
كاتب الرواية هو ان يرسم صورة في ذاكرة
القراء .. عن رسائل مقدسة او وعودا وهمية
تتعلق بمفهوم العلاقة بين الانسان و التطور الاجتماعي .. و عليه
يرتكز تصورنا على ما هو المقدس غير المروي… اي انه بشكل ما الوهم
المقدس عن أميرة … شاعرة و أيقونة لتحرر
المرأة و عنفوان دورها العابر لتحديات الواقع الاجتماعي في مجتمع سومر ..تقنياً..الرواية
هي مجموعة قصص..او حكايات لم يحكيها احد …و عليه فانا افضل ان اسميها "حكايات"
و ليس "سرديات" حيث يستخدم
النقاد مصطلح "سرد" ربما لان هؤلاء النقاد يعتقدون ان "السرد"
يختلف عن "الحكاية".. السرد مصطلح علمي و الحكاية مصطلح شعبي.. ربما.. لكن "السرد" هي كلمة حديثة تتعلق في تحقيقات الشرطة خاصة عن
دور الشاهد في سرد ما سمعه ام رآه في حادثة ما…اما "الحكاية" ففيها تلتقي روح
الراوي مع الحدث و احاسيس الشخوص و آلامهم و احلامهم… و اعتقد ان هذا الوصف
ينطبق على الكاتب شوقي كريم حسن و طبيعة
الحكايات في الرواية .. لان الكاتب لا يسرد
احداث منمقة و منظمة بشكل منطقي
مثل مسار الاحداث …و انما يحاول الكاتب ان
يعبر عن دواخل مشاعره و احاسيسه الذاتية
من خلال شخوص الحكايات و رغباتهم و احباطاتهم .. و هذه حالة يفتقد اليها "الكتاب
الحرفين" الذين عادة يسطرون "سرديات" وفق مسارات معروفة سلفاً..رواية
اكاذيب انخيدونيا المقدسة تاخذ القاريء في متاهات المعرفة و الحيرة عند الوقوف في
بوابات و خواتيم الحكايات و مغزاها و رموزها و مآلاتها..و هكذا لا تحمل الحكايات
اسماء لاشخاص او شوارع او مدن و سباب سيارات و اعمال قتل و ملاحقات و غراميات
عابرة .. ليس فيها سياسة و لا ايديولوجيا
واضحة و لا دراما حب و عشق ..و لا هي تتحدث عن بائعة ورد خطفها رجال "الكركدن"
.. و لا اميرة دفعها الفقر الى مقايضة جسدها و تاريخ ابيها الامبراطور بالعيش وسط
ادغال بيوت الدعارة و تنام على فراش هذه الجارية او تلك ..الحكايات هي مجموعة
تجارب لمجتمعات صغيرة هنا و هناك .. مجموعة اشخاص تجتمع دون رؤية او مشروع او هدف
واضح .. ما يشغل حياة هذه الشخوص في المقابل هو ان هناك آمال و آلام و احلام خجولة تظهر هنا و هناك لكن التناقضات اكبر من
ان تسمح لاية حكاية ان تصل الى هدف … ما يجمع الحكايات هو الفشل في خلق صيرورة
للبقاء و لذلك تظهر "التوابيت" و كأنها النهاية للواقع ذاته و ليس فقط
للاحلام الصغيرة و احيانا الباهتة لبعض الشخوص و لو كان ذلك مثلا صورة ذهنية لممثلة سينمائية مشهورة حينما
كان الروائي يعيش فترة شبابه..اكاذيب
انخيدونيا المقدسة تمثل بشكل ما محاولة الكاتب في رسم صورة متشائمة عن فكرة
البحث عن الخروج من المآزق المستدامة .. ازمات
تلاحق ازمات .. و فكرة الخروج مهما بدا
جميلة فانها لابد ان تنتهي عند بوابة "التابوت"..الثيمة الرئيسية في
الرواية هي تحدي فكرة القداسة .. او فكرة الديمومة في زمن تتغيير الولاءات للكركدن
.. حاكماً كان او دولة او مشروع سياسيي او ثقافي او ديني او.. او… حيث
يعني تحدي فكرة القداسة التشكيك في فكرة "الثبات"
ذاتها.. في الحب و الطاعة و الوطنية و الطائفية ووو.. و ربما في اشكال كل الانتماء ..!!..قد يكون هذا هو
مصدر الاثارة في الرواية … هل يريد الكاتب
ان يخبرنا ان سومر بكل صورها و حكايتها هي مجرد اسطورة زائفة… او ان حكاية الحضارة
و بناء الاحلام في حياة اجمل هي مجرد اكاذيب سطرتها اشعار و تراتيل انخيدونيا ..؟؟..
ام ان كل هذا و ذاك هي اوهام نصنعها بحثاً عن الامان في ظل واقع يسابق ذاته في
الانهيار ..؟؟..رواية تستحق القراءة و لعل كل منا يكتشف شيئاً يختلف عما يراه
الاخرون من قصورهم العاجية .. او من بيوت الصفيح التي تختلط فيها احلام
الشباب مع رائحة القمامة و آلام المرضى و
العاجزين..
0 comments:
إرسال تعليق