حذر رئيس إحدى أكبر شركات الأسمدة في العالم من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يستخدم الغذاء كسلاح"، مشيراً إلى أن تأثير ذلك أصبح ملموسا في جميع أنحاء العالم.
وقال سفين توري هولسيثير، رئيس شركة يارا
للأسمدة، إن الدول بحاجة إلى تقليل اعتمادها على روسيا بعد أن تسبب غزوها لأوكرانيا
في الإضرار بإمدادات وأسعار المواد الغذائية حول العالم.
وتعد روسيا من أكبر مصدري الأسمدة والمواد
الكيميائية المستخدمة في تصنيعها.
لكن الحرب تسببت في مشاكل في الإمدادات
ورفع أسعار الغاز الطبيعي، الذي يعدّ عاملاً أساسياً في إنتاج الأسمدة.
ونتيجة لذلك، وصلت أسعار الأسمدة العالمية
إلى مستويات قياسية، وأجبرت المزارعين على رفع أسعار المواد الغذائية، وهو ما يضغط
على المستهلكين في جميع أنحاء العالم.
وقال هولسيثير لبي بي سي في بداية المنتدى
الاقتصادي العالمي في دافوس: "لقد استخدم بوتين الطاقة كسلاح، كما يستخدمون الطعام
كسلاح أيضاً".
وأضاف: "هذا ما ينطبق عليه القول الشهير:
إذا خدعتني مرة، عار عليك، أما إذا خدعتني مرتين، فعار علي أنا".
ويتماشى هذا التحذير مع قلق صندوق النقد
الدولي. ففي حديثها أيضاً إلى بي بي سي، قالت المديرة التنفيذية للصندوق، كريستالينا
غورغييفا، إنه يتعين على العالم "توجيه الانتباه اليوم إلى الأسمدة، لأن هذا هو
المجال الذي نرى فيه تهديدا خاصا لإنتاج الغذاء، وبالتالي لأسعار المواد الغذائية في
عام 2023".
وأضافت: "لا تزال أسعار الأسمدة مرتفعة
للغاية، فعلى سبيل المثال تقلص إنتاج الأمونيا [التي تستخدم في صناعة الأسمدة] في الاتحاد
الأوروبي بشكل كبير. كل هذا مرتبط بالطبع بتأثير الحرب الروسية على أسعار الغاز، وتوافر
الغاز".
وخزنت روسيا الأسمدة للاستخدام المحلي العام
الماضي. وعلى الرغم من تقليل صادراتها، فإن الأسعار القياسية للأسمدة أدت إلى زيادة
عائدات التصدير بنسبة 70 في المئة، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
وزادت موسكو صادراتها إلى دول مثل الهند
وتركيا. وتُنتج روسيا أيضاً كميات هائلة من عناصر مثل البوتاسيوم والفوسفات - وهي مكونات
أساسية في صناعة الأسمدة، والتي تساعد النباتات والمحاصيل على النمو.
ووصف هولسيشر هذه التبعية بأنها "سلاح
قوي".وأضاف: "مع الطاقة، أنشأنا بنية تحتية في أوروبا تعتمد على الغاز الروسي
الرخيص، ونرى عواقب ذلك وتكلفته الآن على الغذاء والأسمدة".
وأشار إلى أن نصف إنتاج العالم من الغذاء
يعتمد على الأسمدة.وأضاف: "إذا رأيت اضطرابات كبيرة في ذلك، فهذا سلاح قوي للغاية".
أفاد اقتصاديون الأسبوع الماضي أن الزيادات
الحادة في تكلفة إنتاج الأسمدة يمكن أن تؤدي إلى قلة إنتاج الغذاء، لدرجة أنه بحلول
نهاية العقد الحالي، ستكون هناك حاجة إلى زيادة مساحة الأراضي الزراعية بما يعادل
"مساحة جزء كبير من أوروبا الغربية" لتلبية الطلب العالمي.
وأضافوا أن هذا سيعني "تأثيرات خطيرة"
بسبب إزالة الغابات والتنوع البيولوجي وانبعاثات الكربون.
وقال الدكتور بيتر ألكساندر، من كلية علوم
الأرض بجامعة إدنبرة: "قد تكون هذه نهاية حقبة الطعام الرخيص. سيشعر الجميع تقريباً
بتأثير ذلك على استهلاكهم الأسبوعي، لكن أفقر الناس في المجتمع هم الذين قد يعانون
بالفعل من أجل توفير ما يكفي من الغذاء الصحي، والذين سيتضررون أكثر من غيرهم".
وأضاف: "ورغم أن أسعار الأسمدة تنخفض
من أعلى مستوياتها في وقت سابق من هذا العام، إلا أنها لا تزال مرتفعة، وربما سيؤدي
هذا إلى استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية في عام 2023".
وبحسب الدراسة التي أجراها ألكساندر، فإن
استمرار ارتفاع أسعار الأسمدة يمكن أن يؤدي إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة
74 بالمئة من مستويات 2021 بنهاية هذا العام، وهو ما يثير مخاوف من "ما يصل إلى
مليون حالة وفاة إضافية، ومعاناة أكثر من 100 مليون شخص من نقص الغذاء، إذا استمرت
أسعار الأسمدة المرتفعة".
وحذر رئيس شركة يارا من أن تأثير كل هذا
أصبح ملموساً في جميع أنحاء العالم.
وقال: "روسيا هي أكبر مُصدر للأسمدة
في العالم، لذلك سيكون لهذا تداعيات عالمية. لقد رأينا بعضاً من ذلك في شكل الاضطرابات
التي حدثت بالفعل، وهناك حاجة للأسمدة الروسية من أجل الحفاظ على إنتاج الغذاء العالمي".
وأضاف: "لكن رسالتي هنا هي أننا نحتاج
أيضاُ إلى التفكير في المرحلة التالية لتقليل أو تجنب الاعتماد على روسيا، لأنه عندما
يتم استخدام ذلك كسلاح في الحرب، فلا يمكننا العودة إلى ما كان عليه الوضع من قبل".
المصدر:B B C
عربى
0 comments:
إرسال تعليق