• اخر الاخبار

    الأحد، 8 يناير 2023

    قصة قصيرة بعنوان : من واقعنا المر..بقلم :القاص العراقى : محمد علي ابراهيم الجبير

     

     


    عواد نشأ يتيماً وحيداً لأمه التي ربته افضل تربية واصرت على اكمال دراسته الابتدائية وبعد ها  الدراسة المتوسطة والاعدادية وحصوله على الشهادة الاولية من كلية الطب،لم ينسى عواد معيشته مع والدته التي كانت تنهض من الصباح الباكر والذهاب الى علوة بيع الفواكه والخضرونقل ما تشتري من خضروات الى المحل الخارج من بيتهم وهو نفس المحل الذي كان يزاول  والده العمل فيه توفي والده كان عمره خمس سنوات.

    تذكر عواد الحوار الذي دار بين والدته وبين اخواله وكان المتصدر منهم خاله الكبير  فالح :

    -امينه  : زوجك عباس انتقل الى رحمة الله ولم يبقى معك احد سوى ولدك الصغيرعواد ولايجوز بقاءك في الدار وانت في عنفوان شبابك ،وما عليك الا ان تسلمي الولد عواد الى اهله؛ وتسكنين معنا؛

    -لا- لا- لم اترك داري ولن اتخلى عن ولدي ولايفرقني احد عن ولدي الا الموت؛

    - الدار مؤجرة والمرحوم عباس لم يترك لكم شيء، لتعيشوا به وانت وولدك لاتملكون شيء وصاحب الدار يطالب  بتسديد الايجار ولايوجد لدينا استعداد ان نربي إبن الناس ؛

    -هذا ابني قطعة من قلبي وليس إبن الناس ؛؛سوف افتح المحل وازاول مهنة زوجي بيع الفواكه والخضر والله يساعدنا على تدبير المعيشة وتسديد الايجار.

    -اذا لم تذهبي معنا وتسلمي الولد الى اهلة ،فإننا من هذه الساعة لانعرفك ولا تعرفينا؛؛

    -الله موجود وهو ارحم الرحمين ؛

    وكان هذا اللقاء الاخير مع اخواله ولم يراهم الى ان تخرج من الكلية ؛ يتمتع عواد بالذكاء منذ طفولته ؛ يساعد والدته في بيع الخضار بعد انتهاء دوام المدرسة وفي ايام العطل ؛ وكان يقوم بتحضير دروسه في الليل.

    امينة رغم التعب وقسوة المعيشة الا انها تشعر بكامل السعادة وهي ترى ولدها يكبر يوماً بعد يوم ونجاحه  في نهاية كل سنة بأمتياز على اقرانه في الدرجات؛ وبعد حصوله على الشهادة العلياتم اصدار تعينه في احد المستشفيات في مركز المحافظة الساكن فيها لأهمية اختصاصه، وفي احد الايام وبدون علم منه دخل اخواله عليه في البيت وكان يتقدمهم خاله عباس وصاح من الباب ابن اختي العزيزتعال اضمك الى صدري لقد رفعت رؤوسنا ونحن سعداء بانك اصبحت طبيب المحافظة ؛سمعت والدته صوت عباس وهو يرحب ويهنيء ولدها .

    -هذا ولدي يا عباس الذي طلبت مني ان اسلمه لأهله وانت تعلم بعدم وجود اهل له سوى عمه المتوفي وعائلته التي تعاني من العوز والفاقة..

    - اختي الغالية انسي الماضي ونحن اخوتك ولايفيدك غيرنا؛

    - بماذا تفيدنا وانت الذي قلت لي اذا لم تتخلي عن ولدك وتسلميه الى اهله؛  فاننا لانعرفك ولاتعرفينا. وهذا ولدي امامكم الذي رفع رؤوسكم كما تقول ؛

    - أما اليوم نحن بفضل الله لانحتاج منكم اي شيء وياليت ان لا تعرفونا ولانعرفكم كما قلت سابقاً؛؛

    - ضحك عباس وقال لها مهما قلت فاننا لن نترككم ابداً؛

    انت اختي ، وعواد بن اختي معقولة اننا لانعرفكم ؛؛

    عواد لم يتكلم احتراماً لوالدته التي ربته على الاخلاق

    الفاضلة،لكنه قرر الانتقال الى محافظة اخرى لكي يبتعد عن اخواله ؛  ويقطع علاقته بهم؛؛وافقت والدته على

    ذلك ، وباشرالعمل بعد النقل الى المحافظة الثانية  في المستشفى الحكومي الكبير..

    ذاع صيته و سمعة الطيبة بين الناس بعد نجاحه نجاحا باهراً. استطاع ان يشتري بيتا واسعاً في افضل منطقة في المحافظة،طلبت منه والدته ان يتزوج بعد أن تحسنت احوالهم ولم ينقصهم سوى الزوجة الصالحة ، بعد اصبحت والدته تشكو من امراض الكبر وبحاجة ماسة لمن يساعدها في اعمال البيت ، كما انها تدعوالله ان يرزق ولدهها بالاولاد وان تراهم قبل موتها؛؛

    كان عواد خائفاً على والدته من معاملة الزوجة التي يتزوجها ، وكم مرة طلب مهنا أن تعفيه من الزواج و ان يبقى بدون زواج ، لكن والدته اصرت على زواجه لعدم وجود عذر مقبول لتأجيل الزواج  ؛

    اختار له زوجة جميلة جداً بعد أن سأل عنها وعرف أن والدها متوفي وتعيش مع اخوانها،وسمعتها طيبة ، تعمل موظفة في احدى دوائر الدولة تم زواجه ولم يحضرحفلة الزواج سوى اصدقاءه وزملاءه في الوظيفة؛

    في الايام الاولى من الزواج ،والدته تقوم باعمال البيت؛

    وعندما طلب عواد من زوجته ان تقوم باعمال البيت بدلا من والدته المريضة ، اعتذرت كونها موظفة ولاترجع الى البيت الا في الساعة الثالثة اوالرابعة مساءاً؛ وفي ايام الجمع تخلق الاعذار في سبيل التخلص من اعمال البيت ،

    عواد تألم منها كثيراً بعد أن عرف بعدم رغبتها  القيام باعمال البيت ،وحاول معها كثيراً ولم يفلح ، اقترحت عليه تشغيل خادمة لاعمال البيت ،طلب عواد من والدته الموافقة على طلاق زوجته والخلاص منها الا ان والدته رفضت ذلك بشدة ،ولم يبقى امامه الا الموافقة على تشغيل خادمة للقيام باعمال البيت بدلاً من والدته ،الامر الذي جعل عواد يشعربعدم الارتياح من تصرفات زوجته والعيش معها رغم رزقه منها بثلاثة اولاد،كانت والدته سعيدة باولاد عواد ولم تستمر سعادتها بسبب المرض الذي داهمها ، وعواد يشرف على علاجها، وفي احد الايام شعرت بعدم استطاعتها التنفس ، نقلها الى المستشفى ولم تستمر طويلا حيث أنتقلت الى رحمة الله ،تالم كثيراً على فراق والدته ، و اكثرتألماً عندما لاحظ فرح زوجته بموت والدته و كانت السبب في موتها حسب ظنه ، و زادت حدة الخلاف بينهما وخصوصاً انها تحرض اولادها على عدم تنفيذ اوامر والدهم؛؛

    قرر ان يتركها مع اولادها ويتزوج باخرى عسى ان يجد راحة له ،وتم له ما اراد فقد تزوج من امرأة مطلقة من زوجها بسبب عدم الانجاب ، ربة بيت ممتازة ومن عائلة جيدة،عاش سعيداً معها لاينغص حياته الا بعدَ اولاده عنه بسبب منع والدتهم ان يزوره ..

    وفي احد الايام انزلقت رجله من اعلى درجات الدرج وتحطمت فقرات ظهره، اقعده في الفراش ولم يستطيع النهوض ، اجريت له عدة عمليات دون جدوى ،على اثر ذلك فقد وظيفته ، ولم يستطيع العمل في عيادته ، واصبح اعتماده على الراتب التقاعدي فقط ؛؛

    قامت زوجته الجديدة بخدمته ورعايته  الى ان مات، اما زوجتة الاولى القاسية  لم تكلف نفسها بزيارته طيلة ايام مرضه ولم تسمح لأولادها بزيارته  ايضاً،

    مرت الايام والشهوروالسنين، اكمل الاولاد دراستهم وتخرجوا من الكليات ،واصبحوا في وظائف مرموقة

    تزوج الواحد بعد الاخر وسكنوا مع زوجاتهم  في بيوت مستقلة  عن والدتهم ،  ولم يقم احد منهم بزيارتها جزاءً على معاملتها لوالدهم  ومنعهم من زيارته الى ان مات واصبحوا عليه من النادمين ..

                                

                                     7/ 1 / 2023م

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: قصة قصيرة بعنوان : من واقعنا المر..بقلم :القاص العراقى : محمد علي ابراهيم الجبير Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top