• اخر الاخبار

    الجمعة، 24 سبتمبر 2021

    بيت العيلة وأعز الولد ولد الولد.. بقلم : الكاتب والشاعر طارق فريد

     


    نعيش منذ طفولتنا ومراحل نمو شبابنا في عزوة .. الكل من حولنا يسعد بنا وبلهونا في ساعات اللعب والمرح فمن منا لا يتذكر حنين وحنان ولمسات حب اجداده وجداته كم دافعن عنا في لحظات غضب والدينا كم افترشوا لنا حجرهم واجلسونا في قلوبهم .. نكبر قليلا.. نتصارع احيانا مع اخواتنا او اخواننا  لكن الحب يجمعنا في النهاية نتبادل الالعاب و الثياب احيانا ونقذف بعضنا بالاشياء ونكسر بعضها  حتى يأتي احد والدينا فيصيبنا الرعب من ردة الفعل والعقاب ..

    اذا صادفنا الاب من بعيد عبر شرفة او شباك نعدو السلالم لنحمل عنه كيسا من البرتقال او بطيخة ثقيله في يده .. الاب رجل زرع فينا النخوة والشهامة يشتري للبيت كل شئ يتزاحم على افران الخبز من اجل قوت يومنا .. لا يترك زوجته تزاحم او لتتعامل مع الباعة الجائلين بالشوارع .. والام ربه البيت راعيه في بيتها مؤمنة برسالتها لا يغرها كل دعوات العولمة والمساواة المزعومة  والاب يصون امانته في رفق ودلال واحيانا في حزم وسلطان وهيبة ووقار ..

    يوما بعد يوم العم قادم او الخال او الخاله لزيارتنا .ويوم الجمعة نتزاحم علي الحمام صباحا لنستحم ونتهيأ لصحبة الأب في الصلاة وبيوم اخر يمنعنا والدينا عن فتح التليفزيون احتراما لمشاعر جارنا لان احد اقاربه قد توفي وفي ايام اخر نتبادل اطباق الحلوي معهم .. لا ملل.. لا كبت . لا قهر .. رغم البساطة فالحياة تدب في اوصالنا .. حياة ثريه رغم عدم وجود الفضائيات ووسائل الاتصال المزعومة .. حياة ساعدتنا على تنمية  روح الابتكار في اختراع العاب تناسبنا من ابسط الاشياء ..

    الطبيب كان يعرف الداء لا يحتاج اشعة او تحاليل من تلقاء نفسه يكتب العلاج.. المدرس يحمل عصاه ليشارك اباءنا تربيتنا قبل تعليمنا .. المعلم  كان حرا لذلك كان مبدعا ... التليفزيون والراديو يغرسان فينا القيم والسلوك القويم قبل البهجة والمتعه .. الكتاب كان ذو قيمة .. رحلات المدرسة كانت هادفه .. الصحف كانت صادقة ..والشوارع ضيقه لكنها فسيحة في عيوننا بسبب الرضا ..  لا عراك ولا سب دين لا شئ اسمه تنمر او تحرش . نلعب الكرة بالشوارع ويتوقف اللعب لمرور احد معلمينا او بنت الجيران او سيدة حامل او رجل مسن ..

    تخرجنا من الجامعات لمعت الدموع في اعين والدينا من فرحتهم لايمانهم باهمية التعليم .. نقبل اياديهم عرفانا وشكرا وتقديرا ولم نقل انه واجبهم مكلفين به.. حرموا انفسهم وربما استدانوا ليعلمونا.. اشقيناهم لكن فرحتهم علت فوق شفاههم

    بدانا نلهث وراء الحياة وبداوا هم الاستكفاء منها ..

    اشتغلنا .. تزوجنا .. افترقنا .. اصبح بيت العيلة فارغا .. كل منا ذهب بعيدا بزوجته  وجاء الموبيل ليقطع انين الصمت والوحدة علي استحياء .. دللنا الابناء ومع دلال العولمة كبر الابناء والاباء .. وهذا الابن غير الذي كان ..  هذا يقف عاجزا باردا لا يساعد اباه يراه من الشرفه يحمل كيسا ثقيلا من اغراض المنزل  ولا يجري ليحمل عنه اثقاله ..وهذه الأم تئن من شدة الم المرض بينما الاخر يعبث في موبايله مشغولا بصديقه او صديقته .. هذا الأب يلهث من اجل من ؟ وهذه الأم تشقي من اجل من ؟

    عجلة الزمن تدور مسرعه .. نعيش غرباء في معزل عن التراث قيم راحت ومبادئ تغيرت بفعل فاعل وليس بفعل الازمات الاقتصادية .. علوم ضارة اكتسحت عالمنا .. اين اخي الذي كنت ارافقه في فرشتي .. لماذا ابتعد وتحسس واصبح هناك سترا يفصل بيننا .. واين اختي وخالي وعمي وخالاتي من لحمة البيت العتيد  .. الكل ضاع بعد رحيل الوالدين .. فرقة وتشتت وسفر ولا لقاء الا في المأتم والجنازات....  كنا نعيش في عزوة والان نموت غرباء ... فقط يبقي منهم الله يرحمه .. ويارب يتقبل منهم.

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: بيت العيلة وأعز الولد ولد الولد.. بقلم : الكاتب والشاعر طارق فريد Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top