رام الله: سيطرت مشاعر الغضب والقلق، السبت، على الفلسطينيين الذين عبروا عن قناعتهم بأن واشنطن تسعى إلى “تصفية” قضيتهم، بعد القرار الأمريكي بوقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين، ما يهدد مشاريع حيوية يستفيد منها ملايين الأشخاص.
وأعلنت واشنطن، الجمعة، وقف تمويل الأونروا التي قالت إن أنشطتها “متحيزة بصور لا يمكن إصلاحها”، وسارعت إسرائيل إلى الترحيب بالقرار متهمة المنظمة الأممية التي تأسست قبل 70 عاماً بأنها تعمل على “إطالة أمد” النزاع الفلسطيني الإسرائيلي عبر تكريس فكرة أن أعداداً كبيرة من الفلسطينيين هم لاجئون ويملكون حق العودة إلى القرى والمدن التي اضطروا للهرب أو الخروج منها إبان نكبة 1948 وإقامة دولة إسرائيل.
ووصفت عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، القرار بأنه “متهور وغير إنساني”. وأضافت، في بيان باسم اللجنة التنفيذية، أن “هذا القرار هو خطوة مجحفة تستهدف الشريحة الأكثر ضعفاً في المجتمع الفلسطيني وتعرض حياة أكثر من خمسة ملايين لاجئ لا زالوا يعانون من التشرد المتكرر والحرمان”.
ووصفت عشراوي الأونروا بأنها “شريان حياة بالنسبة للاجئين المقيمين في 58 مخيماً في فلسطين المحتلة ولبنان والأردن وسوريا”.
وقالت إن “اللاجئين هم الضحايا الفعليون الذين فقدوا منازلهم وسبل عيشهم وأمنهم وأرضهم نتيجة لإقامة دولة إسرائيل وها هم اليوم ومرة أخرى يقعون ضحية لقرارات ومخططات الإدارة الأميركية التي لا تتوانى عن دعم الاحتلال العسكري الإسرائيلي وتوفر له الغطاء اللازم للافلات من العقاب والمساءلة والمحاسبة”.
وطالبت عشراوي المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته وتقديم الدعم للأنروا.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، في بيان، السبت، إن “الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادة الفلسطينية يدرسون التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، لمواجهة القرار الأمريكي بخصوص وكالة الأونروا، وذلك لاتخاذ القرارات الضرورية لمنع تفجر الأمور”.
وأضاف أن “الأونروا تأسست بقرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، والذي ينص على استمرار دورها حتى إيجاد حل لقضية اللاجئين، كما أن خطاب الرئيس أمام الجمعية العامة هذا الشهر سيتعرض لموضوع اللاجئين لأهميته تماما كقضية القدس″.
بدوره، استنكر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، السبت، القرار الأمريكي. وقال، في بيان، إن القرار “يفتقر للمسؤولية والحس الإنساني والأخلاقي”.
وحض الاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة على إعادة النظر في قرارها المؤسف، وقال متحدث باسم مفوضية الاتحاد الأوروبي، في بيان، إن “القرار المؤسف للولايات المتحدة بألا تكون بعد اليوم جزءا من هذا الجهد الدولي والمتعدد الطرف يخلف فجوة كبيرة”.
وتابع المتحدث “نأمل بأن تعيد الولايات المتحدة النظر في قرارها” مؤكدا أنه سيبحث مع شركائه “كيفية ضمان مساعدات مستديمة ومتواصلة وفعالة للفلسطينيين بما في ذلك عبر الأونروا”.
انعكاسات خطيرة
تقدم الأونروا مساعدات لأكثر من ثلاثة ملايين من مجمل اللاجئين عبر توفير المدارس ومراكز الرعاية الصحية وعبرت مراراً عن خشيتها في غياب التمويل من اضطرارها إلى إغلاق أكثر من 700 مدرسة تديرها بعد إغلاقها بصورة مؤقتة.
وفي قطاع غزة المكتظ والمحاصر حيث يرتاد معظم الأطفال مدارس الأونروا، أثار القرار الأمريكي الكثير من القلق بشأن مستقبلهم التعليمي.
وقال أبو محمد حويلة (45 عاماً) من مخيم جباليا شمال القطاع وهو أب لتسعة أبناء، إن “وقف المساعدات سيؤثر بشكل كبير على أولادنا (…) سيحرم آلاف الطلاب من الذهاب إلى المدرسة” ووصف القرار الأمريكي بأنه “مجحف وظالم”.
وأضاف “الناس ليس لديها المال لشراء الكتب واحتياجات المدرسة”.
وقال هشام ساق الله (55 عاما) إن القرار “سيدمر مستقبل عدد كبير من الطلاب ويرميهم في الشارع ويحرمهم من أهم حق من حقوق الإنسان (…) إنه نوع من الابتزاز السياسي والضغط على الشعب الفلسطيني”.
اجراءات أمريكية “خطيرة”
عبرت الأمم المتحدة عن أسفها للقرار الأمريكي مؤكدة أن الأونروا “توفر خدمات أساسية للاجئين الفلسطينيين وتسهم في استقرار المنطقة”.
وكان المتحدث باسم الأونروا، كريس غانيس، حذر، الأربعاء، من أن المنظمة لن يكون لديها مال في نهاية سبتمبر/أيلول.
وقال غانيس، السبت، إن “الناس سيشعرون بمزيد من الاستياء والتهميش” محذرا من “العواقب الخطيرة والعميقة وغير المتوقعة” لمثل هذا القرار.
وقال هيو لولات، الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن القرار الأمريكي وسيلة تسعى من خلالها واشنطن “بصورة منفردة إلى رفع مسألة حق عودة اللاجئين الفلسطينيين عن طاولة المفاوضات”.
لكنه أضاف أن “الإجراءات الأمريكية خطيرة ولن تنجح”، مشيراً إلى أن لبنان والأردن لن يكون بامكانهما تقديم مساعدات مالية للاجئين.
وظهرت بعض المبادرات لتأمين التمويل بعد القرار الأمريكي إذ أعلنت برلين، الجمعة، عن زيادة كبيرة في مساهمة ألمانيا في الأونروا ودعت شركاءها الأوروبيين إلى الاقتداء بها.
والجمعة، أعلن الأردن عن تنظيم مؤتمر في 27 سبتمبر/أيلول في نيويورك لدعم الأونروا التي تعاني عجزا ماليا يفوق 200 مليون دولار (170 مليون يورو).
ومنذ نهاية 2017، دفع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل القادة الفلسطينيين إلى قطع الاتصالات مع واشنطن ورفض دورها كوسيط في عملية السلام.
(أ ف ب)
0 comments:
إرسال تعليق