كتب : نعيم
سعد علم الدين
وصف
المؤرخ الإسرائيلي والباحث في الهولوكوست، راز سيغال، الطريقة التي تعامل بها
إسرائيل الفلسطينيين في غزة حاليًا بأنها “حالة إبادة جماعية نموذجية”. وفقًا
لصحيفة Newsweek.
جاء ذلك
تعليقًا على القصف الإسرائيلي المكثف على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الجاري، مما أدى
إلى تسوية المباني بالأرض في القطاع المحاصر الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 2.3 مليون
نسمة.
كما
قامت إسرائيل بقطع تدفق الغذاء والدواء والمياه والكهرباء إلى سكان القطاع، وإجبار
أكثر من مليون شخص على الفرار من منازلهم قبل الاجتياح البري المتوقع.
وتقول
وزارة الصحة في غزة إن ما لا يقل عن 3000 شخصًا قتلوا وأصيب 12 ألف آخرون في
القطاع.
وفي
مقال نشره بمجلة التيارات اليهودية، قال سيغال، الأستاذ المشارك في دراسات المحرقة
والإبادة الجماعية في جامعة ستوكتون، إن الهجوم على غزة هو “حالة نموذجية من
الإبادة الجماعية التي تتكشف أمام أعيننا”.
مظاهر
الإبادة
وأشار
سيغال إلى أن الإبادة الجماعية تم تعريفها في اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة
الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها الموقعة في ديسمبر 1948 على أنها أفعال يتم
ارتكابها بقصد الإبادة الكلية أو الجزئية، لجماعة ما على أساس القومية أو العرق أو
الجنس أو الدين، وهي 5 أفعال تتمثل في: قتل أعضاء الجماعة، أو إلحاق الأذى الجسدي
أو النفسي الخطير بأعضاء الجماعة، أو إلحاق الأضرار بالأوضاع المعيشية للجماعة
بشكل متعمد، أو فرض إجراءات تهدف إلى منع المواليد داخل الجماعة، أو نقل الأطفال
بالإكراه من جماعة إلى أخرى.
وقال
سيغال إن القادة والمسؤولين الإسرائيليين أوضحوا نيتهم تجاه سكان غزة، مشيرًا إلى
تعليقات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت حول “محاربة الحيوانات البشرية”،
وتصريح والمتحدث باسم قوات الدفاع الإسرائيلية، دانييل هاغاري، الذي قال إن “التركيز
ينصب على الضرر وليس على الدقة”.
وأضاف: “الآن
نحن نرى هذه النية متجسدة بشكل كامل، ويجب أن أقول، إذا لم تكن هذه نية خاصة
لارتكاب إبادة جماعية، فأنا لا أعرف حقًا ما هي”.
وقال
سيغال إن إسرائيل ترتكب ثلاثة من الأفعال الخمسة التي تندرج تحت تعريف اتفاقية
الأمم المتحدة للإبادة الجماعية، مشيرًا إلى أن “إسقاط آلاف القنابل في غضون يومين،
بما في ذلك القنابل الفسفورية، على واحدة من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في
العالم، إلى جانب إعلانات النوايا هذه، يشكل في الواقع قتلًا وإبادة جماعية، وهو
ما يتوافق مع الفعل الأول”، على حد قوله.
وأضاف: أن
إسرائيل “ترتكب أيضًا الفعل رقم اثنين وثلاثة – أي التسبب في أذى جسدي أو عقلي
خطير، وخلق ظروف متعمدة لتحقيق تدمير الجماعة من خلال قطع المياه والغذاء وإمدادات
الطاقة، وقصف المستشفيات، وإصدار أوامر بالإخلاء للمنازل والمستشفيات”، مشيراً إلى
أن منظمة الصحة العالمية وصفت أوامر إخلاء المستشفيات بأنها “حكم بالإعدام على
المرضى والجرحى”.
وقال “لذا،
فإننا نشهد مزيجا من أعمال الإبادة الجماعية ذات النوايا الخاصة. وهذه بالفعل حالة
إبادة جماعية نموذجية”.
خطاب
عنصري
وقال
سيغال في مقالته إن القادة في الغرب عززوا “الخطاب العنصري” للقادة والمسؤولين
الإسرائيليين من خلال وصف هجوم حماس بأنه “شرير”.
وأضاف: “من
الواضح أن هذه اللغة اللاإنسانية تهدف إلى تبرير التدمير واسع النطاق لحياة
الفلسطينيين؛ فالتأكيد على “الشر” في مطلقه، يلغي التمييز بين مقاتلي حماس
والمدنيين في غزة”.
وتابع: “إن
الهجوم الذي شنته حماس كان “جريمة حرب مروعة”، لكن استخدام مصطلح “الشر” لوصف
الجماعة المسلحة هو “إخراج له عن سياقه” بهدف “تعزيز الأوهام المنتشرة لدى
الإسرائيليين اليوم بأنهم يقاتلون النازيين”.
وأشار
إلى مقابلة تلفزيونية أجراها مؤخرا رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، نفتالي بينيت،
حيث انتقد مذيعة لسؤالها عن معاناة المدنيين الفلسطينيين في غزة، وقال لها: “نحن
نقاتل النازيين”.
استغلال
المحرقة
وقال
سيغال إن هناك “تاريخا طويلا” من هذا “الاستخدام المخزي لذكرى المحرقة، والذي
استخدمه السياسيون الإسرائيليون لتبرير وإنكار وتشويه والتنصل من العنف الجماعي ضد
الفلسطينيين”.
وأضاف: “لقد
سمح ذلك أيضًا بتطور وجهة نظر ترى أن إسرائيل حالة استثنائية إلى حد ما، مما يوفر
لها الإفلات من العقاب. لكن الحقيقة هي أن جميع مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية
يرون في الواقع أن ضحاياهم خطيرون، وأشرار، وغير إنسانيين، أليس كذلك؟، وبهذه
الطريقة رأى النازيون اليهود، وبالمثل يرى الإسرائيليون اليوم الفلسطينيين”.
وأكد أن
الدروس المستفادة من المحرقة “أصبحت الآن ملحة للغاية”، مشيرًا إلى أننا “بحاجة
إلى تسليط الضوء على أصوات أولئك الذين يواجهون عنف الدولة والإبادة الجماعية،
وعلينا أن ننتقل إلى الوقاية في أسرع وقت ممكن. ومن أجل القيام بذلك، نحتاج إلى
التعرف على ما يجري حولنا، وما يتكشف أمام أعيننا
0 comments:
إرسال تعليق