• اخر الاخبار

    الثلاثاء، 13 يونيو 2023

    زيد الطهراوي يكتب عن : من للحزانى يا حكيم ؟

     

     

     


    بعض الناس يقولون للطبيب يا حكيم

    و لهذه الكلمة جذور متينة فإن القدامى أيضاً كانوا يقولون للمتزن في افكاره و أفعاله يا حكيم و يقولون للطبيب المعالج يا حكيم

    و قد لا يكون الحكيم طبيبا أما الطبيب فلا بد أن يكون حكيما

    و لذلك قررت أن أقول لك يا حكيم و أنت الطبيب المعالج

    لعلك يا أخي تذكر عندما أخبرتني عن شاب حركته ضعيفة و قد كنت أنت حديث التخرج و بحماس أخرجت اوراقك لتحوله إلى طبيب الدماغ اما هو فكان يعرف أن علاجه هو في نصيحة قد لا تتجاوز كلمتين و كان يشعر أنه يعرفها و لكنه أضاعها في بحر النسيان

    قال لك : لا تحولني فلست أشكو من مرض في الدماغ و لكن الذي حصل معي هو أنني حزنت فلم أستطع التحرك إلا ببطء شديد و كلما أردت الإسراع أو العودة إلى طبيعتي في المشي فشلت

    قلت له و قد عدت إلى معلوماتك الرصينة : إذا كان الأمر كذلك فما عليك إلا أن تخرج من همك الذي سبب لك هذا فغيِّر المكان و غيِّر الأفكار و غيِّر الأشخاص

    فتلقف الشاب منك النصيحة و كأنه عثر على كنز و قال : نعم نعم فهذا هو الذي كنت أريد سماعه و كأنني اعرفه و لكن ذاكرتي تجمدت فلم تبح لي به

    و غيَّر الشاب المكان و الفكرة و الأشخاص فرجع يمشي كما كان

    كانت هذه القصة مثيرة لك كطبيب و غريبة عليَّ حد الاندهاش

    و أنا أسمعها منك

    و الآن تذكرتك يا حكيم و أنا أشاهد الأحزان ترهق كاهل الإنسان و إذا كان هذا الشاب قد غيَّر مكانه و أفكاره و رفاق السلبية و النكد فكيف سيغير هؤلاء المصدومون أمكنتهم و أفكارهم و الرفاق

    و هل سيجيء طبيب حديث التخرج أو قديمه ليخبرهم بالنصيحة الثمينة التي تنقلهم من ضيق إلى سعة ليتحرروا من بطء في المشي أو ضعف في التركيز أو رغبة في النوم العميق إلى نهاية الدنيا ؟

    لست أنكر أهمية الصبر و الافتقار إلى الله تعالى و لكنني أعرف حقيقة النفس البشرية و تفاعلها مع الأحداث و اعرف أن أقوى الناس في التحمل قد يمرون بوقت يستغرب فيه رفاقهم من ضعفهم و قلة حيلتهم

    و الخبرة في التعامل مع المنكوبين ضرورية ، و الهجرة إلى ساحات التلطف و التغاضي ضرورية ، و التمادي في حسن المعاملة معهم أيضاً ضروري

    و الأمر ليس سهلاً بل هو بحاجة إلى تدريب و قهر للنفس لتسمو السلوكيات و تتطهر من حسد أو غل أو حقد أو رغبة في التشفي و الشماتة فيمسك الرفيق بيد الحزين ليوصله إلى درب السعادة و الأمان

    و إذا كان هذا الرفيق معافى الآن فهو يستطيع مساعدة الآخرين و ربما تمر به ضائقة و يسلك درب الحزانى فيسعد بقطرات اهتمام من رفيق

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: زيد الطهراوي يكتب عن : من للحزانى يا حكيم ؟ Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top