مع انتشار الهواتف الذكية المزودة بالكاميرات والإمكانيات ؛ انتشرت معها ظاهرة التصوير من صور وفيديوهات ؛ وأصبح التوثيق والتقاط الصور والفيديوهات ظاهرة اجتماعية منتشرة في بعض الدول ؛ وخاصة في الدول المتخلفة التي لا تجرم مثل هذه التصرفات الغير لائقة لا بالسلوك الحضاري ولا الأخلاقي ؛ فلا تكاد تخلو مناسبة اجتماعية ، أو تجمع عائلي من التصوير، بل تعدى الأمر منتهاه ؛ وأصبح يمارس في أماكن وأوقات غير مناسبة، مثل: العمل، والمستشفيات، والمساجد وفي الخوادث والشوارع والمناسبات الخاصة ؛؛ حتى أصبح التقاط الصور و اللحظات والمشاهد في كل مكان ودون إذن من أصحابها ؛ ومشاركتها في مواقع التواصل الاجتماعي والتي تعتبر الشغل الشاغل للكثيرين، لدرجة وصلت فيها للتعدي على حريات الآخرين وخصوصياتهم. فكثيرًا ما نسمعُ آباء يهدون أولادهم الصغار هواتفهم ، ثم يتشاركون مع أولادهم الصور والفيديوهات في جروبات عائلية ، وتكون المفاجأة أن بعض هذه الصور والفيديوهات قد انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعيِّ. وأيضًا في حفلات الزفاف المخصصة للنساء، تجد بعض الفتيات يصورن أنفسهن أثناءَ الحفل، مع التقاط بعض الصور للحاضرات، سواء بقصد أو بدون قصد ؛ وطبعًا دون علمهن، ولا يخفى على الجميع أن النساء يكن بكامل زينتهن وحريتهن .. اما المصيبة الأكبر أن هناك أشخاص يحرصون على تصوير المواقف الحرجة والطارئة، كوقوع الحوادث أو الشجار ؛ او كل ما هو يستوجب الستر ؛؛ وبدلاً من أن يقوم بالمساعدة او الستر يقف متفرِّجًا يوثق تلك اللحظات المثيرة والخارجة عن الادب والذوق العام ..
كالعادة
: اتساءل هنا :
من المسؤول عن انتشار هذه الثقافة الشاذة في
مجتمعنا؟ ولماذا أصبحنا هكذا؟
هل مات
الإحساس لدرجة أننا لا نحترم حقوق الآخرين وخصوصياتهم؟
ومَن
المسؤول عن توعية المجتمع حيال ثقافة التصوير؟
هل هي مسؤولية الآباء وحدهم، أم مسؤولية الجميع؟
أدخل في
حديث الساعة لرواد مواقع التواصل
الإجتماعي وتلك الواقعة التي عرفت ( بصاحبة الفستان الأزرق ) والتي إنتشرت على
مواقع التواصل الإجتماعي والسوشيال ميديا
كالنار في الهشيم .
ياسمين "صاحبة الفستان الأزرق " التي باتت حديث السوشيال ميديا ومواقع التواصل
الإجتماعي بأنواعها المختلفة ؛ بعد أن ظهرت ترقص في عرس زفاف لصديقتها ؛ ويشار إلى أن الشابة ياسمين وهي
طالبة عزباء في العام الأخير بكلية الآداب جامعة المنصورة، كانت اشتهرت بعدما انتشر
لها مقطع فيديو ترقص بإحدى الحفلات العائلية ( عرس زفاف صديقتها ) ؛ ما أثار جدلاً واسعاً عبر وسائل التواصل
الاجتماعي والسوشيال ميديا ؛ وكشفت ياسمين ، أنها باتت تخجل من المشي بالشارع .
وأفادت "صاحبة
الفستان الأزرق" بأنها لن تسامح أي شخص تنمر عليها وتحدث عنها بشكل سيئ،
خصوصا أنها رقصت في حفل 90% من الحضور فيه كان من السيدات.
وتابعت
خلال مداخلة هاتفية بأن حياتها بأكملها قد تغيّرت بسبب ما حصل، موضحة أنها لم تسلم
من الشائعات المغلوطة التي انتشرت بحقها.
كذلك
أكدت أنها باتت تخجل من الكلام والتعليقات المسيئة، موضحة أنها لم تستطع الذهاب
إلى امتحاناتها بسبب الواقعة ؛ وقالت والدموع بعينيها إنها لن تسامح من أساء لها،
خصوصا أنها تعرضت لهجمة طالت حتى والدتها.
بكل
تأكيد : لا أحد ينكر ان الطالبة ياسمين قد
أخطأت خطئا كبيرا في حق نفسها وفي حق أسرتها وأهلها ؛؛ لكن المصيبة الأعظم التى
أردت أن أتعرض اليها في مقالي هذا ليست في رقص ياسمين ....إنما تكمن في أمرين :
الأمر
الأول : عن المتربصين بالناس وتصرفاتهم ، الذين لا هم لهم سوى تصوير كل سيء وكل
شاذ ونشر إبداعاتهم في مواقع التواصل
الاجتماعي في مشهد غير حضاري لا يتفق مع قيمنا ومبادئ ديننا الحنيف الذي يأمرنا
بستر خصوصيات الناس ؛ ومساعدة الغير ، وباتت مصيبة تصوير الأحداث العامة والتصرفات
الخاصة لحياة الناس الشخصية أمراً اعتيادياً بين الناس من دون اعتبار للجانب
الإنساني ولا الأخلاقي وانتهاك للخصوصية، لأن مثل هذا السلوك ينتهك حريات وخصوصية
الآخرين في «ظروف صعبة»، إذ أصبحت المسألة «تسلية» بامتياز بهدف الحصول على أكبر
قدر من المتابعين .
أتساءل أيضا .. وأوجه تساؤلاتي لهؤلاء الجهلة الذين
أبتليت بهم البلاد والعباد ...
في أي
دين أو عرف يسمح لأمثال هؤلاء بتصوير خصوصيات الناس من مناظر غير لائقة عبر
الجوالات، ونشرها عبر مواقع التواصل المختلفة ؟
هل
فهمنا الحرية خطأ ؟ أم أننا نعيش حالة من الفوضي !!!
هل نسينا أننا مصريون " مسلمون ومسيحيون
؟، نعتنق تعاليم التسامح والمحبة والأخلاق، أم ماذا؟، فالغاية من الأديان هي السمو
بالأخلاق البشرية نحو التحضر، والتسامح ، والأمانة والشهامة والمروءة وكل مكارم
الأخلاق وغيرها من قيمنا وأخلاقنا المصرية العظيمة ؛؛ فالأخلاق والسلوكيات
المتحضرة، هي عنوان الشعوب وتعاليم الأديان، وتنادى بها المصلحون لإصلاح المجتمعات
لقد
نشأنا في مجتمع مصري متدين ومحافظ على قيمه الدينيَّة وعاداته وتقاليده.. وانتشار
صور وفيديوهات النساء قد يولد مشكلات اجتماعية...
فمتى نعي أن الحرية الشخصية في احترام حريات
الآخرين، وعدم التعدي على خصوصياتهم؟
وفي
نهاية مقالي .. ارسل رسالة لكل من ..
اولا : للمسؤلين
والقائمين على حماية أعراض الناس من العبث .. فعلوا القوانين التي تجرم انتهاء
خصوصيات الأخرين بكل حزم .
ثانيا :
لصاحبة الواقعة : لقد أخطأتي خطئا جسيما في حق نفسك وحق أسرتك ؛ فكان عليك أخذ
الحذر ؛ فنحن نعيش اليوم أسوء عصور التردي والإنحطاط
ثالثا : لأصحاب الهواتف وللمصورين وللجهلة .. ربنا يرحمنا منكم ومن جهلكم وشركم
0 comments:
إرسال تعليق