أولاً التمهيد :
قال تعالى : " وكذلك جعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ".
وقال - صلى الله عليه وسلم - ( لا فرق بين عربي ولا عجمي إلا بالتقوى ) وقال : ( الناس سواسية كأسنان المشط .... ) .
ثانياً العجب العجاب :
منذ أكثر من ثلاثين عاماً - وكان عمري يقارب الثامنة والعشرين - أعرت للعمل بالتدريس في إحدى دول الخليج العربي - .
وذات يوم مر علي مدير المدرسة داخل قاعة الدرس ( الفصل المخصص للدراسة ) للإشراف والتقييم ووضع التقرير السنوي .
وكنت أتلو أولاً على مسامع الطلاب الآية :
" دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين . " ( بكسر القاف وفتح الياء وفتح الميم ) - لأن هاتفي المحمول ليس فيه برنامج الضبط - .
هكذا تلوت الآية تلاوة جهرية على مسامع الطلاب ومعهم مدير المدرسة كمشرف علي ومقيم ؛ وسرعان ما وجدت المدير يخطئ الصواب في الضبط فقال : ( دينا قيما ) - بفتح القاف وتضعيف ( تشديد ) الياء وفتحها - يا أستاذ !!! - وكان ابنه أحد الطلاب - فقلت له : يا أستاذ ناصر الآية كما تلوتها أنا هي الصواب !! فقال لي : إنك تلحن وما تعرف تتلو القرآن !!! فاحتكمنا لمعلم مصري فأبى الاحتكام إليه ثم أردت الاحتكام إلى معلم سوري فتخاذل !!!
وفي وقت الفسحة حضر زميلنا معلم من بني جلدته - وكان مطوع القرية - أي شيخ القرية الموكول بخطبة الجمعة هو الشيخ عبدالله ؛ فسأله ناصر إن رفيق يدعي قراءة الآية بكسر القاف وفتح الياء دونما تضعيف للياء وفتح للقاف !!! فقال له الأستاذ عبد الله المطوع : ويش الآية ؟ فرددها له على تلاوته وقراءته الخاطئة !!! فقال الشيخ عبد الله : ( رفيق صح ) وما كان ليقتنع لولا أن سخر الله لنا في ذا اليوم حضور المطوع الشيخ عبد الله !!!
ليس هذا فحسب بل . في نقولات العلماء لا يصدقون مصرياً يتكلم في الفقه !!!
ليس كلهم بل . عنيت كثير منهم يصدر منه مثل ذلك !!!
ورأيت حوادث كثيرة كان أغربها أن تأخر إمام المسجد عن الحضور ؛ وطلب المصلون إقامة الصلاة وليتقدم أحدنا ؛ وتقدم عامل أظنه بنجلاديشيا أو هنديا وفي الركعة الثانية من الصلاة دخل إمام المسجد وجذب الإمام وخرج جزء من المصلين من الصلاة وتقدم هو للإمامة !!!
صلى خلفه بنو جلدته وبعض المصريين !!!
وخرج جزء كبير من المصريين وبعض الهنود والبنغال ولم يصلوا خلفه !!!
فتداعى لي تيار الوعي من الحادثة الأولى التي حدثت معي .
فقلت في نفسي : ( ليس على دينه ) !!
وصارت مضرب مثل لي أقولها لكل من لا يوافقك القول - وإن كان صوابا - ويقر بالرأي غير الصواب لأنك لست من نحلته أو شاكلته أو على طرائق تفكيره أو ثقافته أو جنسيته - !!!!!
كنت أحسب أن هذا المطوع ( الإمام الراتب للمسجد ) فقيها ذا دماثة أخلاق !!!
راعني ما رأيت وعند استفساري عن هذا المطوع علمت أنه حاصل على الشهادة الابتدائية - ليست القديمة - حاصل على صف سادس ابتدائي - !!! وما أقصد انتقاص الرجل لكن عمدت إلى أنه غير متعلم ومؤهل للإمامة !! وفي ذات الوقت ينكر على حافظ للقرآن الكريم ليس من بني جلدته وجنسيته أو هو من فئة العمال !!!
لأنه بعد تلك الواقعة وبلوغها للناس واستنكار بعض بني جلدته المنصفين صار يتقدم للإمامة حال غياب الإمام الراتب غير الوطنيين من مصريين وفلسطينيين لكن لا تتقدم فئة العمال غير العرب !!!
كان لهذا المطوع دكان صغير للعلافة والبقالة يعمل فيه عامل هندي اسمه عم أحمد حيث كنت أنا في الثامنة والعشرين من عمري ؛ وكان عم أحمد في منتصف الأربعينات أو يزيد .
أخبرني العامل أنه كرر طلب السفر من كفيله ( المطوع ) فكان يرفض قلت له كم عاماً مرت على عودتك من بلادك قال لي : أربع سنوات ونصف العام قلت له وما الاتفاق ؟ قال لي بعد أربع سنوات من حقي طلب السفر أربعة أشهر والعودة !!! وقلت له :
وبم وعدك الرجل تلك الأيام ؟؟
فقال لي :
بعد عام حتى يحضر مكفول آخر !!!
ثالثاً تذكرة ونصح :
اتقوا الله يا عباد الله في إخوانكم الضعفاء والمستضعفين فإن للضعيف دعوة لا ترد ليس بينها وبين الله تعالى حجاب !!!!!!!
رابعاً المختتم :
" وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين " .
**الكاتب
ناقد أدبي وكاتب صحفي بجريدة
الزمان المصري
القاهرة في صباح الأحد الموافق 25/6/2023
0 comments:
إرسال تعليق