عادل العاني شخصيةٌ ظهرت مؤخرًا تنحى إلى منحى العَروض الرقمي،داعيًا إلى دائرتين عروضيتين جديدتين بدعوى أنّ الخليل بن أحمد الفراهيدي عالم العروض الشعرية رحمه الله لم يأت بهذه الدوائر العروضية، ولسنا بصدد هذه الدوائر الآن، ومن الملاحظ أنّ الخليل بن أحمد الفراهيدي لم يدع ثغرةً ولا منعطفًا عروضيًّا إلّا وأشار إليه، وللأسف أنّ هذا الداعي أحوج ما يكون إلى المعرفة العروضيّة الشّعريّة واللغويّة، إضافةً لما يعانيه من الهشاشة اﻷدبيّة الشّعريٌة ، وفاقد الشيء لا يعطيه ، وأورد هنا قصيدةً له من قصائده التي لا تتجاوز أصابع اليد !! للاستدلال على مدى الضعف العروضيّ الشديد جدًا، والضّعف النّحويّ الذي لا يقلّ شدةً عن الضّعف العروضي، وسيلاحظ الشّعراء تلك اﻷخطاء العروضيّة، وسيلاحظ القارئ الكريم تلك الأخطاء النّحويّة والإملائيّة التي لا يقع فيها طالب المرحلة الإعدادية!! ،
فكيف بمن يدّعي بأنّه جاء بدائرتين عروضيتين عجز الخليل بن أحمد الفراهيدي عن الإتيان بهما !! .
القراءة العروضيّة للقصيدة :
من الملاحظ أنّ اﻷبيات لم تستقم على وزنٍ عروضيّ ٍ واحدٍ رغم قصر القصيدة ! فهي تتأرجح بين بحر المضارع وبحر المجتث !!، وهما من أبسط البحور الخليلية وأقلّها شأنًا، فإذا كان هذا الحال مع أضعف البحور فكيف سيكون الحال مع البحور القوية والصعبة ك بحر الطويل والبسيط وغيرهما من البحور الخليلية المعقدة !.
ونلاحظ أنّ وزن الأبيات متأرجحٌ بين المضارع والمجتث كالتالي :
١- أحبّها كيف أنسى ٠٠ لياليًا كنّ عرسا " المجتث " .
٢- ويومًا إذا التقينا ٠٠ غزلنا الكلام همسا " المضارع "
٣- بفيها لظى شفاهٍ ٠٠ تصبّ الرّضاب صبّا " المضارع "
٤ - ووجهها وجه بدرٍ ٠٠ يطلّ في الليل شمسا " المجتث "
٥- وشعرها حاك ليلٌ ٠٠ وخدّها طاب لمسا " المجتث "
٦- وقدٌّ كغصن بانِ ٠٠ تلوّى بما تكسّا " المضارع "
٧- عن إسمها لا تسلني ٠٠ إذ إسمها كان مرسى " المجتث "
٨- هو الحبّ كان سرًّا ٠٠ تعلّمتُ منه درسا " المضارع "
٩- بسمراء في فؤادي ٠٠ رست بالغرام رسّا " المضارع "
١٠ - إذا مسّها حبيبٌ ٠٠ كإبليس مسّ إنسا " المضارع "
١١- فمدّت يدًا بجيبي ٠٠ ولم تبقِ فيه فلسا " المضارع "
الرموز :
بحر المضارع : مفاعيلن فاعلاتن //٥/٥/٥ .. /٥//٥/٥ .
ويتوجب الكف في مفاعيلن بحذف سابعها الساكن فتصبخ مفاعيلُ //٥/٥/.
وعليه يكون المضارع بهذا الوزن : //٥/٥/ ٠٠ /٥//٥/٥ .
ا______________
بحر المجتث : مستفعلن فاعلاتن /٥/٥//٥ .. /٥//٥/٥ .
بجوز الخبن في مستفعلن فتصبح مفاعلن .
والخلل الواضح بالقصيدة مرجعه للخلفية الناقصة بعلم العروض ، فالفرق واضحٌ جليٌّ بين البحر المضارع والبحر المجتث، ولا يقع في الاشتباه بينهما الشاعر المتمكّن ، نعم وقوع الشاعر الضعيف والمبتدئ في الخلل واردٌ جدًا وهذا ما لاحظناه في الأبيات أعلاه.
عندما صنّف الخليل بن أحمد الفراهيدي البحور الشعرية العربية وشرح زحافاتها وعللها لم يكن غائبًا عن وعيه كما يعتقد البعض فعندما يقول هذا الزحاف حسن فيعني بذلك جواز الإتيان به ، وعندما يقول أنّ هذا الزحاف قبيحٌ فمعناه بأنه سيهدم وزن القصيدة ، وهذا ما وقع به كاتب القصيدة
لقلة المكنة الشعرية والعروضيّة لديه .
إنّ زحاف القبض في حذف الخامس الساكن من مفاعيلن المضارع سيحيل مفاعيلن إلى مفاعلن، وهذا الإحالة ستحيل مفاعلن إلى مستفعلن بحر المجتث
وهذا ما أشار إليه الخليل بن أحمد بقوله " قبيح " لأنه سيتسبب باختلاط أوزان البحور، وما تمّ ذكره من عملية المراقبة بحذف أحد الساكنين الخامس أو السابع في مفاعيلن ففي الأول انحرافٌ ملحوظٌ عن خط وزن بحر المضارع
وفيه قبحٌ كما ذكر ذلك الخليل بن أحمد رحمه الله والثاني زحافه حسن .
القراءة اللغويّة والنّحويّة للقصيدة :
وردت بالقصيدة أخطاءٌ نحويّةٌ أشير إليها للضرورة وهي :
البيت الخامس : قوله " وشعرها حاك ليلٌ "
حاك : خطأٌ إملائيٌ والصحيح " حاكى " .
ليلٌ : خطأٌ نحويٌّ والصحيح " ليلًا " : مفعولٌ منصوبٌ بالفتحة .
قوله " ولم تبقِ فيه فلسا "
ولم تبقِ : خطأٌ نحويٌّ شديدٌ حيث تمّ جزم ياء الفاعل المؤنث وحذفها على أنها حرف علةٍ لفعلٍ معتل الآخر !!!
فكيف بمن كان هذا حاله أن ينسب لنفسه ابتكار دوائر عَروضيّة جديدةٍ لم يأت بها الخليل بن أحمد الفراهيدي .
والحمد للّه على نعمة العقل وجميع نعمه أولًا وأخيرا .
0 comments:
إرسال تعليق