لم
تكن الجلسة الأولى لمجلس النواب العراقي إلا كاشف عن هشاشة شكل النظام السياسي
والذي يبدو إنه يمر في فترة أفول, وحينما نعطي هذه الصفة (أي الأفول) فيجب ملاحظة أنها صفة متفائلة بالقياس إلى ما
يحدث, وكذلك ينبغي التركيز بإنا قصدنا
الشكل فقط, دون إن يمتد وصفنا للنظام كبنية, لأنه مرتبط بثوابت خارجية لازالت قوية, مع التسليم
بإمكانية إن يؤثر الشكل على النظام إذا ما تم وفق آليات تدريجية تراعي الواقع
وتتماشى معه دون إن تقفز عليه.
وإلى
حد هذه اللحظة التي يكتب فيها هذا المقال لم يثبت قيام تحالف متماسك من الناحية
الموضوعية ليكون منطلقا لتشكيل الأغلبية السياسية, والتي من الممكن إن تمضي في
طريق تحقيق برنامجها ( لو فرضنا وجود برامج بالأصل) بمنأى عن قيود المحاصصة وغيرها, ما رأيناه في
الجلسة الأولى كان اتفاقا لتمرير اسم رئيس مجلس النواب وهكذا اتفاقات أقصى ما تصل
إليه هو ترجيح كفة مرشح رئاسة الجمهورية وما يتبعه ذلك من اختيار لرئيس الوزراء, وهذا
بعيد عن مفهوم الأغلبية, لأنه يمثل امتدادا للشكل القديم لكن مع إبعاد جهات معينة,
دوم إن يكون محققا لحالة التغيير بل على
العكس عائدا لنقطة المحاصصة لكن من زاوية جديدة, إن مفهوم الأغلبية الذي يجب إن
يتحقق يتم في البرنامج والرؤى السياسية اتجاه كافة المفاصل إذا لم يكن معظمها على
الأقل, أي الرؤية الاقتصادية بأي صيغة
ستتبلور والآلية المتبعة في تجاوز
المعرقلات سوى تلك الموجودة والتي ستطرأ
فيما بعد, كذلك النظرية التي سيتم اتباعها في مجال العلاقات الدولية ومدى نجاعتها
في ضوء المتغيرات الإقليمية والعالمية, وكذلك المتطلبات الدبلوماسية التي يجب أن
يتخذها العراق وخصوصا إننا في ظل مرحلة انتقالية تجاوزت أحادية القطب إلى نفق تبدو نيران التنين الصيني
في نهايته, وهنا يجب على هذه الرؤية إن تجيب عن هذه الإشكاليات:
بقاء العالم ضمن هذه المرحلة الانتقالية؟
ماذا
لو تم الوصول إلى قطبية ثنائية وقد تكون ثلاثية؟
ماذا
لو عدنا للقطبية الأوحد ونجحت أمريكا في
تحجيم الدور الصيني؟,
كذلك
الإستراتيجية الأمنية التي ستتبع في معالجة الخروقات التي تحدث باستمرار, وقضية
النفقات العسكرية من حيث التقليل أو الزيادة وما يتبعه من تسليح وكذلك الدول التي ستزودنا به والخ.....؟.
والكثير
من الأمور التي يجب إن تتوحد الرؤية حولها لتحقيق مفهوم الأغلبية, وهنا وفي ظل
الواقع السياسي في تجربة ما بعد
وفي العودة لجلسة مجلس النواب الأولى, وهل توافرت
في الأطراف التي صوتت لرئيسه بولاية ثانية شروط
الأغلبية السياسية, فيكفي هنا إن
نتناول الإستراتيجية الأمنية بين هذه القوائم المتفقة, وسنرى حجم التنافر بينها, وأترك
للقارئ تخيل الخلاف الحاد في هذه
الجزئية فقط دون غيرها, وهي واضحة جدا لأي
عراقي.
أما
مفهوم الأغلبية الوطنية فإذا لم يكن مسمى منمق للأغلبية السياسية ( والتي ثبت تعذر
قيامها ) فأنها رديف لمفهوم الحكومات التشاركية ( المحاصصة), وبالتالي سنكون أمام
قصور فخمة من الشعارات قائمة على دعائم من رمل الشاطئ.
0 comments:
إرسال تعليق