قصة دورة القناع استذكار لعالم الطفولة الجميل ، البريء ، الذي يعج بالذكريات ، التي عشناها في بيوت بسيطة مبنيه من الطين وتنك دهن الراعي ، يسكنها أناس بسطاء طيبون ، حافلة بالذكريات ، كثر في القصة الوصف الذي يسمى نكهة السرد.
(( لا يمكن أن تكون أنت ،لأنك لا
تشبه ذاك الولد الذي كنته يوماً ج، وهو يقف عن باب الحوش، الضاج بصرير تنك الراعي
التي تعزف انغام خرساء، كانت البنت اللينة مثل بطيخة رائجة، تشير بأصبعها المختوم
بالقبول، أن الليل ات وعليك أن تستعد إلى مغامرة ،ترتجف لها أوصال ولد مفتون بروعة
الإناث مثلك، توصيك أمك ذات مساء اكتشفت فيه، أنك غادرت صباك الخامل المثير للصمت-إياك
ومغادرة ذكورتك))
القصة تتمحور احداثها عن الحرب
التي ابتلى بها الانسان العراقي ، القاص شوقي كريم يرسم بدقة متناهية تفاصيل السرد
الوصفي بلوحات واقعية ووصف حسي أو معنوي ، ما خلفته الحرب من مآسي وذكريات مريرة
او عاهات في النفوس فهي تضيء عن قضايا سياسية واجتماعية .
(( يقول ستندال : الاسلوب هو ان
تضيف الى فكر معين جميع الملابسات الكفيلة بأحداث التأثير الذي ينبغي لهذا الفكر
ان يحدثه )).
(( وما عليك الا أن تدلنا علينا
لتكون ابنا للسلامة والرفعة والقبول..لا تتردد لأن مثلك لا يجوز أن يكون التردد
وشاح قبوله.. أتدري ذات لحظة وقبل الآن كنت أعيش ذات محنة الاجابة التي تعيشها
الآن.. ما الذي يجعل المبادئ والإيمانات تنهار عند أول القبولات.. مثلك الآن كانت
الاجابة بالنسبة لي مثيرة للخوف والتردد والضياع، المبادئ ايمان لا يجب أن ينثلم،
ولكنه وفي لحظة كالتي تعيشها الآن انثلمت، ولأن الانثلام معنى من معاني الانهيار،
أعلنت قبولي ورضاي ، وها أنت تراني أنبش في ارتباكات الأرواح.))
القصة دورة القناع .. في بنيتها
الوظيفية تعتمد على الحدث وتطوره وتناميه من خلال البداية نحو الوسط والى النهاية
المغلقة او المفتوحة بترابط عضوي موضوعي بين اجزاء الحدث اجاد القاص شوقي كريم
بدور فاعل للكلمة ضمن التراكيب اللغوية.. ضمن دلالته لتؤدي الى تنمية الحدث من حيث
الدلالة والايحاء.
(( لابد هنا من الاشارة الى تصميم
القصة القصيرة يقوم على الاداء الدقيق للانطباع حول حدث محدد تقوم بحكايته شخصيات
تتحاور وتناجي نفسها ، بفعل راوٍ يسرد ويصف ما يمكن أن يقع بعد الامساك بالحدث تلك
( اللحظة المأزومة أو الحاسمة في حياة شخصية معينه ))#1
(( تتوقف الأزمنة ، وما تلبث
الانهيارات أن تتصاعد، تاركة وراءها أمواجاً من الدخان والغبار ورذاذ دم تيبس عند
ملامسته نجمة الفجر، نلم بقايانا محاولين اعادة تكوينها الهرم، لكننا ومع أول مروق
لقذيفة مدفع، نتلاشى باحثين عن منقذ ، يسورنا برجاء البقاء، أحاول نسيان ما لحق
بي، ما جعلني أشعر بالندم، لأني رضيت أن اكون حطبا لنزق مخبول، رضيت لحنجرتي التي
علمتها حلو الكلام، أن تردد أغاني داعية الى ركوب جياد البطولات الوهمية/احنه
مشينه للحرب !!
وما يعني هذا المشي، سوى جسد
متعفن، ونباح كلاب استلذت طعم الجيف التي أوهمها الوقت، بأنها تدافع عن الحبيبة
وستر الأمهات الموجوعات ابدا، تلفنا أكفان القبول، دون اعتراض، لتأخذنا جثث هامدة،
تبحث عن مقابر مأهولة بالصمت ))
القصة تتحدث عن حقبة مظلمة من
تاريخ العراق ، حرب الثمان سنوات والتي لاقى العراقيين فيها الويلات ، ركض ولهاث من
اجل الحصول على لقمة العيش ، هذه القصة تنقل رسالة او فكرة يوضح السارد من خلالها
حقيقة الواقع المر الذي يعاني منه الاشخاص والعوائل الذين يعيشون عذاباتهم في عالم
يسير نحو الهاوية .
(( تراجعت الأصوات، لتتعالى
صافرات التنبيه والإنذار، ثمة من يلاحق الموت خطاه ،عند أطراف الساحة المائجة مثل
روج نهر، الوقوف متكئا إلى عكازه ،لكنه تلاشى عند موجات الأقدام الراكضة باتجاه
أفواه الدرابين التي خنقتها كتل الكون كريت، حاول ثانية، فلقد تعود السقوط المذل،
الذي يشعره بالخديعة والندم، لكنه أعلن استسلامه ،فانطرح متمتما بكلمات بلهاء كانت
تثير سخريته، ببطء رفع رأسه الواج بالأسئلة ،محاولا الامساك بوجد روحه التي تنتظر
أوبة الولد الذي راح يبحث عن وطن وسط فوضى الرجال السود المدججين بمعاني الانهيار))
(( يقول الدكتور قاسم مقداد : ان
يكون القاص خادماً لنص أطول وبالتالي عليه ان يكون جزءاً من الدراما ويندمج فيها
وهي ما نسميه الوظيفة الدرامية يتيح الفرصة للانتقال من مشاهد عمل الى ممارسة عمل
مطابق أو مماثل له ..))#2
القصة حافلة بمرارة الايام أغلبها
دخلت دوامة الصراعات النفسية التي عشناها وتذوقنا مرارتها في حقبة مظلمة استطاع
القاص شوقي كريم ان يدون تلك الارهاصات ونجح في رصد مخلفات الحرب من بين ركام
الازمنة .
على ما يبدو صارت القسوة لها
واقعاً تحصد خيباته وتتشظى ارواحنا وفقدت
بل اضاعت سنين طويلة من عمرنا وامهاتنا التي لاتزال تئن من فقدان ضناها ، والحسرة
سكنت في قلوب الاباء .
(( تقول، وهي تغطس في بئر خجلها— ماكنت
ادري إنه هو، أضعت ملامح وجهه الرخية، بعد دورة أزمنة ،قادتنا مثل خراف، صوب مذابح
السفالات، لتجعل منا قرابين تافهة ،لمعابد شيدت جدرانها بجماجم اولادنا الراغبين
بخلق ديمومة حياة، حدقت بفتور همته، وشفته مكسورا يتحسس جسد الارض المليئة بالأنقاض
وبقايا أشلاء حديدية، مثل كل العصور التي عاشها، كان يؤد بحرص الإبقاء على وجوده
الطاعن بالرفض، يجلسني مثل دمية قبالة ليله الحزين، ليرمي في حضني، رعود من حكايات
البهجة والسرور ))
أخيراً الحياة هي قطار وان كنا
نعرف نقطة انطلاقه ، فنحن لا نعرف نهاية رحلته ، ومحطته الاخير الى أين ؟ هذا هو
السؤال الذي طرقه انكيدو في ملحمة جلجامش لكنه لم يجد أي جواب له.
((يرى الاديب الامريكي ( ادغار
ألان بو ) أن البداية الناجحة هي التي تحدد نجاح القصة أو اخفاقها ، اما النهاية
ففيها يكمن التنوير النهائي للقصة وهي اللمسة الاخيرة التي تمنح الكشف عن الشخصية
أو السلوك أو المتعة ، وفيها مفاجأة قد تثير السخرية او الابتسام او حتى القلق
والتساؤل ))
(( كان يتلو أسئلته المدمرة
لهواجس المارقين عبر توابيتهم ،الى حيث السراط لم يعد مستقيما، وحساب لا داعي له
،فكل شيء ساطع مثل قمر مكتمل، وما علي الجالس عند بوابات الوعد، فتح الأبواب
،والاعلان برضا وحب— أدخلوها بسلام امنيين فليس ثمة أحد مثلكم عجن الضيم ورافق
دهوره!!))
القصة دورة القناع تميزت بسرد
ولغة بسيطة وغنى الحوار وقوته التعبيرية بوصفه مجريات الحياة من تناقضات حقيقية
وواقعية حيه كان يترجمها بأسلوبه الخاص.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#1عوالم تخييليه / دكتور قاسم
المقداد ص85
#2 جيرار جنيت بنية النص السردي ص75
0 comments:
إرسال تعليق