بغداد: أ.د هانىء محى الدين الأحمد
قبر
العلامة والمؤرخ الكبير ( عزالدين ابن الأثير ) المتوفي 620 هجرية ، ويقع في وسط
الشارع المعروف باسمه ( ابن الأثير ) ، والممتد من باب الجديد إلى مستشفى
الجمهوري، ويعد من أكبر شوارع مدينة
الموصل / نينوى /العراق .
رحمه
الله ، وأسكنه فسيح جناته... لقد كان من أبرز وابرع المؤرخين عبر التأريخ وما زال
. جزاه الله خير الجزاء.
وهو
ابو الحسن علي ابن ابي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني ،
ولد في جزيرة ابن عمر شمال مدينة الموصل وكان والده يتمتع بجانب كبير من الثراء ،
وله بساتين كثيرة وقد، ولد سنة 555 هجرية اي سنة 1160 ميلادية ، وتوفي سنة 630
هجرية اي سنة 1232 ميلادية وشقيقاه مجدالدين ابو السعادات مبارك ، وضياء الدين ابو
الفتح نصر الله كانا في حياتهما يتمتعان بمكانة علمية وثقافية عالية الا انه كان
اكثر منهما معرفة وطموحا .
ومن
مؤلفاته ( الكامل في التاريخ ) وكتاب ( الباهر في الدولة الاتابكية ) ، وكتاب (
أُسد الغابة في معرفة الصحابة ) ، وكتاب ( اللباب في تهذيب الانساب ) .وكان يتوجه
بجهوده العلمية ، نحو تسجيل المعلومات المتعلقة بالادارة والاجتماع والاقتصاد
والعمران فكتب عن المدن الاسلامية وتولى شؤون الخزانة والامارة والديوان في عهود
مختلفة .
وقد
كرمته مدينة الموصل ، واطلقت اسمه على اكبر قاعة فيها وهي ( قاعة ابن الاثير )
.كما اطلقت اسمه على شارع مهم من شوارع المدينة القديمة هو شارع ابن الاثير الذي
يربط باب الجديد أو( باب سنجار )
بالمستشفى الجمهوري كما أطلقت اسمه على مدارس وميادين وساحات .
والظاهر
ان ابن الاثير لم يتزوج حتى وفاته حيث دفن في الجانب الايمن من مدينة الموصل وقبره
ضمن قبور كثيرة تضم رفات ادباء ونحويين وشعراء وقادة في منطقة باب سنجار مقابل
ملعب الادارة المحلية .
وهناك
امرا لابد من الانتباه اليه وهو ان ضريح المؤرخ ابن الاثير، اول معلم موصلي هدمته
عناصر داعش وازيلت قبته ونبشت قبره وكان ذلك يوم 20 حزيران سنة 2014 اي بعد عشرة
ايام فقط من دخولهم الموصل واحتلالها .
قبر ( ابن الأثير _ قبر البنت ):
سمي
قبر ( ابن الأثير ) بـ ( قبر البنت ) وهو الشائع عنه عند العامة من سكان المدينة
.وترجع هذه التسمية ( قبر البنت )، لوجود بعض النسوة الموصليات الحوامل ممن يرغبن
في انجاب ( انثى ) وكن يجلسن ويتبركن بقبره متضرعات الى الله عز وجل ان يحقق
أُمنيتهن في انجاب بنت ؛ فالبنت كما يقول الموصليون (خاتونة البيت ) و( حبيبة الام
) .فاطلق العامة على هذا القبر بـ ( قبر البنت ) وقد سمي خطئاً بهذا الاسم، حيث
كان الناس يتبركون بالقبر ، ويؤدون له الزيارة ، ويقدمون له النذور ، والحناء
والخرق ، والاقفال ويوقدون له الشموع عند زيارتهم للضريح وسبب التسمية لاتتعدى
الروايات الشعبية والقصص المتداولة بين الناس
ولم تثبت صحتها التاريخية، ومنها على سبيل الاستئناس، ان فتاةً كانت تزور
القبر باستمرار وبصورة يومية ، فأطلق العامة تسمية ( قبر البنت ) على الضريح .
وتقول
رواية اخرى ان فتاةً عابدة صالحة توفيت فقام اهلها بدفنها في هذا المكان مع ثيابها
اضافة الى دفن الكثير من الحلل والذهب والمجوهرات معها والتي كانت تملكها فسمّوا
القبر ( بقبر البنت ) نسبة لها .
وهناك
رواية شهيرة يمتزج فيها الخيال تقول :
عندما اقدمت بلدية الموصل على هدم سور المدينة في ثلاثينيات القرن الماضي ، ضمن
حملة توسيع وتطوير المدينة وعند وصولهم الى مكان القبر - وكان قريباً من السور -
عطلت آلياتهم ولم يستطيعوا الاستمرار في الهدم ، وتكررت العملية في الايام التالية
ولأكثر من مرة ، حتى أخبر أحدهم المسؤولين
انذاك بوجود بنت صالحة مدفونة في موضع القبر من خلال رؤيا رآها ، حينها قررت البلدية عدم شمول القبر بالهدم ،
والابقاء عليه في وسط الشارع ، ثم بنوا عليه ( القبة ) المعروفة ، وانتشرت قصة
الرؤيا في المدينة وتناقلتها الالسن والمجالس حتى اصبحت تراثاً شعبيا وحكايات من حكايات الموصل التراثية .
فى
النهاية بقى أن نقول:-
كان
بإمكان مديرية الآثار العامة ، ان تحيط القبر بسياج حديدي ، وتمنع الناس وخاصة
النساء ، من التبرك أو نيل المراد، من زيارة القبر .
وتحويل
ضريح المؤرخ الإسلامي الكبير ( ابن الأثير ) إلى اثر تأريخي بدلا من تهديمه
وتخريبه بهذه الصورة وإنهاء معالمه، من قبل داعش . وبهذا تنتفي هذه العادات
البالية للبسطاء من عامة الناس. ويصبح مجرد اثراً ورمزاً لهذا المؤرخ الكبير .
نعم
... ان من يرزق الولد الصالح والرزق الحلال
هو الله عز وجل، ولا يستجيب الدعاء
سوى الباري عز وجل، لا شريك له ، له الملك
وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير .
اما
العبد فهو أحوج ما يكون للخالق الجبار الرزاق الكريم، الذي يرزق الرزق و يهب ( البنات _ الاناث )
والذكور، لمن يشاء ، عليه نتوكل دائما وإليه الأمر كله من قبل ومن بعد .
0 comments:
إرسال تعليق