• اخر الاخبار

    الأحد، 9 يناير 2022

    الدكتور عادل عامر يكتب عن :أوجه الاختلاف بين اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتشريع المصري

     

     


     

    - نصت المادة 6 من الاتفاقية على ان تكفل كل دولة طرف فى الاتفاقية وفقا للمبادىء الاساسية لنظامها القانونى وجود هيئة أو هيئات تتولى منع الفساد وتمنح مايلزم من الاستقلالية حتى تتمكن من الاضطلاع بوظائفها بصورة فعالة بالاضافة الى توفير مايلزم من موارد مادية وموظفين متخصصين وما قد يحتاج اليه هؤلاء الموظفين من تدريب للاضطلاع بوظائفهم  . 

     

     واما عن الوضع فى مصر فيوجد جهات اشرافية ورقابية على عمل الجهاز الحكومى الا انها غير مستقلة فمنها الجهاز المركزى للمحاسبات وهو تابع لرئيس الجمهورية وهيئة الرقابة الادارية وهى تابعة لرئيس الوزراء وبالتالى يتضح ان كلتا الجهتين الرقابيتين تابعتان للسلطة التنفيذية واما عن النيابة العامة فهناك بعض القيود التى ترد عليها فيما يتعلق بتحريك الدعوى ونظر الواقعة والتحقيق فيها مثـال ذلك 

     

     (1) اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد صفحة 4 

     

    اشتراط الحصول على اذن وزير المالية فى بعض قضايا النقد كقيد على تحريك الشكوى وكذلك الحال بالنسبة لهيئة النيابة الادارية فيقتصر عملها فيما يعرض عليها من قضايا على احدى قرارات ثلاثة أما اقتراح الحفظ او اقتراح الجزاء او التحويل للمحاكمة التأديبية ولها تحديد الجزاء المناسب لتوقيعه فى القضية المعروضة عليها فالرأى الاخير يكون للجهة الادارية وبالتالى قد ينجو العديد من الجناة من العقاب المناسب والرادع لمنع ارتكاب مثل هذا الفعل المجرم مرة أخرى . 

     

    - نصت المادة 8 من الاتفاقية على تعزيز النزاهة والامانة والمسئولية بين موظفيها العموميين وتطبيق مدونات أو معايير سلوكية من اجل الاداء الصحيح والمشرف والسليم للوظائف العمومية وارساء تدبير ونظم تيسير قيام الموظفين العموميين بابلاغ السلطات المعنية عن افعال الفساد عندما يتنبهون الى مثل هذه الافعال أثناء اداء وظائفهم بالاضافة الى وضع تدابير ونظم تلزم الموظفين العموميين بالافصاح للسلطات المعنية عن اشياء منها ماقد تفضى الى تضارب فى المصالح مع مهامهم كموظفين عموميين بالاضافة الى اتخاذ تدابير تأديبية أو اخرى ضد الموظفين العموميين الذين يخالفون المدونات او المعايير الموضوعية. 

     

    الا أن التشريع المصرى لايزال ناقصا وبحاجة الى التعديل فى هذا الامر لتشجيع الموظفين على القيام بالابلاغ عن ماقد يواجهوه اثناء العمل من أنواع الفساد المختلفـة وكذلك ضمان الامان لهم وحمايتهم فيما من بطش الجانى بهم هـم وأسرهم خاصة وان 

     

     (1) اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد صفحة 5 . 

     

    كان الجانى رئيسهم فى العمل فمصر بحاجة ملحة الى مثـل هذا التعديل . 

     

    - نصت المادة 10 من الاتفاقية فيما يتعلق بابلاغ الناس على ان تتخذ كل دولة طرف ما يلزم من تدابير لتعزيز الشفافية فى ادارتها العمومية ويجوز ان تشمل هذه التدابير اعتماد اجراءات او لوائح تمكن عامة الناس من الحصول على معلومات عن كيفية تنظيم ادارتها العمومية واشتغالها وعمليات اتخاذ القرارات فيها وعن القرارات والصكوك القانونية التى تهم عامة الناس وتبسيط الاجراءات الادارية لتيسير وصول الناس الى السلطات المختصة باتخاذ القرارات ونشر معلومات يمكن ان تضم تقارير دورية عن مخاطر الفساد فى ادارتها. 

     

     اما عن الوضع فى مصر فالمبدأ التقليدى هو سرية انشطة واعمال الادارة وهو من المبادىء الاساسية وتتعدد المصادر القانونية له لدرجة انه قد اضحى من المفاهيم الاساسية القائمة فى وجدان ونفوس كثير من العاملين والقائمين على اجهزة الدولة المختلفة على اعتبار انه من الواجبات الوظيفية الاساسية المكلف بها طبقا للقانون دون تفرقة بين بيانات ومعلومات يجب الافصاح عنها واخرى تحمى بهذا المبدأ على اساس ما يصدر من تعليمات رئاسية عليا من السلطة المختصة فى كل جهة وعلى اساس هذا المبدأ يحجب الجانب الاكبر من المعلومات عن الشئون العامة والحقائق عن الشعب والمعنيين بأنشطة واعمال الادارة وبذلك تنشأ بيئة خصبة لممارسة الكثيير من 

     

     (1) اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد صفحة 7 

     

    الانشطة والاعمال التى تتسم بالفساد والتى يصعب مع وجود مبدأ السرية على الشعب كشفه ومعرفته ومحاسبة القائمين به من ذوى الصفة العمومية بل ويصعب على القائمين على شئون الحكم من الشرفاء أنفسهم محاربته والقضاء عليه بسبب ان هذا المبدأ الذى يحيط بأنشطة واعمال الادارة يتيح لبعض المسئولين حجم المعلومات عن الاعمال التى تتسم بالفساد حتى عن السلطات الرئاسية لهم والسلطات الرقابية وبذلك يتمكن البعض من مخالفة الشرعية القانونية والاخلاقية على السواء وعلى العكس فان ارساء الشفافية تقيم من كافة المعنيـين من الشعب وكافة منظماته حراسا حقيقيين وموجهين ومشاركين فى ادارة الشأن العام ومحركين ومحفزين لادارة علمية وصحيحة للتنمية . 

     

     ومن بعض مظاهر مبدأ السرية فى النظم القانونية المصرية ففى الدستور المصرى خلا من نصوص صريحة تحدد الطبيعة العلنية او السرية لانشطة واعمال الحكومة والادارة بصفة عامة الا ان الاتجاه السائد من مضمون النصوص الدستورية يفيد ارساء مبدأ السرية كأصل عام على انشطة واعمال الادارة خاصة وان المشرع الدستورى ذكر صراحة ان أعمال السلطة التشريعية والقضائية ذات طبيعة علنية كأصل عام . 

     

     ومن ثم فان السكوت عن استعراض اعمال السلطة التنفيذية وكذلك عن التحدث عن الحقوق والحريات العامة يفسر بأنه ارساء للمبدأ العكسى وهو السرية فضلا عن خلو نصوص الدستور عن اى نص يقرر للأفراد حقا عاما فى الاطلاع على المستندات او المعلومات الادارية وايضا من مظاهر مبدأ السرية فى قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فقد حظر المادة 77/7 منه على العاملين الافضاء بأى تصريح او بيان عن اعمال وظائفهم كما الزمت المادة 77/8 الموظف بالكتمان عن كافة الانشطة والاعمال السرية بطبيعتها او بموجب تعليمات كما نصت المادة 6 على ان تكون المداولات واخذ الرأى فى لجان شئون العاملين سرية وحظرت المادة 8 استخراج صورة من سجل اجتماعات لجان شئون العاملين 

     

     الا على سبيل الاستثناء وبناء على امر من جهة قضائية او هيئة تأديبية وعلى هذا الاساس تعتبر ادارة وصناعة القرارات المتعلقة بشئون العاملين من تعيينات ونقل وترقيات وغيرها سرية حتى على العاملين انفسهم وهو ما يؤدى فى بعض الاحيان لبعض التجاوزات غير القانونية . كما حظر هذا القانون الجمع بين الوظيفة الحكومية واى يعمل اخر خشية افشاء الاسرار فنصت المادة 77/12 على ان يحظر على الموظف ان يؤدى عملا للغير بأجر او بمكافأة ولو فى غير اوقات العمل الرسمية الا باذن من السلطة المختصة والواقع انه لايوجد حكمة من النص سوى مجرد الخشية من ان الموظف قد يفشى ببعض الامور والمعلومات التى يطلع عليها بحكم وظيفته لهذا الغير وكذلك السرية الضمنية المتمثلة فى توظيف العاملين الذين يقومون باعمال مؤقتة يشكل بابا خلفيا للتعيين الدائم بالمخالفة لمبدأ المشروعية وتوظيف الخبراء الوطنيين والاجانب 

     

    وايضا من مظاهر مبدأ السرية فى القانون رقم 121 لسنة 1975 بشأن المحافظة على الوثائق الرسمية للدولة وتنظيم اسلوب نشرها ففوض المشرع بموجب هذا القانون رئيس الجمهورية فى وضع نظام المحافظة على الوثائق والمستندات واسلوب نشرها او فرض السرية عليها لمدة قد تصل الى خمسين عاما وباعتبار ان رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية فبذلك يكون المشرع قد ترك مهمة تحديد طبيعة الوثائق والمستندات الرسمية من حيث اضفاء السرية عليها للسلطة التنفيذية فى النهاية وبذلك تم اطلاق يديها فى اضفاء السرية على ماتشاء من الاعمال والانشطة فنصت المادة من القرار الجمهورى رقم 472 لسنة 1979 على ان يكون رئيس كل جهة مسئول عن وضع النظام الذى يكفل حفظ سرية الوثائق ويجب ان يخصص فى كل من هذه الجهات مكانا لحفظ الوثائق على ان يحتفظ فيه بسجل لاثبات اسماء العاملين المنوط بهم العمل فى هذه الوثائق ومدى علمهم بها . 

     

    كما صدر قرار جمهورى بانشاء الجهاز المركزى للتعبئه العامة والاحصاء رقم 2915 لسنة 1964 والذى يمنح احتكارا للجهاز بشأن نشر كافة المطبوعات او النتائج او البيانات الاحصائية التى تجريها المعاهد العلمية والجامعات والجهات الحكومية وبعض وحدات القطاع العام ايا كان موضوع المطبوع او الدراسة وكذلك امتد ليشمل ايضا بيانات ومعلومات واحصائيات القطاع الخاص بل ولم يقتصر الحظر على البيانات او المعلومات او الاحصائيات السرية بطبيعتها او بناء على نص القانون أو بناء على تعليمات وانما اطلق ليشمل كافة البيانات والمعلومات والاحصائيات ليشمل بذلك كافة ما يتعلق بانشطة واعمال الادارة بل والقطاع الخاص ولو لم تكن سرية وكذلك من مظاهر السرية سرية انشطة واعمال الادارة وفق قوانين ولوائح وقرارات حكومية مختلفة ومتوغلة فى عديد من النظم التى تحكم ادارة الشئون العامة ومنظمات المجتمع وايضا عدم اتباع نظم جيدة للتخطيط بمشاركة كافة الاطراف المعنية وعدم الالتزام القانونى 

     

    بذلك واتباع الهياكل الهرمية البيورقراطية التى تؤدى الى تداخل الاختصاصات ومراجعة عدد كبير من الوظائف على الوظيفة التنفيذية وعدم تمكن ا لعاملين فى المستوى الاول من التنفيذ المباشر وسرية التقارير الرقابية وعدم الالتزام القانونى بنشرها وتبعية معظم الاجهزة الرقابية لذات السلطة التنفيذية محل الرقابة مثل هيئة الرقابة الادارية التابعة لرئيس الوزراء والجهاز المركزى للمحاسبات التابع لرئيس الجمهورية مما يؤدى كل ما سلف ذكره على تكوين بيئة خصبة لانتشار الفساد الادارى من خلالها وصعوبة حصره ومراقبته والقضاء عليه فى الداخل وهو أمر بحاجة الى اعادة النظر والتنظيم والتعديل (1) . 

     

    - نصت المادة 16 من الاتفاقية فيما يتعلق برشوة الموظفين العموميين الاجانب وموظفى المؤسسات الدولية العمومية على ان تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى فيما يتعلق بتلك الجريمة (2). الا ان التشريع المصرى يخلو حتى الان من نص صريح يجرم مثل هذا الفعل من هؤلاء الاشخاص وبحاجة الى اصدار تشريع فى هذا الخصوص وان كانت قد انضمت مصر مؤخرا فى اتفاقية مكافحة الرشوة للموظف الدولى OECD والمبرمة فى 1998 والتى تعمل على تعزيز التعاون الدولى بين الدول الاطراف فيها فى هذا المجال وتتضمن قواعد تنظم تجريم رشوة الموظفين العموميين الاجانب حيث نصت على ضرورة ان تتخذ كل دولة طرف الاجراءات الضرورية لوضع الاساس بأن تعتبر رشوة الموظفين العموميين الأجانب جناية بالاضافة الى تجريـم اى 

     

    http: // ar.wikipedia.org ( 1 ) 

     

    (2) اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد صفحة 12 

     

    صورة من صور التواطؤ والمساعدة والتحريض والتفويض بأى عمل من أعمال الرشوة لأى موظف رسمى اجنبى (1) . ولاتزال مصر بحاجة الى اصدار تشريع لتنظيم وتجريم مثل هذا الفعل فى سبيل مكافحة الفساد فى الداخل والخارج وحتى يتوافق مع نصوص الاتفاقية التى تعد طرفا فيها. 

     

    - نصت المادة 21 من الاتفاقية فيما يتعلق بالرشوة فى القطاع الخاص على ضرورة اعتماد كل دولة طرف مايلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم رشوة الموظف بالقطاع الخاص عندما ترتكب عمدا اثناء مزاولة انشطة اقتصادية او مالية او تجارية (2) 

     

     أما عن قانون العقوبات المصرى فقد نص فى مادته رقم 106 على تجريم الرشوة فى القطاع الخاص الا انه فى العقوبة فرق بينها وبين الرشوة فى الوظيفة العامة فجعل الاولى جنحة فى حين ان الثانية جناية ويعاقب على الرشوة فى القطاع الخاص بالحبس مدة لاتزيدعلى سنتين وبغرامة لاتزيد على خمسمائة جنيه أو باحدى هاتين العقوبتين أما عن الرشوة فى مجال الوظيفة العامة فيعاقب عليها بالاشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لاتقل عن الف جنيه ولاتزيد على ما اعطى أو وعد به وبذلك يظهر الاختلاف الكبير فى العقوبة رغم كون ا لفعل المجرم واحد . وقد يعلل لالبعض ذلك بأن الرشوة فى مجـال الوظيفة العامة اكثر خطورة منها فــى القطاع 

     

    http:// bcbksa . com ( 1) 

     

    (2) اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد صفحة 14 

     

    الخاص (1) . ولكن بالنظر الى الواقع نرى ان كلاهما واحد ولهما ذات الأثر بل ان مثل هذه التفرقة قد تشجع على زيادة انتشار الفساد فى القطاع الخاص حيث ان العقوبة غير رادعة وخاصة ان الدول تتحول من النظم الاشتراكية حيث كانت الدولة هى المشرفة على جميع قطاعات الانتاج الى النظم الرأسمالية وفتح التجارة الحرة بين الدول وذوبان الحدود الجغرافية مما يفتح المجال لانتشار الفساد وزيادته على المستوى الداخلى والدولى وهو بذلك لاتقل خطورة الرشوة فى القطاع الخاص عنها فى الوظيفة العامة وبذلك نرى ضرورة اعادة النظر فى رفعها على الاقل لتأخذ نفس عقوبة رشوة الموظف العام. 

     

    - نصت المادة 22 من الاتفاقية فيما يتعلق باختلاس الممتلكات فى القطاع الخاص على تجريم هذا الفعل كما حثت الدول الاطراف على اعتماد ما يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى لتجريم تعمد شخص يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص او يعمل فيه اختلاس اى ممتلكات او اموال أو أوراق مالية أو أى اشياء اخرى ذات قيمه عهد بها اليه بحكم موقعه (2) . اما فى القانون المصرى فقد قصر جريمة الاختلاس على ما يقع من الموظف العام فى عمله اما ما يقع من ا لعاملين بالقطاع الخاص فلا يوجد نص خاص يجرمه كفعل بحد ذاته كما وصف فى الاتفاقية وانما يعاقب عليه فى قانون العقوبات المصرى تحت مسمى التبديد أو السرقـــة والمنصوص 

     

     (1) كتاب التعليق على قانون العقوبات فى ضوء الفقه والقضاء للمستشار / مصطفى مجدى هرجه صفحة 485 . 

     

    (2) اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد صفحة 15 

     

    عليهما بالمادتين 341 ، 311 من قانون العقوبات المصرى (1) . وبذلك يعتبر القانون المصرى بحاجة الى نص جديد لتجريم مثل هذا الفعل تحت مسماه الحقيقي والأصلي وليس تحت مسمى جرائم أخرى تختلف عنه كما هو منصوص عليه بالنسبة للموظف العام . 

     

    - نصت المادة 26 من الاتفاقية فيما يتعلق بمسئولية الشخصيات الاعتبارية على حث الدول الاطراف على اعتماد ما يلزم من تدابير لتقرير مسئولية الشخصيات الاعتبارية عن المشاركة فى الافعال المجرمة وفقا للاتفاقية وجواز كون مسئولية الشخصيات الاعتبارية جنائية او مدنية او ادارية وألا تمس تلك المسئولية بالمسئولية الجنائية للشخصيات الطبيعية التى ارتكبت الجرائم وان تكفل كل دولة طرف اخضاع الشخصيات الاعتبارية التى تلقى عليها المسئولية لعقوبات جنائية او غير جنائية فعالة ومتناسبـة ورادعة بما فيها العقوبات النقدية (2). واما عن القانون المصرى لم يرد أى نص حتى الان يتضمن تقرير مسئولية الاشخاص الاعتبارية عن المشاركة فى الافعال المجرمة وفقا للاتفاقية ومعاقبتهم عنها فقد اخذ قانون العقوبات المصرى بمبدأ شخصية العقوبة اى ان المراد بالاشخاص الذين يسرى عليهم قانون العقوبات هم الاشخاص الطبيعيين (3) . وبذلك يكون بحاجة الى نص جديد ينظـم هذا 

     

     (1) كتاب التعليق على قانون العقوبات فى ضوء الفقه والقضاء للمستشار/ مصطفى مجدى هرجه صفحة 1195 

     

    (2) اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد صفحة 17 

     

    (3) كتاب التعليق على قانون العقوبات فى ضوء الفقه والقضاء للمستشار / مصطفى مجدى هرجه صفحة 14 

     

    الامر حتى يتوافق مع احكام ونصوص الاتفاقية. 

     

    - نصت المادة 29 من الاتفاقية فيما يتعلق بالتقادم على ان تحدد كل دولة طرف فى اطار قانونها الداخلى فترة تقادم طويلة تبدأ فيها الاجراءات القضائية او ان تعلق العمل بالتقادم فى حالات افلات الجانى المزعوم من يد العدالة (1). فى حين انه فى القانون المصرى نصت المادة 15 من قانون الاجراءات الجنائية على ان تنقضى الدعوى الجنائية فى مواد الجنايات بمضى 10 سنوات من يوم وقوع الجريمة وفى مواد الجنح بمضى 3 سنوات وفى المخالفات بمضى سنة مالم ينص القانون على خلاف ذلك (2) . وهذه فترة قصيرة نسبيا قد تؤدى الى ضياع الحقوق خاصة فى حالات هروب الجانى وافلاته من يد العدالة بالاضافة الى انه فى مجال العمل الوظيفى لا يسأل الشخص عما صدر منه من مخالفات ادارية اثناء قيامه بعمله فى حالة تركه العمل مثل الاحالة الى المعاش مالم يبدأ التحقيق معه فى هذه الواقعة قبل ترك العمل واما فى حالة المخالفات المالية التى تحدث من العامل قبل تركه العمل فتنقضى الدعوى الجنائية بالنسبة لها وبمرور خمس سنوات من تاريخ ترك العمل فلا يسئل عنها وهذه فترة قصيرة تؤدى الى ضياع الحقوق وعدم امكانية استرجاعها مرة اخرى وبالتالى زيادة انتشار الفساد وبذلك تكون نصوص هذه المواد بحاجة الى تعديل وقد نص فى المادة 88 من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنـة 1978 جواز 

     

     (1) اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد صفحة 18 

     

    (2) كتاب التعليق على قانون العقوبات فى ضوء الفقه والقضاء للمستشار/ مصطفى مجدى هرجه صفحة 69 

     

    اقامة الدعوى التأديبية على العامل الذى انتهت خدمته ولم يكن قد بدأ بالتحقيق معه قبل ذلك اذا ارتكب مخالفة يترتب عليها ضياع حق من حقوق الخزانة العامة وذلك لمدة خمس سنوات من تاريخ انتهاء الخدمة . 

     

    - نصت المادة 30 من الاتفاقية فيما يتعلق بالجزاءات على أن تجعل كل دولة طرف ارتكاب فعل مجرم وفقا للاتفاقية خاضعا لعقوبات تراعى فيها جسامة ذلك الجرم (1) . أما فى القانون المصرى فقد وضعت عقوبات الى حد ما جامدة تطبق على كل من يرتكب الفعل المجرم بغض النظر عن جسامة الفعل فمثلا فى مجال رشوة الموظف العام جعل عقوبتها الاشغال الشاقة المؤبدة بالاضافة الى الغرامة التى لاتقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به وذلك يكون ساوى بين جميع المرتشين ايا كان قيمة مبلغ الرشوة او جسامة الفعل وكذلك فرق فى العقوبة بين جريمتى رشوة الموظف العام ورشوة الموظف فى القطاع الخاص رغم كون الفعل واحد فجعلها فى الاولى جناية يعاقب عليها بالاشغال الشاقة المؤبدة وفى الثانية جنحة يعاقب عليها بالسجن (2) . بالاضافة الى ان القانون المصرى لم ينص على عقوبات توقع على الاشخاص الاعتبارية فى حالة مشاركتهم فى أى جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى الاتفاقية حيث انه يأخذ بمبدأ شخصية العقوبة 

     

    حيث انها توقع على الشخص الطبيعى فقط (1) . وبذلك يكون قد أعفى الاشخاص الاعتبارية من العقاب رغم مشاركتها فى الفعل المجرم . 

     

    - نصت المادة 32 من الاتفاقية فيما يتعلق بحماية الشهود والخبراء والضحايا على ان تتخذ كل دولة طرف تدابير مناسبة لتوفير حماية فعالة للشهود والخبراء الذين يدلون بشهادة تتعلق بأفعال مجرمة وكذلك لأقاربهم وسائر الاشخاص الوثيقى الصلة بهم عند الاقتضاء من أى انتقام او ترهيب محتمل كما نصت المادة 33 من الاتفاقية فيما يتعلق بحماية المواطنين على أن تدخل كل دولة طرف فى نظامها القانونى الداخلى تدابير مناسبة لتوفير الحماية لأى شخص يقوم بحسن نية ولأسباب وجيهة بابلاغ السلطات المختصة بأى وقائع تتعلق بافعال مجرمة وفقا للاتفاقية (2). أما فى التشريع المصرى فلا يوجد ما ينص على مثل هذه الحماية أو ينظمها مما يؤدى الى حدوث رهبة لدى الافراد من الابلاغ عن اى جريمة تقع امامهم خوفا من عواقب ذلك وعدم الشعور بالأمان مما قد يتعرضون له من قبل الجانى من انتقام منهم سواء فى العمل او فى الحياة الشخصية او اسرهم او المقربين منهم مما يترتب عليه هروب الجانى من المساءلة وانتشار الفساد مع العلم بعدم وجود عقاب وتكرار الجانى لأفعاله دون خوف وتشجيع المحيطين به عليهم والذى لهم قابلية لذلك مع تأكدهم من عدم المساءلة ورهبة الافراد وخوفهم من الابلاغ عنهم وبذلك يظهر لنا مدى اهمية وضرورة توافر مثل هذا التشريع لمحاربة الفساد والقضاء عليه. 

     

    خاتمـــة 

     

    وبذلك يتضح لنا من ا لعرض السالف أوجه الاتفاق والاختلاف بين اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتشريع المصرى وأوجه القصور فى التشريع ومدى حاجته الى تعديل بعض النصوص الموجودة بالاضافة الى اصدار نصوص جديدة لتنظيم بعض الأمور التى أغفل المشرع عن تنظيمها والتى سبق وأوضحناها بشكل وافى الى حد ما فى هذا البحث خاصة وأن مصر طرفا فى تلك الاتفاقية ويقع عليها التزام بذلك ولايزال المشرع المصرى حاليا يعمل على بعض تلك القوانين سواء باصدار قوانين جديدة مثل انشاء المحاكم الاقتصادية وغيرها أو بتعديل بعض القوانين القائمة ولكن التغيير الى الأفضل بحاجة الى وقت ودراسة شاملة ووافية حتى يحقق الاثر المرجو منه خاصة وان معظم الاتفاقيات تضع قواعد عامة مجردة وتترك للتشريعات الداخلية للدول الاطراف مهمة تنظيمها على ان تلتزم بالقواعد العامة للاتفاقية لتلك الاتفاقيات الدولية عظيم الأثر فى اقامة التعاون الدولى ومكافحة الجريمة والفساد بصورة أوسع وأشمل ومحاصرته للقضاء عليه خاصة بعد انتشاره بصورة كبيرة فى الأونة الأخيرة لأسباب عديدة كما سبق وأوضحنا بهذا البحث . 

     

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الدكتور عادل عامر يكتب عن :أوجه الاختلاف بين اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتشريع المصري Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top