قال نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: «إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد»
لم أجد من مصطلحات اللغة أبلغ ولا أدق من كلام رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، لكى أبدأ به تقريرى هذا ... لما تحمله هذه الكلمات من المبادىء الأساسية اللازمة لاستقرار الحياة البشرية ، وحماية النفس والحياة في المجتمعات ، وحماية النظام العام في المجتمع ، وصيانته من الخروج عليه والإنحرام عن القوانين والتشريعات التى تصون المواطنين جميعا" كانوا مسلمين أو غير مسلمين ، وحماية للحياة الشخصية والملكية الفردية في هذا المجتمع ...
فإن الله _ سبحانه وتعالى _ يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة ، هداية للأمة في مراحل الشرود والتيه ، وتفسير لحالة الاستقرار التي ينعم بها الإنسان في الدول الغير مسلمة في بقاع الأرض ، وتفسيرا" لحالة الفوضى والفتن التي تعيشها أغلب بلاد المسلمين ، وخاصة في الأونة الأخيرة ...
قصة حقيقية تحدث في بريطانيا ، وهي دولة غير مسلمة ، عندما اكتشف رجل الأعمال المصري "محمد الفايد" أن شركة للنفط كانت تنقب بجوار أرض يملكها وأنها كانت تستخرج نفطا من أرضه منذ عام 2000 ، فلجأ الرجل للقضاء الذي أنصفه ومنحه الحق في 9% من فوائد عمليات استغلال البئر النفطية، بل منحه حق التعويض عن السنوات الفائتة بمبلغ قدره 7 ملايين جنيه إسترليني ، وفي نفس التوقيت نجد في بلاد المسلمين المتفرقة والمتشرذمة والمتناحرة القتل والظلم والبغي !!
أتذكر كارثة العبارة في وقعت في إحدى الدول العربية ، والتى قتل فيها أكثر من ألف شخص غرقا في البحر في واقعة ما سمى " بعبارة الموت" وأدانت كل التحقيقات مالك هذه العبارة في كل من تقارير لجنة تقصي الحقائق وهيئة السلامة البحرية والطب الشرعي وتحقيقات النيابة، ولجأ الضعفاء المكلومون أقارب الضحايا إلى القضاء الذي حكم بالبراءة !!!
ويصدق قول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: «إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد»
أما قصة اليوم التى يتابعها الملايين عبر مواقع التواصل الإجتماعي ، فهى قصة العامل المصري بدولة "الأردن الشقيقة "
"فوزي احمد البرادعي" 28سنة ، عامل شاب ريفي بسيط من احدى قرى مركز ديرب نجم بمحافظة الشرقية عمل بعدة مهن ولكنها لم تدر عليه الربح المطلوب ليتمكن من الزواج والمساهمه في مساعدة اشقاؤه بعد وفاة والديه فقرر البحث عن لقمة العيش في احدى الدول العربية ، فاستطاع أن يجد فرصة عمل خارج مصر ، وسافر إلى المملكة الأردنية الشقيقة ليعمل كحارس عقار في العاصمة" عمان " ،وكانت الحياة تسير على مايرام وراضي بالحال ويحمد الله على ما قسمه الله له من رزق ، الى ان جاء اليوم المشئوم الذي قلب حياته رأسا على عقب ، فاثناء ذهابه الى الصلاة في احدى المساجد القريبه من مكان سكنه الذى يقطنه ، تفاجئ بسيارة فارهة يقودها شاب أرغن متهور ، تأتي مسرعة لتدهسه اسفل عجلاتها وتتعلق قطعه من ملابسه بها ليسحله سائقها في الشارع والقي به بعيدا وحاول الماره اللحاق به دون جدوى وهرعوا المارة مسرعين نحو فوزي معتقدين انه فارق الحياة ، ليجدوه ما زال حيا ، فنقلوه مسرعين لمستشفى "البشير" في عمان وهناك اكد الطبيب انه اصيب باصابات بالغه في كافة انحاء جسده ، ويحتاج الى عدة عمليات ، وبالفعل اجرى عدد من العمليات وبقى عدة ايام في غيبوبة تامه وبعد استفاقته وجد نفسه لايقوى على الحركه ليفاجئه الطبيب انه اصيب باصابات بالغه في العمود الفقري والقدمان وانهم قاموا بتركيب شرائح ومسامير في قدمه ، مهدد بالاعاقة التامة اذا لم يتلقى العلاج اللازم
يقول احد اصدقاؤه انهم تواصلوا مع الملحق الدبلوماسي في السفارة المصرية بعمان وطلبوا منه مساعدتهم في نقل زميلهم لمستشفى خاص ، في محاولة لانقاذ حياته ومستقبله من الضياع ولكن احدا لم يهتم لامرهم
واضاف انهم توجهوا لقسم الشرطة لمتابعة المحضر الذي تم تحريره بخصوص الواقعة وعلموا انه تم ضبط الجاني وهو اردني الجنسية وينتمي لاحدى القبائل ذات النفوذ في الاردن ، وتم ضبطه لتعاطيه المواد المخدرة ، وانه كان في حالة سكر اثناء قيادة السياره فحاولوا التواصل مع اعيان قبيلته لمطالبتهم بالمساعده في علاج زميلهم الذي تسبب نجلهم في تدمير مستقبله ليتفاجئوا بردهم ان نجلهم تم حبسه في قضية تعاطي المواد المخدرة وانهم غير مضطرين لمساعدة المصاب او تعويضه ، لانه في كل الحالات نجلهم سيبقى في السجن وستتم محاسبته ليصدم اصدقاؤه بعد ان حاولوا مساعدة صديقهم الذي جاء للاردن لتحسين وضعه ليتحول لمعاق ويضيع مستقبله ..
وناشد اصدقاؤه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي والسفير سامح شكري وزير الخارجية والسفيرة نبيلة مكرم عبيد وزيرة الهجرة واصحاب القلوب الرحيمة في انقاذ زميلهم ومحاولة نقله لمستشفى مؤهل لحالته ومساعدته في تكاليف العلاج واحضار شقيقه للاردن لخدمته والوقوف بجواره لانهم ينشغلون في اعمالهم والبحث عن لقمة عيشهم
ومن ناحية أخري : هذا الحادث لم يكن الأول ، ولن يكون الأخير ، فحوادث الإعتداء علي العمالة الوافدة في معظم دول الخليج ، وبالتحديد تكررت كثيرا في الفترة الأخيرة .وخاصة مطلع عام ٢٠١٧ والذي شهد إبعاد وتصفية الوافدين نتيجة لحملات الهجوم المتكررة من بعض أعضاء مجلس الأمة الذين يتخذون من العمالة الوافدة شماعة لكسب الأصوات في انتخاباتهم القادمة ، أو لعمل شو إعلامي لكسب مشاعر الشعب علي حساب العمالة الوافدة التى لا تجد من يدافع عن حقوقها ، أو ربما بحجة الإصلاح الإقتصادى وحالات التقشف التى تعانى منها بعض الدول العربية ..
في الحقيقة : لا أحد ينكر وجود معاناة حقيقية تعيشها العمالة الوافدة في بعض الدول العربية بفعل القوانين الصارمة والظالمة المفروضة علي الوافدين فقط ، وبسبب سوء المعاملة التى تتعرض لها تلك العمالة ، ليصبح الوافدون شماعة يعلق عليها المسئولون إخفاقاتهم ومشاكلهم في المجالات الصحية والتعليمية والأمنية والازدحامات المرورية وغيرها ، في ظل وجود فراغ في منظمات حقوق العمل والإنسان ، إضافة للأعباء المتزايدة المفروضة علي العمالة الوافدة مثل الضرائب علي الخدمات والمساكن والمرافقين وكل شيء ، والتى زادت من سوء اوضاعهم المعيشية ، وأجبرت الحياة القاسية والمعاملة الغير إنسانية عشرات الألاف منهم إلى مغادرة البلاد .
السؤال هنا
---------------
أين القوانين العمالية للتصدى لهذه الإنتهاكات غير الإنسانية بحق العمالة الوافدة الذين باتوا يرزحون تحت وطأة ظروف أشبه بحياة الرقيق ؟
فالعمالة الوافدة أصبحت موتى وهم أحياء ، ونظرا لأن الضرب في الميت حرام شرعا" ... فارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء .
0 comments:
إرسال تعليق