تتميز الدراما المصرية بجمالها الدائم الذي يكاد يتطابق مع أذواق جميع
الأجيال العربية التي تعاقبت عبر الزمن فهناك في أروقـة الإذاعة المصرية تراث عظيم
قد اختزنته رفوف الإذاعة والتلفزيون المصري لسنين طويلة ولا نريد هنا ان نخوض في أعداد
وأنواع ذلك الخزين الهائل لعدم الجدوى من أحصائه بسبب كثرته وتنوعه ولكنني أكتفي هنا
بالإشارة إلى البعض من الأعمال الدرامية التي أثرت في نفوس الناس وبقيت أحداثها عالقة
في الوجدان عبر السنين وقد اتخذتها مجتمعاتنا العربية دروساً مجانية انعكست آثارها
على سلوك تلك المجتمعات بشكل أو بآخر ، ومن تلك المسلسلات مثلاً ( الشهد والدموع
.. ليالي الحلمية .. المال والبنون .. رأفت الهجان عائلة الحاج متولي .. لن أعيش في
جلباب أبي .. قابيل .. ليالي أوجيني .. السبع وصايا .. حديث الصباح والمساء ، والمسلسل
الديني الرائع الوعد الحق لعميد الأدب العربي طه حسين ولا ننسى المسلسل الملحمي لااله
الا الله ) وغيرها من مئات المسلسلات والأفلام والمسرحيات التي تعكس واقع المجتمع المصري
الذي هو جزء لايتجزء من المجتمع العربي لوجود عدة عوامل مشتركة تربط نسب وتقاليد الشعوب
العربية بتراثها الخالد .
هناك أسباب عديدة ساعدت على نشوء هذا العدد العظيم من تلك الدراما المتطورة
في ( مصر أم الدنيا ) كما يصفونها كان على
رأسها شركات القطاع الخاص التي تعتبر صاحبة الفضل الأول في اكتشاف أصحاب المواهب من
بين طبقات المجتمع المصري الرائع فلولا شركات الإنتاج الأهلية التي كانت تمتلك الحرية
الكبيرة في العمل آنذاك لما استطاعت السينما المصرية أن تصل إلى هذا المستوى المتطور
من الإنتاج الغزير الذي جاوز بأعدادهِ منذ خمسينيات القرن الماضي ليومنا هذا أعداد
الأفلام الأمريكية والأوربية على حدٍ سواء ، ليس على الصعيد الدرامي ( التمثيلي ) وانتاج
الأفلام فحسب وإنما ظهر للوجود من الواقع المصري المتنوع موسيقيين عباقرة كان لهم الفضل
الكبير في رفع شأن الموسيقى العربية ووضع أسسها العلمية ليومنا هذا بعد ان راح كل منهم يضيف الجديد الى التخت الشرقي
عبر الزمن فسيد درويش مثلاً كان مدرسة من مدارس الموسيقى العربية الذي جاء باسلوب اللحن الجديد ليفتح من خلاله أبواب التطوير
والابداع وعبد الحمولي هو الآخر حذا هذا الحذو ومحمد القصبجي والشيخ زكريا احمد والموسيقار
الكبير محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي وغيرهم
من المبدعين العباقرة فهولاء كانوا الرعيل الأول الذي نشأت على أكتافهم صروح الموسيقى
العربية ومدارسها ليأتي بعدهم الجيل الثاني من الملحنين المبدعين مثل الموسيقار فريد
الأطرش ومحمد الموجي ويليغ حمدي وسيد مكاوي وغيرهم الكثير من الموسيقيين العباقرة الذين
أضاف كلاً منهم بعبقريته الشيء الجديد إلى أنغام الموسيقى العربية لتظهر بهذا الشكل
المتكامل، ان تلك الألحان الجميلة التي أطلقها هولاء المبدعين أظهرت إلى الوجود نتاجات
رائعة تفصح عن جمال موسيقانا الرقيقة وتعطي درساً للبشرية بأن حضارتنا العربية أصيلة ، جميلة ، رصينة كجمال موسيقانا الساحرة التي
تخفق لها القلوب وتهيم في بحور نغماتها المشاعر
فالموسيقى الرومانسية التي أنتجها أولئك الأفذاذ من أمثال محمد عبد الوهاب والسنباطي
وبليغ والموجي وغيرهم قد راحت تتجلى بوضوح
في الأغاني الخالدة لكوكب الشرق أم كلثوم فظهرت موسيقى تخاطب الروح وتلهب العواطف وتهيم بها النفس في عالم
من الأحاسيس الرقيقة وخاصة لأولئك المتعطشون إلى الحب الذين لوعتهم ظروف العشق وقذفت
بهم في شرنقة من الحسرة والشوق المفرط إلى الحبيب
.. في الحقيقة أن تلك الألحان الرائعة وغيرها من الروائع هي رسل ثقافتنا العربية
إلى أصقاع الدنيا وهي دليلنا الناطق بأننا طيبون ، مسالمون ، حالمون ...... نحمل في
أعماقنا صفات الحب والتسامح والخير لكل الناس فوق هذه الارض الكريمة
المعطاء وليس كما يصورنا الغرب على أننا متخلفون ،همج ، رعاع ، برابرة ....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
•الدراما : هو مصطلح يطلق على التمثيل بشكل عام من مسرحي وتلفزيوني وسينمائي
وتعرف أدبياً على انها تركيب من الشعر أوالنثر أو سرد قصصي يهدف إلى تصوير الحياة ،
أو الشخصية الذي عادةً ما ينطوي على الصراعات والعواطف من خلال الحدث والحوار المصمم
للأداء التمثيلي .
...................
**كاتب
المقال
كاتب
عراقى
maher.nasrat@gmail.com
0 comments:
إرسال تعليق