مداخلة لابد منها ( لا أدرى كيف مر هذا الحدث دون أن ينتبه له احدا
من أهل الثقافة وخصوصا المجلس الأعلى للثقافة ويقيم احتفالية يحتفل فيها بتلك القيمة التى وصفها عباس محمود العقاد بقوله " أنه فيلسوف الأدباء
وأديب الفلاسفة ، فهو مفكر يصوغ فكره أدبا و أديب يجعل من أدبه فلسفة ".
ونحن من جانبنا سوف نقف قليلا عند هذا الكتاب
القيم كمثل كل ابداع وإنتاج الدكتور ذكى نجيب محمود الذى ولد فى مدينة فارسكور بمحافظة
دمياط سنة ١٩٠٥ وتوفى فى عام ١٩٩٣ . وبتلك المناسبة نقدم تلك القراءة لهذا الكتاب القيم
( قيم من التراث ) كتاب للدكتور ذكى نجيب محمود . والدكتور قيمة فلسفية وفكرية لا تريد منى او من
غيرى ان يقول ويقر بذلك ، لكنه يريد أن نقرأ
إنتاجه ونتعلم منه لكى تتحسن حياتنا..
فهو اى المفكر كما رجل المرور الذى يوضح لسائقى
المركبات طرق السير السليمة ، فيصلوا الى مبتغاهم فى امان ..كذلك فعل ويفعل أهل الفكر
حيث ينشطوا بالتفكير لكى يقدموا نماذج تساعدنا فى
الحياة ، فى أن تكون أفضل وأحسن .. أقول هذا لأن التفكير من أجل حياة أشمل وأهم من التفكير فى اللا تفكير ، فيضر اللا تفكير المجتمع ؟!
والدكتور ذكى نجيب محمود فى هذا الكتاب الواضح
من عنوانه يعمل جاهدا على أن يقدم لنا قراءة جديدة أو يلقى نظرة مختلفة
للتراث ..وأنا اريد أن
أشير الى بداية معرفتى بالدكتور ذكى
حيث كانت فى التسعينيات من القرن الماضى
، من خلال مقالاته التى كان ينشرها فى مجلة العربى وكانت مفاجأة سعيدة أن صدر كتاب يجمع مقالات الدكتور المنشورة فى مجلة
العربى ،ثم كانت المفاجأة الثقافية الكبيرة حينما نشرت جريدة الاهرام " حصاد السنين "تغريدة البجعة "
وهى مذكرات الدكتور وكانت الحلقة الأولى عن لماذا قرر
أن يكتب مذكراته ولماذا اختار لها هذا الاسم .
ومن هنا نعود الى قيم من التراث لنجد الكتاب
مكون ٣٩٢ ورقة من القطع المتوسط والكتاب صادر عن مكتبة الاسرة .
وكعادة أهل الفلسفة يأتى الدكتور ذكى نجيب بمشكلات
معينة ويضعها امامنا ويعمل فيها قلمه وفكره لكى يحللها لنا ، لكى نرى أفضل وأحسن لنرى الحقيقة التى لم تكن واضحة لنا ، والفلسفة
كما نعلم جميعا هى انها تبدأ من التعجب وتنتهى
بإزالة التعجب ، وهذا يعنى أن دورها لا يمكن تثمينه ، لأنه لا يمكن ان يوجد مجتمعا ما من غير ان تكون به فلسفة تعمل فيه فعل( الجراح) الذى يتعامل
مع المرض الذى لابد ان يستأصل ، حتى لا يتفشى
فى الجسم كله فيحدث له ما يحدث لنا منذ زمنا بعيدا ..لأننا لا نعرف ما هو المرض
، وهذا يعنى أننا لا نعرف كيف يكون العلاج
.
ومن هنا فنحن نعيش فى دائرة مفرغه من كل معنى
او قيمة فى تلك الحياة ونتيجة لذلك أصبح الموت أغلى أمانينا ، ولا نرغب فى حياة أفضل
، ونكتفى بأننا نعيش فقط لا غير ؟!
ونجد الدكتور ذكى نجيب محمود يشير الى تلك القضية
الخطيرة للغاية ، وهو يرد على المفكر روجيه
جارودى وهو يصف الحضارة الغربية بأنها
" حضارة بلا أهداف ، وأن الإسلام
يمثل الحياة الكاملة ، التى تعرف اهدافها
"
وهذا الرأى اوضح ما فيه الدكتور ذكى من خطورة
تفسد حياتنا بالضبط مثل الذى يسافر الى الخارج ويكون اموالا كثيرة ،لا تعد ولا تحصى
، وان سأله احد اخوته السفر والعمل ، فيقول ان العيشة صعبة والناس لا تجد شيئا تعمله هناك ، وهنا أفضل من السفر ..
وهو يفعل ويقول ذلك حتى لا يساعد احدا لكى ينال
الفرصة فى تحسين وضعه الاجتماعى والاقتصادي ..ويبقى هو الأفضل
والأحسن والأميز ؛ ولهذا هاجم جارودى الحضارة
الغربية ودافع عن الاسلام كى يبقى الوضع على ما هو عليه .
ونجد الدكتور ذكى ينتهى كتابه بفصل مهم جدا ..فنقف عنده؛ وهو تحت عنوان "لك أنت
الولاء يا مصر" وتلك نقطة مهمة جدا حيث
منذ ان ظهر حسن البنا وهو يردد أن الولاء للدين وليس للوطن ، لان الوطن قطعة عفنة ،
والمخيف فى الامر انه يغلف سمومه بالدين ..حتى يقدر يلعب فى عقولهم ، فلا يهتموا بشئ
ذو قيمة تذكر ، ويتحول كل شئ عندهم وفى حياتهم
للموت ولما بعد الموت ..
ونسوا تماما ان من يكسب الدنيا يكسب الآخرة .. لان الدنيا هى الطريق إلى الآخرة .. اى المعبر إليها ، ومن يعبر هو الماهر فى التعامل معها ، اى الذى يكسب الدنيا هو الذى يكسب الآخرة والعكس
صحيحا اقول هذا إن كنا نتحدث بصدق عن الآخرة
وهى مبتغانا جميعا .
وفى فصل جميل ومميز جدا نجد الدكتور يكتب ويحلل
الفرق بين( النمل والنحل) ولماذا يجب ان نكون
مثل النحل الذى يجمع مكونات غذائه من اماكن شتى ، ثم بعد ذلك يصنع غذائه ، وغذائه هذا
ينتج لنا أجمل غذاء للإنسان ، أنه عسل النحل . وهذا النظام هو المتبع فى اليابان حيث تجمع المواد الخام لتصنعها ، ثم تصدرها لدول العالم
اما النمل ونظام عمله وتحصيله على غذائه ، فهو
نظام ينفع النمل لكنه لا ينفع الانسان ، لكنه للأسف هو النظام المتبع فى حياة الانسان
العربى ، الذى يعمل معظم وقته من اجل تجميع غذائى وتخزين القدر الأكبر منه للمستقبل
..
دون العمل و الاستفادة مما هو متاح من امكانيات
لا تعد ولا تحصى فى باطن الارض وعلى ظهرها وفى الجو ، يحدث هذا لأننا نعمل بنظام النمل
وليس النحل.
0 comments:
إرسال تعليق