كتب الأديب حسين عبد العزيز قصيدة نثرية بعنوان " مرثية جيل حزيرانى" ؛وهى من عنوانها يتضح أنه يتحدث عن جيل يونيو 1967 أو بالأحرى "نكسة يونيو" ؛وهنا مارس حسين عبد العزيز "اللؤم" الأدبى ..أو كما نقول عنه نحن أصحاب اللغة "التورية" .
فأستحضر في
مخيلته "أبناء جيله" الناقمين على الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر
،ووجد ضالته في "نكسة 1967"وبدأ القصيدة بالأبيات التالية :
موته لم يكن صعبا
أو مرعبا
فقط امنع عنه الأمل
وضع فى حلقى كلمات مسممه
وسوف تتفاعل الكلمات معى
وتصنع منى كما ترى
يأس من كل الورى
بدأ
القصيدة "باللؤم الأدبى" كما في العنوان ،وهذه ظاهرة أدبية قاتلة..وكانت
كلمة "موته"..وهنا سؤالي له:ماذا تقصد ..؟!..فحرف "الهاء" في كلمة
"موت" ضمير غائب أى أنه استحضر شخص غائب وكتب القصيدة له .
ناهيك عن
هذا فقصيدته بدأها بشبه الجملة (وهنا يثبت كفاءته وبراعته )لأنه استخدم (أسلوب
الإلتفات) وهو من الأساليب التعبيرية الإبداعيَّة في اللغة الأدبية،وواصل براعته في انتهاك
النسق اللغوى المعروف وتجاوزه معتمدا على الإنزياح من خلال المطابقة والإنتقال من
الغائب إلى المتكلم (وضع في حلقى كلمات مسممه..وسوف تتفاعل الكلمات معى..وتصنع منى
كما ترى ..يأس من كل الورى".
فحسين عبد العزيز استخدم (أسلوب الالتفات) وهو من السمات التضليليّة التي
اسرت وجدانه ولجأ إليه لمداورة القارئ وتطرية لنشاط السامع وصب جام غضبه على نكسة
1967والدليل استكماله
للقصيدة بتلك الأبيات:
حتى
لو مت قبلى
فلن احزن
لومت قبلك
فتفرح
وعش كما تحب
فانا ليل بلا نهار
ليس لى إختيار
ما زال
يخاطب من استحضره بضمير الغائب (حتى ..لو مت قبلى..فلن احزن..ولو مت قبلك
فتفرح)اقحم نفسه في الأبيات ..وهنا استخدم اسلوب (التضاد) "احزن
..افرح"..وظهرت نقمته على الحياة فالأمر لم يعد فارقا معه ..واستخدامه أسلوب
الأمر(وعش كما تحب) فغرض (حسين) منه الاستعلاء والإلزام..ولكنه في الشطر
الثانى(فانا ليس لى اختيار)..الغرض منه بعد الاستعلاء والإلزام في اسلوب الأمر
(اليأس)..وهنا تبدو براعة (حسين) في تلك الدراما الشعرية.
وفى تلك
الأبيات:
ان السير فى جنازتى
ليس شاقا
فقط مطلوب زى مهندم
وحذاء يلمع
كما الدمعة الذى تهرب من مقلتيك .
هنا يكتمل المشهد
ويصفق الجمهور
وينزل الستار
وترفع على الأعناق
كما رفعت انا
وانا لست أنت
لأنك انت
وأنا لا أحب أن أكون
صورة حزيرانية
فى الهم مدعية
وفى الفرح منسية
هذا
الإسقاط في تلك الأبيات على جنازة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ؛كان يريد منها
اظهار السىء ،ولكن خانته تجربته الشعورية وخط قلمه ما وقر في قلبه فتجد
(ان السير فى جنازتى
ليس شاقا
فقط مطلوب زى مهندم
وحذاء يلمع
كما الدمعة الذى تهرب من مقلتيك .
هنا يكتمل المشهد
ويصفق الجمهور
وينزل الستار
وترفع على الأعناق
فكل من
حضر جنازة الزعيم تأدبا كان في أوج "شياكته" ..زى مهندم وحذاء يلمع
..والدموع تنهمر في كل الأرجاء حزنا على البطل والجمهور يهتف بإسم "الزعيم
الخالد" ،والجميع يحمل نعشه وصوره في
كل ربوع مصر والوطن العربى ،ولما لا وهو الملهم (حامل صك القومية العربية).
وفى
نهاية الأبيات يظهر حقد الشاعر على زعيمنا الخالد (أنا لا أحب أن أكون..صورة
حزيرانية)..وهنا أقول له ليتنا جميعا نكون "صورة حزيرانية" فيها القومية
العربية والإنتماء للوطن لنرسم صورة جميلة لتضامن شعوبنا العربية .
في النهاية
بقى أن أقول : ابدع الأديب حسين عبد العزيز في قصيدته من حيث استخدامه (أسلوب الالتفات) وهو من الأساليب التضليليّة
التي أسرت وجدانه كشاعر فلجأ إليها لتضليل القارىء
واكثر حسين عبد العزيز من استخدام نموذج "الإلتفات الفعلى"
الذى يقع بين صيغ الأفعال من المضارع إلى الأمر،
ومن الماضي إلى الأمر، ومن الماضي إلى المضارع، ومن المضارع إلى الماضي (يكن-امنع-
تصنع- يأس- عش )
يؤخذ على الشاعر استخدامه آخر شطرين باللغة العامية .
0 comments:
إرسال تعليق