• اخر الاخبار

    السبت، 25 مايو 2024

    حافظ الشاعر يكتب عن : استاذى ومعلمى رؤوف عنان..افتقدك

      

     


    عندما أعلنت عن شخصية اليوم فى باب" مشاهير قريتى" بصحيفة الضواحى الألكترونية"أخبار سلامون" وكانت عن أستاذي ومعلمى الراحل "رؤوف عنان" ؛جرفنى الحنين إلى أيام الطفولة والغلمنة والصبا؛شدنى قلبى إلى ما مضى من سنون ؛وأسرعت ذاكرتى بعمل "فلاش باك" وخانتنى عيناى فهطلت منها الدموع السرمدية .

    "فرؤوف عنان" ليس بشراً مثل هؤلاء البشر الذين يتاجرون بمعاناة أهالينا ،ولكنه اصطفاه الله من بين خلقه ومعه قرنائه فى تلك الفترة اساتذتى أيضاً الراحل عبد العزيز مشعل والراحل محمود القطرى والراحل حسين أبو ليلة والراحل الشحات الفقى والأستاذ عبد السلام الحداد اطال الله فى عمره..وغيرهم كثيرون.

    فهؤلاء المعلمون المجددون تخرج من تحت أيديهم أجيال واجيال ،وكانت التربية عندهم قبل التعليم ،وسيأتى يوماً اتحدث فيه عنهم جميعا.

    ولكن بيت قصيدى اليوم استاذى "رؤوف عنان"؛كان مدرس ابتدائى ويعطى للمدرسة حقها ؛فمدرس ابتدائى صباحاً ومصلح اجتماعى ليلاً ؛لا يبخل على تلاميذه بمعلومة .وسأروى لكم حكايتى شخصياً معه ..وتلك الحكاية كلها فضل على منه.

    كنت فى الصف الرابع الإبتدائى بمدرسة مصطفى كامل الإبتدائية "الصنايع الآن" ،ولأن حرب 1973 كانت قد أثرت عليها فنقلونا إلى مدرسة "طلعت حرب الإبتدائية" وكنا نذهب "مسائى" ؛فيها تعرفت على الأستاذ السيد الجندى –رحمه الله- وكان زميلى طوال دراستى الصديق والزميل إبراهيم سمير"مدرس الإنجليزى الآن"؛فكنا أطفال نحب المدرس الفلانى ونكره المدرس العلانى .

    وكنت أطول واحد فى الفصل- تلك بنيتى التى خلقنى الله بها – فإختارنى الراحل الأستاذ السيد الجندى لفريق الكشافة  ،وفجأة توفى الأستاذ السيد الجندى (على فكرة الأستاذ السيد الجندى والد المهندس أمير واشرف "؛فقررت المدرسة عمل جنازة له بالكشافة وتقدمتها ..ويومها بكينا ونحن اطفالاً لم يٌرفع عنا التكليف سوى من سنة ..ولكن تعلقنا بمدرسينا وحبنا لهم كان يفوق كل الحدود .

    وكان وقتها الصف الرابع الإبتدائى "شهادة مثله مثل الصف الثانى والسادس"ونجحت وقتها ؛ولكنى كطفل شعرت بأن "الموت يأخذ الطيببن" ،وانتقلنا للصف الخامس ،وقتها تعرفت على أستاذي ومعلمى رؤوف عنان ؛كان علينا فى حصة "دين" مكان الأستاذ "على العشماوى" وأذن الظهر وقتها فطلب منا أن نصليه كتلاميذ "جماعة" ،وطالبنى بإمامة زملائى وقراءة "التشهد" جهراً؛ولبينا ما طلبه منا ؛وكان علينا وقتها بعض سور القرآن حفظاً وكانت على ما أظن  الآيات "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ..............................."وبدأ فى تسميع الآيات لنا ولاحظ وجود "فلكة" فى يدى ..والفلكة : عصا مربوط بها حبل من الطرفين ..يضع فيها التلميذ قدميه واقوم انا والصديق إبراهيم سمير بلفها حول قدميه ويتمد..فنظر إلى  شذراً بنظرنه المعهودة التى يعرفها كل من تعامل معه قائلاً: ودى إيه يا شاعر" قلت له "الفلكة" بتاعت الأستاذ "على العشماوى" ؛فاستخدمها ويومها كان ثلاثة ارباعنا لم يحفظوا تلك الأيات وكان كل من يتمد على رجليه ..يطلب منه الجرى على البلاط حتى لا تورم قدميه ،ومن بعدها أصبحت اللكنة "الفلك يا حافظ – اعبطه يا حافظ"..!! فكنا لو شاهدناه يسير من شارع غيرنا مسارنا خوفا ،ولو شاهد أحدنا يلعب بالكرة نتركها مهرولين ..وثانى يوم يدب الخوف فى أوصالنا .

    وبعد أن انتهيت من الصف الخامس – كنت فى الغيط مع جدى الله يرحمه صباحا ؛فجاءنا استاذى ومعلمى رؤوف عنان وطلب من جدى أن يقوم بتصويرى علشان يقدملى خمسة فى سادسة والإمتحان هيبقى فى المنصورة ..فقلت له معرفش حاجة فى سادسة يا أستاذ قالى من بكره تكون عند الأستاذ حسين أبو ليله..وذهبت لأستديو حماده واتصورت بالبيجامة الكاستور  وفعلا قدم لى  وامتحنت فى المنصورة  وحصلت على مجموع كبير لم اكن احلم به.

    وفى فترة الإعدادى ذهبت الدرس عنده ،وكل أبناء جيلى يعرفوننى جيدا ومنهم من يدعو على ؛لأنى كنت "الجلاد" بالدرس ؛فأبناء جيلى من سلامون والدنابيق والريدانية وميت مزاح يتذكرون "عصا حافظ" ويبقى يومى اسود لو غلطت .

    الأستاذ رؤوف عنان ..تعلمت منه الكثير ..فعلمنى أبجديات اللغة العربية وكيف أدخل فى موضوع ولا اتركه حتى أصل إلى نهايته ..علمنى الحق والمبادىء وان الرزق بيد الله ..علمنى  كيف ان الكسب من حلال شريعة ومنهاج لكل مسلم ..علمنى كيف اتحدث فى الجلسات العرفية ..علمنى ألا اكره احد والا أغلق الباب فى وجه محتاج ..علمنى ألا استغل ظروف الآخرين ..علمنى كيف اختار صديقى ..وقبل كل هذا علمنى الحفاظ على الصلاة .

    فى النهاية بقى ان اقول..استاذى ومعلمى رؤوف عنان ..افتقدك وبنى جيلى ..أدعو لك بالرحمة والمغفرة فما فعلته معى لم يفعله الأب مع ابنه..ففى جنة الخلد خالداً إن شاء الله.
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: حافظ الشاعر يكتب عن : استاذى ومعلمى رؤوف عنان..افتقدك Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top