• اخر الاخبار

    الأحد، 5 فبراير 2023

    " الخيانة المُركّبة " ..بقلم / أ.د. أحلام الحسن ..رئيس القسم الثقافي

     


    الخيانة مصطلحٌ من فعل خان ، يخون ، خؤون ، أي شديد الخيانة .

    وكما يصف الله تعالى :

    ( إنّ اللهَ لا يحبُّ من كان خوّانًا أثيما  )

    وقد قرنَ اللهُ تعالى الخيانة بالإثم ، وتوّعد مرتكبيها بالكراهية وعدم المحبّة من الله تعالى فضلًا عن العقاب الذي ينتظرهم .

    والخيانة أنواعٌ تنحدر كلّها من منحدر خيانة الضّمير وانعدامه ، ومنها تتولدُ أبشع و أفظع الجرائم ، كالخيانة الزوجية ، الكذب ، التجسس (خلاف التحسس ) ، التزوير ، الرّياء ، الوشاية ، الغدر ، العار ، والقتل بطرقٍ وأساليبَ مختلفة، فالخؤون يتسبب بالقتل على مستوى الفرد والجماعة.

    و كثيرًا ما يكون الخائن كائنًا مخفيّا ، ومستترًا وراء الغباء أو البساطة أو المنصب الثانوي ، وقد يظهر بصورة البطولة أيضًا كما يتصور نفسه عبر قنوات الفتنة واتجاهاتها المعاكسة الغير آبهة بعدد قتلى المسلمين الذين سيسقطون ضحايا هذه الفتن الطائفية والمذهبية ،فالحذر كلّ الحذر منها، وممن يُكفّر من يقول لا إله إلّا الله محمدًا رسول الله " ص".

    يقول الإمام علي كرّم الله وجهه وهو صاحب الحكمة والموعظة ، في هذا الخصوص : ( كفى بالمرء خيانةً أن يكونَ أمينًا للخونة )

    نستفيد من هذه الحكمة اكتشاف ما يلي :

    ١- الخائنٌ للأمّة : وهو أجير ، يتاجر بوطنيته و دينه وبأرواح  المواطنين الأبرياء .

    ٢- الخونة : وهم خونةٌ بالأصل والفعل ، ولهم أهدافٌ يسعون لتحقيقها ، وبالخفاء ، وبالتعامل مع العنصر الأول الذي هو  الخائن .

    و غالبًا ما تعتمد هذه الإستراتيجية على الآتي :

    أ - تمزيق روابط الأمّةَ الإسلامية وعلى مستوى دولي .

    ب- تمزيق روابط المواطنين ، وافتعال الفتن الطّائفية والمذهبية بينهم ، على مستوى الوطن الواحد .

    ت - التشكيك في القيم الدينية والمعتقدات على الجانبين وبالاتجاه المعاكس لتقوم الحرب ويشتعلَ فتيل الفتنة ولا ينطفئ وبهذا نقدّم لأعداء الأمة أكبر خدمة تريحهم منّا  .

    إذن هنالك عناصر لا يستهان بها مطلقًا :

    خائنٌ : باع وطنه و أخوته في الوطن من أجل المال ، وكما وصفه الإمام علي رضي الله عنه - أمينًا للخونة -فهو يتّصف بالإخلاص لهم لمصلحته الشّخصية  .

    الخونة :  المختبئون وراء الكواليس، فهناك من يصفّق لهم من أفراد المجتمع يوميًا دون العلم بنواياهم الخبيثة والمدمرة.

    إن ما حدث في العراق الحبيب يعدّ أنموذجًا واقعيًا لهذا النّوع من الخيانة خيانةُ الأمّة ، فلولا تلك الخيانة الوطنية ومن يحيطها لما اشتعلت الفتن في هذا البلد العربي العريق .  

    استخدمتٔ هذه العناصر أساليب للتمزيق بين المواطنين ، وزرع الفتن الطائفية والمذهبية ، والقتل وتوجيه أصابع الإتهام لتلك الطّوائف ، والعمالة الخائنة خدمت تلك العناصر  ، الهدف من وراء هذا المقال هو تذكير مجتمعاتنا العربية من أجل أن لا تنجرف خلف الفتن بأنواعها ، فلينصرفوا عن كلّ ذلك جانبًا ، وليتوحدوا ضدّ أيّ انشقاقٍ تحت أيّ مُسمّىً فهذا هو الاسلوب الأمثل لدحر تلك الفتن، وكما يقول الإمام علي كرم الله وجهه ( كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ ، لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ، وَلاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ )

    علينا أن نتذكرَ أنّ محفظة الإسلام والوطنية تعني الإيثار، تعني تقديم مصلحة الأمة والجماعة على مصلحة الفرد، فهل سيعقلُ العقلاءُ هذا في خارطتنا العربية المجيدة نأمل ذلك .

     

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: " الخيانة المُركّبة " ..بقلم / أ.د. أحلام الحسن ..رئيس القسم الثقافي Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top