أولاً : التمهيد :
بسم الله الذي لا تتم السابغات من الأقوال والأعمال والأفعال إلا به وحده لا شريك له والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا ونبينا وحبيبنا وشفيعنا وقدوتنا ومرشدنا إلى الجنة محمد بن عبد الله الصادق الوعد الأمين وعلى آله جميعاً الزاكيين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد .
ثانياً : الفروق اللغوية :
هناك فرق جوهري في المعنى بين الفعلين :
1-
بلى . ٢- ابتلى .
وإن كان الأصل وجذر الكلمة والمادة هو :
( ب . ل . ي ) الثلاثي من بلى - يبلي - بلاء بمعنى : أصاب - يصيب - مصيبة .
بينما
الفعل المزيد ( ابتلى ) بوزن افتعل مزيد بالألف وتاء الافتعال .
وكما
قال النحاة والصرفيون :
( ما زاد في المبنى زاد في المعنى ) .
نلحظ اختلاف المعنى في الفعلين بعد الزيادة في
المبنى ( جذر وأصل الكلمة ) فصار معنى ابتلى : اختبر وامتحن !!!
ويكون هكذا : ابتلى - يبتلي - ابتلاء .
بمعنى
: اختبر وامتحن / يختبر ويمتحن / الاختبار والامتحان !!!
ثالثاً : استخدام اللفظة في محالها :
تستخدم لفظة ( بلى - يبلي ) غالباً في الإصابة
بمكروه !!! نقول : ( بليت بفقد عزيز أو بليت بزملاء سوء في عملي ) .
بينما غالباً ما تستخدم لفظة ( ابتلى ) بمعنى
الاختبار والامتحان !! نقول : ( ابتليت
بمحن كثيرة في حياتي ) أو ( ابتلاني الله تعالى ليرفع درجاتي وليمحو زلاتي وسيئاتي
) !!!
رابعاً
: قول أهل العلم ( العلماء ) في استخدام لفظتي ( بلى - وابتلى ) في جنب ( حق ) الله
تعالى :
منع أهل الفضل من العلماء استخدام لفظة
( بلى - يبلي ) في جنب الله تعالى لما فيه من إساءة أدب وسوء تحدث مع
الخالق سبحانه وتعالى ولما فيه من اتهام ونسبة السوء والشر إلى الله تعالى - وإن
كان الله تعالى هو المقدر له - !!! واعتمدوا على قوله تعالى :
" ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من
سيئة فمن نفسك " . كدليل على نسبة الخير من الله تعالى تأدبا ونسبة الشر إلى
المخلوق جدارة واستحقاقا !!!!!
لذا
منعوا قول : ( بلاني الله تعالى بكذا )
أو قول بعضنا : ( الله يبليك بمصيبة ...)
وأجازوا قولنا
: ( ابتلاني الله تعالى بامتحان صعب ليمحصني ) !!!
خامساً : هل يجوز تمني الابتلاء ؟؟؟ !!!
صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه
جاءه رجل ( لم يسم ) يتمنى الابتلاء
ليزداد وترفع درجاته !!!
وذهب الرجل ومرض مرضا شديدا حتى أصبح
كالفرخ !!!!! ؟؟؟
( بمعنى صار ضعيفا لم يتحمل الابتلاء
وصار حاله كالفرخ الضعيف لا يقوى لا على العبادة ولا على القيام بما ينبغي أن يقوم
به من مصالحه ) !!!!! ؟؟؟؟
عاود الرجل المجئ إلى النبي - صلى الله عليه
وسلم - وطلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو له بالشفاء !!!!!! ؟؟؟؟
سادساً : المعاني المستنبطة من الحديث النبوي
الشريف :
1- عدم جواز تمني الابتلاء !!!
2- لا يختبر العبد نفسه بقوة إيمانه وتحمله
للابتلاء !!!!!
3- الله تعالى وحده له المشيئة في اختبار
بعض عبيده وخلقه كيفما يشاء ووقتما يريد !!!!!!
4- قد لا يتحمل بعضنا شدة الابتلاء والاختبار
من الله تعالى فيكفر أو يتلفظ بألفاظ تخرجه عن دائرة الإيمان وأحياناً قد تخرجه عن
دائرة الإسلام - إن هو بعد تلفظه بها يوقن بها قلبه بأن الله تعالى - نعوذ بالله
تعالى أن نبتلى بذلك - لم يرحم ضعفه أو اختصه بهذا الامتحان وترك عبيده الفاسقين
والفاسدين يمرحون !!!!!
يا رب سلم من هذه المحن ومن هذه الابتلاءات التي
لا نستطيعها ولا نتحمل أدناها !!!!!
5- لذا منع بل . حرم العلماء تمني الابتلاء
خشية الوقوع في الكفر بعد الإسلام والإيمان أو مخافة الوقوع في الفسق وضعف الإيمان
- مع تمكن القلب بالإيمان والإسلام - لكن خذلان الشيطان لنا في بعض لحظات الضعف
البشري الذي يعفو الله تعالى عنه بكرمه ومنه وفضله ولطفه !!!!!
6- رأيت
بعيني رأسي ما شاهده قلبي وبصري وسمعي ممن
قرب احتضارهم يتلفظون بتلك الألفاظ الصعبة في جنب وحق الله تعالى - وكنت أربت على
أكتافهم وأدعو الله تعالى لهم الثبات والتثبيت على ترك التلفظ فيعودون سريعاً
ويستغفرون الله تعالى أفضل من ذي قبل !!!
ورأيت عالماً جليلا - غفر الله تعالى له ورفع درجاته وأسكنه فسيح جناته - بترت
ساقه بسبب القدم السكري على ثلاث مراحل بدأت ببتر أصبعه ثم مشط قدمه ثم ساقه !!!!!
ولم يتحمل الابتلاء كالصحابي الذي جاء إلى النبي
- صلى الله عليه وسلم - يتمنى الابتلاء ثم صار كالفرخ ثم عاود النبي الكريم - صلى
الله عليه وسلم - يطلب الدعاء له بالشفاء ( مغزى ومقصد الحديث النبوي الشريف )
!!!
لكن هذا العالم استغفر ربه وتمنى من الله
تعالى أن يقبضه غير مفتون - على المحجة البيضاء - فقبضه الله تعالى على حسن
الإسلام وتكفير الزلات وإقالة العثرات ليوم تشخص فيه الأبصار سابعاً : هل يجوز تمني الموت ؟؟؟
يتبادر إلى الذهن التساؤل الآنف الذكر هل يصح
ويجوز للعبد أن يطلب لقاء الله تعالى ؟؟؟ !!!!
أجاب السادة العلماء على التساؤل المطروح بما يلي : 1- إن رأى طالب لقاء
الله تعالى عدم تحمله - من نفسه العارف بها - شدة الابتلاء أو عدم استطاعة مواجهة
أعباء المسئوليات من شدة العيش من مرض عضال أو شدة الفقر أو شدة الفتن من هرج ومرج
وخبث إلخ
جاز له طلب لقاء ربه ؛؛؛ وإن رأى من نفسه
بقية تحمل لتلك الفتن والابتلاءات كره منه طلب لقاء الله تعالى !!!!! ؟؟؟
ذا لأن لقاء الله تعالى من الغيوب الخمس التي
اختص الله تعالى بها نفسه ولا يطلع عليها لا نبي مرسل ولا ملك مقرب !!!!!
وقد يرجئ الله تعالى وفاة عبده لمصلحته التي لا
يعلمها كأن يرفع درجاته في عليين مع النبيين والصديقين والصالحين !!!!!!
أو كأن يكفر الله بهذا الابتلاء والامتحان من
الذنوب والخطايا والزلات والعثرات ما لو عاش سنينا دونما امتحان لمات على درجة
قليلة من نيل حظه في الجنان جنات عدن بغير حساب ولا سابقة عذاب مما لا يعلمه إلا
الله وحده !!! أو لمات على فتنة وتوقيف في العرصات عرصات
يوم القيامة للسؤال وفي المشيئة الإلهية !!!!!
؟؟؟؟
وأكتفي بهذه الدراسة لعلي أكون قد وفقت فلئن
وفقت ففضل من الله تعالى علي
" ليبلوني أأشكر أم أكفر "
.
"
ولئن شكرتم لأزيدنكم " ولئن زللت أو قصرت في بعض الجوانب فلأنه عمل بشري
يعوزه الكمال ويعتريه النقصان والعثار والزلل !!! " وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء
" .
" وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين "
.
........................................
**صباح
الأحد الموافق 19/2/2023
0 comments:
إرسال تعليق